موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

بين القطيعة العربية والتحالف الإسرائيلي: الإمارات وسياسات التآمر على الأمة

901

منذ أكثر من عقد، تنتهج دولة الإمارات سياسة خارجية توسعية تنأى بنفسها عن الإجماع العربي، بل وتتناقض معه في كثير من الملفات بحيث تتمركز بين القطيعة العربية والتحالف الإسرائيلي.

فعوضًا عن تعزيز التعاون مع الدول العربية وتعزيز العمل العربي المشترك، تبنّت أبوظبي أجندة تصادمية مع عدد من العواصم العربية، متورطة في النزاعات، ومؤججة للصراعات، في مقابل حرصها الحثيث على بناء تحالف استراتيجي مع إسرائيل، بلغ مستويات غير مسبوقة من التعاون الأمني والاقتصادي والعسكري، حتى وسط الحرب المفتوحة على الشعب الفلسطيني.

الإمارات في السودان: دعم الانقلاب وتمويل الحرب

في السودان، لعبت الإمارات دورًا رئيسيًا في تأجيج الصراع الدموي المستمر منذ أبريل 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع.

ورغم أن الرواية الرسمية في أبوظبي تتحدث عن الحياد، إلا أن الأدلة المتراكمة من الأمم المتحدة وتقارير استخباراتية غربية تشير إلى دعم إماراتي مباشر لقوات محمد حمدان دقلو “حميدتي”، عبر تزويدها بالسلاح والمال.

الإمارات لم تكتفِ بدعم المليشيات، بل سعت لنهب الذهب السوداني عبر شبكات تهريب منظمة، واستثمرت في زعزعة استقرار السودان لتأمين نفوذها على البحر الأحمر، حتى لو كان الثمن هو تدمير بلد عربي من الداخل.

في اليمن: من التحرير إلى التقسيم

أما في اليمن، فقد بدأت الإمارات مشاركتها في التحالف العربي تحت ذريعة “استعادة الشرعية”، لكنها سرعان ما تحولت إلى قوة احتلال فعلية في الجنوب، خصوصًا في عدن وسقطرى، حيث أنشأت مليشيات محلية موالية لها، كالمجلس الانتقالي الجنوبي، وأخرجت الحكومة الشرعية من مناطق نفوذها.

تدخل الإمارات في اليمن لم يأتِ لإنهاء الانقلاب الحوثي، بل لتفكيك الدولة، والسيطرة على موانئها الحيوية، وتمكين وكلاء محليين لخدمة أطماعها الجيوسياسية، ما عمّق من الانقسامات اليمنية وأطال أمد الحرب والمعاناة الإنسانية.

في ليبيا: تمويل حفتر على حساب الشعب

انخرطت أبوظبي بشكل واسع في الأزمة الليبية منذ سقوط نظام القذافي، فاختارت أن تدعم الجنرال خليفة حفتر في حملاته العسكرية للسيطرة على طرابلس، رغم الاعتراف الدولي بحكومة الوفاق الوطني آنذاك.

وقدمت الإمارات لحفتر طائرات مسيّرة وأسلحة ومعدات رغم الحظر الأممي، وأثارت الفوضى في البلاد بإذكاء نار الحرب، في سعي منها لإقامة نظام عسكري تابع لها، على غرار تجربتها في مصر.

وكما في السودان واليمن، لم يكن استقرار ليبيا ضمن أولويات الإمارات، بل كان الهدف ضمان النفوذ مقابل حسابات جيوسياسية واقتصادية.

الجزائر: صدام مكتوم ورفض شعبي

رغم تحفظ الجزائر دبلوماسيًا في تعبيرها عن الخلافات، إلا أن العلاقات مع الإمارات تشهد توترًا متصاعدًا منذ سنوات، خاصة بعد تقارير عن دعم أبوظبي لمحاولات التأثير على الشأن الداخلي الجزائري، وتغذية النزاعات في منطقة الساحل والصحراء.

وترى الجزائر أن السياسات الإماراتية في المغرب العربي تحمل طابعًا عدائيًا غير معلن، وتشكل تهديدًا للأمن القومي، خصوصًا مع تقارب أبوظبي من الرباط في ملفات إقليمية حساسة، بما فيها قضية الصحراء الغربية، ما زاد من الفجوة بين البلدين.

مقابل ذلك: تحالف استراتيجي مع إسرائيل

في مقابل هذه التوترات مع دول عربية، تبذل الإمارات جهودًا حثيثة لتوطيد تحالفها مع إسرائيل، منذ توقيع “اتفاقيات أبراهام” عام 2020.

ولا تقتصر العلاقات على التطبيع الدبلوماسي، بل تشمل مجالات الأمن السيبراني، والتبادل العسكري، وصفقات الأسلحة، والاستثمارات، بل وحتى دعم السردية الإسرائيلية في المحافل الدولية.

في خضم الحرب الإسرائيلية على غزة منذ أكتوبر 2023، والتي ارتكبت خلالها قوات الاحتلال مجازر مروعة، امتنعت الإمارات عن اتخاذ أي مواقف حازمة، واستمرت في علاقاتها مع تل أبيب وكأن شيئًا لم يكن، بل واحتفت بعدة زيارات رسمية متبادلة، في تحدٍ واضح لمشاعر الشعوب العربية.

أهداف أبوظبي: النفوذ لا التضامن

هذا التباين في العلاقات يطرح تساؤلًا جوهريًا: ما الذي تسعى إليه أبوظبي؟ يبدو أن المشروع الإماراتي لا يقوم على مبادئ التضامن العربي أو نصرة القضايا الإقليمية العادلة، بل يقوم على استراتيجية النفوذ والسيطرة، ولو عبر دعم الانقلابات، وتقويض الدول، والتآمر على وحدة الشعوب.

وفي المقابل، ترى الإمارات في التحالف مع إسرائيل بوابة للشرعية الدولية، ولتأمين الحماية الأمنية والتكنولوجية، إضافة إلى فرص اقتصادية واستثمارات مشتركة. لقد اختارت أبوظبي الوقوف مع المشروع الصهيوني على حساب الأمة العربية، رغم ما ينطوي عليه ذلك من خيانة تاريخية لحقوق الشعب الفلسطيني.

والتمعن في سياسات الإمارات الخارجية يُظهر توجهًا عدوانيًا تجاه جيرانها العرب، وتماهيًا كاملاً مع المشروع الإسرائيلي في المنطقة. وقد ترتب على هذه السياسات أضرار جسيمة على وحدة الدول العربية، واستقرارها، ومستقبل شعوبها.

لكن على المدى البعيد، فإن هذا النهج محفوف بالمخاطر. فالتحالف مع إسرائيل لن يضمن الشرعية الشعبية، ولا يمكن أن يُعوَّض عن عمق الانتماء العربي.

والإمارات، رغم قوتها المالية والإعلامية، ستواجه حتمًا ارتدادات سياستها العدوانية، سواء عبر عزلة إقليمية، أو عبر رفض الشعوب التي بدأت تدرك بوضوح من يقف معها ومن يتآمر عليها.