موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: تفاصيل مروعة لتعذيب معتقلات رأي في سجون الإمارات

189

لا شيء يبرز بوضوح الخطر الداهم بالدولة والمجتمع مثل اعتقال النساء وتعذيبهن بتُهم ملفقة ومحاكمات سياسية شنيعة، تسيء للدولة والمجتمع والإرث التاريخي لأي دولة؛ وهو ما تنفذه أجهزة أمن الإمارات وتزيد.

وتروي تسجيلات صوتية مسربة من داخل سجون الإمارات، قصصاً من التعذيب وانتهاك الأدمية بحق المعتقلين والمعتقلات، هذه التسريبات هي لمكالمات معتقلات إماراتيات مع أهلهن أو تسجيل صوتي للرأي العام لمعرفة ما يحدث الذي يشبه الجحيم الأرضي.

يحترم الإماراتيون المرأة ويجلونها، ويعتبر عاراً المساس بها أو ضربها فكيف يصل الأمر إلى تعذيبها من قِبل نساء ومحققات تابعات لجهاز أمن الدولة؛ من سلطة يفترض بها حماية المواطنين إلى تعذيبهم والانتقام لمجرد التعبير عن الرأي.

تُقدم التسريبات الصوتية ل”مريم البلوشي وأمينة العبدولي” “وعلياء عبدالنور”، منذ مطلع العام بعضاً مما يتم داخل السجون بحق المعتقلين السياسيين، التي ترقى إلى جرائم وليس انتهاكات، فالتعذيب جريمة تستوجب العقاب ولا شيء غيره.

رغبة بالانتحار

من ضمن الشهادات بأن الطعام الذي يقدم لهن لا يصلح للحيوانات، فالأرز على سبيل المثال فيه صراصير، كما أن المكيف لا يعمل في الصيف.

يؤدي هذا التعامل وسياسة التجويع في السجون إلى زيادة نسبة الانتحار بين المعتقلات، وجرى توثيق قفز امرأة مغربية من أربعة طوابق في محاولة للانتحار والخلاص من العذاب.

وتحدثت سيدة خلال ندوة في لندن في شهر مايو/أيار أنها كانت معتقلة منذ 25 ديسمبر/كانون الأول الماضي بالإمارات، وأنها تعرضت للإهانة الجنسية والتعذيب النفسي والبدني، ووصفت مكان الاحتجاز بأنه مليء بالأوساخ والصراصير، مع سماعها صوت صراخ عال لمن يتعرضون للتعذيب، كما أن السجون غير مزودة بأي خدمات إنسانية.

من جهتها تقول العبدولي التي اعتقلت في نوفمبر/تشرين الثاني 2014: “مع بداية الأسبوع 12 لاعتقالي، بدأت الشكوى من عدم الرؤية بوضوح بعيني اليسرى، وطلبت منهم عرضي على الطبيب إلا أنهم رفضوا ذلك، ثم أجبروني على البصمة والتوقيع على أوراق لم يسمحوا لي بقراءة محتواها، وتم الاعتداء عليّ بالضرب حين طلبت قراءتها.

خلال تلك الفترة وحتى محاكمتي في 2016، قمت بالإضراب أكثر من مرة اعتراضاً على ما يتم معي، حيث كان يتم انتهاك خصوصيتي وحرمتي بدخول أفراد أمن من الرجال غرفتي دون استئذان، كما كان يتم حرماني من المشي لشهور متواصلة وصلت إلى 6 أشهر، مع رداءة الطعام، كما كنت أمنع من الاتصال بأسرتي لأسابيع متواصلة.

بدأت محاكمتي في شهر رمضان- يونيو/حزيران 2016، قبل أن يتم نقلي إلى سجن الوثبة بأبو ظبي في 30 يونيو/حزيران 2016، ثم تم الحكم علي بالسجن 5 سنوات في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، وقد رفض القاضي إثبات التعذيب الذي تعرضت له”. واتهمت العبدولي بتهم تتعلق بحرية التعبير ودعم الثورة السورية.

التواصل مع الأهل

وفقا لتسجيل تم تسريبه في مايو/أيار الماضي، تحدثت العبدولي عن الظروف السيئة في السجون واكتظاظ عنابرها، مشيرة إلى وجود 20 معتقلة في بعض الأحيان في غرف لا تتسع إلا لثمانية نزلاء. كما أكدت عدم وجود تكييف هواء والغرف ذات تهوية رهيبة، فضلا عن انقطاع المياه لساعات طويلة.

وقالت العبدولي إنها تجد صعوبة كبيرة في التواصل مع أطفالها الخمسة، الذين يقيمون ويتنقلون بين منازل أقاربهم في عجمان حتى يتمكنوا من العثور على مأوى. موضحة أن والدهم متزوج من امرأة أخرى ويعيش في أبو ظبي، وبالتالي فإن رعايتهم صعبة وغير مضمونة. وأشارت إلى أنه حتى في الزيارة لم تكن ترى أبناءها إلا من وراء الزجاج.

أما رسالة لمسربة لمريم البلوشي فتقول إنها التحقيق معها والتعذيب “كان بسبب تبرعها لأحد الأشخاص بمبلغ 2300 درهم لمساعدة إحدى الأسر السورية في سوريا، وكانت تبلغ من العمر حينها 19 عاماً، ثم أجبرت تحت الضرب والتعذيب على التوقيع على أوراق دون قراءتها، والتي كانت السبب في الحكم عليها فيما بعد بالسجن 5 سنوات في عام 2016.

تفتيش بصورة مهينة

أما المعتقلة علياء عبدالنور فقالت إنها تتعرض لانتهاكات جسيمة، حيث تم احتجازها مع معتقلات أخريات مقيدات اليدين، مع التفتيش بصورة مهينة من قبل شرطيات إماراتيات, كما كان يتم إجبارهن على التعري للتفتيش.

وعلى الرغم من أن علياء مصابة بمرض السرطان إلا أنها تعرضت للتعذيب الوحشي حيث كان يتم جلدها بالسياط والاعتداء عليها وإطفاء السجائر في جسدها، كما حدث لها كسور في أماكن مختلفة من جسدها بسبب التعذيب، أثناء التحقيقات.

تحطيم منظومة القيم

تعرَّضت معظم المعتقلات للتهديد بالاغتصاب، حتى المعتقلين من الرجال تم تهديدهم بذات الفعل الشنيع.

بهذه الطُرق الفاقدة للإنسانية والقيم الإماراتية يقوم جهاز أمن الدولة بتحطيم منظومة القيم والعادات والتقاليد للمجتمع القبلي في الإمارات وهو أمر لم يسبق أن حدث في دول الخليج ويؤكد أن الأجهزة الأمنية لم تعد تعبأ بأي احتجاج شعبي أو دولي.

إن انتشار التعذيب والسجون غير الآهلة للسكن الأدمي يعتبر نتيجة طبيعية لانهيار منظومة القضاء وعجزها عن تحقيق أي قدر من الانتصاف القانوني للضحايا عمليات التعذيب والاختفاء القسري مع توفير مناخ آمن لمرتكبي تلك الجرائم مما أدى إلى إفلاتها من العقاب.