موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

الإمارات تُمعن في قمع حرية التعبير وتلاحق المعارضين خارج حدودها

610

تواصل دولة الإمارات تعزيز سجلها المظلم في قمع حرية التعبير وملاحقة النشطاء والمعارضين، داخل البلاد وخارجها، في إطار سياسة ممنهجة تهدف إلى إسكات كل صوت مستقل أو ناقد لسياسات الحكم.

وبحسب منظمات حقوقية دولية، تحوّلت الإمارات إلى واحدة من أكثر الدول قمعًا في الشرق الأوسط، حيث تُمارس السلطات وأجهزتها الأمنية الرقابة الشاملة على الفضاء الرقمي والإعلامي، وتستخدم القوانين الفضفاضة لتجريم الرأي المخالف.

فمنذ حملة الاعتقالات الواسعة عام 2012 التي طالت عشرات المثقفين والحقوقيين الإماراتيين فيما عُرف بـ”قضية الإصلاحيين”، لم تتوقف آلة القمع، بل توسّعت لتشمل حتى من أنهوا مدة محكوميتهم.

وما زال عشرات النشطاء رهن الاعتقال رغم انتهاء أحكامهم، في انتهاك صارخ لأبسط معايير العدالة.

وتشير منظمة العفو الدولية إلى أن السلطات الإماراتية تستخدم تهمًا مطاطة مثل “الإرهاب” و”تهديد أمن الدولة” لمعاقبة المدافعين عن حقوق الإنسان، بينما تُجرى المحاكمات أمام دوائر أمن الدولة التي تفتقر لأدنى معايير النزاهة القضائية.

قانون مكافحة الإرهاب: غطاء قانوني للقمع

يصف خبراء حقوق الإنسان قانون مكافحة الإرهاب الإماراتي بأنه أحد أكثر التشريعات قسوة في المنطقة، إذ يتيح للسلطات احتجاز الأشخاص إلى أجل غير مسمى تحت ذريعة “مراكز المناصحة”، حتى بعد انقضاء أحكامهم.

ويُستخدم هذا القانون لتبرير الاحتجاز التعسفي ومصادرة الحقوق المدنية والسياسية للمعتقلين، دون رقابة قضائية حقيقية أو إمكانية للطعن في قرارات الأجهزة الأمنية، ما يجعل “العدالة” في الإمارات مجرد واجهة شكلية.

وفي موازاة القمع الأمني، تفرض السلطات الإماراتية رقابة شاملة على وسائل الإعلام المحلية والأجنبية. فالمحتوى الإعلامي يخضع لإشراف مباشر من الأجهزة الأمنية، بينما يُمنع أي نقد للسياسات الداخلية أو الإقليمية، خصوصًا ما يتعلق بالتطبيع مع إسرائيل أو التدخلات العسكرية في الخارج.

كما تُمارس أبوظبي ضغوطًا متزايدة على الصحفيين المقيمين والأجانب، إذ جرى في السنوات الأخيرة ترحيل عدد من المراسلين وسحب تصاريح العمل من آخرين بسبب تقارير وصفتها الحكومة بأنها “تسيء لصورة الدولة”.

القمع العابر للحدود

لا يقتصر القمع الإماراتي على الداخل، بل يمتدّ إلى الخارج فيما يُعرف بـ”القمع العابر للحدود”. فقد وثّقت تقارير حقوقية قيام السلطات بملاحقة معارضين ونشطاء يعيشون في أوروبا وتركيا عبر حملات تشويه وتهديد قانوني، بل ومحاولات اختراق إلكترونية تستهدف هواتفهم وحساباتهم الشخصية.

وفي بعض الحالات، استخدمت أبوظبي نفوذها الاقتصادي لعقد صفقات مع حكومات أجنبية مقابل التضييق على المعارضين أو ترحيلهم.

ويرى مراقبون أن هذه الممارسات تؤكد تحوّل الإمارات إلى مركز إقليمي لتصدير القمع والتجسس الرقمي، من خلال شركات مرتبطة بالأجهزة الأمنية تستخدم برامج تجسس متقدمة مثل “بيغاسوس”.

دور إماراتي في إضعاف المنظومة الحقوقية العربية

تتّهم منظمات حقوقية دولية الإمارات بأنها تمارس نفوذًا سياسيًا وماليًا داخل عدد من الدول العربية لتقويض المجتمع المدني، وتمويل حملات إعلامية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان، في محاولة لتعميم نموذجها الأمني القائم على السيطرة والرقابة.

كما تسعى أبوظبي إلى تلميع صورتها عبر رعاية فعاليات ثقافية ورياضية كبرى، واستخدام خطاب “التسامح” كأداة دعائية لتغطية سجلها الحقوقي السيئ، في وقتٍ تُكمّم فيه الأفواه ويُزجّ بالناشطين في السجون.

ورغم التوثيق الواسع لانتهاكات حقوق الإنسان في الإمارات، يواصل المجتمع الدولي — وعلى رأسه الدول الغربية — غض الطرف عن ممارسات أبوظبي بسبب مصالح اقتصادية واستراتيجية.

ويرى مراقبون أن هذا الصمت لا يشكّل تواطؤًا فحسب، بل يمنح السلطات الإماراتية ضوءًا أخضرًا لمواصلة انتهاكاتها دون خوف من المساءلة أو العقاب.

دعوات للتحرك والمساءلة

في ظل هذا الواقع، دعت منظمات مثل “هيومن رايتس ووتش” و”مركز الخليج لحقوق الإنسان” إلى فرض عقوبات على المسؤولين الإماراتيين المتورطين في انتهاكات جسيمة، وإطلاق سراح جميع معتقلي الرأي فورًا دون شروط.

كما طالبت هذه المنظمات الأمم المتحدة بفتح تحقيق خاص في ممارسات الإمارات، وإدراجها ضمن الدول التي تمارس القمع العابر للحدود وتستغل قوانين مكافحة الإرهاب لتصفية المعارضة السلمية.

ويتضح من مجمل المعطيات أن الإمارات لم تعد فقط دولة تُنتهك فيها الحريات، بل أصبحت نموذجًا ممنهجًا لتجريم الكلمة وملاحقة الرأي. وبينما تسعى لتقديم نفسها كواحة استقرار وانفتاح، يتزايد عدد السجناء والمختفين قسرًا، ويتراجع هامش الحرية إلى مستويات غير مسبوقة.

ومع استمرار الصمت الدولي، يظل مصير المئات من النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان في الإمارات رهينةً لسلطةٍ ترى في النقد جريمة، وفي الحرية تهديدًا وجوديًا.