موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

رجل أعمال إماراتي بارز يقر بأزمة العقارات الحادة في دبي

323

أقر رجل الأعمال الإماراتي البارز خلف الحبتور بأزمة العقارات الحادة في دبي، مؤكدا أن السوق في الإمارة الآن مشبعة وأنه يتطلع للتوسع في مكان آخر.

وقال الحبتور لوكالة “بلومبرغ” الأمريكية “لا أوصي بأي توسع على الإطلاق لأي شخص” في دبي، مضيفا أن “الممتلكات الشاطئية التابعة لمجموعته التجارية تبلي بلاء حسنا، ولكن بأسعار منخفضة للغاية”.

وأوضح أن نسبة الإشغال في الفنادق التابعة له متقلبة، وعوائدها ليست جيدة، مشيرا إلى أنه حال استمرار التوسع في بناء الفنادق في دبي فإن الأسعار ستنخفض أكثر.

وقال الملياردير، إنه يدرس حاليا إذا ما كان من الأفضل بناء أو الاستحواذ على 7 أو 10 مدارس، كما يبحث بناء مستشفى متخصص بسعة 100 سرير .

وأضاف الحبتور خلال حديثه عن تباطؤ الاقتصاد: “هناك مجال جيد للاستثمار في التعليم، ونحن نقوم بعمل جيد للغاية في هذا الصدد”.

وقالت “بلومبرغ”، إن “الحبتور” أمضى السنوات القليلة الماضية في بناء الفندق والمنازل في دبي، وأيضا بناء مجمع سكني على الطريق الرئيسية للمدينة، وأنفق 500 مليون دولار لبناء منتجع بالقرب من فندق سانت ريجيس، لكن التباطؤ الإقليمي بعد انخفاض سعر النفط عام 2014، أضر بالطلب في قطاع الضيافة في دبي، في حين تسببت وفرة العقارات الجديدة في انخفاض العوائد.

ودعا الحبتور الكيانات المرتبطة بحكومة دبي، إلى وقف مشاريع الفنادق حتى غير المنتهى منها؛ لأن دخولها السوق سيتسبب في تراجع أكبر لأسعار الغرف.

وازدهرت مدينة دبي باعتبارها سويسرا الخليج، المكان الذي يمكن أن تقوم فيه بأعمال محصنة من الصراعات العنيفة في الشرق الأوسط.

الآن أصبحت دولة الإمارات وإمارة دبي بالتبعية، لاعبًا نشطًا في تلك الصراعات. تقاتل في حروب أهلية في ليبيا واليمن، وهي شريك أساسي في حملة المقاطعة التي تقودها السعودية ضد قطر، كما تساهم في الحرب الأمريكية على إيران.

أدت هذه الأجواء إلى خفوت بريق دبي اللامع، حتى أصبحت مراكز التسوق أقل ازدحامًا بشكل ملحوظ عما كانت عليه في السابق، وبدأ المغتربون، وهم شريان الحياة لاقتصاد المدينة، في حزم أمتعتهم والعودة إلى ديارهم أو على الأقل التحدث عن ذلك. وهو ما رصدته وكالة بلومبيرج في تقرير نشرته في 18 نوفمبر/ تشرين الثاني، تحت عنوان: (ملاذ الأموال في الشرق الأوسط: دبي تفقد بريقها).

وفي تراجع هو الأسوأ منذ 34 شهرًا، انخفض مؤشر بورصة دبي خلال تعاملات أمس الثلاثاء، 2700 نقطة بما يعادل 1% تقريبًا، ليسجل أدنى مستوى له منذ يناير/كانون الثاني 2016، وسط تخوف من الكثيرين بتداعيات هذا التراجع على المؤشر العام للاقتصاد الإماراتي.

ودبي التي تعتبر مركز الخدمات في المنطقة، تعرضت لخسائر كبيرة جراء الأزمة الخليجية؛ فالعديد من الشركات التي تعمل في قطر تتخذ من دبي مقراً لها، حيث أدى الحصار إلى تعرض تلك الشركات لخسائر كبيرة.

وتتصدر أسهم الشركات العقارية قائمة الأسهم المتراجعة على رأسها إعمار العقارية التي تراجعت بنسبة 3.2% بعدما اتفقت إحدى وحداتها على بيع خمسة فنادق في دبي إلى أبو ظبي الوطنية للفنادق مقابل مبلغ لم يُعلن، فيما هبط سهم الاتحاد العقارية 3.4 %، بينما ارتفع سهم داماك العقارية 1%.

أزمة عنيفة تشهدها السوق الإماراتية خلال الآونة الأخيرة، إذ تشهد الكثير من القطاعات الحيوية هزات عنيفة دفعت ببعضها إلى توقف أنشطة الركائز الأساسية التي تُشغل تلك القطاعات، ورغم المتانة الظاهرية التي يبدو عليها اقتصاد الإمارات، فإن المؤشرات تشي إلى أن الواقع مغاير تمامًا لما هو عليه الآن، ولعل أزمة دبي 2009 خير تجسيد على هشاشة المنظومة بأكملها.

ويبدو أن سياسة تصدير الأزمات التي طالما عزف على أوتارها حكام الإمارات لم تفلح في إخفاء التعثرات الاقتصادية الحادة التي تشهدها سوق الدولة، وهو ما عكسته المؤشرات العامة عن الأداء الصادرة عن المؤسسات المالية الرسمية التي كشفت النقاب عن أزمة دفينة يعاني منها الإماراتيون.

بنك الإمارات المركزي في تقرير له سبتمبر الماضي خفض توقعه للنمو الاقتصادي لهذا العام استنادًا إلى التباطؤ الواضح في النمو غير النفطي خلال الربع الثاني من 2018، هذا في الوقت الذي تراجعت فيه الأصول الأجنبية لدى البنك المركزي وهو مؤشر يبعث برسائل غير مطمئنة على مستقبل الاقتصاد.

البنك في تقريره توقع تراجع نمو الناتج المحلي إلى 2.3% في 2018 بدلاً من 2.7% في 2017، كذلك القطاع غير النفطي من 3.6% على أساس سنوي في الربع الثاني من العام بدلاً من 3.8% في الربع الأول، مرجعًا متانة النمو في الربع الثاني إلى زيادة أسعار النفط.

التقرير كشف انكماش الإنتاج النفطي 1.7% عنه قبل سنة في الربع الثاني بسبب التخفيضات المتفق عليها بين منتجي الخام في العالم، فيما توقع ألا يتجاوز نمو الاقتصاد غير النفطي خلال العام بأكمله حاجز الـ3.6% فيما تراجع الناتج المحلي الإجمالي النفطي 0.5%.

وقد خلص تقرير المركزي إلى انخفاض أصوله الأجنبية خلال أغسطس/آب الماضي إلى 330 مليار درهم (90 مليار دولار)، وبنسبة 2.7% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، ويعد هذا الانخفاض هو الأعلى منذ يونيو/حزيران الماضي، وسط تخوفات من زيادة معدلات التراجع في ظل تفاقم الأزمة في العديد من القطاعات.

القطاع العقاري الخاسر الأكبر

حالة من الركود تشهدها إمارة دبي على وجه التحديد، وبدا ذلك جليًا مع غلق الكثير من المحال والفنادق أبوابها، فوفق تقرير للهيئة الاتحادية للتنافسية والإحصاء الإماراتية تراجع معدل التضخم في البلاد على أساس شهري وسنوي مع توقعات باستمرار وتيرة التراجع ما يعني مزيدًا من الانخفاض في الأسعار، وهو أمر يؤثر بشكل سلبي على معدلات النمو وتنافسية الاقتصاد المحلي وقدرته على جذب مزيد من الاستثمارات.

ويعد القطاع العقاري الظاهرة الأكثر بروزًا في سلسلة الانهيارات التي شهدها سوق دبي خلال الآونة الأخيرة، إذ تراجعت قيمة الصفقات العقارية التي نفذت في النصف الأول من العام الحاليّ بنسبة 16% عن مستوياتها في نفس الفترة من العام الماضي 2017، وذلك وفق تقرير دائرة الأراضي في دبي الصادر في يوليو/تموز الماضي.

وكالة “بيوت” العقارية في تقرير حديث لها كشفت عن تراجع حاد في أسعار العقارات ما يعكس حالة الركود الواضح في عملية البيع والشراء والإيجار، خاصة في المناطق الاستراتيجية في الإمارات مثل “حي ديرا” الذي يعتبر من الأحياء الحيوية في دبي، حيث يربط بين شارع الشيخ زايد والشارقة.

التقرير كشف أن إيجار الشقة من غرفة واحدة في حي ديرا، انخفض بنسبة 15.38% في النصف الأول من العام مقارنة بسعره في النصف الأول من العام الماضي 2017، كما تراجعت أسعار الإيجارات في الحي نفسه لشقة من غرفتين بنسبة 10%، فيما تراجعت أسعار الإيجارات في دبي بنسب تراوحت بين 3 و9% خلال النصف الأول من العام الحاليّ.

محور مهم من الأزمة يعود وفق البعض إلى الأزمة الخليجية، إذ تعاني مبيعات الفلل الفاخرة في دبي من تراجع شديد في ظل الحظر المفروض على أثرياء قطر من شرائها، هذا بخلاف إجبارهم على بيع عقاراتهم ما انعكس بصورة كبيرة على سوق العقارات، هذا بخلاف حملة الاعتقالات التي شنها ولي العهد السعودي بحق رجال أعمال المملكة وأمرائها علمًا بأنهم كانوا أحد أسباب الرواج السابق في الأسواق العقارية الإماراتية.

وبحسب شهادات مقيمين في دبي فإن الإمارة قد تتحول وبشكل متسارع إلى ما يشبه مدينة أشباح، على خلفية لجوء العديد من المرافق بها إلى غلق أبوابها على رأسها مطاعم أبراج الإمارات ومطاعم ومتاجر سوق البحر ومول بر عجمان والوافي “ميتان” ومول مركز الغرير العربي والسانست و”ميتان” وبلازا لامسي وسوق الذهب الجديد وسوق الذهب في مدينة المهرجان ودبي مول.

مخاوف من تكرار أزمة 2009

القلق من تفاقم الوضع في قطاع العقارات الإماراتي دفع البعض إلى استحضار أزمة 2009، حين تعرضت دبي لواحدة من أكبر هزاتها العنيفة، في الوقت الذي كانت فيه تتفاخر بحجم استثماراتها في السوق التي تجاوزت حينها التوقعات كافة.

إرهاصات الأزمة تلوح في الأفق في ظل أوجه الشبه الكثيرة التي تجمع بين الوضع قبل 9 سنوات والآن، حيث الإسراف في المشاريع العقارية الكبرى والاقتراض من الحكومة والبنوك والمستثمرين على حد سواء، تلك القروض التي تجاوزت طاقة الإمارة نفسها.

الأزمة المالية العالمية حينها أدت إلى إصابة منابع السيولة بالجفاف، فتراجع الطلب على المنتجات العقارية، بينما أحجمت البنوك عن الإقراض، ولم تستطع حكومة دبي بيع تلك الأصول خاصة مع تراجع أسعارها، ومن ثم وقعت الكارثة، حيث حلت مواعيد السداد ولم تستطع الحكومة وشركاتها أن تسدد لعدم وجود سيولة وهو ما أدى إلى تفاقم الأزمة وقتها.

ما تعرضت له شركة “أبراج كابيتال” أواخر 2017، يشبه إلى درجة كبيرة ما تعرضت له كبرى الشركات الإماراتية في 2009، وذلك عندما قدّم بعض المستثمرين بها – من بينهم مؤسسة التمويل الدولية – اتهامات للمؤسسة بإساءة إدارة أموالهم في صندوق الرعاية الصحية، باستخدامها في تمويل أعمالها الخاصة.

تلك الادعاءات أثارت أزمة مالية في الصندوق الأكبر في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تفاقمت أكثر بعد تقديم الشركة طلب تصفية مؤقتة في جزر كايمان في مسعى للتوصل إلى اتفاق مع دائنيها من خلال بيع جزء من أصولها، مما أثار المخاوف بشأن انكشاف الشركات الأخرى المدرجة بالبورصة على خلفية تلك الأزمة المالية.

خسائر قطاع الطيران

ولم تنحصر الأزمة التي يشهدها الاقتصاد الإماراتي على قطاع العقارات فحسب، إذ تكشف العديد من البيانات والتقارير الصادرة مؤخرًا عن تعرض قطاعات أخرى لكوارث وخسائر لم تشهدها من قبل، في مقدمتها قطاع الطيران والملاحة الجوية، وهو ما يكشف بصورة كبيرة المتانة الظاهرية لمنظومة الاقتصاد الهشة من الداخل.

شركة “طيران الاتحاد” التي تعد واحدة من أكبر شركات الطيران في الخليج وثاني أكبر شركة في الإمارات بعد طيران الإمارات منيت بخسائر تجاوزت مليار ونصف الدولار في عام واحد فقط، وهو ما كشفته مجلة “فوربس” في تقرير لها عن بلوغ خسائر الشركة 3.4 مليار دولار خلال عامي 2016 و2017، وفقًا لميزانياتها المنشورة، الأمر الذي يهدد تعاقداتها المستقبلية مع شركتي “بوينج” و”إيرباص”.

الأمر لم يتوقف عند خسائر شركات الطيران الإماراتية فحسب، بل أعلنت بعض الشركات الأجنبية نيتها في إيقاف رحلاتها الجوية إلى دبي، منها خطوط فيرجن أتلانتك الجوية التي تعمل على تشغيل رحلات جوية بين بريطانيا والإمارات منذ عام 2006، وألمحت إلى إمكانية وقف رحلاتها بين دبي ولندن، اعتبارًا من نهاية مارس/آذار من العام 2019، مُرجعة أسباب ذلك إلى مجموعة من العوامل الخارجية التي جعلت الأمر غير مجد اقتصاديًا.

الأمر ذاته أعلنته خطوط “رويال بروناي” الجوية، مايو/آيار الماضي، حيث توقفت رحلاتها بين دبي ولندن، في الوقت ذاته بدأت تدشين رحلات مباشرة بين لندن وبروناي، وعلى الرغم من أن المسار الجديد سيقلل من الوقت الذي يستغرقه السفر بين هاتين المدينتين بمقدار ثلاث ساعات ونصف، فإن ذلك يشكل ضربة للعديد من المسافرين من دبي، الذين كانوا يعتبرون هذه الشركة بمثابة الناقل الموثوق به ذي السعر المعقول للسفر إلى لندن.

وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” أشارت في تقرير لها إلى تزايد عمليات التخلي عن خدمات الموظفين من أصحاب الرواتب العالية، فيما وصف محللون الوضع بأنه يشبه حالة “ركود في أصحاب الياقات البيضاء” الذين أسهموا في بناء معجزة دبي قبل عقود.

ويشير التقرير إلى أن دبي أعلنت عن أكبر خسائرها في الوظائف هذا العام، وهي الأعلى منذ الأزمة المالية العالمية قبل عقد من الزمان، خاصة في المراكز الوظيفية ذات الرواتب العالية، لافتا إلى أن هذا يعكس الضغط الذي تواجهه دبي في أعمدة اقتصادها: العقارات والخدمات المالية والسياحة ومينائها الضخم.

وتجد الصحيفة أن هذا التحول يهدد بقاء مدينة دبي، التي نظر إليها على أنها مكان قادر على استيعاب المصرفيين الماليين والمحامين ورجال الأعمال للعيش فيها وإدارة أعمالهم.

اترك رد