موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

إدانة حقوقية للأحكام المؤبدة في قضية “الإمارات 84”: ذروة القمع الحكومي

1٬482

أدان مركز مناصرة معتقلي الإمارات بأشد العبارات الأحكام الصادرة عن دائرة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا في أبوظبي، بتاريخ 26 يونيو 2025، والقاضية بالسجن المؤبد بحق 24 معتقلاً سياسيًا، في إطار القضية المعروفة إعلاميًا بـ”الإمارات 84”، في تطور وصفه المركز بأنه ذروة القمع الحكومي واستمرار لمسار طويل من الانتهاكات الجسيمة للإجراءات القانونية والحقوق الأساسية في الدولة.

وبهذه الأحكام الجديدة، يرتفع عدد المدانين في القضية إلى 77 شخصًا، إذ توزعت الأحكام القضائية الصادرة حتى الآن إلى 67 حكمًا بالسجن المؤبد، وخمسة أحكام بالسجن لمدة 15 عامًا، وخمسة أحكام أخرى بالسجن لمدة 10 سنوات.

وذكر المركز في بيانه أن الأحكام الأخيرة طالت معتقلين كان من المفترض الإفراج عنهم عقب إنهاء محكومياتهم السابقة، غير أن النيابة العامة استأنفت قرار محكمة أبوظبي الاتحادية للاستئناف الصادر في 10 يوليو 2024، والذي قضى بانقضاء الدعوى ضدهم، لتُعاد محاكمتهم على التهم ذاتها.

وذلك في انتهاك صريح لمبدأ “عدم جواز المحاكمة مرتين على الجريمة نفسها”، الذي يُعد من المبادئ الأساسية في القانون الدولي وكذلك في القانون الإماراتي.

غياب أدلة جديدة واتهامات مكررة

أكد مركز مناصرة معتقلي الإمارات أن القضية تفتقر إلى أي أدلة جديدة ضد المتهمين، إذ استندت النيابة مجددًا إلى ملف قضية “الإمارات 94”، وهي القضية التي حوكم فيها المعتقلون سابقًا عام 2013 وحُكم عليهم بالسجن لمدة 10 سنوات، وقد أنهوا محكومياتهم بالكامل.

وأوضح المركز أن إعادة محاكمتهم بناءً على نفس التهم والملف يُمثل “انتهاكًا صارخًا للمعايير القانونية والحقوقية، ويكشف عن نية واضحة لتمديد اعتقالهم السياسي”.

انتهاكات جسيمة للإجراءات القانونية

عدد المركز الحقوقي سلسلة من الانتهاكات التي شابت القضية منذ بدايتها، أبرزها:

احتجاز تعسفي مطول، وحبس انفرادي استمر لدى بعض المعتقلين لأكثر من عشرة أشهر.

منع المحامين من الوصول إلى ملفات القضية، والاكتفاء بالسماح لهم بالاطلاع عليها في غرف مغلقة وتحت رقابة أمنية مشددة.

وجود مزاعم موثقة بسوء المعاملة والتعذيب، دون أن تُجري السلطات تحقيقات جادة أو شفافة بشأنها.

واعتبر المركز أن الهدف الحقيقي من هذه القضية “لم يعد تحقيق العدالة أو حماية أمن الدولة، بل بات يتمثل في استمرار تكميم الأفواه، ومعاقبة كل من مارس حقه السلمي في التعبير، والتنظيم، والمطالبة بالإصلاح السياسي والاجتماعي”.

دعوات للإفراج الفوري وتحرك مجتمعي

طالب المركز في بيانه بـ “إسقاط جميع الأحكام الصادرة في هذه القضية الجائرة، والإفراج الفوري وغير المشروط عن كافة المدانين فيها”، مشددًا على ضرورة ضمان عدم تكرار مثل هذه المحاكمات “التي تفتقر لأدنى معايير العدالة”.

وفي نداء وُصف بـ“الصادق والوطني”، توجّه المركز إلى الأعيان ووجهاء المجتمع الإماراتي، من رموز القبائل والعائلات، والعلماء، ورجال الأعمال، وأصحاب المكانة الاعتبارية، مطالبًا إياهم بتحمّل مسؤولياتهم الأخلاقية والوطنية في الدفاع عن حقوق المعتقلين، والعمل على وقف الظلم الواقع عليهم، مؤكّدًا أنّ “ظلم شخص واحد في المجتمع هو ظلم لكافة أفراده، وأن السكوت عن الظلم اليوم يفتح الباب لاستفحاله غدًا”.

وتأتي هذه الأحكام في سياق موجة قلق متزايدة من قبل منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية إزاء أوضاع المعتقلين السياسيين في الإمارات.

إذ ترى تلك المنظمات أن استمرار محاكمة النشطاء والمعارضين على خلفية تعبيرهم السلمي عن آرائهم يضع الدولة أمام مساءلة دولية متزايدة، ويهدد سمعتها على الصعيد الحقوقي والسياسي.

ويتابع مراقبون بقلق تطورات قضية “الإمارات 84”، التي اعتبروها نموذجًا على ما وصفوه “اتساع دائرة القمع ضد الأصوات الإصلاحية”، في وقت تؤكد فيه السلطات الإماراتية أن الإجراءات القضائية تتم وفق القانون، وأنها تستهدف حماية الأمن القومي للبلاد.

وفي ظل استمرار هذه الأحكام، تتصاعد الأصوات المطالبة بالإفراج عن المعتقلين السياسيين، ووقف ما يعتبره الحقوقيون استخدام القضاء كأداة لإسكات أي دعوات سلمية للإصلاح أو التغيير.