موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

الإمارات وتدوير السلاح الصيني… خط إمداد واحد يغذي ميليشيات غزة والسودان واليمن وليبيا

519

يتكشف الدور العدواني الذي تلعبه دولة الإمارات في تحويل مناطق النزاع في الشرق الأوسط وأفريقيا إلى ساحات مفتوحة لتجريب وتدوير السلاح الصيني الرخيص، وفي قلب هذه المنظومة تبرز البندقية الصينية Type-81 التي أصبحت علامة فارقة في يد الميليشيات المتحالفة مع أبوظبي.

فالسلاح ذاته الذي ظهر في جنوب قطاع غزة بحوزة ميليشيات مدعومة من إسرائيل هو نفسه الذي انتشر في أيدي قوات الدعم السريع في السودان، وفي تشكيلات مسلحة موالية للإمارات في اليمن وليبيا.

ويعكس ذلك شبكة تمتد من مصانع شركة Norinco الصينية إلى ميليشيات تتلقى دعماً مادياً ولوجستياً من أبوظبي، بما يجعل الإمارات واحدة من أبرز بوابات تهريب السلاح الصيني إلى عمق ساحات الحروب العربية.

ويحمل ظهور بندقية Type-81 في غزة مع عناصر من ميليشيات مدعومة من إسرائيل دلالة حساسة، فالبندقية التي تجمع بين تصميم الكلاشنكوف وخصائص بندقية SKS لم تكن يومًا من الأسلحة المنتشرة في القطاع، بل تدخل للمرة الأولى ضمن سياق تسليح ميليشوي لا يرتبط بفصائل المقاومة التقليدية.

وأكدت مصادر محلية في جنوب غزة أن هذا النوع من السلاح وصل بكميات لافتة إلى مليشيات ياسر أبو شباب، وهي تشكيلات متهمة بالتعاون مع الاحتلال وتنفيذ مهام أمنية تحت إشرافه.

ووفق خبراء عسكريين، فإن دخول سلاح بهذا الحجم إلى منطقة محاصرة مثل غزة لا يتم عبر تهريب عشوائي، بل عبر جهة إقليمية تمتلك شبكة وصول معقدة وقنوات نقل غير مرئية، ما يجعل الاتهام موجهاً مباشرة للإمارات التي اعتمدت النمط ذاته في ساحات أخرى.

وفي السودان، لم يعد خافيًا أن ميليشيا الدعم السريع تلقت خلال السنوات الماضية تدفقًا واسعًا من السلاح الصيني، بدءًا من العربات التكتيكية والأسلحة الآلية والمسيّرات، وصولًا إلى الصواريخ المضادة للدروع وأنظمة التشويش والدفاعات المحمولة على الكتف.

وأظهرت تقارير أممية وشهادات من مسؤولين سودانيين مرارًا إلى أن الإمارات كانت مركز العبور الرئيسي لهذه المعدات.

وللمفارقة، البندقية Type-81 كانت ضمن الأسلحة التي رُصدت في معارك الخرطوم ودارفور، وهو ما يؤكد أن الخط اللوجستي الذي يغذي أبو شباب في غزة هو نفسه الذي يغذي الدعم السريع في قلب الصراع السوداني.

أما في اليمن، فقد اعتمدت الإمارات على النهج ذاته عندما قامت بتسليح قوات الحزام الأمني ونخبة شبوة وألوية الساحل الغربي بأسلحة صينية وروسية متنوعة، فضلًا عن المسيّرات الهجومية التي صنعت تحولًا خطيرًا في مسار الحرب.

وقد حدث الأمر نفسه في ليبيا عندما وجّهت شحنات ضخمة من العتاد الصيني إلى قوات خليفة حفتر، مما دفع الأمم المتحدة إلى فتح تحقيقات واسعة في شبكات السلاح التي تنطلق من أبوظبي نحو الساحل الليبي.

وفي كل هذه الساحات، ظهرت الأسلحة الصينية كمكوّن رئيسي في ترسانة الميليشيات التي تعتمد عليها الإمارات لإعادة تشكيل موازين القوى بما يخدم مصالحها الإقليمية.

والسؤال الأبرز هو: لماذا تلجأ الإمارات إلى السلاح الصيني تحديدًا رغم امتلاكها ترسانة ضخمة من الأسلحة الأميركية والإسرائيلية؟ الإجابة تكمن في معادلة دقيقة تجمع بين الاقتصاد والسياسة والأمن.

فالسلاح الصيني رخيص الثمن مقارنة بالسوق العالمي، ولا يفرض قيودًا قانونية أو سياسية على بيعه. الصين لا تبالي بمن يستخدم السلاح بعد بيعه، ولا تشترط ضمانات حقوقية أو تتبعًا لوجهته النهائية، بعكس الولايات المتحدة وإسرائيل اللتين لا تستطيعان بيع سلاح يمكن أن يظهر لاحقًا في يد ميليشيات متورطة في جرائم حرب.

كما تخشى واشنطن وتل أبيب من سقوط معداتها الحساسة – مثل المسيّرات وأنظمة التوجيه – في يد الصين أو إيران أو روسيا، ولذلك تستبعد تمامًا إمكانية نقل هذا النوع من الأسلحة إلى وكلاء الإمارات على الأرض.

وهذا ما يجعل السلاح الصيني الخيار المثالي. فهو يمنح الإمارات القدرة على إدارة حروب بالوكالة دون ترك بصمات واضحة، ويتيح لها التأثير على مسار الصراعات من خلف الستار، سواء في غزة أو الخرطوم أو عدن أو بنغازي.

وحتى عندما تمتلك الإمارات القدرة على تزويد هذه الميليشيات بسلاح غربي، فهي تتجنب ذلك تمامًا، لأن أي ظهور لسلاح أميركي أو إسرائيلي في يد مجموعات أبوظبي في غزة أو السودان سيكشف الدور الأميركي والإسرائيلي المباشر في تغذية هذه الحروب، وهو ما تحرص الأطراف الثلاثة على تجنبه.

أما عن كيفية حصول الإمارات على هذا الكم الهائل من السلاح الصيني، فالعلاقة العسكرية بين أبوظبي وبكين أصبحت خلال العقد الأخير واحدة من أكبر العلاقات الدفاعية في المنطقة.

فالإمارات اشترت طائرات مسيّرة من طراز Wing Loong، وأنظمة مراقبة، ورادارات، وذخائر متنوعة، فضلًا عن صفقات تشمل الأسلحة الخفيفة والآليات المدرعة. هذا التدفق الواسع خلق مخزونًا يمكن إعادة توزيعه بسهولة على الميليشيات التي تعمل لصالح أبوظبي في عدة جبهات.

وإن ظهور بندقية Type-81 في قطاع غزة مع عناصر تابعة لإسرائيل هو حلقة جديدة في سلسلة طويلة تكشف كيف تحولت الإمارات إلى أحد أكبر موردي السلاح غير الشرعي في المنطقة، مستخدمة الصين كواجهة مريحة وكمصدر لا يطرح أسئلة.

فالسلاح نفسه الذي ينتشر في غزة يطل برأسه في دارفور، وفي شبوة، وفي الجفرة، وفي كل ساحة قررت فيها أبوظبي أن تصنع نفوذًا باستخدام المال والسلاح بدلًا من السياسة.

ويؤكد مراقبون أن هذه المنظومة التي تربط بين بكين وأبوظبي والميليشيات عبر ثلاث قارات ليست مجرد تجارة سلاح، بل مشروع نفوذ طويل الأمد يزرع الفوضى ويعمّق الحروب ويعيد تشكيل خرائط الصراع وفق مصالح دولة قررت أن تلعب خارج حدودها بلا قيود أخلاقية أو سياسية، وبغطاء صيني يوفر لها القدرة على التمويه والمناورة دون أن تتحمل ثمن الدماء التي تسيل بسبب أسلحتها.