موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

كشف فضيحة تمويل الإمارات لعضو في مجلس الشيوخ الإيرلندي

950

كشف تحقيق استقصائي يسلط الضوء على واحدة من أخطر محاولات التأثير الأجنبي على نظام ديمقراطي أوروبي، عن وثائق وتحقيقات خاصة تفيد بأن النظام الإماراتي قاد حملة ضغط سرية داخل أروقة البرلمان الإيرلندي عبر عضو بمجلس الشيوخ، الشيوعية شيروين كيغان.

وأظهر التحقيق أن كيغان تلقت مبالغ مالية كبيرة من أبوظبي عن طريق شركة استشارية مقرها دبلن ومرتبطة بمصالح إماراتية بهدف تنظيم لقاءات، وإعداد تقارير سياسية، وشن حملات تستهدف جماعة “الإخوان المسلمين” داخل المؤسسات السياسية والثقافية في إيرلندا—دون الإعلان عن هذه الروابط، بما يخالف قواعد الشفافية البرلمانية.

وتبدأ وقائع التحقيق عندما عثرت فرق التدقيق على سجلات مالية وعقود استشارية تُظهر تحويلات منتظمة إلى حسابات مرتبطة بكيغان، مقابل مهام واضحة تتطابق مع أهداف السياسة الخارجية لأبوظبي.

وتقترن هذه التحويلات بتقارير وأوراق موقف صاغتها كيغان ووزعت داخل مجلس الشيوخ ومجالس محلية، تروّج لفكرة وجود “تهديد أيديولوجي” مزعوم مرتبط بالحركات الإسلامية، رغم غياب حضور ميداني ملموس لهذه الحركات في إيرلندا.

وتضمنت الحملة الإماراتية استغلال قنوات استشارية وشركات واجهة تعمل من داخل أوروبا لتجنيد شخصيات محلية وتوظيفها لتمرير خطاب أمني وسياسي يخدم استراتيجية أبوظبي في شيطنة الإسلام السياسي ونشر روايتها عن “مخاطر” الحركات الإسلامية.

وتوضح الوثائق أن الرسائل والمواد المنتجة تتماشى حرفياً مع الخطاب الأمني الإماراتي الذي يرى في حركات مثل “الإخوان المسلمين” تهديداً يجب مواجهته دولياً، وهو نهج يبرره النظام داخل سياساته الإقليمية ويصدّره خارجياً.

ولا تقتصر الفضيحة على مسألة أخلاقية فحسب؛ بل تمس جوهر النظم الديمقراطية. فعندما يستخدم أعضاء مجالس منتخبة موّلتهم جهات أجنبية لتنفيذ أجندات خارجية، يتعرض القرار الوطني والتمثيل الشعبي لتشويه واضح.

وأظهر التحقيق أن كيغان لم تعلن عن تلك الأموال في سجلاتها الرسمية كما تقتضي قواعد الشفافية، مما يفتح الباب أمام مساءلات قانونية وأخلاقية قد تصل إلى استدعاءات للتحقيق أمام لجان برلمانية أو أجهزة رقابية.

وردود الفعل المتوقعة في البرلمان ستتراوح بين دعوات فورية لتحقيق مستقل، ومطالب بتشديد قواعد الإعلان عن المصالح والتمويل الخارجي للنواب، وتدقيق في شركات الاستشارات التي تعمل كواجهات لجهات أجنبية.

كما ستضع هذه القضية قضاء إيرلندا أمام اختبار حقيقي في قدرته على حماية مؤسساته من الضغوط الخارجية، وعلى ضمان أن يبقى نقاش السياسات مؤطراً بالمسؤولية الوطنية لا بالمصالح الأجنبية.

من جانبها، إذا أصبحت الاتهامات مثبتة، فستجد الإمارات نفسها أمام اتهامات بالتدخل في شؤون دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، وهو ما قد يحمل تداعيات دبلوماسية ويثير تحركات من أحزاب سياسية ومجتمع مدني منددين بمحاولات تقويض سيادة القرار الوطني.

في السياق نفسه، تتوقع مصادر التحقيق أن تستغل أحزاب اليمين المتشدد هذا الملف لتشديد قوانين الرقابة على الجمعيات والمهاجرين، وهو ما ينسجم مع خطابات الخوف الأمني التي تروّج لها الجهات الداعمة للحملة.

وتطرح هذه التسريبات أسئلة حرجة حول مدى قدرة الأنظمة الديمقراطية الأوروبية على حماية نفسها من المال السياسي الأجنبي، في وقت تتزايد فيه محاولات النفوذ من أنظمة سلطوية تسعى لتشكيل الرأي العام داخل مؤسسات الغرب.

وإذا ثبت تورط كيغان، فستكون هذه سابقة خطيرة تكشف أن الاختراق الإماراتي لم يعد محصورًا في الشرق الأوسط، بل بات يمتد إلى صميم البرلمانات الأوروبية تحت غطاء “التعاون الفكري” و“الاستشارات السياسية”.