موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

الإمارات وخريطة الدم: دعم أبوظبي لمشروع تقسيم السودان

1٬201

يجد السودان نفسه مجددًا على عتبة التقسيم، بعد مرور أكثر من عقد على انفصال الجنوب في عام 2011 لكن هذه المرة بدافع من دعم أبوظبي لمؤامرة شرذمة البلاد ونهب ثرواتها.

وتتجسد محاولة تقسيم السودان في الغرب السوداني عبر إعلان محمد حمدان دقلو “حميدتي” حكومة موازية برئاسة مجلس رئاسي يضم عبد العزيز الحلو وعددًا من القيادات.

ورغم أن هذه الحكومة لم تحظ باعتراف دولي أو إقليمي، إلا أن خلفياتها تكشف عن دعم خارجي واضح، وعلى رأسه الإمارات، التي تسعى – وفق تقارير وتحليلات – إلى إعادة رسم الخرائط في المنطقة بما يخدم مصالحها الاقتصادية والسياسية.

حكومة الأمر الواقع وإدانة دولية

إعلان حميدتي رئيسًا لمجلس رئاسي لحكومة موازية في يوليو الماضي جاء تتويجًا لصراع دموي مع الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان.

هذا الانشقاق لم يكن مجرد خطوة سياسية، بل ارتبط بمجازر بحق المدنيين، ومجاعات وأوبئة تنهش جسد السودان. ورغم ذلك، لم يعترف أي طرف دولي بالحكومة الجديدة.

وقد أصدرت الأمم المتحدة، مجلس الأمن، الاتحاد الأفريقي، والجامعة العربية بيانات واضحة ترفض الاعتراف بالحكومة الموازية، محذرين من خطورة تقسيم السودان وتعقيد جهود التسوية. ومع ذلك، تبقى المخاوف قائمة من اعتراف جزئي من بعض الدول الأفريقية أو الحليفة، بدفع من داعمي حميدتي وفي مقدمتهم الإمارات.

نمذجة التفكيك: من اليمن إلى ليبيا وصولاً إلى السودان

ما يحدث في السودان ليس حالة استثنائية، بل هو جزء من “نمذجة” لتفكيك الدول عبر حكومات موازية مسلحة. في اليمن، فرض الحوثيون حكومة أمر واقع موازية، وفي ليبيا انقسمت البلاد بين حكومتين شرقًا وغربًا. والآن، يتكرر المشهد في السودان، حيث تتوفر ثلاثة عناصر أساسية لهذا النموذج:

قوة مسلحة مسيطرة: قوات الدعم السريع تسيطر على أجزاء واسعة من البلاد.

تركيبة اجتماعية هشة: انقسامات قبلية وجهوية تجعل الأرض خصبة للانشقاق.

داعم دولي نافذ: الإمارات التي توفر الدعم العسكري واللوجستي والسياسي، وتسعى لتأمين نفوذ في موانئ البحر الأحمر وثروات دارفور.

الإمارات والسودان أمام محكمة العدل الدولية

في مارس الماضي، رفعت الحكومة السودانية دعوى ضد الإمارات أمام محكمة العدل الدولية، متهمة إياها بدعم جرائم الإبادة ضد قبائل المساليت في غرب دارفور.

ورغم أن المحكمة رفضت النظر في القضية بسبب تحفظات أبوظبي على اختصاصها، إلا أن الخطوة عكست تصاعد الاتهامات ضد الإمارات كطرف متورط في تمويل وتسليح قوات حميدتي.

وإعلان السودان قطع علاقاته الدبلوماسية مع الإمارات كان خطوة غير مسبوقة، لكنها لم تمنع أبوظبي من المضي في دعم “شرعنة” حميدتي سياسيًا، عبر التساوي بينه وبين الحكومة الشرعية بقيادة البرهان، تمهيدًا لفرض أمر واقع جديد.

مصر وأمنها القومي

مصر، التي تتشارك حدودًا ممتدة ومصالح حيوية مع السودان، أعلنت بوضوح رفضها تشكيل حكومة موازية، محذرة من تعقيد المشهد وإضعاف جهود التسوية. لكن القاهرة لم تعاود التأكيد على موقفها بعد إعلان حكومة حميدتي.

خطر تقسيم السودان بالنسبة لمصر يتجاوز السياسة، إذ يهدد أمنها القومي على مستويات عدة:

المستوى العسكري: نزاع أهلي مسلح على حدودها الجنوبية.

المستوى الاستراتيجي: ملف مياه النيل الذي يضع القاهرة والخرطوم أصلًا في مواجهة مع إثيوبيا.

المستوى الإقليمي: انكشاف مصر أمام اختراقات متزامنة من الغرب (ليبيا المنقسمة)، الشرق (الحرب في غزة)، والشمال (الصراع في شرق المتوسط).

لماذا تدعم الإمارات التقسيم؟

الدعم الإماراتي لمحاولة تقسيم السودان يتقاطع مع أهداف استراتيجية:

التحكم في موانئ البحر الأحمر، عبر ربط السودان بمشروع نفوذ إماراتي يمتد من القرن الأفريقي حتى المتوسط.

الاستثمار في الفوضى، من خلال دعم قوى مسلحة غير حكومية، وهو النهج الذي اتبعته أبوظبي في ليبيا واليمن.

إضعاف الأنظمة التقليدية، مثل الجيش السوداني، لصالح وكلاء محليين يسهل التحكم فيهم.

الهروب من المحاسبة الدولية، عبر خلق كيانات بديلة تمنع تحميل الإمارات مسؤولية مباشرة في النزاعات.

سيناريوهات المستقبل

المشهد السوداني مفتوح على سيناريوهين رئيسيين:

انتصار أحد الطرفين وسيطرته على كامل الأراضي السودانية، وهو احتمال ضعيف بسبب موازين القوى وتعقيدات الدعم الخارجي.

ترسيخ الانقسام وتعزيز شرعية حكومة حميدتي عبر الدعم الإماراتي ودول أخرى، ما قد يقود إلى تقسيم رسمي جديد.

في كلا السيناريوهين، يدفع الشعب السوداني الثمن الأكبر: قتلى، مجاعة، أمراض، وتشريد، وسط غياب إرادة دولية حقيقية لوقف الكارثة. والسودان، مثل غزة، يواجه مصيره وحيدًا أمام صمت العالم.

وعليه فإن محاولة حميدتي تشكيل حكومة موازية ليست مجرد صراع على السلطة، بل جزء من مشروع إقليمي لإعادة هندسة الخرائط.

فالإمارات، التي ظهرت كراعٍ رئيسي لتفكيك الدول في أكثر من ساحة عربية، تدفع بالسودان نحو هاوية جديدة. التقسيم إن تحقق لن يقف عند حدود الخرطوم، بل سيفتح الباب أمام موجة من الفوضى تمتد إلى مصر والقرن الأفريقي والبحر الأحمر. والنتيجة النهائية: أمن قومي منهار، شعوب ممزقة، ومصالح إماراتية تتقدم على أنقاض الدول.