موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

السويداء للبيع: مؤامرة إماراتية إسرائيلية لصناعة جيب طائفي موالٍ لتل أبيب

1٬692

في الجنوب السوري، وتحديدًا في محافظة السويداء، لا يبدو أن التوترات الأخيرة مجرد اضطرابات أهلية أو تصعيد داخلي عابر، إذ أن ما تكشفه المعطيات الميدانية والتسريبات الدبلوماسية والإعلامية، يؤكد أن ما يجري هناك هو تنفيذ دقيق لخطة إسرائيلية-إماراتية قديمة: تحويل الجبل الدرزي إلى جيب طائفي معزول، قابل للانفصال، وتابع بشكل غير معلن لمحور أبو ظبي – تل أبيب.

في قلب هذا المخطط يقف الشيخ حكمت الهجري، الزعيم الروحي الأبرز للطائفة الدرزية، الذي تحوّل في الأسابيع الأخيرة إلى واجهة مشروع سياسي-أمني مدعوم من الإمارات، بعد أن أطلق نداءً غريبًا من نوعه: “نرجو تدخل ترامب ونتنياهو لحمايتنا.”

نداء كهذا لا يمكن أن يصدر عن فراغ، بل هو تعبير عن ارتهان كامل لرؤية جيوسياسية يتم تسويقها داخل الجبل منذ سنوات.

من الشيخ موفق إلى حكمت الهجري: مسار التطويع

المؤشرات الأولى على المشروع الإماراتي في السويداء بدأت منذ سنوات، مع زيارة الشيخ موفق طريف – الزعيم الدرزي في الداخل الفلسطيني – إلى أبوظبي مرتين، حيث جرى تقديمه كوسيط موثوق لتأمين العلاقة بين مشيخة العقل في الجبل ودوائر القرار الإماراتية.

طريف بدوره نسّق مع الموساد الإسرائيلي، الذي لطالما اعتبر الدروز في سوريا امتدادًا أمنيًا محتملاً.

وبعد ذلك، فتح شخبوط بن نهيان، المسؤول الإماراتي عن الملف السوري، قنوات مباشرة مع الشيخ حكمت الهجري منذ اللحظة الأولى لانهيار سيطرة النظام السوري على الجنوب. العروض كانت واضحة:

تمويل سخي، بنية تحتية، دعم إعلامي، ووعود باستقلال ذاتي غير معلن، مقابل الولاء الكامل لأبو ظبي وقطع أي صلة مع دمشق أو المعارضة الوطنية أو أنقرة.

هذا التموضع لا يمثل دعما لحقوق الدروز أو تعزيزًا للتعددية، بل يرسخ هدفًا استراتيجيًا إماراتيًا قديمًا: تقسيم سوريا إلى كانتونات طائفية يسهل التحكم بها، وتوظيفها كورقة ضغط سياسي وأمني في الإقليم.

إشعال فتنة يوليو 2025: نار بأيدٍ خارجية

رغم عدم وجود دلائل قاطعة على ضلوع أبو ظبي المباشر في إشعال الاشتباكات الدموية التي اندلعت في يوليو 2025، إلا أن السياق السياسي والتمويل والتجييش الإعلامي يشير إلى مسؤولية غير مباشرة على الأقل.

فقد أكدت مصادر محلية أن جزءاً كبيراً من الأسلحة المتداولة بين المسلحين الدروز جرى تهريبها من الجولان المحتل عبر قنوات خفية تديرها إسرائيل، بغطاء إماراتي لوجستي.

وقد أبلغ سكان محليون أن مسلحين دروز قدموا من داخل الأراضي المحتلة انخرطوا في الاشتباكات الأخيرة، ما يربط هذا التصعيد مجددًا بمحور تل أبيب – أبو ظبي.

لماذا الآن؟ ما الذي تخشاه الإمارات؟

تتزامن هذه الفوضى مع محاولات سورية حثيثة للخروج من نفق ما بعد الأسد. وبدلاً من دعم وحدة البلاد أو مشاريع إعادة البناء، تظهر الإمارات كواحدة من أكثر القوى الخارجية سعيًا لإبقاء سوريا مجزّأة، غارقة في هويات متناحرة ومشاريع حكم ذاتي تخدم النفوذ الخارجي.

المطلعون على نوايا أبو ظبي يرون أن الهدف الرئيسي من هذا المخطط هو إجهاض أي إمكانية لتأسيس نظام وطني سوري مستقل، يكون معاديًا للتطبيع، ومتعاطفًا مع قوى المقاومة، ورافضًا للهيمنة الخليجية-الصهيونية.

كما أن الإمارات، التي تحاول بناء نفوذ عبر وكلاء محليين في اليمن وليبيا والسودان، ترى في السويداء فرصة مشابهة: تكوين ميليشيا محلية، برعاية دينية-طائفية، تمثل واجهة ناعمة لمصالحها الصلبة.

وفي الشهر الماضي، التهمت حرائق غامضة مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في السويداء، وسط صمت الأجهزة المحلية وعجز الدفاع المدني.

غير أن السكان المحليين اتهموا الميليشيات المدعومة خارجيًا بتعمد إشعال تلك الحرائق، ضمن استراتيجية حرب اقتصادية ونفسية ضد المجتمعات الرافضة للانخراط في المشروع الانفصالي.

تمويل وتسليح وتجنيد.. من يدير المشهد؟

وفقًا لمصادر خاصة فإن الإمارات لا تكتفي بالتمويل والدعم الإعلامي، بل تشرف فعليًا على تدريب وتسليح شبكات محلية داخل السويداء، وتزويدها بمعدات اتصالات وأموال تُدفع للمجندين الجدد. وقد باتت هذه الشبكات بمثابة قوة موازية للجيش السوري، لكنها لا تخضع لأوامر دمشق، بل لأبو ظبي وتل أبيب.

هذا الواقع الجديد يعكس خطورة المشروع الذي يجري تنفيذه بهدوء، بعيدًا عن الأضواء، لكن بعواقب قد تزعزع ما تبقى من وحدة سوريا الجغرافية والاجتماعية.

الاستبدال بالخيانة: مشروع ما بعد الأسد

ما تحاول الإمارات فعله في السويداء ليس دعمًا لمظلومين أو نصرةً لقضية، بل هو استبدال ديكتاتورية الأسد بانقسام أشد فتكًا: مشاريع انفصال طائفية مرتبطة بالخارج.

وإذا نجح هذا النموذج في السويداء، فقد يُعاد إنتاجه في إدلب أو دير الزور أو حتى دمشق.

وإن ما يجري اليوم في السويداء هو نذير خطر، ليس فقط على مستقبل سوريا، بل على المنطقة برمّتها. مؤامرة تقودها الإمارات وإسرائيل لتفكيك ما تبقى من المجتمعات الهشة، عبر الميليشيات الطائفية والمال السياسي والتدخل الأمني الخارجي.

ولعل أخطر ما فيها هو محاولة تسويق الاحتلال المقنّع على أنه “حماية”، والانقسام على أنه “حكم ذاتي”، والارتهان لتل أبيب على أنه “استقلال”.

المطلوب اليوم وقفة وطنية سورية حقيقية، ترفض كل أشكال الوصاية الطائفية والهيمنة الخارجية – سواء أتت من موسكو أو طهران أو أبو ظبي أو تل أبيب. فمستقبل سوريا لا يُصنع في مكاتب أبوظبي ولا يُرسم في دهاليز الموساد.