كشفت صحيفة جزائرية عن تصعيد دولة الإمارات بالتنسيق مع المغرب حربهما الهجينة ضد الجزائر عبر محاولات إغراق البلاد بالمخدرات والمؤثرات العقلية والعملات المزيفة، في سياق يندرج ضمن ما يسميه الخبراء استراتيجية الاستهداف غير المباشر عبر تهديد النسيج الاجتماعي وضرب الاستقرار الاقتصادي.
وقالت صحيفة “الخبر” إن تحقيقات أمنية كشفت عن تورط شبكات مرتبطة بالمخزن بالتنسيق المباشر في تهريب كميات قياسية من السموم نحو الجزائر، فيما تلا ذلك دخول أطراف إماراتية على الخط، مسرّعة عمليات إدخال عملات مزيفة وكميات معتبرة من المخدرات الصلبة، في محاولة مزدوجة لتدمير الجيل الصاعد وإحداث ارتباك في الدورة الاقتصادية الوطنية التي بدأت تستعيد عافيتها.
وبحسب الصحيفة فإن هذا السياق الخطير هو ما أشار إليه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، عندما تحدث عن الحروب الهجينة وحروب الجيل الخامس التي لم تعد تعتمد على المواجهة المباشرة، بل على استهداف المجتمعات من الداخل عبر التكنولوجيا والشبكات الإجرامية والاختراق الاقتصادي.
وقد أكد الرئيس تبون في كلمة له ألقاها أمام قيادات الجيش الوطني الشعبي، بتاريخ العاشر من أكتوبر الماضي الذي تكيّف مع طبيعة هذه التهديدات الحديثة، تحول إلى مدرسة عليا للوطنية والدفاع الشرس عن حرمة التراب الوطني، مشددا على أن الأمن والاستقرار اللذين تنعم بهما الجزائر هما ركيزة أساسية لجاذبية الاستثمار ولنمو الاقتصاد الوطني.
ولا ينفصل هذا التحذير عن الواقع الميداني، إذ كشفت الأجهزة الأمنية المختصة، في أحدث تحرياتها، عن نشاط إجرامي خطير موازٍ لتهريب المخدرات والمهلوسات، يقوم على إدخال العملة الوطنية المزيفة في مسارات التوزيع التجاري داخل عدة ولايات، بهدف زعزعة السوق وضرب الثقة المالية، وهي خطوة لا تقل خطورة عن تهريب السموم التي تستهدف شباب الجزائر.
ودفع هذا التطور الحكومة الجزائرية إلى تشديد الترسانة القانونية لمواجهة بارونات المخدرات والتهريب، وتعزيز التنسيق بين مختلف المصالح الأمنية والاستخباراتية، بعدما تأكد بالملموس أن استهداف الجزائر لم يعد مقتصراً على الحدود الغربية، بل أصبح جزءا من حرب مركبة تشترك فيها أطراف معادية تسعى إلى تقويض صعود الجزائر كقوة سياسية واقتصادية إقليمية.
وفي أكتوبر الماضي أطلق الرئيس الجزائري عبارة لافتة خلال فعالية في مقر وزارة الدفاع الوطني: «كلّنا أشقاء عدا دولة واحدة». لم يُسمِّها، لكن الرسالة فُهمت على نطاق واسع في أبوظبي وكرست أن البلدين نحو مواجهة مفتوحة.
وجاء هذا التصريح امتدادًا لتحذيرات سابقة وجّهها تبون للإمارات من “التعامل مع الجزائر كما تُعامِل غيرها”، مع اتهامات صريحة بتغذية الصراعات الإقليمية، ما رسّخ قناعة بأن الأزمة بين البلدين انتقلت من البرود الدبلوماسي إلى مشهد اشتباكٍ سياسي معلن.
ويرى مراقبون أن الرسالة كانت مباشرة: الجزائر ترى في أبوظبي فاعلًا يعمل خارج قواعد الأخوّة، ويستثمر المال والسياسة والإعلام لتحويل الأزمات العربية إلى منصّات نفوذ.
وبهذا، انتقل التوتر الجزائري–الإماراتي من منسوب الهمس الدبلوماسي إلى مواجهة مكشوفة على طبيعة النظام الإقليمي وحدود التدخل.
ويشار إلى أن الخلاف ليس جديدًا. إذ أن دعم الإمارات العلني لموقف المغرب في قضية الصحراء الغربية فتح جرحًا سياسيًا مع الجزائر، لأنه بدا اصطفافًا ضد «ثوابت» تعتبرها الجزائر خطوطًا حمراء.
وقد تزامن ذلك مع ماكينة إعلامية تستخدم منصات مقرّبة من أبوظبي—مثل «سكاي نيوز عربية»—لتعزيز روايات تُشيطن الداخل الجزائري أو تسائل هويته الوطنية وتماسكه الاجتماعي، في تكرار لصيغ «الهندسة الإعلامية» التي سبقت تدخلات خارجية في دول عربية أخرى. وهنا، لا تبدو الإمارات مجرد دولة «تنحاز»، بل طرفًا يسوّق سرديات تؤسس لتهميش الجزائر وشرعنة التدخل في شؤونها.
