موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

جحيم العمال المهاجرين في الإمارات: الوجه الخفي لاقتصاد الرفاه

207

رغم الصورة اللامعة التي تروّج لها دولة الإمارات كواحة للفرص والرواتب المعفاة من الضرائب، تكشف تجارب مئات الآلاف من العمال المهاجرين عن واقع مختلف، يتسم بالضغط المعيشي، والقيود القانونية، والهشاشة الوظيفية بما يمثل الوجه الخفي لاقتصاد الرفاه.

فخلف ناطحات السحاب ومشاريع الرفاه، يعيش المغتربون – خصوصاً في القطاع الخاص – منظومة عمل قاسية تجعل الاستقرار حلماً مؤجلاً.

وفيما يلي تقرير إخباري مباشر يرصد أبرز 10 سلبيات تشكّل جوهر معاناة العمال المهاجرين في الإمارات.

  1. غلاء المعيشة يلتهم الرواتب

تُصنّف دبي وأبوظبي ضمن أغلى 25 مدينة في العالم، حيث يلتهم السكن وحده ما يصل إلى 40% من دخل الموظف. إيجار شقة من غرفة واحدة في مناطق متوسطة قد يتجاوز 2000 دولار شهرياً، دون احتساب الكهرباء والمياه والإنترنت.

ومع ارتفاع تكاليف التعليم الخاص والرعاية الصحية والمواد الغذائية المستوردة، تتآكل ميزة “الراتب المعفى من الضرائب”، ويجد كثير من العمال أنفسهم غير قادرين على الادخار، خصوصاً من لا يحصلون على بدلات سكن أو تعليم.

  1. قوانين عمل تقيّد الحركة

لا يتمتع العامل في الإمارات بحرية التنقل الوظيفي كما في الدول الغربية. فالعقود محددة المدة، وفترات الإشعار الإلزامية، وبنود عدم المنافسة، كلها قيود تعرقل تغيير الوظيفة.

والأخطر أن الإقامة مرتبطة مباشرة بصاحب العمل، ما يجعل أي انتقال مهني مخاطرة قانونية. ورغم تعديلات قانون العمل في 2022، لا تزال الكفالة تشكّل أداة ضغط حقيقية تُقيد خيارات العمال.

  1. مناخ قاسٍ يرهق الجسد

درجات الحرارة التي تتجاوز 45 درجة مئوية صيفاً تجعل الحياة اليومية مرهقة، خاصة للعاملين في البناء والخدمات الميدانية. ورغم فرض فترات حظر عمل وقت الظهيرة، يبقى العمل في الأجواء الحارة واقعاً يومياً.

ولا يؤثر هذا المناخ فقط على الصحة الجسدية، بل يحدّ من الأنشطة الاجتماعية ويحوّل الحياة إلى تنقل بين أماكن مغلقة ومكيّفة.

  1. غياب الاستقرار طويل الأجل

نحو 90% من الأجانب في الإمارات يحملون إقامات قصيرة الأجل مرتبطة بالعمل. وحتى بعد عشرين أو ثلاثين عاماً من الإقامة، لا يحصل العامل على حق الإقامة الدائمة أو الجنسية.

وفقدان الوظيفة قد يعني مغادرة البلاد خلال 30 إلى 60 يوماً، ما يجعل التخطيط للمستقبل – شراء منزل أو تعليم الأبناء – مغامرة غير مضمونة.

  1. قيود قانونية وثقافية على الحريات

تفرض الإمارات إطاراً قانونياً محافظاً يقيّد حرية التعبير والسلوك الشخصي. انتقاد السلطات أو مناقشة قضايا سياسية على وسائل التواصل قد يؤدي إلى ملاحقة قانونية. كما تخضع العلاقات الشخصية واللباس والسلوك العام لقوانين صارمة.

وتفرض هذه البيئة على المغتربين رقابة ذاتية دائمة وتخلق شعوراً بعدم الأمان القانوني.

  1. ساعات عمل طويلة واستنزاف نفسي

رغم أن الحد الرسمي لساعات العمل هو 48 ساعة أسبوعياً، يعمل كثير من موظفي القطاع الخاص بين 50 و60 ساعة، خصوصاً في قطاعات المال والإنشاءات والتجزئة. وغالباً دون أجر إضافي. هذا النمط يؤدي إلى إرهاق مزمن وتراجع التوازن بين العمل والحياة، ويُفاقم مشكلات الصحة النفسية.

  1. فقدان الوظيفة = فقدان الإقامة

البطالة في الإمارات ليست مرحلة انتقالية بل خطر وجودي. إذ يعني فقدان العمل بدء العد التنازلي لمغادرة البلاد. فترة السماح المحدودة لا تكفي غالباً لإيجاد وظيفة جديدة، خاصة في سوق تنافسي. هذا الواقع يجعل العمال يقبلون بظروف مجحفة خوفاً من الترحيل.

  1. فجوة جندرية في القيادة

رغم الخطاب الرسمي عن تمكين المرأة، لا تزال النساء يشكّلن أقل من 20% من مجالس إدارات الشركات. التحيزات الثقافية، وضعف سياسات العمل المرن، تعيق وصول النساء إلى المناصب العليا. ورغم فرض وجود امرأة واحدة على الأقل في مجالس الإدارة، يبقى ذلك إجراءً شكلياً أكثر منه تغييراً بنيوياً.

  1. رعاية صحية مشروطة بالوظيفة

يعتمد المغتربون كلياً على التأمين الصحي الذي يوفره صاحب العمل. وعند فقدان الوظيفة، تنقطع التغطية فوراً. كثير من الخطط لا تغطي العلاجات المتخصصة أو الأمومة، ما يعرّض العمال لمخاطر مالية وصحية كبيرة، خاصة أصحاب الأمراض المزمنة.

  1. فوضى العطلات الرسمية

تُعلن العطلات المرتبطة بالتقويم القمري في اللحظات الأخيرة، ما يصعّب التخطيط للسفر أو الإجازات. هذا الغموض يؤثر على العمال والشركات على حد سواء، ويعكس هشاشة في تنظيم الحياة العملية.

وبالمجمل تكشف هذه السلبيات أن تجربة العمل في الإمارات، خاصة للعمال المهاجرين، تقوم على معادلة غير متكافئة: دخل مرتفع ظاهرياً مقابل غياب الاستقرار والحقوق.

وبينما تستفيد الدولة من قوة عمل ضخمة، يبقى العامل هو الحلقة الأضعف، يعيش في حالة قلق دائم بين عقد عمل، وتأشيرة، وتذكرة مغادرة جاهزة.