الإمارات حرضت لتخريب الوفاق الوطني اللبناني
في ما يأتي، برقية أرسلها السفير الإماراتي في بيروت حمد الشامسي إلى بلاده، يوم 10 تشرين الثاني 2017، تتضمّن محضر لقائه مع الرئيس اللبناني العماد ميشال عون ووزير الخارجية جبران باسيل، من ضمن المشاورات التي كان يجريها رئيس الجمهورية مع السفراء الأجانب بشأن الأزمة التي نشأت إثر احتجاز الرئيس سعد الحريري في الرياض قبل 6 أيام.
وبدا واضحاً من اللقاء أن عون حاول دفع الإمارات إلى لعب دور إيجابي لحل الأزمة، لكنها رفضت مؤكدة تأييدها لاحتجاز الحريري:
اللقاء مع رئيس الجمهورية اللبنانية
يستكمل رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون مشاوراته ولقاءاته، وقد اجتمع مع سفراء المجموعة الدولية لدعم لبنان من أجل شرح الموقف الرسمي من التطورات الأخيرة بعد استقالة الحكومة من الخارج والملابسات التي رافقت هذا الإعلان. ثم التقى سفراء الدول العربية، كلاً على حدا، بداية بالقائم بالأعمال السعودي وليد بخاري ثم سفير الإمارات وصولاً لسفير مصر نزيه النجاري وبقية السفراء.
وخلال اللقاء الذي جمعني على مدار 20 دقيقة بالرئيس اللبناني في القصر الرئاسي ـــ بعبدا بناء على طلبه وبحضور وزير الخارجية والمغتربين رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل تم التطرق إلى المواضيع التالية:
رئيس الجمهورية:
شرح الرئيس عون أن استقالة الرئيس الحريري من خارج لبنان تعتبر خطوة «غير ميثاقية وغير دستورية».
شدد على ضرورة عودته وتقديم الاستقالة وفق الأصول المعتمدة ومن ثم تبدأ الاستشارات النيابية الموجبة مع القوى السياسية بحسب ما نص عليه الدستور والتي تحدد إما قبول الاستقالة أو الرفض أو تكليف رئيس جديد لتأليف حكومة جديدة.
فنّد الوضع الداخلي اللبناني وتداعيات الأزمة والمشاورات التي يقوم بها انطلاقاً من موقعه سعياً وراء شرح الموقف الرسمي اللبناني وهو: «عودة الرئيس الحريري إلى لبنان».
سفير الدولة:
أكدت للرئيس عون أن ما تقوم به الرياض يصب في مصلحة أمن السعودية ودول الخليج.
أوضحت أن موقف الإمارات ينطلق من الوقوف صفاً إلى صف بجانب المملكة العربية السعودية في خطواتها كونها تعتبر شريكاً استراتيجياً في الحفاظ على الأمن الخليجي، ومن هنا مشاركتها في إطار التحالف العربي للقضاء على الانقلابيين الحوثيين وميليشيات علي عبد الله صالح في اليمن.
تطرقت للدور التخريبي الذي يقوم به «حزب الله» في السعودية والإمارات ودول الخليج عموماً، وهو دور لا يستهان به، لا سيما تشكيل خلايا نائمة وتمويلها وتقويتها بما يزعزع أمن وسلامة هذه الدول.
أكدت أن الخلايا التي يدعمها «حزب الله» تقويه وتدعم نشاطاته التخريبية داخل لبنان وخارجه.
شددت على أن ما يقوم به «حزب الله» من إطلاق صواريخ على المملكة العربية السعودية كما حصل أخيراً أمر يهدد سيادة الدول ووحدة أراضيها.
لفت إلى أن نفوذ «حزب الله» بات خطراً داهماً على الأمن العربي برمته.
في مداخلة على ما أوردته من معلومات عن الدعم والنشاط الذي يقوم به «حزب الله»:
علّق الرئيس عون بالقول: لا يوجد دليل واضح على مشاركة «حزب الله» في ما يجري باليمن.
ومن ثم تحول مباشرة للقول:
الإمارات تمثل نموذجاً يحتذى به في العالم العربي، معولاً على حكمة قياداتها في محاولة التدخل لما يصب في مصلحة لبنان.
قال إن الإمارات يمكن أن تكون لاعباً إيجابياً في هذه الظروف التي يمرّ بها لبنان وأن اللقاء اليوم هو لوضع الجميع في الجو العام نظراً لحساسيته.
سفير الدولة:
التحالف العربي يمتلك معلومات دقيقة وبراهين وأدلة موثقة تدين «حزب الله» ودوره في التورط بدعم الحوثيين وحليفهم صالح، كما أن هناك كوادر وقيادات فنية تعلب دوراً محورياً وتقود مخططات ضد المملكة انطلاقاً من الأراضي اليمنية، وهذا ما يعرفه كل متابع للوضع السياسي بالمنطقة.
* من خلال موقعكم يا فخامة الرئيس ولكونكم شخصية عسكرية وسياسية ندرك تماماً ونعلم أن المعلومات الاستخباراتية تكون استناداً إلى الواقع الميداني، ونحن نخوض حرباً حقيقية في اليمن وكل المعلومات تصلنا من عدة مصادر مزودة بالأدلة والبراهين.
الوزير باسيل:
من جهته، أثنى الوزير باسيل على التعاون القائم بين البلدين وما تلقاه الجالية من اهتمام وتقدير في الإمارات، طالباً نقل تحياته إلى سمو الشيخ عبدالله بن زيد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي.
تحليل:
اللقاء كان إيجابياً والرئيس عون يحاور بطريقة «ديبلوماسية ناعمة» من أجل إيصال رسالة للإمارات بأن يكون لها دور فعال وحيوي في الملف اللبناني من دون التطرق أو نقد أو التهجم على المملكة العربية السعودية.
الرسالة السياسية التي يمكن الخروج منها أن لبنان يعي حكمة ودور الإمارات ونفوذها على الساحتين الإقليمية والعالمية، وهو لذلك يعوّل على دور ما في إيجاد حل للأزمة.
استمر الرئيس عون بنفي تورط حزب الله في حرب اليمن وذلك انطلاقاً من تفاهمه مع الحزب والتزامه بالنقاط العامة المتفق عليها بين الطرفين، ما يعني استمرار سياسة إنكار الوقائع وعدم اعتماد رؤية أو مقاربة واقعية على رغم التحذير السعودي والكلام العالي النبرة.
اللقاء مع الرئيس عون يؤكد أنه مستمر بتفاهماته مع حزب الله، وهو يحاول التحرك داخلياً وعبر السفراء والشخصيات لإيجاد حلول من دون معالجة الأسباب الحقيقية التي أدت إلى الأزمة وتصوير الموضوع على أنه أزمة آنية لا نتيجة سياسات خاطئة على المدى الطويل.
على رغم دعوته إلى العودة السريعة للرئيس الحريري ولكنه لم يتطرق إلى احتجازه أو وجوده في شكل غير إرادي في الرياض.
د. حمد سعيد الشامسي
السفير
10/11/2017