موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

خيبة أمل إماراتية من جولة ترامب: محمد بن زايد في ظل الرياض

1٬215

بدت ملامح خيبة الأمل واضحة داخل الدوائر العليا في أبوظبي بعد جولة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى منطقة الخليج العربي، والتي ارتكزت على عقد قمة خليجية – أمريكية في العاصمة السعودية الرياض، وليس في أبوظبي.

لم تكن المسألة مجرد ترتيبات بروتوكولية عابرة، بل وُصفت داخل أروقة الحكم في الإمارات، بحسب ما نُقل من مصادر مطلعة، بأنها “رسالة سياسية أمريكية مدروسة” تعيد تأكيد موقع السعودية باعتبارها الشريك الاستراتيجي الأول لواشنطن في المنطقة، وتُقصي الإمارات من موقع “القيادة الرمزية” الذي سعت للحصول عليه لسنوات.

تطلعات إماراتية معلقة

منذ سنوات، تسعى الإمارات إلى ترسيخ موقعها كلاعب سياسي إقليمي ودولي مؤثر. وقد راهنت في سبيل ذلك على تقديم نفسها كقوة متقدمة تكنولوجيًا، وصاحبة مبادرات أمنية، واستخباراتية، واستثمارية كبرى.

ضخت تريليونات الدولارات في الاقتصاد الأمريكي، وشاركت في مشاريع أمنية متقدمة مع “السي آي إيه” و”البنتاغون”، وكانت من أوائل الدول التي طبّعت علاقاتها مع إسرائيل ضمن اتفاقات أبراهام، بل تحمّلت عبء الدفاع عن هذا المسار رغم كلفته الرمزية العالية في العالم العربي.

غير أن كل ذلك لم يشفع لأبوظبي في أن تحظى بـ”تاج الرمزية السياسية” الذي يبدو أن واشنطن ما زالت تمنحه للرياض.

فقد كانت الإمارات تأمل أن تُعقد القمة الأمريكية – الخليجية على أراضيها، وأن تُمنح هي شرف إعلان رفع العقوبات عن سوريا، خاصة وأنها هي من قادت عمليًا حملة التطبيع العربي مع النظام السوري، واستضافت بشار الأسد في زيارات لافتة في التوقيت والدلالة.

إلا أن قرار ترامب بعقد القمة في الرياض، والإعلان عن التوجهات السياسية الجديدة من هناك، بدا في أبوظبي بمثابة صفعة سياسية.

دلالات تتجاوز القمة

ما زالت أمريكا، رغم كل التغييرات الإقليمية، تعتبر السعودية نقطة الثقل الأولى في الخليج. لم تُغيّر أحداث السنوات الأخيرة، بما فيها تراجع مكانة محمد بن سلمان في بعض مراحل حكم بايدن، هذه الحقيقة.

وعندما قرر ترامب العودة إلى المسرح السياسي من بوابة الشرق الأوسط، كانت رسالته واضحة: العاصمة السياسية للعالم العربي ما زالت الرياض.

يُقرأ هذا التفضيل الرمزي على نحو حاد داخل الإمارات، التي كانت تأمل بأن يتم الاعتراف بقيادتها الإقليمية المتزايدة.

ويبدو أن محمد بن زايد، الذي استثمر الكثير من رصيده السياسي والمالي والعسكري لتحقيق هذا الطموح، شعر أن لحظة تتويج مشروعه قد تم تجاوزها أو، في أسوأ السيناريوهات، تم تجاهلها عمدًا.

صراع الظل بين الرياض وأبوظبي

ليست هذه المرة الأولى التي تجد فيها الإمارات نفسها مضطرة للعب في ظل السعودية.

منذ صعود محمد بن سلمان، دخلت أبوظبي والرياض في علاقة تنافسية غير معلنة، تتقاطع فيها المصالح في بعض الملفات، وتتعارض بحدة في أخرى: من الحرب في اليمن، إلى السياسة النفطية في “أوبك+”، إلى التنافس على استقطاب الاستثمارات والتفوق الاقتصادي.

لكن ما يُعقد الأمور أكثر هو أن الإمارات ترى نفسها صاحبة مشروع أكثر نضجًا وتماسكًا، وأكثر قدرة على تنفيذ السياسات الخارجية المعقدة، مقارنة بالنزعات المتقلبة التي طبعت قرارات ولي العهد السعودي.

إلا أن واشنطن – كما ظهر في قمة الرياض – ما زالت تراهن على السعودية كمفتاح استقرار الخليج، ولو على حساب شركاء أكثر “مرونة” أو “كفاءة فنية”.

هاجس الاعتراف الأمريكي

تعيش الإمارات منذ سنوات في ظل هاجس “الاعتراف الدولي بمكانتها الجديدة”. وقد حققت في هذا الصدد اختراقات لافتة: من تعميق العلاقات مع الصين وروسيا، إلى تعزيز الشراكات الاستخباراتية مع الغرب، إلى التوسع في أفريقيا والقرن الأفريقي.

إلا أن كل هذه النجاحات لم تُترجم حتى الآن إلى تتويج سياسي رمزي من قبل الحليف الأهم: الولايات المتحدة.

وتمثل زيارة ترامب الأخيرة لحظة كاشفة: فحين تعود واشنطن لرسم معادلة المنطقة، تفعل ذلك من الرياض، لا من أبوظبي.

وبحسب مراقبين فقد تُجبر خيبة الأمل الإماراتية القيادة في أبوظبي على إعادة تقييم استراتيجياتها الإقليمية والدولية.

فقد تزداد ميول الإمارات نحو توسيع الاعتماد على الصين وروسيا كقوة توازن، أو تحاول فرض نفسها مجددًا من خلال مغامرات إقليمية جديدة أو خطوات جريئة في ملفات حساسة مثل السودان أو ليبيا أو حتى الداخل الفلسطيني.

لكن على المدى القريب، يبدو أن الإمارات ستظل تدفع كلفة لعبة التنافس مع السعودية على المقعد الأول، من دون أن تحصل على ما يوازيه من امتيازات.