أكدت منظمة حقوقية دولية أن القمة العالمية للتسامح في الإمارات المقرر عقدها للدورة الثانية لا تعدو مجرد واجهة مفضوحة لحجب الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها أبوظبي.
وقالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية إن الإمارات تنظم الدورة الثانية من “القمة العالمية للتسامح”، بينما يقضي ناشطون أحكاما طويلة بالسجن إثر محاكمات جائرة، وإن هذه القمة لا يمكنها طمس الانتهاكات.
وأشارت المنظمة إلى أن “السلطات الإماراتية تشن منذ 2011 حملة مستمرة على حرية التعبير وتكوين الجمعيات. استخدمت أحكاما ذات صياغة مبهمة وتفسيرا فضفاضا من قانون العقوبات وقوانين أخرى في البلاد لسجن منتقدين سلميين ومعارضين سياسيين وناشطين حقوقيين”.
وبحسب بيان المنظمة؛ فمن بين الناشطين “أحمد منصور”، الحقوقي الحائز على جائزة عالمية وعضو في “اللجنة الاستشارية” للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في “هيومن رايتس ووتش”، و”محمد الركن”، أستاذ جامعي ومحام حقوقي، و”ناصر بن غيث”، أكاديمي بارز.
وقالت مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة “سارة ليا ويتسن” إنه “رغم تأكيداتها على التسامح، لم تظهر الحكومة الإماراتية أي اهتمام حقيقي بتحسين سجلها الحقوقي، لكي تثبت أنها فعلا متسامحة، مطالبة الإمارات بالبدء في إطلاق سراح كل من سجنتهم ظلما لأنهم لم يلتزموا الخط الرسمي.
وشددت “سارة” على أنه “لا يمكن للإمارات العربية المتحدة أن تروج لنفسها بشكل موثوق كدولة متسامحة بينما يقبع خلف القضبان رجال مثل أحمد منصور وناصر بن غيث ومحمد الركن، الذين خاطروا بحريتهم لجعل الإمارات مكانا أفضل وأكثر عدالة”.
والشهر الماضي حثّ “البرلمان الأوروبي” الدول على عدم المشاركة في المعرض وذكر انتهاكات الحقوق وسجن الناشطين واستخدام الحكومة لبرمجيات التجسس لاستهداف المنتقدين.
منذ 2011، شنّت السلطات الإماراتية هجوما مستمرا على حرية التعبير وتكوين الجمعيات، واعتقلت وحاكمت المئات من المحامين والقضاة والمدرسين والطلاب والنشطاء المستقلين، وأغلقت جمعيات المجتمع المدني الرئيسية ومكاتب المنظمات الأجنبية، مما أدى فعليا إلى سحق أي مساحة للمعارضة.
أدخلت الإمارات أيضا قوانين جديدة وعدلت القوانين القمعية أصلا للقضاء على المعارضة بسهولة أكبر.
تمارس المواقع الإخبارية المحلية، والعديد منها مملوك للدولة أو تحت سيطرتها، الرقابة الذاتية وفقا للتعليمات الحكومية والخطوط الحمراء غير الرسمية. يقول الصحفيون والأكاديميون الأجانب إن منظماتهم قد تمارس الرقابة الذاتية خوفا من منع الدخول أو الترحيل.
منعت الحكومة أيضا خبراء أميين وباحثين حقوقيين وغيرهم من التدقيق ميدانيا في سجلها الحقوقي. منذ 2014، عندما زارت المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني باستقلال القضاة الإمارات ونشرت تقريرا دامغا ينتقد افتقار البلاد لاستقلال القضاء، رفضت الحكومة معظم طلبات خبراء حقوق الإنسان الأمميين لزيارتها.
كما واجهت المنظمات الحقوقية الدولية الكبيرة، بما فيها هيومن رايتس ووتش و”منظمة العفو الدولية”، قيودا متزايدة على قدرتها على زيارة المسؤولين الحكوميين والتواصل معهم بشأن قضايا حقوق الإنسان.
مُنع موظفو المنظمتين من الوصول إلى السجون والمحاكمات البارزة، حتى أنهم منعوا من دخول البلاد. نادرا ما تستجيب السلطات الإماراتية لطلبات أي من المنظمتين للحصول على معلومات أو اجتماعات.
منذ 2011 على الأقل، منعت السلطات الإماراتية أيضا بشكل عشوائي دخول الأكاديميين والكتاب والفنانين والصحفيين، بعضهم بسبب انتقادهم لسوء معاملة الإمارات للعمال المهاجرين، والبعض الآخر غالبا دون أي مبرر معلن.
شرعت الإمارات في جهود دامت عقودا لتلميع سمعتها على الساحة الدولية. تجلّت هذه الجهود في “استراتيجية القوة الناعمة” للحكومة لعام 2017، والتي تتضمن تنمية “الدبلوماسية الثقافية والإعلامية” كركيزة أساسية ولها هدف معلن يتمثل في “ترسيخ سمعة [الإمارات] كدولة حديثة، منفتحة، متسامحة ومحبة لكافة شعوب العالم”.
قالت هيومن رايتس ووتش إن إكسبو 2020 هو الأحدث في قائمة طويلة من الاستثمارات في مشاريع ثقافية وتعليمية طموحة تسعى إلى تحقيق هذا الهدف.
تشمل المشاريع الأخرى الاستحواذ على مقرات لمتحف “اللوفر” و”غوغنهايم” و”جامعة نيويورك”، مما جعل دبي وجهة سياحية فاخرة تستضيف الأحداث الثقافية العالمية مثل “الأولمبياد الخاص 2019” في أبو ظبي ومعرض إكسبو الدولي القادم في دبي.
في حين أن المؤسسات الأكاديمية والثقافية الدولية الرائدة أسست وجودا لها في الإمارات على أمل خدمة الصالح العام من خلال تعزيز “الأفكار والخطاب والتفكير النقدي”، إلا أنها التزمت الصمت منذ ذلك الحين في مواجهة القمع المتزايد للحقوق الأساسية.
تعمل هذه المؤسسات في الإمارات حتى على حساب الحرية الأكاديمية والحق في حرية التعبير داخل فضاءاتها الخاصة.
في 2001، ولتعزيز مكانة الإمارات في الإعلام، أنشأت حكومة دبي المنطقة الحرة لـ”مدينة دبي للإعلام”، والتي أصبحت منذ ذلك الحين مركزا إقليميا للمنظمات الإعلامية بما في ذلك وكالات الأنباء مثل “أسوشيتد برس” و”رويترز”.
أنشأت الإمارات أيضا منذ ذلك الحين مناطق إعلامية حرة في إمارات أخرى. تخضع المنظمات العاملة في هذه المناطق، والتي تشمل المؤسسات الصحفية المحلية والدولية، لقوانين الإعلام التقييدية في الإمارات المتحدة منذ 2010 عندما أصدر “المجلس الوطني للإعلام” قرارا يؤكد ذلك.
حتى قبل 2010، عندما كان من المفهوم عموما أن قوانين الإعلام في الإمارات لا تنطبق على المناطق الحرة، لم تسلم المؤسسات العاملة هناك من التدخل الحكومي التعسفي.
على مدى السنوات القليلة الماضية على وجه الخصوص، وسّعت حكومة الإمارات بشكل كبير من قدراتها في مجال المراقبة، سواء عبر الإنترنت أو من خلال المراقبة الجماعية للمساحات الفعلية، مما دفع الخبراء إلى إدراج أبو ظبي ودبي ضمن أكثر مدن العالم التي تخضع للمراقبة عن كثب.
يتم أيضا مراقبة المواقع الإلكترونية والمدونات وغرف الدردشة ومنصات التواصل الاجتماعي بشدة وتقليصها. تحظر السلطات وتفرض الرقابة على المحتوى عبر الإنترنت الذي يرون أنه ينتقد حكام الإمارات وحكومتها وسياساتها وأي موضوع، سواء كان اجتماعيا أو سياسيا، قد تعتبره السلطات حساسا.
يتم تجريم الشبكات الافتراضية الخاصة (VPNS). يواجه المواطنون والمقيمون غرامات كبيرة وأحكاما بالسجن بسبب منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي.
تتجسس السلطات الإماراتية أيضا على الصحفيين والنشطاء الدوليين وحتى قادة العالم باستخدام برمجيات تجسس متطورة من إنتاج إسرائيل والاتحاد الأوروبي، أو بمساعدة مسؤولين سابقين في المخابرات الأمريكية. بعض من استُهدفت اتصالاتهم وأجهزتهم من قبل المراقبة الحكومية ومن المقيمين في الإمارات، تعرضوا لاحقا للاعتقال والإساءة أثناء الاحتجاز.
من بين هؤلاء الناشط الإماراتي البارز في مجال حقوق الإنسان أحمد منصور. حكمت محكمة إماراتية على منصور بالسجن عشر سنوات في مايو/أيار 2018 بعد محاكمة جائرة، تستند جزئيا إلى رسائل بريد إلكتروني خاصة ومحادثات “واتساب”.
أظهر تقرير لـ”سيتيزن لاب” عام 2016 خمس حالات أخرى ألقي فيها القبض على المستخدمين أو إدانتهم في أعقاب هجمات البرمجيات الضارة ضد حسابات “تويتر” الخاصة بهم من 2012 إلى 2015.
هذه البيئة القمعية، إلى جانب استخدام السلطات لبرمجيات التجسس المتطورة لاستهداف أي شخص يعتبر تهديدا للدولة، دفعت المواطنين والمقيمين وحتى الصحفيين والأكاديميين ورجال الأعمال وغيرهم ممن يترددون على الإمارات إلى تقييد انتقاداتهم العلنية للسلطات.
كما قال أحد الصحفيين عن مكتبهم في دبي، “مدير المكتب يخاف جدا من السلطات … هناك ممارسة لحجب القصص إذا لم يتمكنوا من الحصول على تعليق رسمي – وهو ما يحصل في كثير من الأحيان. وهم لا ينتقدون الإمارات”.
قالت هيومن رايتس ووتش إن الحكومات والشركات تتحمل مسؤولية حقوقية تتمثل في تجنب المساهمة في جهود السلطات الإماراتية لتلميع صورة انتهاكاتها.
بينما تستعد الدول لعرض أجنحتها في معرض دبي إكسبو، ينبغي عليها المساعدة في منع محاولات تلميع صورة الإمارات إما من خلال دعوة الإمارات إلى الإفراج غير المشروط عن جميع المحتجزين ظلما لممارستهم حقهم في حرية التعبير وفتح البلاد بانتظام، بما في ذلك سجونها ومحاكمها للتدقيق من قبل باحثين ومراقبين مستقلين، أو من خلال عدم المشاركة في المعرض.
قال بَيْج: “مع عمليات الاعتقالات الواسعة والترهيب والمراقبة والانتقام التي يواجهها المواطنون والمقيمون بسبب التحدث علانية، على المشاركين في إكسبو والدول الأخرى إثارة المخاوف بشأن انتهاكات الحقوق في الإمارات. على الدول المشاركة في المعرض التأكد من أنها لا تساعد الإمارات في تلميع صورتها والتعتيم على انتهاكاتها”.
المماطلة الحكومية وتقييد الانتقاد
تفشي المراقبة وخطر الاعتقال والاحتجاز والمحاكمة بسبب التعبير عما قد تعتبره الحكومة انتقادا للإمارات وقادتها وسياساتها، دفع المسؤولين الحكوميين والمواطنين الإماراتيين والمقيمين الأجانب والأكاديميين والفنانين، وحتى الصحفيين الدوليين إلى القول بأنهم يقيّدون ما يعتقدون أنه يمكنهم قوله عن الإمارات.
رغم ترسيخ مكانتها كمركز إعلامي في المنطقة منذ نحو عقدين، استمرت الإمارات بتقييد المساحة المتاحة لوسائل الإعلام لممارسة الحق في حرية التعبير.
في يناير/كانون الثاني، وافق مجلس الوزراء الإماراتي على الإطار العام لـ “الاستراتيجية الإعلامية لدولة الإمارات” التي تهدف، من بين أمور أخرى، إلى “إدارة سمعة الدولة”، والتي تقدم لمحة عامة عن المحتوى المحظور نشره في وسائل الإعلام التقليدية والرقمية، بما فيه في المناطق الحرة، والمستخدمين والمؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي.
يقول بعض الصحفيين – المهنيين الذين يعتمد عملهم على الحق في حرية التعبير والذين تعمل مكاتبهم في المناطق الحرة- إنهم تحت ضغط مستمر لممارسة الرقابة الذاتية.
تحدثت هيومن رايتس ووتش مع خمسة صحفيين يعملون في أربع منظمات إخبارية دولية كبرى لها مكاتب في دبي. قال صحفيون في ثلاث من المؤسسات الإخبارية الأربع إن مكاتبهم قيّدت تغطية الأخبار التي تنتقد الإمارات.
قال أحد الصحفيين: “الكثير من الخطوط الحمراء في [تم حجب اسم المؤسسة الإخبارية] قد فرضناها ذاتيا على أنفسنا. يقول المحررون ’مكتبنا هناك‘ كذريعة لهذا الأمر”.
ذكر الصحفيين الخمسة جميعهم أنهم لا يعرفون دائما ما هي “الخطوط الحمراء” لدى الحكومة. قال أحد الصحفيين: “من الواضح أن التقييد شديد [في الإمارات]، هذا هو الواقع. عدم معرفتك أين هي الخطوط الحمراء يزيد من صعوبة الوضع”. أضاف الصحفي أن بعض الأخبار التي “لا تتوقع حتى أن تكون إشكالية” تعتبرها السلطات كذلك.
قال آخر: “الوضع مبهم للغاية، عليك أن تُخمّن ما هو مسموح أم لا”.
ذكر الصحفيون الذين تحدثت إليهم هيومن رايتس ووتش عديدا من الأحداث أو القصص خلال السنوات القليلة الماضية والتي في رأيهم لم تغطيها مكاتبهم الإخبارية بشكل كاف بسبب البيئة القمعية التي يعملون فيها. من بينها ظروف وأحوال الشيخة لطيفة، ابنة حاكم دبي التي حاولت الفرار من البلاد في مايو/أيار 2018 دون جدوى.
قال أحد الصحفيين: “كانت وسائل الإعلام الرئيسية تغطيها كخبر رئيسي، بينما نحن أعطيناها الحد الأدنى من التغطية، وكان هذا كل شيء. بما أننا في الإمارات، كان ينبغي أن نكون قادرين على أن نكون في الطليعة في تغطية هذه القصة، لكننا لم نفعل.”
قال صحفي آخر إن تغطية قصة الشيخة لطيفة كانت “محظورة تماما”. معظم وسائل الإعلام الدولية لا تحاول إعداد هذا النوع من التقارير من دبي. [بدلا من ذلك، يفعلون ذلك] من مكان آخر، وهكذا”.
ذكر صحفيون موضوعا آخرا قيّدت وسائل إعلامهم تغطيته، وهو اتفاق التطبيع الإماراتية مع إسرائيل وفتح السفارة الإسرائيلية في أبو ظبي. قال أحد الصحفيين: “قالت لي مصادري الحكومية ألا أتطرق إلى الاتفاق مع إسرائيل”.
وصف الصحفيون الخمسة جميعهم حالات واجهوا فيها مع زملائهم عرقلة من جانب السلطات بخصوص تغطية موضوعات معينة اعتبرتها السلطات حاسمة، بما فيها “رفض التعاون” من جانب السلطات أو تلقي تهديدات خفيفة أو مكالمات هاتفية تحذيرية من ممثلي الحكومة.
وصف الصحفيون أيضا كيف مُنعوا وزملاؤهم مؤقتا من العودة إلى البلاد أو تعرضوا لحظر سفر مؤقت أثناء وجودهم داخل البلاد.
قال أحد الصحفيين إنه بعد أن غطّت وسائل إعلامية صغيرة في الإمارات مقالات كان قد كتبها، استدعت السلطات صحفيين في هذه الوسائل للتحقيق.
أفادت “أسوشيتد بريس” هذا الأسبوع أن موظفي الإعلام في إكسبو دبي حاولوا مرارا إجبار الصحفيين الزائرين على توقيع استمارات تفيد ضمنيا أنهم قد يتعرضون للملاحقة الجنائية إذا لم يتّبعوا التعليمات في الموقع.
قال بعض الصحفيين إنهم يعتقدون أنهم يخضعون للمراقبة وإنهم كانوا يعملون وهم يفترضون أن المراقبة موجودة.
ذكر أحد الصحفيين: “عندما أجري مقابلات شخصية أترك جميع الهواتف في المنزل. لا أرسل رسائل إلى الأشخاص إلا عبر هاتف أجنبي باستخدام تطبيقات مشفرة”.
لا يعني تواجد المكاتب الإخبارية في الإمارات بالضرورة أن لديها وصول أكبر إلى المصادر والمعلومات الحكومية.
قال أربعة صحفيين إن الحكومة نادرا ما استجابت لطلباتهم بالحصول على معلومات، وإنهم عندما استجابوا، كانت ردودهم غير متصلة بالسياق.
أفاد أحد الصحفيين بأنه “من الصعب الحصول على تعليق رسمي من الحكومة، فهم يردون غالبا بتعليقات مكتوبة لا علاقة لها أبدا بالأسئلة التي تطرحها”.
قال أحد الصحفيين: “لنفترض أن للتقرير أو المقالة جانب متصل بالسياسة الخارجية. في معظم البلدان، يمكنك الاتصال بشخص ما في وزارة الخارجية، أو رئاسة مجلس الوزراء، أو المتحدثين مع وسائل الإعلام الأجنبية. في الامارات إلى من تتحدث؟ إنها مغلقة بشكل لا يصدق”.
تضييق الخناق على حرية التعبير
تدهور وضع حقوق الإنسان في الإمارات بشكل كبير عام 2011، حيث ردّت السلطات على الانتفاضات الشعبية في العالم العربي بقمع المعارضة السلمية عبر الاحتجاز التعسفي لعشرات النشطاء والمنتقدين المفترضين للنخبة الحاكمة، وحلّ مجالس الإدارة المنتخبة لمنظمات المجتمع المدني، ومنع التظاهرات السلمية.
في 2012، أصدرت الإمارات مرسوما اتحاديا بشأن الجرائم الإلكترونية ينصّ على عقوبات بالسجن لمجموعة من الأنشطة السياسية غير العنيفة على الإنترنت، تتراوح من انتقاد حكام الإمارات إلى الدعوة إلى المظاهرات غير المرخصة.
في 2013، أدانت محكمة 69 معارضا بعد محاكمة جائرة بشكل واضح عُرفت على نطاق واسع باسم “قضية الإمارات 94″، والتي ظهرت فيها أدلة على التعذيب المنهجي على أيدي مسؤولي أمن الدولة.
وفي 2014، أصدرت الإمارات قانونا لمكافحة الإرهاب يمنح السلطات الإماراتية سلطة مقاضاة المنتقدين السلميين والمعارضين السياسيين ونشطاء حقوق الإنسان بوصفهم “إرهابيين”.
في مارس/آذار 2017، اعتقلت السلطات الإماراتية أحمد منصور، الذي كان قد بدأ آنذاك في التعريف عن نفسه بأنه آخر مدافع عن حقوق الإنسان في الإمارات. منذ ذلك الحين، احتجزته قوات الأمن في الحبس الانفرادي ومنعته من الاتصال بالعالم الخارجي.
شجب خبراء حقوق الإنسان الأمميون، وجماعات حقوقية، والبرلمان الأوروبي، وأعضاء “الكونغرس الأمريكي”، سجنه وظروف احتجازه.
تصاعدت الدعوات إلى الإمارات للسماح للمراقبين المستقلين بمقابلته في الحجز، وكان آخرها في يوليو/تموز، بعد تسريب رسالة خاصة كتبها يفصّل فيها سوء معاملته أثناء الاحتجاز إلى وسائل الإعلام الإقليمية.
تسببت التقارير بتجدد القلق بشأن سلامته والانتقام المحتمل، لكن السلطات الإماراتية رفضت أو تجاهلت ببساطة جميع طلبات الوصول إلى منصور. بدلا من ذلك، أنكرت في بعض الأحيان جميع مزاعم سوء معاملته في السجن، لكنها لم تقدم معلومات أو تفاصيل جديدة عن حالته.
تحجب السلطات المواقع التي تحتوي انتقادات للحكومة وغيرها من المحتويات الحساسة. كما تنّفذ اعتقالات، أو تفرض قيودا أخرى على التعبير المتعلق بالأنشطة السياسية للإسلاميين أو الداعم لها، والدعوات إلى الإصلاحات الديمقراطية، وانتقاد الحكومة والمؤسسات الحكومية أو الإهانات المتصورة ضدها، وحتى انتقاد الأفراد.
بسبب خضوع الفضاء الإلكتروني للرقابة والتقييد الشديدين والاعتقالات والملاحقات القضائية المتصاعدة، لا يستطيع المواطنون والمقيمون الاحتشاد، وتكوين الجمعيات، والقيام بحملات، خاصة فيما يتعلق بالقضايا السياسية والاجتماعية.
حتى عائلات السجناء السياسيين الذين استخدموا تويتر سابقا للتحدث نيابة عن المحتجزين، وتوثيق مزاعم التعذيب، والدعوة إلى إطلاق سراحهم، صمتوا. في ديسمبر/كانون الأول 2019، أفادت هيومن رايتس ووتش بأن معارضين وأفراد عائلاتهم قالوا إنهم مستهدفون وتحت المراقبة. يُستدعون ويُستجوبون بشكل متكرر بسبب آرائهم ويتعرضون للترهيب ويطلب منهم التجسس على مجتمعاتهم.
تجاهل طلبات الخبراء الأمميون للوصول
بينما يستمر الخبراء الحقوقيون الأمميون في طلب دعوات من السلطات الإماراتية لإجراء بعثات لتقصي الحقائق في الإمارات، لم يتمكن أي خبير من دخول الدولة لهذا الغرض منذ 2014.
هؤلاء الخبراء جزء من الإجراءات الخاصة لـ “مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة”، والتي تضم مقررين خاصين أفراد ومجموعات عمل من خمس أشخاص، ولديها صلاحيات لتقديم التقارير والمشورة بشأن حقوق الإنسان من منظور مواضيعي أو خاص بكل بلد، وتعتبر الزيارات القطرية إحدى أهم وسائلهم لإحداث تأثير.
تسمح بعثات تقصي الحقائق للإجراءات الخاصة بتقييم حالة حقوق الإنسان في بلد معيّن وتقديم توصيات محددة لتحسين الظروف.
كانت آخر مرة زار فيها مقرر خاص تابع للإجراءات الخاصة الإمارات في يناير/كانون الثاني 2014. أصدرت غابرييلا كنول، المقررة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين، عقب زيارتها، تقريرا لاذعا تنتقد فيه عدم استقلال القضاء في الإمارات وتؤكد أن السلطة التنفيذية تمارس سيطرة فعلية على القضاء.
منذ ذلك الحين، لم تستجب السلطات الإماراتية لطلبات قدمها تسعة مقررين خاصين أمميين على الأقل لدخول البلاد، وبعضها يعود إلى 2008، وهم المقررون الخاصون المعنيون بحرية التعبير، وبيع الأطفال، والرق، والبيئة، والتعذيب، وحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب، وكذلك مجموعات العمل المعنية بالاحتجاز التعسفي وحالات الاختفاء والأعمال التجارية وحقوق الإنسان.
منذ 2013 على الأقل، طلب مكتب المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب مرتين زيارة البلاد، تلاهما بخمسة رسائل تذكير، كان آخرها في يناير/كانون الثاني 2021.
أرسلت مجموعة العمل المعنية بالاحتجاز التعسفي أربع رسائل تذكير لطلبات الزيارة منذ 2015، وطلب المقرر الخاص المعني بالتعذيب زيارة في 2015، وأرسل تذكيرا مرتين منذ ذلك الحين، كان آخرهما في يناير/ كانون الثاني أيضا.
منذ 2014، تلقى خبيران أمميان فقط – هما المقرران الخاصان المعنيان بالتعليم والإعاقة – دعوات، كلاهما في 2018، ومع ذلك لم تبدأ أي من البعثتين.
طلب مكتب المقرر الخاص المعني بالتعليم في البداية زيارة في 2005 ولم يحصل على دعوة إلا في مايو/أيار 2018، ودُعي المقرر الخاص المعني بالإعاقة في مايو/أيار 2018، لكنه قدم طلبا لتأجيل الزيارة إلى أغسطس/آب 2019. من غير الواضح ما إذا كانت دعوة مايو/أيار 2018 للمقرر الخاص المعني بالتعليم لا تزال قائمة.
رفض دخول الجماعات غير الحكومية
واجهت منظمات حقوقية دولية كبرى، بما فيها هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية، قيودا متزايدة على قدرتها على إجراء البحوث الميدانية والتواصل مع المسؤولين الحكوميين بشأن قضايا حقوقية.
في مارس/آذار 2013، مع بدء المحاكمة الجماعية الشائنة في الإمارات لـ 94 من منتقدي الحكومة، منعت حكومة الإمارات دخول مراقب محاكمة تابع للعفو الدولية ومراقب دولي آخر.
نجح عديد من المراقبين الدوليين الآخرين في دخول البلاد لكن السلطات منعتهم من دخول المحكمة رغم إصرار الحكومة على أنها كانت “مفتوحة”.
سمح المسؤولون الإماراتيون لموظفين من العفو الدولية بدخول البلاد بعد أشهر، في نوفمبر/تشرين الثاني، لكنهم تجاهلوا طلباتهم للقاء وزراء ومسؤولين حكوميين آخرين، وزيارة سجن الرزين في أبو ظبي، حيث كان يُحتجز عديدا من السجناء السياسيين. منذ ذلك الحين، لم يُسمح لممثلي العفو الدولية بدخول الإمارات.
في يناير/كانون الثاني 2014، أجبر مسؤولون حكوميون في الإمارات هيومن رايتس ووتش على إلغاء مؤتمر صحفي في البلاد لإصدار تقريرها العالمي السنوي لعام 2014.
منعت السلطات أيضا دخول أحد موظفي هيومن رايتس ووتش ووضعت اثنين آخرين على “القائمة السوداء” أثناء مغادرتهما البلاد في أعقاب صدور التقرير مباشرة.
أشار التقرير العالمي إلى استمرار حملة الإمارات على حرية التعبير وتكوين الجمعيات، فضلا عن إساءة معاملة واستغلال العمال الوافدين وانتهاكات حقوق المرأة.
بموجب قانون الهجرة الإماراتي، يُوضع أي شخص ممنوع من دخول البلاد “كونه يشكل خطرا على الأمن العام” على القائمة السوداء.
في مايو/أيار 2015، رفضت الإمارات دخول خبير من العفو الدولية دُعي إلى مؤتمر في الإمارات للتحدث عن مسؤولية الشركات في ضمان حقوق عمال البناء الوافدين في الخليج.
تحاول هيومن رايتس ووتش التواصل مع السلطات الإماراتية قبل صدور التقارير الرئيسية، وفي كثير من الأحيان تطلب التعليق من المسؤولين الحكوميين المعنيين بشأن بعض النتائج، إلا أن السلطات نادرا ما توافق على عقد اجتماعات. الاجتماعات القليلة التي عقدت كانت خارج الإمارات.
في الآونة الأخيرة، في مايو/أيار، أرسلت هيومن رايتس ووتش رسالة إلى كبار المسؤولين الإماراتيين تطلب الإذن بدخول باحثين إلى البلاد والالتقاء بمسؤولين حكوميين لمناقشة قضايا حقوق الإنسان، والسماح لهم بزيارات خاصة مع منصور وغيره من المحتجزين البارزين. لم تتلق هيومن رايتس ووتش أي رد.
منع الأكاديميين والمنتقدين من دخول البلاد
راجعت هيومن رايتس ووتش مقالات في الإعلام ذكرت أن السلطات منذ 2011 تمنع الناس من دخول البلاد بعد شروعها بشكل متعمد ومنهجي في إغلاق المجال أمام المعارضة وحرية التعبير محليا.
وجدت هيومن رايتس ووتش أن السلطات الإماراتية منعت دخول أكاديميين وكُتّاب وفنانين وصحفيين عديدين تعسفيا، غالبا دون تبرير.
عملت السلطات في الوقت نفسه على ترسيخ دولة الإمارات كمركز ثقافي وتعليمي في الشرق الأوسط، وبشكل أساسي عبر إنفاق مليارات الدولارات لإقناع الجامعات والمؤسسات الثقافية المرموقة بافتتاح أفرع لها في الإمارات، كما الحال مع جامعتي السوربون ونيويورك ومتحفي اللوفر وغوغنهايم.
في 2012، ذكرت “فرانس24” أن السلطات الإماراتية رفضت إصدار تأشيرة دخول لرسام كاريكاتير سوري حائز على جوائز دُعي لحضور “مهرجان أبو ظبي السينمائي” بسبب رسوم كاريكاتير رسمها ضد الديكتاتوريات في 1983.
وفي 2013، رفض المسؤولون الإماراتيون دخول الدكتور كريستيان أولريشسن، أكاديمي وباحث في “كلية لندن للاقتصاد” وقتها، ورحّلوه إلى المملكة المتحدة لاحقا.
كان من المقرر أن يناقش الدكتور أولريشسن تقريرا كتبه عن البحرين في مؤتمر نظمته “الجامعة الأمريكية في الشارقة” وكلية لندن للاقتصاد.
وقد أكدت وزارة الخارجية رسميا الأنباء التي تفيد بمنعه من الدخول، بزعم “ترويجه باستمرار لآراء تنزع الشرعية عن النظام الملكي البحريني”.
كما كشفت تحقيقات هيومن رايتس ووتش ومنظمات دولية أخرى وخبراء عماليين حول ظروف عمال البناء الوافدين في جزيرة السعديات بأبو ظبي عن انتهاكات حقوقية منهجية، فضلا عن استهداف بعض الأكاديميين والصحفيين والفنانين لانتقادهم وضع العمال في الإمارات. يستضيف المشروع العقاري فرعي متحفي اللوفر وغوغنهايم وجامعة نيويورك.
في 2014، أنهت صحيفة “ذا ناشيونال”، المملوكة للدولة وقتها، عَمَل الصحفي الأوغندي ياسين كاكاندي، بعد أن أعدّ كتابا يصف ظروف العمل والرقابة الإعلامية في الإمارات، ثم رحّله المسؤولون الإماراتيون إلى أوغندا بعد شهر بحسب “مراسلون بلا حدود”.
في مارس/آذار 2015، رفضت الإمارات دخول أندرو روس، أستاذ جامعي وخبير عمالي في جامعة نيويورك، ومن أشد المنتقدين لاستغلال العمال الوافدين في الإمارات.
وفقا لتقرير صدر عن “فريدوم هاوس” في 2020، مُنع قرابة تسعة أعضاء هيئة تدريس آخرين من جامعة نيويورك من الدخول للتدريس أو إجراء البحوث في حرم جامعة نيويورك في أبو ظبي. كما مُنع طلاب وموظفون وموظفو دعم من الدخول.
قالت فريدوم هاوس إن السلطات الإماراتية وضعت الباحثين والطلاب الذين انتقدوا جوانب من سياسة الحكومة على قائمة سوداء أمنية موحدة لدول “مجلس التعاون الخليجي”، مما منعهم من دخول المنطقة بأكملها.
رُفضت – دون مبررات – تأشيرتي عضوين في هيئة التدريس بجامعة نيويورك، هما محمد بزي، أستاذ الصحافة، وأرانغ كيشافارزيان، المتخصص في سياسات الشرق الأوسط.
يعتقد كلاهما أن السبب يعود جزئيا إلى كونهما من المسلمين الشيعة، وهو الانتماء الذي طُلب منهما الكشف عنه في طلباتهما، حسبما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز في 2017.
في ديسمبر/كانون الأول 2019، احتجزت السلطات الإماراتية الصحفي الاستقصائي الصربي ستيفان دوجينوفيتش في مطار أبو ظبي الدولي بعد رفضها دخوله البلاد، حيث كان من المقرر أن يتحدث في مؤتمر حول “اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد”.
دوجسينوفيتش، الذي تحدث عن الفساد وعلاقات الحكومة الصربية بالإمارات، صرّح لـ هيومن رايتس ووتش وقتها إن السلطات الإماراتية قالت له إنه وُضِع على “قائمة سوداء” من قبل حكومة أجنبية لم تُسمها، غير حكومة الإمارات.
كما اُعتقل وسُجن صحفيون وأكاديميون. في أغسطس/آب 2015، اعتقلت السلطات الإماراتية ناصر بن غيث، الأستاذ في جامعة السوربون أبو ظبي، بتهم ملفقة تنتهك حقه في حرية التعبير وتكوين الجمعيات، لتحكم عليه محكمة إماراتية بالسجن 10 سنوات في مارس/آذار 2017 بعد محاكمة جائرة جدا.
في الشهر نفسه، حكمت محكمة إماراتية على الصحفي الأردني تيسير النجار بالسجن ثلاث سنوات لمنشورات على فيسبوك تنتقد مصر وإسرائيل ودول الخليج عندما كان يقيم في الأردن قبل سنوات من انتقاله إلى الإمارات.
في مايو/أيار 2018، ألقت قوات الأمن القبض على ماثيو هيدجز، الأكاديمي البريطاني، في مطار دبي الدولي بينما كان يستعد لمغادرة الإمارات بعد رحلة بحثية استمرت أسبوعين.
احتجزت السلطات هيدجز، الذي كان آنذاك طالب دكتوراه في جامعة دورهام، في الحبس الاحتياطي لأكثر من خمسة أشهر.
في نوفمبر/تشرين الثاني، حكمت محكمة إماراتية على هيدجز بالسجن المؤبد بتهمة “التجسس” لصالح حكومة المملكة المتحدة، ثم أصدرت بعد خمسة أيام عفوا عنه عقب تزايد الضغط الدبلوماسي والغضب الدولي.
تقدم تقارير حقوق الإنسان الصادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية حول الإمارات اعتبارا من 2012 وصولا إلى التقرير الأخير لعام 2020، نظرة عامة متسقة عن الحريات الأكاديمية والأحداث الثقافية في البلاد، مشيرة إلى فرض الحكومة قيودا على خطاب الأساتذة والطلاب على حد سواء داخل الفصل الدراسي وخارجه، وإخضاع المواد الأكاديمية للرقابة، والحاجة لاستصدار إذن رسمي لعقد المؤتمرات.
وصف التقرير أيضا كيف تجنبت المؤسسات الثقافية عرض الأعمال الفنية أو البرامج التي تنتقد الحكومة أو الدين.
قالت هيومن رايتس ووتش إن اختيار المؤسسات الثقافية والتعليمية الدولية العمل في الإمارات، حيث تُقمع حرية التعبير والحقوق المدنية والسياسية بشدة، عزز الدعاية الإماراتية حول التسامح والانفتاح وساعد فعليا في التغطية على الانتهاكات المتفشية في الإمارات وتجاهلها الصارخ للحقوق الأساسية.
تفشي المراقبة
تستخدم دولة الإمارات بعضا من تقنيات المراقبة الأكثر تقدما في العالم لمراقبة الأماكن العامة والنشاط على الإنترنت وحتى هواتف وأجهزة الكمبيوتر الخاصة بالأفراد، في انتهاك لحقهم في الخصوصية وحرية التعبير وتكوين الجمعيات وحقوق أخرى.
تهدف سلطات الإمارات إلى مراقبة جميع المقيمين باستخدام كاميرات الدوائر التلفزيونية المغلقة، وتقنيات التعرف على أرقام لوحات السيارات والتعرف على الوجه.
في 2018، أعلنت شرطة دبي عن برنامج مراقبة بالذكاء الاصطناعي يدعى “عيون” يستخدم عشرات الآلاف من الكاميرات مزودة ببرمجيات للتعرف على الوجه وميكروفونات تصبّ كافة المعلومات التي تجمعها في مركز قيادة مركزي واحد، ويمكن استخدامها لتتبع وتحليل الحركة في المناطق الرئيسية وحتى إصدار إنذارات شفهية لمن يشتبه بارتكابهم مخالفات.
قال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة ورئيس الوزراء وحاكم دبي، في يوليو/تموز، إن أكثر من 300 ألف كاميرا تراقب دبي على مدار الساعة.
في مايو/أيار 2020، مع تفشي فيروس كورونا، ذكرت صحيفة ذا ناشيونال، ومقرها أبو ظبي، أنه تم أيضا تعديل برنامج عيون الخاص بشرطة دبي لتعزيز معدلات الكشف المبكر عن فيروس كوروناـ عبر تجهيز الآلاف من كاميرات الدوائر التلفزيونية المغلقة المنتشرة في المدينة بتكنولوجيا التصوير الحراري.
في يوليو/أيار 2021، كشف الشيخ محمد عن “درون بوكس”، وهو عبارة عن منصة خاصة بشرطة دبي لإطلاق طائرات بدون طيار في جميع أنحاء المدينة “لتقليل وقت الاستجابة للتقارير الجنائية والمرورية”، مضيفا إن العمل في المنصة سيبدأ رسميا في معرض إكسبو 2020 القادم. لدى أبو ظبي نظاما مشابها لـ عيون يدعى “عين الصقر”.
تفرض سلطات الإمارات العربية المتحدة رقابة شديدة على المساحات الإلكترونية وتتحكم بها وترصدها، مثلما تفعل في الأماكن العامة الفعلية في جميع أنحاء البلاد.
شركات الاتصالات الكبرى مملوكة للدولة إما كُليا أو جزئيا، مما يسمح للسلطات بالتحكم بتدفق المعلومات. تحظر السلطات عادة عددا من المواقع الإلكترونية التي تحتوي على انتقادات للحكومة وغيرها من المحتويات الحساسة.
خدمات الاتصال الصوتي عبر الإنترنت (VoIP) الأكثر شيوعا، بما يشمل خدمة الرسائل والمكالمات الصوتية من واتساب والخدمة المماثلة التي يقدمها فيسبوك، محظورة عبر الاتصالات الخلوية. تطبيق المراسلة المشفر “سيغنال” محظور أيضا.
استخدام شبكة خاصة افتراضية (VPN) لإجراء المكالمات الصوتية عبر الإنترنت محظور بموجب قوانين تنظيم جرائم الإنترنت والاتصالات السلكية واللاسلكية ويُعاقب عليه، حيث يمكن أن تؤدي الإدانات بموجب قوانين الجرائم الإلكترونية إلى غرامة تتراوح بين 500 ألف درهم (136 ألف دولار أمريكي) ومليوني درهم (544 ألف دولار أمريكي)، أو السجن، أو كليهما.
تستخدم السلطات أيضا تكتيكات متعددة للوصول عن بُعد إلى أجهزة الأشخاص، وهي ممارسة متفشية بشكل لا يصدق وقادرة على كشف الاتصالات الخاصة وجهات الاتصال والصور والميكروفون والكاميرا والموقع للشخص المستهدف.
في يناير/كانون الثاني 2019، كشف تحقيق أجرته رويترز عن وجود مجموعة من عملاء المخابرات الأمريكية السابقين كانوا جزءا من مشروع “ريفين”، وهو برنامج قرصنة إماراتي مكَّن الإمارات من التجسس على النشطاء الحقوقيين والصحفيين والمنافسين السياسيين.
استخدم مشروع ريفين تقنية مراقبة قوية تسمى “كارما” التي سمحت بالحصول على عناوين البريد الإلكتروني والمواقع والرسائل النصية والصور من أجهزة آيفون عبر استغلال ثغرة أمنية.
في 15 سبتمبر/أيلول 2021، وكجزء من صفقة لتجنب الملاحقة القضائية، اعترف ثلاثة من العملاء باختراقهم شبكات الكمبيوتر في الولايات المتحدة وانتهاكهم للقانون الأمريكي.
في يوليو/تموز 2021، حدد تحقيق في تسرب ضخم للبيانات أجرته 16 مؤسسة إعلامية بتنسيق من “فوربيدن ستوريز” عملاء محتملين لشركة تكنولوجيا المراقبة “إن إس أو غروب” في 11 دولة، من بينها الإمارات. قالت إن إس أو إنها تبيع التكنولوجيا للعملاء الحكوميين فقط.
يمكن تثبيت برنامج التجسس “بيغاسوس” الخاص بالشركة سرا على الهواتف الخلوية والأجهزة الأخرى التي تعمل بمعظم إصدارات نظامي التشغيل “آي أو إس” وأندرويد ويمنح المهاجم وصولا كاملا إلى الرسائل النصية ورسائل البريد الإلكتروني والوسائط والميكروفون والكاميرا والمكالمات وجهات الاتصال الموجودة على الجهاز.
وجد التحقيق أن صحفيين ونشطاء حقوقيين وحتى قادة عالميين حول العالم اُختيروا كمرشحين محتملين للمراقبة من قبل العملاء الحكوميين لمجموعة إن إس أو. المجموعة نفت مرارا التقارير الإخبارية، لكن لم يتراجع أي من شركاء مشروع بيغاسوس عن تقاريرهم.
في 2018، ذكرت سيتيزن لاب أن الإمارات كانت واحدة من 36 عميلا يشغّلون بيغاسوس. قال هيدجز على تويتر بعد وقت قصير من نشر التحقيق: “يُفترض أنني كنت تحت المراقبة في المملكة المتحدة قبل سفري إلى الإمارات عندما قُبض عليّ لاحقا، وتعرضت للتعذيب، وحُكم عليّ بالسجن المؤبد. عند عودتي، استهدف بيغاسوس محاميَّ. إذا لم نكن بأمان في بلدنا، فأين سنكون؟” ذكرت الغارديان أن رقم هيدجز ظهر لأول مرة في البيانات المسربة أثناء وجوده في المملكة المتحدة، قبل الشروع في رحلته إلى الإمارات.
في ديسمبر/كانون الأول 2019، ذكرت نيويورك تايمز أن تطبيق المراسلة الإماراتي الذي نزّله المستخدمون ملايين المرات من متاجر تطبيقات “أبل” و”غوغل” في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا وأفريقيا وأمريكا الشمالية، هو في الواقع أداة تجسس توفر للسلطات الإماراتية الوصول إلى المحادثات والتحركات والصور وغيرها من المعلومات الشخصية لكل من قام بتثبيته على هاتفه.
بعد فترة وجيزة، أُزيل التطبيق من متجري أبل وغوغل، لكن أعاده متجر غوغل بهدوء بعد بضعة أيام. نفى مؤسسو التطبيق التقارير الإخبارية.