موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: الفساد يلاحق استثمارات الإمارات الخارجية

557

نشرت هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” تحقيقا تبرز فيه كيف يلاحق الفساد استثمارات دولة الإمارات الخارجية بما في ذلك الاستثمارات الرياضية.

وأبرز التحقيق كيف أصيبت الأوساط الكروية في إنجلترا بصدمة كبيرة، بعد إعلان اتهامات الدوري الإنجليزي لنادي مانشستر سيتي المملوك إماراتيا، بانتهاك القواعد المالية.

وأصبح مانشستر سيتي، في السنوات الأخيرة، قوة مهيمنة على كرة القدم الإنجليزية، إذ فاز بلقب الدوري 6 مرات، منذ أن استحوذت، على النادي، مجموعة أبو ظبي المتحدة، في عام 2008.

ولكن كيف وصل مانشستر سيتي إلى ما وصل إليه؟ وما هي خطورة التهم الموجهة له؟ وهل هناك احتمال أن يبعد عن الدوري الإنجليزي؟

لماذا اتهام مانشستر سيتي؟

بعد تحقيقات دامت أربعة أعوام، أصدر الدوري الإنجليزي، الاثنين، بياناً يقول فيه إنه وجه اتهاماً لمانشستر سيتي بانتهاك القواعد المالية أكثر من مئة مرة، من 2009 إلى 2018.

وأوضح الخبير في المالية الرياضية، كيرين مغواير، لإذاعة بي بي سي أن الاتهامات تشمل جانبين:

“الأول هو اتهام مانشستر سيتي بتضخيم إيرادات النادي المالية، فيما يتعلق بالصفقات التجارية والرعاية الإعلانية. ويزعم الدوري الإنجليزي أن الأموال كانت تأتي من مالك النادي، التي لا تحترم قواعد التنافس المالي العادل، واحتسبت كذباً على أنها من إيرادات الرعاية الإعلانية، المطابقة لقواعد التنافس المالي العادل”.

“والجانب الثاني هو اتهام مانشستر سيتي بأنه قلل من التكاليف الحقيقية لإدارة النادي، باستخدام مسؤولين متعاقدين مع شركات أخرى لها صلة بالمالكين، من أجل إظهار جزء بسيط من تكاليف الإدارة في حسابات النادي.

كيف وصل مانشستر سيتي إلى ما وصل إليه؟

في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، نشرت صحيفة دير شبيغل وثائق مسربة تزعم أن مانشستر سيتي ضخّم قيمة صفقة رعاية إعلانية، وتعمّد تضليل الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، من أجل مطابقة قواعد التنافس المالي العادل، التي تفرض على الأندية تسوية الإيرادات بالمصروفات، في حساباتها.

وفتح الاتحاد الأوروبي تحقيقاً إثر هذه المزاعم، خلص فيه في عام 2020 إلى أن مانشستر سيتي ارتكب “مخالفات كبيرة” لقواعد التنافس المالي العادل، بين 2012 و2016.

ولكن المحكمة الرياضية ألغت، في العام التالي، عقوبة إقصاء النادي من المنافسات الأوروبية لمدة عامين.

وبدأت تحقيقات الدوري الإنجليزي في 2018. ووصف سيتي المزاعم بأنها “كاذبة”، وقال إن ما نشرته دير شبيغل مصدره “قرصنة غير قانونية، ورسائل إلكترونية مجتزءة عن سياقها”.

لماذا الآن؟

قال سيتي إن النادي لم يصله إشعار مسبق ببيان الدوري الإنجليزي، هذا الأسبوع.

وتساءل عن التوقيت، باعتبار أن صدور الكتاب الأبيض للحكومة البريطانية عن حوكمة كرة القدم، متوقع هذا الشهر. ويعتقد أن إثارة هذه القضية الآن تسمح للدوري الإنجليزي بتقديم دليل على أنه يتعامل بنفسه مع مسائل الحوكمة، ولا حاجة بالتالي إلى هيئة ضبط مستقلة.

ويرى مغواير أنه “من اللائق للدوري الإنجليزي أن يظهر أنه قادر على محاسبة أحد الأعضاء، والمساهمين في اللعبة. فقد دخلنا مجال جماعات الضغط والسياسة، وتزامن وقوع الأمرين ليس صدفة”.

وأضاف “هناك الكثير من الصراعات السياسية الخفية، وكرة القدم تستعمل أداة في هذه الصراعات. فقد مررنا بفترة تركت فيها كرة القدم تتولى سلطة ضبط نفسها بنفسها، وهذا ما أوصلنا إلى ما نحن فيه”.

ويقول محرر الشؤون الرياضية في بي بي سي، دان روان، إنه: “من السهل أن تتفهم لماذا يشتبه سيتي في توقيت إثارة القضية”.

“وإذا كان التوقيت مثيراً للشبهة، فإن عدد التهم الهائل يفسر لماذا استغرق الدوري الإنجليزي كل هذا الوقت ليعلن عنها”.

“ولكن الكثيرين يرون أن ربط هذه القضية بتأخير إنشاء هيئة ضبط مستقلة لا يستند على دليل قوي، لأن الفترة التي استغرقتها تحقيقات الدوري الإنجليزي تعزز الحاجة إلى هيئة الضبط المستقلة ولا تقلل من شأنها”.

“ولو أن الدوري الإنجليزي أراد أن يبعث برسالة إلى الحكومة مفادها بأنه قادر على تولي المهمة بنفسه، لفعل ذلك منذ مدة طويلة، قبل إعداد مشروع الهيئة المستقلة”.

ما هي خطورة الأمر؟

وربما كانت هذه أكبر فضيحة مالية في تاريخ كرة القدم الإنجليزية، حسب روان، الذي قال إنه “لم يحدث لأي ناد أن واجه هذا العدد الهائل من التهم”.

“وإذ ثبت الغش على النادي، فإن ذلك يضر بالقوة المهيمنة على الكرة الإنجليزية، وبالمالكين في أبو ظبي، وبمفهوم الأندية المملوكة للحكومات، وبفكرة التنافس الشريف في المنافسة برمتها”.

“وقد يخسر النادي مدرب الفريق الأول، بيب غوارديولا، الذي نبه، العام الماضي، إلى أنه سيغادر إذا تبين له أن النادي ضلله عندما نفى أن يكون انتهك القواعد.

“وقد تستمر هذه القضية في التطور لشهور طويلة، وتلقي بظلالها على الدوري الإنجليزي في الوقت نفسه”.

وقال مغواير: “إذا أدين مانشستر سيتي فإن أندية أخرى متهمة أيضاً، فهل سيجري لها ما جرى لسيتي؟”.

“بعض الأندية كانت تسعى إلى إدانة سيتي، فهل يؤدي هذا إلى حلقة مفرغة تتبادل فيها أندية الدوري الإنجليزي التهم فيما بينها”.

ما الذي قاله مانشستر سيتي؟

قالت إدارة سيتي إنها “تفاجأت” بالتهم، بسبب ما قدمته، على حد تعبيرها، من “تعاون واسع ومادة دقيقة ومفصلة” للدوري الإنجليزي.

وجاء في بيانها: “أن النادي يرحب بمراجعة هذه المسألة من قبل لجنة مستقلة، تنظر بحياد في الأدلة الدامغة التي تدعم موقفها”. “وعليه فإننا ننتظر بفارغ الصبر البت النهائي في هذا الأمر”.

ويبدو أن مانشستر سيتي واثق من صحة موقفه، بما في ذلك تهم الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، التي أبطلتها المحكمة الرياضية، فيمابعد. ويعتقد أنه قدم الأدلة بشأنها إلى الدوري الإنجليزي منذ مدة طويلة.

ما الذي سيحدث لمانشستر سيتي؟

أحال الدوري الإنجليزي قضية مانشستر سيتي إلى لجنة مستقلة تنظر في الانتهاكات.

وتجري اللجنة برئاسة موري روزن جلساتها بصفة سرية.

وحسب المحامي المتخصص في الرياضة، آشلي كوكيير، فإن الطعن في قرار اللجنة ممكن، ويتم أمام لجنة طعون في الدوري الإنجليزي. “وبعدها ستكون المسألة حسمت نهائيا”.

ما هي العقوبات الممكنة؟

إذا ثبتت إدانة مانشستر بانتهاك القواعد، فإن اللجنة بإمكانها تسليط عقوبة على النادي تتراوح بين الغرامة المالية وخصم النقاط إلى الاستبعاد من الدوري.

ويقول مغواير إن: “العقوبات الممكنة غير محدودة”.

“قد تتراوح من “لا تعد إلى هذا مرة أخرى”، أو غرامة مالية، أو خصم نقاط، أو تجريد مانشستر سيتي من الألقاب، أو حتى إلى طرده من الدوري الإنجليزي الممتاز”.

وفي 2011، أفلت نادي كوينز بارك رينجرز، من خصم النقاط، ولكنه تلقى غرامة قيمتها 875 ألف جنيه إسترليني، بعدما أدين بمخالفة قوانين انتقال اللاعبين. وتلقى ليستر سيتي وبورنموث غرامات مالية عند صعودهما إلى الدوري الانجليزي الممتاز، في 2013-2014، و2014-2015 على التوالي، بسبب مخالفة قواعد التنافس المالي العادل.

وتعرض نادي يوفنتوس الإيطالي الشهر الماضي إلى خصم 15 نقطة من رصيده، عقب تحقيقات في صفقاته في عمليات انتقال اللاعبين.

ويقول كوكيير: “لا أرى حدا للعقوبات التي يمكن أن تقررها اللجنة”. “الأمر يتعلق بالعقوبة التي تراها اللجنة مناسبة”.