أكد مسئول حقوقي دولي في شهادته أمام لجنة برلمانية بريطانية أن دولة تعد الإمارات أكثر دولة بوليسية في الشرق الأوسط في ظل انتهاكاتها الواسعة لحقوق الإنسان وقمع الحريات.
وأبرز منسق الإمارات في منظمة العفو الدولية أوسكار جينز، أمام لجنة تقصي الحقائق في البرلمان البريطاني، احتمالية وجود أكبر عدد من السجناء السياسيين في الإمارات مقارنة بعدد السكان.
وأضاف جينز أن الإمارات قامت بتجريم حرية التعبير بشكل منهجي، وعاقبت عليها وعلى المعارضة من أي نوع، بالسجن لمدة تصل إلى 10 سنوات، وإذا قررت الحكومة توجيه تهم تتعلق بالأمن القومي، فإن السجن يكون مدى الحياة.
وحسب جينز، لا يوجد إعلام حر في الإمارات، حيث مُنعت منظمات حقوق الإنسان بمن فيهم العفو الدولية، منذ 5 إلى 6 سنوات من زيارة البلاد.
وأشار إلى أن السجناء سواء كانوا أجانب أو مواطنين، غالباً ما يُحتجزون مطولاً في الحبس الانفرادي، بمعزل عن محاميهم وأفراد عائلاتهم، ولم يتبق أي مدافعين عن حقوق الإنسان في البلاد.
وعن التعتيم الكبير حول المحكامات وما يتبعها، قال جينز إنه “ثقب أسود” وهو وصف استخدمته هبة زيادين باحثة هيومن رايتس ووتش في الإمارات والشرق الأوسط، وأردف: “نحن ببساطة لا نعرف ماذا يحدث للأشخاص عندما يحضرون المحاكمة أو بعد أن يذهبوا إلى السجن، هذه هي الحالة القانونية التي تعمل فيها الدولة”.
وعبر المسئول في العفو الدولية عن مخاوفه بشأن نظام العدالة الجنائية في أبوظبي، قائلاً: “في 2012 رأينا انطلاق ما يُعرف حالياً بالدولة القومية المؤمنة (الإمارات)، لذلك فإن كل جزء من النظام القضائي مُسيّس”.
وأشار جينز إلى أن أفضل مثال على ذلك هو ما يُعرف بالمحاكمة الجماعية بقضية “الإمارات 94″، ففي 2012، اعتقلت السلطات كل من وقع على “عريضة الثالث من مارس” التي طالبت بإجراء إصلاحات ديمقراطية في الإمارات.
وأوضح جنيز أن الشرطة اقتحمت منازل الموقعين على العريضة دون مذكرات قضائية أو ضمانات قانونية، ودخلوا بيوتهم ليلاً وضربوهم ووضعوهم في السجن، ولم يتمكن أحد منهم من التواصل مع محاميهم أو عائلاتهم لمدة تصل إلى 5 أشهر.
ووصف جنيز ذلك بالاختفاء القسري، ويرقى إلى مستوى الاختطاف الذي ترعاه الدولة، وبأنه هذا كان جزءاً لا يتجزأ من المحاكمة، عندما خضع 94 فرداً لذلك، موضحا أن العديد من هؤلاء ادعوا تعرضهم للتعذيب أثناء احتجازهم، وهو ادعاء موثوق، على حد قوله.
وذكر أبرز الانتهاكات التي تعرض لها المتهمون في “الإمارات94″، مثل الحبس الانفرادي المطول، والحرمان من الوصول الأساسي إلى المياه أو الرعاية الطبية، وعدم السماح للمحامين بالطعن بالأدلة الحكومية، أو في أي اشتباه بالاعترافات القسرية أو المزورة، فبعض المحاكمات استمرت بضع ساعات فقط.
وقال جنيز إن محامي الحريات المدنية الأمريكي وصف تلك القضايا باعتبارها “مليئة بالعيوب القانونية والإجرائية منذ البداية وانتهاكاً صارخاً لمعايير الإجراءات القانونية الدولية الواجبة”، ورغم ذلك، في عام 2013، أُدين 69 بمحاكمة جماعية وحكم عليهم بالسجن لمدة تصل إلى 15 عاماً.
كما عبر جينز عن مخاوفه من عيوبٍ تعتري إجراءات العدالة الجنائية، قائلاً: “إن الشائع في إجراءات المحاكمة عدم استخدام مذكرات الاعتقال، والاختفاء القسري، أي الاختطاف الذي تجيزه الدولة، وعدم منح محامي الدفاع حق الوصول إلى المدعى عليهم، لا سيما عندما يتم احتجازهم بمعزل عن العالم الخارجي”.
ولفت إلى الاستخدام المنهجي للاحتجاز التعسفي والاحتجاز لأجل غير مسمى حتى بعد انقضاء العقوبة، مشيراً لحدوث ذلك مع بعض المتهمين في “الإمارات94″، حيث أتم الكثيرون بالفعل عقوباتهم ، لكن لم يُطلق سراحهم.
ونبه إلى استخدام السلطات الإماراتية أحكاماً غامضة الصياغة تتيح لها احتجاز الأشخاص، حيث تسمح قوانين الأمن القومي بالاحتجاز إلى أجل غير مسمى لمن يحملون أفكاراً “متطرفة أو خطيرة سياسياً”.
يشار إلى أن تصريحات جنيز جاءت خلال شهادته أمام لجنة تقصي حقائق تم تشكيلها من مجموعة من البرلمانيين للنظر في حقوق المرأة البريطانية في الإمارات وما إذا كانت تتمتع بالحماية الكافية أم لا.
وقد ترأس اللجنة عضو البرلمان المحافظ السير بيتر بوتوملي، وضمت في عضويتها ديبي أبراهامز عضوة البرلمان عن حزب العمل، وهيلينا كينيدي والبارونة كينيدي من أسرة شاو، وقد ساعد اللجنة محامو حقوق الإنسان الدوليون، ريس ديفيز وبن كيث، وكذلك أوليفيا تشيسيل مساعدة قانونية في اللجنة.