موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

الأيادي الخفية للإمارات في سقطرى… الاحتلال الناعم الذي ينهش سيادة اليمن

1٬300

في الوقت الذي يتعرض فيه اليمن لأبشع صور التمزق والحرب الأهلية، وجدت الإمارات في جزيرة سقطرى بوابة مثالية لبسط نفوذها، مستخدمةً أدوات ظاهرها إنساني وتنموي، وباطنها عسكري وأمني ضمن استراتيجية الاحتلال الناعم.

وكشف تحقيق استقصائي صدر عن مركز “هنا عدن للدراسات الاستراتيجية”، مدعوما بوثائق سرية وشهادات حية، حقيقة الدور الإماراتي في سقطرى: مشروع استعماري مقنّع بالهلال الأحمر الإماراتي، عقود مشبوهة، تجنيد ولاءات، وسجون سرية.

وأظهر التحقيق أن ما يحدث في سقطرى ليس دعماً ولا تنمية، بل عملية اختطاف ممنهج للسيادة اليمنية، تتسع لتشمل أبعاداً عسكرية وجيوسياسية واقتصادية واجتماعية، في خدمة أجندة أبوظبي وحلفائها – وعلى رأسهم إسرائيل.

الهلال الأحمر: غطاء إنساني لاحتلال عسكري

فضحت الوثائق التي جرى الكشف عنها استخدام الهلال الأحمر الإماراتي كواجهة لبناء مقار استخباراتية، معسكرات عسكرية، وسجون سرية.

إذ أن عقود ترميم معسكرات وبناء مقرات أمنية وقواعد دائمة، تحمل توقيع الهلال الأحمر، تبرهن أن ما يُسوَّق كمساعدات إنسانية لم يكن سوى ستار لتثبيت الاحتلال الناعم.

وحين تتحول منظمة إغاثية إلى مقاول عسكري، فهذا يعني أن الإمارات لم تكن تبحث عن إنقاذ الأرواح في سقطرى، بل عن السيطرة على الأرض، وتجريف هوية الجزيرة لصالح أجندتها التوسعية.

الأجندة العسكرية: قاعدة خلفية للمشروع الإماراتي

تكشف العقود المسربة أن أبوظبي وضعت خطة متكاملة لبناء بنية عسكرية موازية للدولة اليمنية:

إنشاء قواعد جوية بجوار مطار سقطرى وتحويله إلى ثكنة إماراتية.

تجنيد 5000 من أبناء الجزيرة ضمن قوات موالية لها، برواتب شهرية زهيدة، لإقامة جيش موازٍ.

نقل معدات عسكرية عبر إنزالات بحرية، وبناء مرافق تدريب ضخمة بمساحات تصل إلى 600×600 متر.

إنشاء قوات خاصة تابعة مباشرة لأبوظبي خارج سلطة الحكومة اليمنية.

وبحسب التحقيق تثبت هذه التحركات أن الهدف الإماراتي لم يكن أبداً حماية اليمنيين، بل بناء موطئ قدم عسكري استراتيجي في قلب المحيط الهندي.

البعد الجيوسياسي: إسرائيل شريك خفي

تؤكد التحقيقات أن الإمارات لم تكتفِ بالسيطرة المنفردة، بل فتحت الباب أمام شراكة إسرائيلية مباشرة. تقارير متعددة تحدثت عن إقامة قاعدة استخباراتية مشتركة إماراتية–إسرائيلية في سقطرى، هدفها مراقبة الملاحة في مضيق باب المندب وخليج عدن.

هذا الدور يضع الجزيرة في قلب صراع إقليمي ودولي خطير، ويحوّلها إلى مركز للتجسس والمراقبة يخدم مصالح تل أبيب أكثر مما يخدم مصالح سكانها.

أبوظبي هنا ليست مجرد قوة محلية طامعة، بل وكيل إقليمي لأجندة إسرائيلية–أمريكية تسعى إلى تطويق النفوذ الإيراني، والسيطرة على طرق الملاحة الحيوية، على حساب سيادة اليمن واستقراره.

شراء الولاءات وتفكيك المجتمع

لم يقتصر المشروع الإماراتي على بناء قواعد عسكرية، بل امتد إلى تفكيك النسيج الاجتماعي السقطري. الوثائق كشفت عن خطط ممنهجة لتزويج ضباط إماراتيين من بنات مشايخ الجزيرة، وشراء ولاءات شخصيات اجتماعية عبر “مكرمات” مالية وعينية.

كما أن إنشاء فرق إعلامية محلية مدربة على الترويج للرواية الإماراتية، يوضح أن أبوظبي استهدفت غسل أدمغة المجتمع وتطويعه لخدمة أجندتها.

والنتيجة: مجتمع سقطري ممزق، نخبه التقليدية مخترقة، وهويته الثقافية مهددة بالذوبان في المشروع الإماراتي.

سجون سرية وقمع

من أخطر ما كشفه التحقيق وجود سجون سرية في قلنسية، احتُجز فيها مدنيون ومشايخ وقيادات محلية تعارض النفوذ الإماراتي. الاعتقالات تمت خارج إطار القانون، وبمبررات واهية مثل “قطع الكهرباء عن المستشفى”.

وتظهر هذه الممارسات الوجه القمعي لأبوظبي، الذي لا يختلف عن أي قوة احتلال: إسكات المعارضين، زرع الخوف، وفرض أمر واقع بالقوة العسكرية.

في الوقت ذاته لم يسلم اقتصاد سقطرى من شهية أبوظبي المفتوحة. التحقيقات أظهرت:

منع الصيادين المحليين من دخول مناطق بحرية بحجة أنها “مناطق عسكرية”.

منح تصاريح لشركات أجنبية – بعضها مرتبطة برجال أعمال إماراتيين – لنهب الثروات السمكية وتدمير الشعب المرجانية.

شراء مساحات واسعة من الأراضي الساحلية قرب الموانئ بملايين الريالات، بهدف السيطرة على الأنشطة التجارية والبحرية.

فرض رحلات جوية أسبوعية بين أبوظبي وسقطرى عبر شركة “روتانا”، لربط الجزيرة اقتصادياً بالإمارات بدلاً من اليمن.

هذه الخطوات لم تكن تنمية، بل استعماراً اقتصادياً يحوّل موارد الجزيرة إلى جيوب رجال أعمال إماراتيين، بينما يترك سكانها الأصليين في فقر وتهميش.

وعليه فإن كل الوثائق والشهادات تؤكد أن الإمارات تعاملت مع سقطرى كغنيمة حرب، لا كجزء من وطن عربي شقيق. فالهلال الأحمر تحوّل إلى ذراع عسكرية، التنمية صارت غطاءً لنهب الثروات، والمجتمع المحلي خضع لسياسة شراء الولاءات.

ويظهر التحقيق أن ما جرى في سقطرى هو احتلال ناعم لا يختلف عن الاحتلال المباشر، بل أشد خطورة لأنه يتسلل تحت لافتة إنسانية، ما يضع اليمنيون اليوم أمام معركة وجود: إما استعادة سقطرى كرمز للسيادة الوطنية، أو تركها تُبتلع في مشاريع أبوظبي وتل أبيب.