موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

الإمارات: المحاكمة السرية للناشط أحمد منصور خشية من مزيد من افتضاح أبو ظبي دوليا

123

بعد احتجازه تعسفياً لأكثر من عام في الحبس الانفرادي دون السماح له بالاتصال بمحامٍ تم تقديم أحمد منصور الناشط الحقوقي الإماراتي الحائز على الجوائز للمحاكمة السرية في أبوظبي وذلك خشية من مزيد من الافتضاح الدولي للسجل الحقوقي الأسود للإمارات.

وأبرز المسؤول الإعلامي في الحملة الدولية للحرية بالإمارات جو أوديل في مقال نشره في صحيفة “ميدل ايست آي” البريطانية أنّ السلطات الإماراتية فرضت تعتيماً طوال فترة اعتقال منصور.

وفي اليوم التالي لإلقاء القبض عليه في مارس من العام الماضي، قالت وسائل الإعلام الرسمية الإماراتية تم احتجازه بسبب استخدام حسابه على وسائل التواصل الاجتماعي “لنشر معلومات كاذبة تضر بسمعة البلاد” و “نشر الكراهية والطائفية”.

وأشار أوديل إلى أنه ومنذ ذلك الحين ، لم يصدر أي تعليق رسمي على قضيته. هذه استراتيجية دائمة وطبيعية بشكل منتظم في تعامل السلطات الإماراتية مع منتقدي الحكومة.

ولفت إلى أنّ السلطات تأمل بهه الطريقة من أنَّ تمديد فترة احتجاز الناشطين قبل المحاكمة، يجبر العالم الخارجي ببساطة على نسيان القضايا، ويمكن إجراء المحاكمات اللاحقة في صمت وسرية، والحصول على أقل قدر من التدقيق العام قدر الإمكان.

على سبيل المثال، فقد اختفى ناصر بن غيث، الذي يقضي عقوبة بالسجن لمدة 10 سنوات بسبب تغريدات، لأشهر قبل المحاكمة؛ أما تيسير النجار، الذي حُكم عليه بالسجن ثلاث سنوات بتهمة ارتكاب جرائم إلكترونية، فقد احتُجز لأكثر من عام دون السماح له بالاتصال بمحامٍ.

وقد اختفى محمد الركن دون تفسير لمدة ثمانية أشهر قبل أن يتلقى حكماً بالسجن لمدة 10 سنوات إلى جانب 69 منتقدين آخرين للحكومة في عام 2013. وتستمر هذه القائمة.

ومنصور أُحتجز لأكثر من عام دون معلومات كافية عن أسباب وظروف اعتقاله، و”منصور” الموصوف في المجتمع الدولي بأنّه آخر من كان يستطيع التحدث عن حقوق الإنسان داخل الإمارات، ظل في الحبس الانفرادي دون السماح له بالاتصال بمحامٍ، ثم قُدّم للمحاكمة؛ ولا يعرف أحدٌ طبيعة التهم الموجهة إليه تحديدًا أو المحكمة التي تنظر قضيته، وما إذا كان يستطيع الاتصال بمحام أم لا.

ومع ذلك، ومنذ اعتقال منصور، فإن هذا الصمت المؤسسي طغى على آخر بقايا المجتمع المدني الإماراتي. خلال العام الماضي، كان هناك شيء من تعتيم المعلومات من داخل البلاد حول مسألة حقوق الإنسان. أسباب هذا واضحة. وقبل إلقاء القبض عليه العام الماضي، كان منصور حرفياً آخر شخص يتحدث علناً عن الموضوع في الإمارات.

ومنذ الانتفاضات العربية عام 2011، تم تصعيد القمع الحكومي ضد منتقدي الحكومة إلى الحد الذي أصبحت فيه الإمارات الآن واحدة من أعلى معدلات السجناء السياسيين مقارنة بعدد السكان من أي مكان آخر في العالم.

ويرى أوديل أنّ منصور وباعتباره آخر صوت معارض في الإمارات، أثبت باستمرار أنه مصدر حيوي للمعلومات للمنظمات غير الحكومية الدولية التي تسعى إلى الحصول على تقييم موثوق لحالة حقوق الإنسان في البلاد.

قدم بانتظام تحديثات عن أوضاع السجناء السياسيين الآخرين في الإمارات. ومن سوء الحظ أن آخر تغريدة له في 19 مارس / آذار 2017، أي قبل يوم من اعتقاله، دعت إلى إطلاق سراح الناشط الحقوقي الإماراتي أسامة النجار، المحتجز منذ أكثر من عام بعد انتهاء مدة عقوبته.

وتابع أوديل: من المفارقات المريرة، أن منصور، الذي تحدث عن العديد من المعتقلين في الإمارات، يجد نفسه الآن معزولاً، ولا يوجد أحد في داخل البلاد يتحدث نيابة عنه. بكل بساطة، كل من فعل ذلك إما في السجن أو في المنفى، قلق من قول أي شيء خوفا من سلامة أفراد العائلة في الوطن.

وهذا بالطبع هو السبب الذي دفع السلطات الإماراتية بالتحديد إلى احتجاز منصور. فمن خلال القيام بذلك تأمل السلطات في المحافظة على سمعتها بضمان حجب معلومات كاملة عن انتهاكات حقوق الإنسان داخل البلاد.

غير أنه من المفارقات أن هذا جاء مع وجود مخاطر على حملة العلاقات العامة التي تقودها أبوظبي التي تحرص للحفاظ على صورة الدولة كمنارة للتسامح الليبرالي على المسرح العالمي؛ ما يجعل اعتقاله مؤثراً كبيراً عليها.

ومنذ احتجازه لفترة وجيزة كجزء من ” الإماراتيين الخمسة” في عام 2011، قامت الحكومة بمضايقة منصور بشدة، وإخضاعه للمراقبة المستمرة وحظر السفر.

ويرجع هذا إلى حد كبير لأن بروزه العالمي قد ارتفع بسرعة في السنوات التي أعقبت اعتقاله الأولى. وأصبح مستشاراً في مجلس هيومن رايتس ووتش ومركز الخليج لحقوق الإنسان، وكان منصور حصل على مكانة ذات مصداقية في المجتمع الحقوقي وليس أدل على ذلك حصوله في عام 2015 على جائزة مارتن إينالز المرموقة للمدافعين عن حقوق الإنسان، والتي تهدف لتوفير “ضغط لحماية” لناشطين الذين يعملون في البلدان الخطرة.

كان ملفه الشخصي يرتفع أكثر في عام 2016 ، بعد أن تم الكشف عن أن السلطات الإماراتية اخترقت هاتفه iPhone باستخدام تقنية التجسس الإسرائيلية.

ارتفع الملف الشخصي لأحمد منصور في 2016 بعد اكتشافه أنّ السلطات الإماراتية اخترقت هاتفه iPhone، باستخدام تقنيات تجسس «إسرائيلية»، وبحسب ما ورد دفعت حكومة الإمارات العربية المتحدة مليون دولار مقابل البرنامج، مما دفع وسائل الإعلام الدولية إلى تصوير منصور ” معارض المليون دولار “. كانت التغطية واسعة الانتشار لدرجة أن آبل كانت مجبرة على إصدار تحديث خاص للحماية من هجمات مماثلة في المستقبل.

ومن وجهة نظر السلطات فاحتجاز أحمد كان مقامرة يمكن أن تأتي بنتائج عكسية تمامًا. ومع ذلك ، ففي حقبة تزايد النزعة الشعبوية والقومية، برئاسة ترامب من جهة، وبريطانيا البريطانية التي كانت حريصة على عقد صفقات تجارية مع الأنظمة القمعية من جهة أخرى، ربما شعر النظام الإماراتي بالجرأة لكي يذهب أخيراً لاعتقال منصور. .

وأضاف أوديل أنّ من المحزن أن المقامرة بدت على ما يبدو مثمرة بالنسبة للسلطات حتى الآن. فعلى الرغم من إدانة الأمم المتحدة لاحتجازه المستمر، لا يوجد أي تدخل جوهري في قضية منصور على المستوى الدولي. بمعنى أوسع، ربما يكون هذا دليلاً على السخرية العامة في قلب الديمقراطية الليبرالية الغربية عندما يتعلق الأمر بقدسية القانون الدولي الإنساني والتحكيم في الأمم المتحدة بشكل أعم.

ويعتقد أوديل أنه وفي بعض النواحي، تمت تصفية هذا الأمر حتى في وسائل الإعلام. فعلى الرغم من مكانته الرفيعة داخل المجتمع الدولي لحقوق الإنسان، إلا أن قضية منصور لم تلق سوى تغطية قليلة نسبياً في الصحافة الغربية. وحتى الآن، لم تتحقق “ضغوط الحماية” التي كان يجب أن تحميه في مثل هذه الحالات.

وتابع أوديل بالقول: يبدو أن حالات مثل قضية منصور تنسى في سياق ما بعد الربيع العربي. من منظور وسائل الإعلام، فُقد السرد الذي أعطى نضالاتهم معنى أوسع. وعلى نحو مأساوي، إذا نظرنا إلى العزلة التي يعيشها منصور، تشير إلى أنّ صراع مثل نضال منصور تعرض للخطر بسبب استمرار الصمت، في وقت لم تكن فيه المنطقة أبداً مكاناً أكثر خطورة لنشطاء حقوق الإنسان مثل هذه المرحلة.

ولفت إلى أنّ  هذا التقييم الكئيب لا يحكي القصة كاملة. منذ اعتقال منصور في العام الماضي، عشرات من المنظمات غير الحكومية والشخصيات العامة رفعت صوتها، بما في ذلك نعوم تشومسكي والنائب البريطاني كارولين لوكاس، وذلك دعما منهم لنضالات “منصور”، وقد ظهر دعمهم من خلال موجة من النشاط الشعبي.

فعلى سبيل المثال وبشكل مثير للدهشة، في الأسبوع الماضي، كُشف أن النشطاء في مانشستر كانوا يضغطون على مجلسهم ليكون لهم شارع يسمي باسمه. في مدينة حصلت على مليارات الجنيهات من الاستثمارات الإماراتية خاصة مدينة “مانشستر”.  تهدف حملة “أحمد منصور ستريت” إلى رفع الوعي حول انتهاكات حقوق الإنسان في دولة الإمارات العربية المتحدة.

وعلق الكاتب على ذلك بأن “الطاولة بدأت تتحول وتنقلب على الإمارات، يجب أن يستمر هذا المستوى من النشاط. لن يرغب السلطات الإماراتية في شيء أفضل من أن العالم لم ينس ببساطة أحمد منصور والدعوات المرتبطة بإجراء إصلاحات ديمقراطية في البلاد”.

ويقول أوديل إنّ منصور يمثل آمال وتطلعات جميع الذين يناضلون ضد ثقل الحكومات القمعية في جميع أنحاء المنطقة. إن تجاهل محنته سيكون خيانة كبيرة لمبادئ ومُثل الثورات العربية لعام 2011.

واختتم بالقول: “عشية محاكمته، يجب على الناشطين والحكومات في جميع أنحاء العالم اتخاذ موقف لضمان احترام حقوق منصور وتأييدها”.