موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

بينما تُصدم العالم بالفظائع في الفاشر.. بصمات الإمارات تبرز في انهيار السودان

657

في الوقت الذي يتعرض فيه سكان مدينة الفاشر في شمال دارفور لموجة من الفظائع والمجازر التي وثقتها منظمات حقوقية وصورت بالميديا، تحاول دولة الإمارات رسم صورة التزام بالحياد والتخفيف من مسؤوليتها.

لكن الأدلة المتراكمة — من تقارير أممية وتحقيقات صحفية وإفادات دبلوماسيين — تشير إلى دور اقتصادي وسياسي عزز صعود ميليشيا قوات الدعم السريع وساعد في تجذّرها داخل المشهد السوداني.

وقد اعترف دبلوماسي إماراتي بارز هذا الأسبوع بأن دعم بعض الخيارات السياسية تجاه السودان كان «خطأً»، في إقرار نادر من مسؤول رسمي يعكس ضغطًا دوليًا متصاعدًا على أبوظبي.

ومع ذلك، جاء هذا الاعتراف بعد وقوع مجازر جماعية ارتكبتها قوات الدعم السريع في دارفور، وهو ما يثير تساؤلات حول إن كانت هذه «الرجعة» تهدف لإدارة الضرر فقط أم مؤشر على مراجعة حقيقية للسياسات.

ومنذ الإطاحة بنظام البشير في 2019، اتُّهمت الإمارات بدعم قوى عسكرية وسياسية في الخرطوم سعت إلى تقويض الانتقال الديمقراطي.

وقد تبيّن تقارير الأمم المتحدة أن صادرات السلاح والتحركات المالية المرتبطة بأطراف إماراتية ساهمت في تمكين فصائل مسلحة، بينما وثّقت منظمات حقوقية وجود معدات قتالية وصلَت إلى ساحات القتال في السودان، ما ينقض تصريحات النأي بالنفس التي تصدرها أبوظبي.

ولا يمكن فهم تموضع الإمارات من دون النظر إلى أبعادها الاقتصادية: تجارة الذهب.

إذ تظهر بيانات رسمية وتحقيقات صحفية أن نسبة هائلة من صادرات الذهب السوداني الرسمية تُوجّه إلى الإمارات، بينما تُشير تحقيقات إضافية إلى شبكات تهريب تربط مبيعات غير رسمية بعواصم خليجية، ما أتاح مصادر تمويل بديلة للمجاميع المسلحة، وعلى رأسها قوات الدعم السريع.

ويضع هذا الربط بين المصالح الاقتصادية والدعم الميداني أبوظبي في قلب النقاش حول أسباب استمرار الأزمة وتصدُّع الدولة السودانية.

,مع تزايد الغضب الدولي إزاء الأحداث في الفاشر ومدن دارفور الأخرى، لجأت الخرطوم إلى منصات قضائية ودبلوماسية للضغط على الجهات المتورطة.

وفي وقت سابق من العام رفعت السودان قضية إلى محكمة العدل الدولية تتهم الإمارات بالمساهمة في جرائم تصل إلى مستوى الإبادة الجماعية عبر دعمها لقوات تتحمل مسؤولية ارتكاب انتهاكات واسعة. أبوظبي تنفي المزاعم وتصف بعضها بأنه محاولات لتسييس الأزمة، لكن الملف ما زال أمام هيئات دولية تطالب بتحقيق شفاف ومستقل.

لكن المشهد الدولي تغيّر هذا العام: الولايات المتحدة ومنظمات حقوقية وصفت أعمال قوات الدعم السريع بأنها ترتقي إلى جرائم ضد الإنسانية، بينما طالبت جمعيات أوروبية والأمم المتحدة بتحقيقات فورية ومحاسبة للمسؤولين.

وأمام هذه الضغوط، أعلنت الإمارات مبادرات إنسانية ومساهمات مالية، لكنها حتى الآن لم تقدّم تعاونًا كافيًا مع مراقبي الأسلحة الأمميين ولا أغلقت القنوات المالية التي تربطها بأفراد وشركات مرتبطة بالقوات المتهمة. هذه الفجوة بين الخطاب والوقائع تعمّق الشكوك حول نوايا أبوظبي الحقيقية.

,تطالب منظمات حقوق الإنسان والفاعلون المدنيون في السودان والعالم بضرورة الشفافية: نشر قوائم المعاملات المالية، إتاحة الوصول للمراقبين الدوليين لسوق الذهب، والتحقيق العاجل في شحنات الأسلحة والوسائل اللوجستية.

كما يطالب ناشطون وأنصار الانتقال الديمقراطي بوقف أي دعم خارجي قد يُمكّن ميليشيات من تعميق سيطرتها على الأرض. السؤال الذي يطرح نفسه: هل ستختار الإمارات طريق المساءلة والشفافية أم الاستمرار في سياسات خلف الأبواب المغلقة لحماية مصالحها؟

الأمر الأهم، كما يؤكّد ناشطون سودانيون، أن يقرر الشعب السوداني مصيره بعيدًا عن تدخلات الخارج أو اتفاقات سرية تقرّب مصالح دول أو شركات من آلام الشعب. إنجاز العدالة والمساءلة يبدأ بتحقيق دولي مستقل يكشف الروابط المالية والعسكرية، ويضع ضوابط حقيقية أمام انتشار الميليشيات.

وإذا كانت الإمارات تسعى فعلاً لإعادة بناء صورتها الدولية، فهذا يتطلب أكثر من اعتراف لفظي — يتطلب إجراءات حاسمة وشفافة تعيد الحقوق والكرامة لأهالي دارفور وتكشف كل أماكن النفوذ والخبرة المالية التي غذّت الأزمة.