كشفت دراسة بحثية حديثة عن تعاون مشترك وممنهج بين دولة الإمارات وإسرائيل في الوقوف وراء حملات استهدف المنظمات غير الحكومية الإسلامية والمجتمع المدني من خلال التخريب على عملها وتشجيع الكراهية ضد المسلمين.
وبحسب الدراسة الصادرة عن جامعة “جورج ميسون”، ظهرت الإمارات وإسرائيل بشكل بارز في الحملات التي تقودها مراكز فكر في واشنطن لحظر بعض الأنشطة الإسلامية.
وحملت الدراسة البحثية عنوان “التمييز ضد المسلمين والتلاعب بالمعلومات وأثره على المساعدات الإنسانية والتنمية”.
وقالت إنه منذ عام 2017، كانت هناك زيادة ملحوظة في تواتر وشدة هجمات التلاعب بالمعلومات على المنظمات غير الحكومية الدولية الإنسانية والإنمائية التي يقودها المسلمون.
بدأت هذه الهجمات مع مجموعة مختارة من مؤسسات الفكر والرأي المناهضة للمسلمين ومقرها الولايات المتحدة، وتم نشرها من خلال مواقعها الإلكترونية الخاصة، ومواقع المنظمات ذات التفكير المماثل، وقامت بنشرها مختلف وسائل الإعلام المتعاطفة في الولايات المتحدة وخارجها.
وقد تم تصميم الحملات الناتجة في جزء كبير منها لإقناع السياسيين في الكابيتول هيل باتخاذ إجراءات تشريعية لتعطيل عمليات المنظمات غير الحكومية الدولية الإنسانية التي يقودها المسلمون ومقرها الولايات المتحدة.
وارتبطت الإمارات وإسرائيل بحسين حقاني من معهد هدسون، وزهدي جاسر من المنتدى الإسلامي الأمريكي للديمقراطية، وجوناثان شانزر من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وسارة ستيرن من مؤسسة الحقيقة في الشرق الأوسط. إلى جانب سام ويستروب من منتدى الشرق الأوسط، وأبها شانكار من معهد هدسون، اللذان استضافهما “أنور قرقاش” مستشار رئيس الدولة، في 2018م.
وقدم حسين حقاني وزهدي جاسر وسارة سترين وسام ويستروب معلومات خاطئة عن أمناء الإغاثة الإسلامية والمنظمات الإسلامية في الولايات المتحدة. وقدموا إلى جانب آخرين رسالة إلى الكونغرس الأمريكي تحتوي تلك المعلومات الخاطئة وتدعو إلى حظر بعض الانشطة الإسلامية.
وخاضوا بشكل كبير في استهداف منظمة الإغاثة الإسلامية، أكبر منظمة إغاثة إسلامية في العالم وتقدم المساعدات الإغاثية إلى معظم الدول الفقيرة.
وتناولت الدراسة حالة “منتدى الشرق الأوسط” (MEF) الذي يركز على الجمعيات الخيرية كون المنظمات الإسلامية الأمريكية الأكثر ثراءً هي في الغالب جمعيات خيرية، لذلك يقوم هذا المنتدى بتكريس نفسه لمهاجمة الشخصيات الأمريكية الاسلامية التي تدير الجمعيات الخيرية.
ولدى ويستروب تاريخ موثق في تقديم ادعاءات كاذبة وتشهيرية ضد مسلمين بريطانيين بارزين، والتي استخدمها الرجل لإثبات نفسه كخبير.
وتشير الدراسة إلى أن ويستروب ومنتدى الشرق الأوسط تبنى تعريف الإمارات للإرهاب، والتي تختلف عن التعريفات الأخرى المقبولة عموماً؛ حيث يسمح تعريف الإمارات للإرهاب بتسمية مجموعة تعبر بشكل سلمي عن معارضتها للإرهاب، وصنفت منظمات حقوقية تشريعات الإرهاب الإماراتية بأن “لديها إمكانية استخدامها ضد النشطاء السلميين ومنتقدي الحكومة بسبب النطاق الواسع لأحكامها وتعريفها الغامض ومجموعة الإجراءات التي يمكن اعتبارها بموجب القانون بمثابة إرهاب”.
وتطرقت الدراسة إلى تصنيف أبوظبي للمنظمات الإسلامية الغربية بالإرهاب عام 2014 والتي فاجأت المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين على حد سواء والتي أدى إلى رفضها من قِبل وكالات مكافحة الإرهاب في البلاد.
مركز هداية والمنشورات
تذهب الدراسة إلى مناقشة المنشورات المسيئة للشخصيات والمنظمات الإسلامية في الغرب سواء في مراكز الفكر في واشنطن العاصمة أو في دول الاتحاد الأوروبي.
وناقشت الدور الذي لعبته شركة “ألب” (ALP)، والدور الذي لعبه مستشارها مدفوع الأجر لورنزو فيدينو مدير برنامج التطرف في جامعة “جورج واشنطن”، بعد ذلك، قام فيدينو بتمرير المنشورات إلى أندرو نورفولك في صحيفة التايمز (لندن) دون الكشف عن دور “ألب” فيها وأنها وصلت عبر هذه الشركة التي قامت بالحملة بدعم من الاستخبارات الإماراتية. وأكد رئيس الشركة اتصالاته مع المخابرات في أبوظبي للقيام بالحملة.
وأدت إلى حملات في دول أوروبية ضد الشخصيات والمنظمات الإسلامية. بما في ذلك “عملية الأقصر” ضد أعضاء مزعومين في جماعة الإخوان المسلمين التي جرت في نوفمبر 2020 في واحدة من أكبر الإجراءات التي اتخذتها الشرطة النمساوية في العقود الأخيرة، والتي شكلت فضيحة سياسية ورسمية.
ولعب “فيدينو” في مركز هداية الإماراتي دوراً كبيراً في التحريض ضد مسلمي النمسا. وكثيرا ما استخدم فيدينو من قبل حكومة اليمين المتطرف في النمسا لدعم مزاعمها ضد “الإسلام السياسي”، على الرغم من أنه – أو بالأحرى لأنه – لديه تاريخ مشكوك فيه مع الشبكات المعادية للمسلمين.
وعملت شركة “ألب” و”فيدينو” مع المتطرفين في أوروبا المعادين للإسلام واستفتاء مشكوك فيه في الاتحاد الأوروبي بعنوان “أوقفوا التطرف” للكفاح ضد ما وصفته بالإسلام السياسي الراديكالي وأطلق حملات في العديد من البلدان لجمع مليون توقيع في سبع دول أعضاء على الأقل في الاتحاد الأوروبي؛ وجمعت 241 ألف يورو في شكل تبرعات رسمية منها 117000 يورو فقط جاءت من طرف لورنزو فيدينو، وبالتالي من أبوظبي.
وكانت أبوظبي في تلك الحملات تشير في منتدى الشرق الأوسط إلى الكيفية التي يجب على الولايات المتحدة التعامل بها مع منظمات المجتمع المدني التي يقودها مسلمون.
معلومات مضللة
وتشير الدراسة إلى خمسة مولدات للمعلومات التي تم التلاعب بها مسؤولون بشكل أساسي عن إنتاج المحتوى المعني، وهي (منتدى الشرق الأوسط، والمشروع الاستقصائي حول الإرهاب، ومركز السياسة الأمنية، ومعهد غاتستون، ومنظمة أمريكيون من أجل السلام والتسامح).
وقالت إن الادعاءات المقدمة في سياق هذه الحملات مليئة بالتفكير التآمري والمنطق المغالط، وتلعب على فهم ضيق بشكل خاص للمنظمات الإنسانية غير الحكومية الدولية التي يقودها المسلمون والتي تدمر الأبعاد الاجتماعية لثقافات المساعدة الإسلامية في بعد سياسي واحد.
يستخدم مؤلفو محتوى هذه الحملات تكتيكات تثير “الجدل الشديد” الذي يتضمن تقديم العديد من الحجج أو النقاط بسرعة وعشوائية، وفي كثير من الأحيان دون دعمها أو شرحها بشكل كافٍ.
كما أنها تهيئ الظروف للإبلاغ الدوري والتأييد الكاذب من خلال نشر محتواها عبر مجموعة متنوعة من المصادر عبر الإنترنت والتي تعمل بعد ذلك على “التحقق” من المعلومات التي تم التلاعب بها.
وقد قامت مجموعة متنوعة من الجهات السياسية الفاعلة بإضفاء الشرعية على الهجمات على المنظمات الإنسانية غير الحكومية الدولية التي يقودها مسلمون في الكابيتول هيل من خلال إضفاء المصداقية على الادعاءات الكاذبة و/أو المضللة في شهادة الكونجرس أو توفير منصات تربط المشرعين بالمعلومات التي تم التلاعب بها. ومن بين هؤلاء حسين حقاني زهدي جاسر، وجوناثان شانزر من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وسارة ستيرن، و سام ويستروب.
وبالفعل تمكنت أبوظبي و”تل أبيب” من تمرير ذلك الضغط لإحداث تأثير في الكونجرس: قرار مجلس النواب (HR 160). رسائل من الكونجرس إلى الرئيس بايدن، والمدعي العام ميريك جارلاند، ومنسق وزارة الخارجية لمكافحة الإرهاب.
وتبادل رسائل البريد الإلكتروني بين موظفي لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب وفريق مكتب الشؤون التشريعية والعامة التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية. رسالة إلى مدير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية من رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب.
وقالت الدراسة إن ذلك أدى إلى إهدار وقت أعضاء الكونجرس وموظفيهم التشريعيين وموظفي السلطة التنفيذية.
تحريض ممنهج
قدمت الدراسة خريطة الجهات الفاعلة غير الحكومية التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها والتي انخرطت في حملات التلاعب بالمعلومات ضد المنظمات غير الحكومية الدولية المعنية بالمساعدات الإنسانية والتنمية التي يقودها المسلمون. وتشمل هذه الجهات الفاعلة مؤسسات الفكر والرأي، ومجموعات المناصرة، ومموليها.
واكتسبت حملات التلاعب بالمعلومات هذه بعض الاهتمام في الكابيتول هيل من الكونغرس وكان لها آثار ضارة تراكمية على عمليات وسمعة المؤسسات الخيرية المستهدفة.
تشمل الآثار الضارة التي تتعرض لها المنظمات غير الحكومية الدولية التي يقودها المسلمون والتي تنتج عن هجمات التلاعب بالمعلومات تعرضها لتحقيقات من قبل الجهات التنظيمية الخيرية والوكالات الحكومية والكونغرس.
ويمكن لحملات التلاعب بالمعلومات أيضاً أن تشق طريقها إلى المؤسسات المالية، مما يساهم في زيادة تحديات الوصول المالي للمنظمات غير الحكومية الدولية.
كما يمكن أن يتجلى ذلك في إغلاق الحسابات، ورفض الحسابات، وتأخير أو إلغاء التحويلات البنكية الدولية، والتي يمكن أن يكون لها أيضاً آثار غير مباشرة على برامج إنقاذ الحياة في الخارج.
وعقب ذلك يقوم المروجون والمولدون للمعلومات الخاطئة على المنظمات التي يقودها مسلمون بالاستشهاد بالتحقيقات وإغلاق الحسابات المصرفية “كدليل إضافي” على المخالفات.
وتلفت الدراسة إلى أن المنظمات الإسلامية تضطر للدفاع ضد هذه الهجمات المستمرة، إلى تحويل الموارد المخصصة للأشخاص المحتاجين إلى وظائف العلاقات العامة والاتصالات السياسية.