موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

الإمارات راعية دعم الإرهاب والقاعدة في اليمن

217

فرضت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب العام الماضي عقوبات على أمير حرب إسلامي يمني ذي نفوذ يُدعى أبو العباس، متهمة إياه بأنه “مدرب عسكري بارز” ومسؤول عن جمع تبرعات لتمويل تنظيم القاعدة، عمل أيضاً في فترةٍ ما مع تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وموَّل مُسلحيه.

ومع ذلك، لم يحاول أبو العباس الهرب لتجنَّب إلقاء القبض عليه، بل إنَّه لا يختبئ حتى.

وبحسب صحيفة (واشنطن بوست) الأميركية لا يزال أبو العباس، باعترافه شخصياً، يتلقى أسلحة بملايين الدولارات ودعماً مالياً لمقاتليه من أحد أقرب حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط، وهي دولة الإمارات، مما يقوض أهداف الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب في اليمن.

وتقود الإمارات مع المملكة العربية السعودية، تحالفاً إقليمياً يواصل شن حرباً باليمن على الرغم من تفاقم الأزمة الإنسانية هناك.

يكمن الهدف الرئيسي لهذا التحالف في هزيمة المتمردين اليمنيين في الشمال المعروفين باسم “الحوثيين” وإعادة الحكومة المُطاح بها إلى السلطة في اليمن.

وتساعد الولايات المتحدة ذلك التحالف العربي من خلال جمع معلومات استخباراتية وتوفير خدمات الدعم اللوجيستي وبيع أسلحة ومعدات بمليارات الدولارات، من ضمنها مركبات مُدرَّعة مضادة للألغام وصلت في نهاية المطاف إلى أيدي أبو العباس، وذلك وفقاً لواحد من كبار مساعدي أمير الحرب وصور متاحة للعامة على شبكة الإنترنت.

وقال أبو العباس (47 عاماً) في مقابلة نادرة أجراها هذا الشهر ديسمبر/كانون الأول داخل منزل شديد الحراسة في مدينة عدن الجنوبية: “لا يزال التحالف يدعمني. فإذا كنت إرهابياً حقاً، لكانوا ألقوا القبض عليَّ وخضعت للاستجواب”.

وبقدر ما يدعم التحالف الإماراتي السعودي المتطرفين المشتبه بهم، يكون بذلك يعمل ضد الجهود الأميركية لنزع فتيل  التهديدات العالمية القادمة من جنوب اليمن، حيث تخوض إدارة ترامب صراعاً منفصلاً ضد فرع تنظيم القاعدة في اليمن وفرع حديث العهد لتنظيم داعش.

استهدف فرع تنظيم القاعدة باليمن الولايات المتحدة عدة مرات، ويعتبره مسؤولون أميركيون الذراع الأخطر للشبكة الإرهابية، بحسب الصحيفة الأميركية.

وتؤكد قضية أبو العباس التحالفات الخرقاء والشراكات الشاذة التي تخيم على جميع الأطراف في حرب اليمن المستمرة منذ أربعة أعوام. إذ تحوَّل ألد الأعداء إلى حلفاء.

وحارب الانفصاليون جنباً إلى جنب مع أولئك الذين يسعون إلى دولة يمنية موحدة. وأصبح الاشتراكيون في المعسكر نفسه مع الإسلاميين، الذين ينتمون أنفسهم إلى خلفيات إيديولوجية مختلفة.

وتعمق الانقسامات على نحو متزايد الصراعات الفرعية، التي تشتد جراء الخصومات القبلية والطموحات السياسية والسعي من أجل كسب النفوذ. وفي مثل هذا المشهد المتشابك المُقسَّم، تتصادم الأولويات التي قادت إلى الحرب الأولية ضد المسلحين الحوثيين مع أولويات الحرب الأميركية ضد المتطرفين الإسلاميين.

أميركا على علم بتسليحه

وقالت ريبيكا ريبريتش المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأميركية، في إشارة إلى تسليح وتمويل التحالف العربي لأبو العباس، “نحن على دراية بهذه التقارير ونسعى للحصول على معلومات إضافية”.

جدير بالذكر أنَّ اسم أبو العباس هو الاسم الحركي المعروف به في الحرب اليمنية، بينما اسمه الحقيقي، كما جاء في قائمة العقوبات الأميركية، هو عادل عبده فاري عثمان الذهباني.

وتسببت الأسلحة الأميركية، التي بيعت إلى قوات التحالف في مقتل وإصابة الآلاف المدنيين اليمنيين. دفعت أعداد الضحايا وتحذيرات من مجاعة وشيكة إلى تصويت مجلس الشيوخ الأميركي مؤخراً لصالح مشروع قانون لإنهاء الدعم العسكري الأميركي لقوات التحالف.

كذلك، حمَّل مجلس الشيوخ أيضاً ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، المسؤولية عن جريمة قتل جمال خاشقجي، الصحافي السعودي الذي كان يكتب في صحيفة واشنطن بوست الأميركية والذي أثار مقتله في أكتوبر/تشرين الأول مزيداً من التدقيق في سلوك وإجراءات الأمير السعودي في حرب اليمن.

وبحسب الصحيفة الأميركية، يثير تمويل أبو العباس مزيداً من الأسئلة حول هذا السلوك. فحتى مع إعلان الإمارات أنَّها شريك رئيسي في معركة الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب، يُعد أبو العباس -أحد أتباع الفقه الإسلامي المُتشدَّد المعروف باسم السلفية- محوراً رئيسياً في استراتيجية التحالف الإسلامي السني لهزيمة المسلحين الشيعة وحليفتهم إيران، على مدى أوسع نطاقاً.

يُعد أمير الحرب اليمني، أبو العباس، عنصراً مهماً أيضاً بالنسبة للطموحات طويلة الأمد للإمارات المُتعلّقة ببسط نفوذها على جنوب اليمن.

وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية للصحافيين في القاهرة في وقتٍ سابق من هذا العام إنَّ الولايات المتحدة لديها علم بوجود ميليشيات مدعومة من التحالف العربي في مدينة تعز الواقعة في جنوب وسط اليمن، حيث يعمل أبو العباس “التي تنتمي لتنظيم القاعدة في كل شيء باستثناء اسمها وفي بعض الحالات تعرّف نفسها علناً على أنَّها تابعة للقاعدة”.

العمل مع القاعدة من أجل التوازن

ورداً على السؤال عما إذا كان القلق يساور الولايات المتحدة إزاء دعم التحالف لأبو العباس وغيره من الميليشيا الإسلامية، رد المسؤول، الذي اشترط عدم الإفصاح عن هويته، قائلاً إنَّ الإمارات “فضّلت العمل مع” بعض الأصوليين الإسلاميين الذين يعملون بمثابة “ثقل موازن” لأعدائها في الجنوب.

وفي ظل هذه الظروف، اعترف المسؤول بأنه “يسهل للغاية أن يتسلل تنظيم القاعدة إلى تلك المعمعة”.

وكان تنظيم القاعدة في جزيرة العرب مسؤولاً عن إرسال طرود مفخخة على متن رحلات جوية إلى الولايات المتحدة في عام 2010 إضافة إلى محاولة فاشلة لتفجير طائرة فوق مدينة ديترويت يوم عيد الميلاد عام 2009، وذلك من بين هجمات أخرى ضد الغرب.

لكن المسلحين السنة لطالما سعوا إلى زعزعة استقرار السلطات المحلية، وعثروا على مجندين وملاجئ آمنة بين القبائل المستاءة من الخدمات الحكومية الرديئة.

وتتحول ولاءات القبائل بصورة مستمرة: قدم التحالف، والإمارات بصورة خاصة، الأموال إلى بعضٍ منهم لترك تنظيم القاعدة، وفقاً لمسؤولين أميركيين وقادة القوات المحلية المدعومة من التحالف، بينما يواصل آخرون القتال في صفوف الجماعات.

وفي محافظة البيضاء الواقعة في وسط اليمن، تقاتل القبائل المتحالفة مع تنظيمي القاعدة وداعش الحوثيين، وقال زعماء القبائل والمسؤولون المحليون إنَّ التحالف يعمل على تسليحهم وتمويلهم.

وقال أحمد فاضل أبو صريمه، نائب محافظ البيضاء للصحيفة الأميركية: “في الوقت نفسه، يحاولون أن يظهروا في وسائل الإعلام كما لو أنَّهم مع الولايات المتحدة وأنَّهم يقاتلون ضد القاعدة وداعش”.

عندما سيطر الحوثيون على مدينة تعز عام 2015، انضم أبو العباس إلى القوات القبائلية التي قادت المتمردين إلى ضواحي المدينة حيث رابطوا هناك. ومنذ ذلك الحين دمج التحالف جماعة أبو العباس إلى الجيش. لكن الثلاثة آلاف مقاتل لا يتبعون إلا أوامره فقط.

الحرب ضد الإصلاح

وأبو العباس الذي يبلع طوله 170.6 سم وله لحية سوداء مهذبة، يخوض الآن صراعاً ضد وكلاء التحالف الآخرين من أجل السيطرة على تعز.

أما أعداؤه الرئيسيون فهم الجماعات المتحالفة مع حزب الإصلاح، وهو حزب إسلامي تنظر إليه الإمارات باعتباره جناحاً ثورياً لجماعة الإخوان المسلمين وبمثابة تهديد لطموحاتها في جنوب اليمن، بحسب الصحيفة الأميركية.

وقال نيكولاس هيراس، الخبير في شؤون الشرق الأوسط لدى مركز الأمن الأميركي الجديد وهو مركز أبحاث مقره واشنطن: “بات هذا الرجل من الرجال الذين لا غنى عنهم في اليمن بالنسبة للإمارات”.

ويُنكر أبو العباس الاتهامات بارتكاب أعمال إرهابية موجهة له، قائلاً إنَّ خصومه في تعز قدموا للسلطات الأميركية معلومات استخبارية زائفة. لكنه يعترف بأنَّ جماعته قاتلت جنباً إلى جنب مع مقاتلي تنظيمي القاعدة وداعش عندما انضم السنيون المتطرفون إلى قوات المقاومة. وأضاف أنَّ بعض المقاتلين شنوا عمليات في المناطق التي سيطر عليها.

لكنه قال: “لم نوافق على أيديولوجيتهم”، مضيفاً أنَّ رجاله طردوهم في وقت لاحق. وفي تعز، تساءل كبار القادة العسكريين الموالين لحزب الإصلاح عن سبب استمرار التحالف في تسليحه بعدما وضعت أميركا أبو العباس ضمن قائمة العقوبات.

وبحسب الصحيفة الأميركية، قال صادق سرحان، قائد الفرقة 22 في الجيش اليمني: “وفقاً للمعلومات المتوفرة لدي، هو لا يزال يوفر الحماية لأولئك الخارجين عن القانون”.

دافع آخرون عنه مستشهدين بجهوده ضد المتمردين. وقال عارف جميل، أحد نواب محافظ المدينة: “نحن نعرف أبو العباس باعتباره مقاتلاً شرساً على أرض المعركة”.

وقال أبو العباس إنَّه طلب من التحالف إجراء تحقيق “لاكتشاف الحقيقة” وتبرئة اسمه من الاتهامات. وقال: “أنا مستعد لأخذي إلى الولايات المتحدة لاستجوابي”.