موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

الإمارات وشبكات الشركات الأمنية: منظومة تورط متنامية في الصراعات الأهلية

577

تتصاعد الاتهامات الدولية والإقليمية حول الدور المتزايد الذي تقوم به الشركات الأمنية الخاصة في الإمارات داخل مناطق النزاع، وارتباط بعضها بعمليات تجنيد ونقل مرتزقة إلى ساحات القتال، خصوصًا في السودان وليبيا واليمن.

وقد باتت هذه المنظومة التي تعمل عبر واجهات قانونية وتجارية معقدة، محورًا رئيسيًا في فهم الطريقة التي توسّع بها أبوظبي نفوذها العسكري خارج الحدود.

وكشفت تقارير إعلامية عربية وأجنبية دلائل على تورّط شخصيات إماراتية في إدارة شبكات تجنيد وتأمين لوجستي مرتبطة بشركات أمنية، على رأسهم محمد حمدان الزعابي مالك شركة أمنية خاصة مرتبطة باسم “غلوبال سيكيورتي سيرفيسز (GSSG)”.

ويعد الزعابي أحد العقول المدبّرة لعمليات تجنيد ونقل عناصر أمنية أو مرتزقة من دول عدة، بينها كولومبيا ودول أفريقية، إلى مناطق نزاع مثل السودان، لصالح أطراف مسلحة غير حكومية.

الشركات الأمنية في الإمارات… توسع بلا قيود

منذ 2010، بدأت أبوظبي في بناء منظومة كبيرة من الشركات الأمنية الخاصة، بعضها مسجّلة داخل الإمارات، وأخرى مسجّلة في الخارج لكن تعمل بتمويل إماراتي غير مباشر.

وتقدم هذه الشركات خدمات تشمل: تدريب قوات خاصة وحماية منشآت ونقل معدات وتجنيد مقاتلين سابقين وإدارة عمليات لوجستية في مناطق خطرة، غير أنّ عدداً منها متهم اليوم، بحسب تقارير غربية، بالتحول إلى أذرع موازية للأجهزة الرسمية، تعمل في مناطق لا ترغب الدولة في الظهور فيها بشكل مباشر.

في السودان، على سبيل المثال، ظهرت عشرات التقارير خلال 2023–2024 تتحدث عن شبكات تموين غير رسمية تعمل عبر تشاد وأفريقيا الوسطى، يُشتبه بأن الشركات الأمنية الإماراتية لعبت دورًا فيها، سواء في توفير خطوط النقل أو التعاقد مع مجموعات غير حكومية.

لماذا تلجأ الإمارات لهذه الشركات؟

  1. الإنكار الرسمي

استخدام الشركات الأمنية يتيح للدول مساحات واسعة من الإنكار (“plausible deniability”)، بحيث لا تُحمَّل الحكومة رسميًا مسؤولية عمليات عسكرية أو لوجستية في مناطق النزاع.

  1. بناء نفوذ عبر قادة الميليشيات

تسمح الشركات الأمنية بالتواصل مع أطراف محلية خارج الدولة، ما يمنح الإمارات علاقة مباشرة مع قادة ميليشيات، بعيدًا عن الدبلوماسية التقليدية.

  1. السيطرة على مناطق الموارد

من ليبيا إلى السودان، تتداخل هذه الشركات مع مناطق غنية بالذهب والنفط والموانئ، وهو ما يفتح الباب أمام نفوذ اقتصادي وعسكري متشابك.

  1. تدوير مقاتلين سابقين في صراعات جديدة

دول مثل كولومبيا كانت على مدى عقود مصدرًا رئيسيًا للمقاتلين الذين يعملون لاحقًا ضمن الشركات الأمنية الخاصة. وتؤكد تقارير غربية أن المقاتلين الكولومبيين كانوا جزءًا من شبكات تدار بتمويل خليجي، من ضمنها تمويل إماراتي.

السودان… المسرح الأكبر

الاتهامات الموجهة للشركات الأمنية الإماراتية في السودان لا تأتي من مصادر إعلامية فحسب، بل وردت إشارات لها في: تصريحات رسمية من الجيش السوداني وتحقيقات صحفية في وول ستريت جورنال وتقارير لوكالات استخبارات غربية وبيانات، بعضها غير مباشر، من لجنة العقوبات في مجلس الأمن.

وتشير هذه المصادر إلى أنّ الشركات الأمنية الإماراتية لعبت دورًا في تقديم دعم لوجستي لقوات الدعم السريع وإدارة شبكات شحن ونقل عبر تشاد وتقديم خدمات تدريب أو معدات عبر وسطاء إلى جانب بيع مسيّرات أو معدات مراقبة بطريقة التفافية.

ضمن هذا المشهد العام، يظهر اسم “محمد حمدان الزعابي” كأحد الشخصيات التي ثبت تورطها بلعب دور مركزي في تشغيل أو تمويل شركات أمنية مرتبطة بشبكات التجنيد الخارجي.

ويشمل ذلك التعاقد مع مقاتلين سابقين من أمريكا اللاتينية وإدارة صفقات لوجستية مرتبطة بنقل أفراد إلى مناطق النزاع وتوفير غطاء تجاري لشبكات عابرة للحدود، فيما تؤكد عدة منصات رقابية أن دوره – وفق المادة المتداولة – كان ذا أهمية خاصة في ما يتعلق بملف السودان تحديدًا.

بالإجمال بات واضحًا أن الإمارات لا تعتمد فقط على الدبلوماسية أو القوة المالية في توسيع نفوذها، بل تعتمد أيضًا على شركات أمنية وشبكات تمويل خارجية وصفقات لوجستية وشخصيات نافذة مثل الزعابي وغيره.

ويؤكد مراقبون أن هذه المنظومة اليوم تُعدّ أحد أسباب استمرار النزاعات، لأنها تضيف بُعدًا دوليًا للحروب الداخلية، وتحوّلها إلى صراعات مسرحية تُدار من الخارج.