موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

شواهد صادمة على حظر الإمارات كل أشكال التضامن مع غزة على أراضيها

1٬074

تتكشف يوماً بعد يوم شواهد جديدة على القمع الممنهج الذي تمارسه السلطات الإماراتية ضد أي شكل من أشكال التضامن الشعبي أو الإنساني مع قطاع غزة، في ظل حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل منذ أكثر من عامين.

وكشفت صحيفة عربي21 عن وقائع صادمة توضح أن أبوظبي لا تكتفي بمنع المظاهرات أو النشاط السياسي، بل وصلت إلى حد ترحيل مقيمين عرب وفلسطينيين بسبب مواقف شخصية رمزية أو حتى منشورات بسيطة على مواقع التواصل.

ترحيل بسبب “بيبسي”

تروي الصحيفة قصة مهندس اتصالات فلسطيني يُعرف بالحروف الأولى “س.م”، أمضى أكثر من 20 عاماً في العمل داخل الإمارات قبل أن يُرحل هو وعائلته قسراً بسبب رفضه شرب زجاجة “بيبسي” خلال احتفال بسيط في مقر مؤسسة حكومية بأبوظبي.

وخلال المناسبة، امتنع المهندس عن شرب المشروب الغازي قائلاً أمام الحاضرين: “بيبسي مقاطعة”، في إشارة إلى حملة المقاطعة الشعبية للشركات الداعمة لإسرائيل. لم تمضِ سوى يومين حتى تلقى استدعاءً من جهة أمنية، وهناك أُبلغ بأنه يجب أن يغادر البلاد خلال أيام قليلة فقط.

بحسب الصحيفة، اضطر الرجل إلى تصفية أعماله وسحب أطفاله من مدارسهم ومغادرة الإمارات نحو الأردن، حيث يحمل جوازاً مؤقتاً، ليترك خلفه سنوات طويلة من العمل والاستقرار.

ملاحقات متصاعدة وتهديدات بالترحيل

الصحيفة نقلت أيضاً عن مصادر مطلعة أن واقعة المهندس ليست سوى واحدة من سلسلة طويلة من الإجراءات القمعية التي تستهدف الفلسطينيين والعرب في الإمارات منذ اندلاع حرب غزة في أكتوبر 2023.

ففي حالة أخرى، تلقت فلسطينية مقيمة في دبي أمراً بالمغادرة خلال 48 ساعة فقط، بعد أن نشرت على صفحتها في “إنستغرام” نعياً لأحد أقربائها الصحفيين الذين استشهدوا في غزة.

وتؤكد المصادر أن الأجهزة الأمنية الإماراتية كثفت الرقابة على الجاليات الفلسطينية والعربية، بحيث تُمنع حتى الإشارات الرمزية للتضامن مع غزة، كارتداء الكوفية الفلسطينية أو تعليق علم فلسطين في المنازل أو السيارات.

ووصل الأمر إلى تحذير بعض المقيمين من الاحتفاظ بصور لخارطة فلسطين في هواتفهم أو منازلهم، خشية اتهامهم بالتعاطف مع “جهات معادية”.

التحقيق مع فلسطينية بعد عودتها من غزة

ومن الحالات اللافتة أن فلسطينية من غزة تحمل إقامة إماراتية تعرضت للتحقيق فور وصولها إلى دبي في أثناء الحرب، بعدما نجت من القصف في القطاع. وذكرت المصادر أن التحقيق استمر ساعات طويلة، شمل تفتيش هاتفها ومراجعة محادثاتها على “واتساب” و”تلغرام” ومواقع التواصل الاجتماعي.

وأوضحت أن ضابط التحقيق وجّه لها تحذيراً شديداً من “أي نشاط تضامني مع غزة”، حتى لو كان مجرد منشور على وسائل التواصل أو مشاركة صورة داخل مجموعات مغلقة.

وفي واقعة أخرى، أفادت الصحيفة بأن سيدة عربية تعمل في مدرسة خاصة بالعاصمة الإماراتية استدعيت للتحقيق، حيث طُلب منها التعاون كمخبرة أمنية ترصد مواقف زملائها وتوجهاتهم، مقابل السماح لها بالبقاء في البلاد. وعندما رفضت العرض، أُبلغت بأنها ستُرحّل فوراً.

وتشير هذه القصص، بحسب الصحيفة، إلى أن السلطات الإماراتية لا تكتفي بالمراقبة، بل تسعى لتجنيد بعض المقيمين في شبكات رقابية داخل مؤسسات التعليم والقطاعين العام والخاص.

قبضة أمنية خانقة بعد التطبيع

يؤكد مراقبون أن هذه السياسات تأتي امتداداً لنهج أمني صارم تصاعد بعد توقيع اتفاق التطبيع بين الإمارات وإسرائيل عام 2020، لكنّ شدته بلغت ذروتها عقب حرب الإبادة الجماعية في غزة في أكتوبر 2023.

ومنذ ذلك الحين، تفرض السلطات قيوداً غير مسبوقة على حرية التعبير داخل البلاد، حتى في القضايا الإنسانية.

فالمقيمون، وخاصة الفلسطينيين، يعيشون اليوم تحت رقابة دائمة تشمل وسائل التواصل الاجتماعي واتصالاتهم الخاصة، وسط مخاوف من البلاغات الأمنية التعسفية أو الترحيل الفوري دون مبررات قانونية.

وقال تاجر عربي مقيم في دبي للصحيفة إن “القلق والخوف يلازماننا في كل خطوة نخطوها في الإمارات، خشية الملاحقة أو الترحيل”.

وأضاف: “نشعر أن أنفاسنا معدودة، والرقابة شديدة للغاية. يمكن أن تخسر كل ما بنيته خلال سنوات بسبب تعليق بسيط أو وشاية من أحد الزملاء”.

وذكر التاجر أنه أُجبر مؤخراً على تركيب كاميرات مراقبة في مصنع يملكه بمنطقة المصفح في أبوظبي، وربطها بنظام محوسب يتبع لجهة أمنية، مما يسمح بمراقبة المكان على مدار الساعة. وأشار إلى أنه بات يدرس جدياً نقل استثماراته التي تقدّر بملايين الدولارات إلى دولة أخرى، قائلاً: “البيئة لم تعد آمنة لا للمقيمين ولا للمستثمرين”.

بيئة طاردة وتضييق ممنهج

تُظهر الشهادات المتطابقة التي أوردتها الصحيفة أن التضييق في الإمارات بلغ مستوى غير مسبوق، وأن السلطات تعتبر أي تعاطف مع غزة أو انتقاد للاحتلال الإسرائيلي تهديداً أمنياً يستوجب العقاب الفوري.

ويرى حقوقيون أن ما يجري يمثل خرقاً صارخاً للمعايير الدولية لحرية الرأي والتعبير، ويكشف عن بيئة سياسية خانقة لا تسمح حتى بأبسط مظاهر الإنسانية تجاه مأساة يعيشها أكثر من مليوني إنسان في قطاع غزة.

في ظل هذا المناخ، يبدو أن الإمارات – التي تروّج لنفسها كـ”واحة تسامح” – قد تحوّلت إلى ساحة قمع ممنهج ضد الأصوات الحرة، حتى تلك التي تهمس بتعاطف إنساني تجاه ضحايا حرب الإبادة في غزة.