موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

خفايا مؤامرات الإمارات بتحويل المخا اليمنية إلى ممر مغلق للثروات المنهوبة

818

كشف تحقيق مؤشرات متقاطعة تُظهر تحوّل منطقة “جبل النار” في المخا اليمنية إلى مركز نشاط صناعي ثقيل ذي طابع تعديني بمؤامرة من دولة الإمارات وشخصيات محلية نافذة تشمل تأمين غطاء أمني ولوجستي يسمح باستخراج خامات ثمينة ونقلها بعيدًا عن أعين الرقابة.

وبحسب التحقيق الذي نشره مركز هنا عدن للدراسات الاستراتيجية، تَظهر هذه الاتهامات في سياق نمط متكرر سبق رصده في مناطق يمنية وسودانية خضعت لنفوذ مماثل، ما يرفع الملف من مستوى «شبهات محلية» إلى قضية سيادة وموارد عامة تستوجب كشفًا ومساءلة.

وتبدأ القصة من صور أقمار صناعية حديثة تُظهر تغيرًا واضحًا في ملامح «جبل النار»: رقع داكنة بركانية تحوّلت إلى مساحات فاتحة مليئة بالحُفر وأكوام الركام ومسارات شاحنات دائرية، مع ظهور تجهيزات مركزية بأذرع شعاعية تُشبه محطات التكسير والفرز المزوّدة بسيور ناقلة مكدِّسة.

وقال التحقيق إن هذا النمط الهندسي، المعروف في مواقع التعدين السطحي، يسمح بتجميع الخام في أكوام مخروطية تمهيدًا للتحميل والنقل بكفاءة. كما تظهر صفوف حاويات ومنشآت صغيرة على أطراف الموقع، في توزيع نموذجي لمعسكرات عمل ميدانية.

نهج منظم لنهب الثروات في اليمن

لا يقف المشهد عند حدود المقلع المفتوح؛ إذ تكشف صور أخرى عن طريق ترابي جديد يربط سفح الجبل باتجاه الجنوب، حيث تُنفَّذ أعمال إنشاء مدرج طيران طويل في منطقة ذُباب شبه الخالية من السكان.

ورغم قرب الطريق الساحلي العام، يسلك الطريق الخاص مسارًا موازياً ومباشرًا بين الموقعين، ما يوحي بممر لوجستي مغلق يُجنّب الشحن المرور بنقاط التفتيش المدنية.

وبحسب التحقيق فإن هذا الترتيب – موقع تعدين واسع + طريق خاص + مدرج جديد – يشي بمنظومة نقل محكمة يمكنها التعامل مع شحنات ذات قيمة عالية وحساسة زمنياً.

وتتوافق هذه العناصر مع شهادات ميدانية لأهالٍ وناشطين محليين يتحدثون عن حركة شاحنات ثقيلة ليلًا وفجرًا، وحراسة مسلحة على بوابة المعسكر عند سفح الجبل، إضافة إلى أصوات كسارات وسيور تعمل على مدار الساعة.

وتذهب روايات متقاطعة إلى أن الطائرات المرتبطة بالمدرج الجديد تُؤمَّن بآليات مدرعة، وأن عمليات التحميل والتفريغ تجري بعيدًا من أعين السكان.

جيولوجياً، يُعد «جبل النار» تكوينًا بركانيًا بازلتيًا قديماً ضمن نطاق ساحل البحر الأحمر، وهو سياق صخري يرتبط عالميًا بإمكانات وجود رواسب كبريتيدية للزنك والنحاس والذهب.

وتُشير الأدبيات إلى أن الزنك غالبًا ما يصاحبه الجرمانيوم – عنصر استراتيجي مرتفع القيمة في الصناعات الإلكترونية – بوصفه ناتجًا جانبيًا في سلاسل المعالجة. وتدعم المؤشرات البصرية (تبدّل ألوان الطبقات، اتساع مناطق القشط، كثافة الأكوام المخروطية) فرضية معالجة مواد خام تتجاوز «أحجار بناء» رخيصة تُنقل عادة بحرًا لا جوًا.

نفوذ إماراتي عدواني في اليمن

سياسيًا وأمنيًا، يتقاطع الملف مع نفوذ إماراتي قائم في الساحل الغربي ووجود تشكيلات محلية موالية تتولى الحماية الميدانية. ويزعم خصوم هذه الترتيبات أن شخصيات محلية نافذة تتقاضى مبالغ شهرية مقابل التسهيلات، فيما يجري تسويق مشاريع واجهة خدمية لكسب رضا الأهالي.

ولا تتوفر، حتى اللحظة، بيانات رسمية تفصيلية حول طبيعة النشاط الصناعي في الجبل أو الغرض من المدرج الجديد، كما لم تصدر إفصاحات شفافة عن العقود والجهات المنفذة وكميات المواد المنقولة ومساراتها.

وتكتسب ذُباب – إلى جانب المخا – حساسية مضاعفة لقربها من مضيق باب المندب، أحد أهم شرايين التجارة العالمية. فوجود «ممرات مغلقة» محمية أمنيًا يثير أسئلة لا تنحصر بالاقتصاد، بل تمتد إلى التحكم في العقد اللوجستية البرية والبحرية والجوية، وما قد يترتب على ذلك من ديناميات نفوذ تتجاوز ولاية السلطات المدنية المحلية.

على الضفة المقابلة، يُلوِّح خطاب صنعاء منذ 2022 بمقاربة «منع النهب بالقوة» في موارد النفط شرقًا، ويعتبر الثروات الطبيعية «خطًا أحمر».

ويرى مراقبون أن هذه العقيدة قد تمتد إلى ملف المعادن غربًا إذا تكرّرت مؤشرات الاستغلال الخارجي، مع الإقرار بحساسية المسرح قرب خطوط الملاحة الدولية واحتمالات التصعيد.

وبغضّ النظر عن وجهات النظر السياسية، تُظهر السوابق أن أدوات الضغط العسكرية والإعلامية باتت جزءًا من معادلة تقاسم الموارد ومنع إخراجها خارج الأطر التعاقدية الشفافة.

ويدفع خبراء حقوقيون وناشطون من تعز باتجاه تشكيل لجان مدنية مستقلة تضم أكاديميين وجيولوجيين ومحامين، للنزول الميداني، وتوثيق الأنشطة، وبناء ملف أدلة قابل للتقاضي محليًا ودوليًا.

ويشدِّد هؤلاء على أن غياب الرقابة المجتمعية خلال الأعوام الماضية سمح بتكريس أنماط استخراج غير معلنة، وأن الانتقال من «الهمس المحلي» إلى «توثيق منهجي» هو الفارق بين ضجيج سياسي عابر ومحاسبة قابلة للإنفاذ.