موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

وثيقة ويكيليكس تكشف: محمد بن زايد يعادي الديمقراطية والانتخابات الحرة

371

كشفت وثيقة دبلوماسية أمريكية مسرّبة عبر موقع ويكيليكس، تعود إلى يناير/كانون الثاني 2007، عن مواقف صريحة لولي عهد أبوظبي آنذاك ورئيس دولة الإمارات الحالي محمد بن زايد، تؤكد عداءً بنيويًا لفكرة الديمقراطية والانتخابات الحرة في العالم العربي.

وتفضح الوثيقة الأسس الفكرية والسياسية التي قامت عليها الدولة الإماراتية المعاصرة بوصفها نظامًا مغلقًا يرفض التداول السلمي للسلطة ويُصنَّف عالميًا ضمن الدول “غير الحرة”.

وصدرت الوثيقة، التي تحمل الرقم 07ABUDHABI97، عقب اجتماع أمريكي رفيع المستوى جمع محمد بن زايد ووزير الخارجية عبد الله بن زايد بمسؤولين أمريكيين.

وبحسب الترجمة الحرفية، فإن حديث محمد بن زايد لم يكن دبلوماسيًا أو حذرًا، بل اتسم بقدر كبير من الصراحة، خاصة فيما يتعلق برؤيته للإسلام السياسي، وللانتخابات، ولمستقبل الحكم في الشرق الأوسط.

وفي صلب الوثيقة، يعبّر محمد بن زايد عن قلق عميق من المجتمع الذي يحكمه، لا من خصوم خارجيين فقط.

إذ يقدّر أن ما بين 50 و80% من جنود القوات المسلحة الإماراتية، البالغ عددهم حينها نحو 60 ألف جندي، قد يستجيبون – وفق تصوره – لنداء “شيخ ما في مكة”، في إشارة إلى هشاشة الولاء السياسي الداخلي من وجهة نظره، وارتباطه بالمرجعية الدينية لا بالدولة أو الدستور.

ويذهب أبعد من ذلك حين يقول إنه قد يواجه ردود فعل عنيفة من مواطنيه، تصل إلى “رجمه”، إذا طرح بعض القضايا علنًا.

ويعكس هذا التصور نظرة شديدة الريبة تجاه المجتمع، ويُفسّر جزئيًا اعتماد محمد بن زايد لاحقًا على نموذج أمني صارم يقوم على ضبط المجال العام، وتقييد الحريات، وتجفيف أي مسار سياسي مستقل، بما في ذلك داخل العائلة الحاكمة نفسها.

فالدولة، وفق هذا المنطق، لا تُدار عبر المشاركة الشعبية، بل عبر السيطرة المسبقة ومنع المخاطر المحتملة.

أما موقفه من الديمقراطية، فيأتي أكثر وضوحًا وحسمًا. إذ يُبدي محمد بن زايد اعتراضًا صريحًا على دعم الولايات المتحدة للانتخابات في الشرق الأوسط، متسائلًا عن جدوى هذا الخيار في ضوء نتائج مثل فوز حركة حماس في الانتخابات الفلسطينية.

ويقول بعبارة لافتة: “الشرق الأوسط ليس كاليفورنيا”، في اختزال يكشف رؤيته النخبوية والاستعلائية تجاه المجتمعات العربية.

ويذهب أبعد من ذلك حين يقرر أن الانتخابات الحرة في العالم العربي والإسلامي، في مرحلة ما بعد 11 سبتمبر، ستقود – برأيه – إلى النتيجة نفسها في أي بلد مسلم، حيث “تصوّت الجماهير بالعاطفة” لصالح الإخوان المسلمين أو الجماعات الجهادية.

وبذلك، لا يرى محمد بن زايد في صناديق الاقتراع آلية للتغيير السلمي أو التعبير الشعبي، بل خطرًا وجوديًا يجب تفاديه.

وفي مقابل رفضه للانتخابات، يطرح محمد بن زايد “التعليم طويل الأمد” كبديل، معتبرًا أن تغيير ما يسميه “الظواهر الثقافية المتجذرة” يحتاج من 25 إلى 50 عامًا.

غير أن هذا الطرح، في جوهره، لا يتضمن أي التزام بانتقال ديمقراطي مؤجل، بل يبرر استمرار الحكم الفردي إلى أجل غير مسمى، بذريعة أن المجتمع “غير جاهز” للاختيار الحر.

وقد انعكست هذه الرؤية الفكرية بوضوح في بنية النظام السياسي الإماراتي. فالإمارات، وفق معظم المؤشرات الدولية، مصنفة دولة غير حرة، لا تشهد انتخابات عامة، ولا أحزاب سياسية، ولا تداولًا سلميًا للسلطة.

والمجلس الوطني الاتحادي في الإمارات يملك صلاحيات استشارية محدودة، ونصف أعضائه فقط يُختارون عبر هيئات انتخابية معيّنة بعناية، لا تمثل المجتمع تمثيلًا حقيقيًا.

وتحت حكم محمد بن زايد، تعمّق هذا النموذج الاستبدادي، مع تصعيد غير مسبوق ضد المعارضين، والناشطين، وأكاديميين وقضاة طالبوا بإصلاحات دستورية سلمية. كما جرى توظيف “الخطر الإسلامي” لتبرير القمع الداخلي، والتدخلات الإقليمية، ودعم الثورات المضادة في أكثر من بلد عربي.

وتكشف وثيقة ويكيليكس، بعد نحو عقدين على صدورها، أن ما تعيشه الإمارات اليوم لم يكن مسارًا طارئًا، بل خيارًا واعيًا اتُّخذ مبكرًا. خيار يقوم على معاداة الديمقراطية، ورفض الإرادة الشعبية، وتكريس سلطة مغلقة ترى في المجتمع تهديدًا لا شريكًا.

وفي هذا السياق، لا تبدو الإمارات استثناءً عن محيطها بقدر ما تمثل نموذجًا صارخًا لدولة أُغلقت أبواب السياسة فيها بإرادة الحاكم، لا بحتمية الواقع.