موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

أذرع الإمارات التخريبية تمتد إلى دمشق: مؤامرة “أبو زهير الشامي” لتفخيخ سوريا الجديدة

2٬515

منذ لحظة سقوط النظام السوري القديم وبروز ملامح مرحلة انتقالية لقيام سوريا جديدة، كان من الواضح أن أي استقرار مرتقب لن يروق لأبوظبي.

إذ سرعان ما أخرجت الإمارات أوراقها القديمة من الأدراج، وعلى رأسها شخصية أنس الشيخ، المعروف بلقب “أبو زهير الشامي”، لإعادة تدوير سيناريوهات التخريب التي اعتادت تصديرها إلى كل ساحة عربية تعيش تحولات سياسية أو عسكرية.

ولم يكن أنس الشيخ، خلال سنوات الحرب السورية الأولى (2012–2013)، أكثر من قائد مغمور لتشكيلات صغيرة حملت أسماء فضفاضة مثل “لواء المهام” و”الجهاز السوري المستقل لمكافحة الإرهاب”.

أسماء براقة لكنها لم تتجاوز حدود الفقاعة الإعلامية، وارتبطت بشبكة التمويل الإماراتية التي تخصصت في صناعة ميليشيات رديفة للأنظمة أو مناوئة لها، وفق حسابات بن زايد.

ظل اسم الشيخ لسنوات خارج المشهد، حتى بدا أنه ورقة محروقة. لكن سقوط الأسد، وفشل مشاريع الانفصال في مناطق مثل الحسكة والسويداء، وبدء تبلور حكومة انتقالية جديدة، شكّل بيئة مثالية لإعادة تشغيل أدوات الفوضى الإماراتية.

لعبة الإمارات المكررة: من حفتر إلى حميدتي

لم يكن إعلان أنس الشيخ عن قيادة ما أسماه “جيش شبه فيدرالي قوامه 150 ألف مقاتل” حدثًا عفويًا. فالرجل ظهر فجأة عبر منصات إعلامية إماراتية، يروّج لفكرة “جيش فوق دستوري” يعلو على الحكومة الانتقالية، في إعادة استنساخ صارخة للنموذج الإماراتي المعروف:

ليبيا: دعم اللواء خليفة حفتر ليكون “الرجل الموازي” الذي يعطل أي مشروع وطني جامع.

السودان: صناعة الجنرال محمد حمدان دقلو (حميدتي) كقوة مسلحة خارج إطار الدولة.

اليمن: تمويل “المجلس الانتقالي الجنوبي” وتحويله إلى دولة داخل الدولة.

الصومال: بناء أذرع أمنية تابعة لأبوظبي لتقويض الحكومات الشرعية.

اليوم، تحاول الإمارات زرع نسخة سورية من هذا المشروع عبر “أبو زهير الشامي”، ليكون الحارس الموازي الذي يضمن أن أي استقرار في دمشق لن يكتمل إلا برضا أبوظبي.

طحنون بن زايد: الممول الخفي

وفق مصادر مطلعة، يحظى مشروع أنس الشيخ بدعم مباشر من طحنون بن زايد، عرّاب الملفات الأمنية الإماراتية وصاحب اليد الطولى في هندسة الميليشيات الإقليمية.

ورغم أن الشيخ لم يتمكن حتى الآن من جمع قواته المزعومة، فإن مجرد ظهوره الإعلامي ليس سوى بالون اختبار لقياس ردود الفعل الداخلية والخارجية.

هذا الدعم يعكس استراتيجية أبوظبي المعهودة: الاستثمار في الشخصيات الهامشية، وتلميعها إعلاميًا، ثم ضخ المال والسلاح لخلق واقع جديد على الأرض، حتى لو كان ذلك على حساب وحدة الدول ومصالح شعوبها.

خطر تفخيخ سوريا الجديدة

إن بروز مشروع “الجيش شبه الفيدرالي” يحمل رسائل خطيرة لسوريا ما بعد الأسد:

ضرب الحكومة الانتقالية: وجود قوة تدّعي الشرعية فوق الدستور سيجعل أي حكومة عاجزة عن بسط نفوذها.

إعادة إنتاج الانقسامات: ما فشلت فيه محاولات الانفصال قد يُستعاد عبر مشروع ميليشياوي جديد يفتت الدولة من الداخل.

تعطيل الاستقرار الإقليمي: أي انفجار داخلي في سوريا سيعيد إشعال التوترات مع الجوار، من العراق إلى لبنان وتركيا.

إبقاء سوريا رهينة: الإمارات لا تريد لسوريا أن تنهض إلا من بوابتها، كما فعلت في ليبيا والسودان واليمن.

دروس من تجارب المنطقة

على السوريين أن يقرأوا جيدًا تجارب جيرانهم:

ليبيا غارقة في فوضى عسكرية لأن حفتر ما زال يرفض أي تسوية لا تمنحه موقع “الرجل الأول”.

السودان دُمِّرت مؤسساته بسبب الصراع بين الجيش وحميدتي، الذي زرعته أبوظبي.

اليمن ممزق بين حكومة ضعيفة وميليشيات مدعومة إماراتيًا.

الصومال لا يزال عاجزًا عن بناء دولة مركزية بسبب تدخلات أبوظبي في موانئه ومطاراته.

هذه النماذج كافية لتحذير السوريين من الوقوع في الفخ ذاته: إتاحة الفرصة لبن زايد لزرع كيان موازٍ يعطل ولادة سوريا الجديدة.

الإعلام الإماراتي: منصة التسويق

من اللافت أن حملة إعادة تدوير أنس الشيخ بدأت من المنابر الإعلامية الإماراتية. وهذا ليس جديدًا؛ فالإمارات اعتادت تحويل شاشاتها إلى مصانع شرعنة للمشاريع التخريبية، من “الحرب على الإرهاب” المزعومة إلى “دعم الاستقرار” الكاذب.

اليوم، يروّج الإعلام الإماراتي ذاته لأنس الشيخ بوصفه “قائدًا فوق الحكومة”، في محاولة لتهيئة الرأي العام لقبول وجوده.

لكن في الواقع، لا وجود لجيش الـ150 ألف مقاتل إلا في التصريحات الدعائية. هي مجرد ورقة تسويق أولية لاختبار إمكانية فتح قناة تمويل وتسليح، وتحويل الشيخ من “قائد مغمور” إلى “حفتر سوريا”.

وقد دفعت المنطقة العربية ثمنًا باهظًا من مشاريع أبوظبي التخريبية، التي تستند إلى عقيدة واحدة: لا استقرار إلا إذا كان تحت الوصاية الإماراتية. واليوم، جاء الدور على سوريا، بعد أن بدأت تلتقط أنفاسها وتتهيأ لمرحلة جديدة.

وإذا تُرك مشروع أنس الشيخ ليستكمل، فإن سوريا لن تعرف الاستقرار لسنوات طويلة. هذا الرجل ليس قائدًا وطنيًا، بل أداة صُنعت لتفخيخ الداخل السوري، ويده ليست سوى امتداد ليد بن زايد السوداء التي زرعت الفوضى في كل مكان وطأت فيه.

وعليه، فإن مسؤولية السوريين اليوم أن يغلقوا الباب أمام هذا المشروع منذ بدايته، وألا يسمحوا بتكرار التجارب المأساوية التي عانت منها دول عربية كثيرة، كانت الإمارات شريكًا رئيسيًا في تدميرها.

سوريا الجديدة أمام مفترق طرق: إما بناء دولة حرة مستقلة تقطع مع الماضي، أو الوقوع في فخ الميليشيات الإماراتية التي لن تجلب إلا الخراب.