يتخذ النظام الحاكم في دولة الإمارات مواقف صادمة ومثيرة للجدل منها تجاهل وبل وتأييد قمع واضطهاد المسلمين وذلك خدمة لمصالحه الاقتصادية ومؤامراته العدوانية.
من ذلك تأييد الإمارات مؤخرا خطوات الهند لضم إقليم كشمير، وتجاهل معاناة سكان الإقليم من المسلمين ولو بإبداء كلمة تضامن واحدة تعطيهم العزيمة على الصمود والبقاء، درءاً لغموض المصير.
وإذ يثير هذا الموقف الاستغراب، يثير استمرار بقاء هذا الملف مفتوحاً ومولِّداً الحروب بين الهند وباكستان الاستغراب أكثر، بسبب عدم حل هذه القضية حتى الآن، وبسبب مصاعبهما الاقتصادية التي تُحتِّم عليهما التفكير بإحلال السلام، لا بإثارة النزاعات.
وبقدر ما تطرح قضية كشمير من ألغازٍ تساعد في حلولٍ أخرى تتعلق بالعلاقات الدولية. حصل أمر في شهر إبريل/ نيسان الماضي، كان بمثابة لغزٍ استعصى حلُّه، حين دُهش الجميع، وتساءل عن دوافع دولة الإمارات التأسيس لإشادة معبدٍ هندوسيٍّ على أراضيها.
وأثار الخبر استغرابا كثيرا، وتعزز ذلك مع التفاصيل اللاحقة به، والتي تشير إلى حجم المبنى الكبير، وما سيلحق بقاعات العبادة من مراكز تعليمية ورياض أطفال وحدائق ومراكز بيع الكتب والهدايا وقاعات الطعام الواسعة ومراكز الزوار.
قال كثيرون، يومها، إن الأمر يتجاوز مسألة التسامح الديني، في بلاد تحارب الإسلام السياسي، وتدعم الأنظمة العربية التي تضطهد الإسلاميين.
مع مرور الأيام، وفي شهر أغسطس/ آب الماضي، كانت دولة الإمارات من الدول القليلة، أو ربما النادرة، التي أيَّدت قرار الهند إلغاء الحكم الذاتي لكشمير، بعد ثلاثة أو أربعة أيام من إعلانه، فقد رأى سفيرها في نيودلهي فيه خطوةً ستؤدي إلى تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية، وتعزِّز ثقة الشعب بالحكم المحلي لإقليم جامو وكشمير.
ولم تر الإمارات في الأمر شروعاً في تغيير ديمغرافية هذا الإقليم ذي الغالبية المسلمة، وهو التغيير الذي حظرته المادة 370 من الدستور الهندي التي ألغتها السلطات الهندية، في 5 أغسطس/ آب الماضي، كونها تنصُّ على إعطاء الإقليم الحكم الذاتي، وتحظر على الهنود الاستقرار الدائم فيه منعاً لتغيير تركيبته السكانية.
كما لم توضح الإمارات إن كان ما تبع قرار الهند هذا، من إجراءات تقييد الحريات المتضمنة قطع الاتصالات الهاتفية، وفرض القيود على الإنترنت، وقطع البث التلفزيوني، وحملات اعتقال الناشطين السلميين، وقمع المظاهرات، وفرض حظر التّجوُّل والقيود على التنقُّل، كذلك هي خطواتٌ ستؤدي إلى تحسين ظروف الشعب الاجتماعية والاقتصادية.
ويمكن لهذا الأمر أن يثير الاستغراب، كما موضوع المعبد الهندوسي، لولا الوقائع التي تتحدّث عما يشبه حلف المصالح الإماراتي الهندي، للوقوف في وجه شراكة باكستان والصين التي تتعزز عبر مشروع ميناء غوادر في باكستان المهدد لمكانة ميناء دبي.
لا أحد يدري إن كانت الهند قد عولت على حال التردّي التي وصل إليها المسلمون، لكي تتخذ هذا القرار؛ إذ كان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، قد قدّم السنة الماضية للهند أعظم هدية، حين قرر نقل سفارة بلاده لدى الكيان إسرائيل من تل أبيب إلى القدس. وربما كانت تلك الخطوة بمثابة جسّ النبض الذي تَلقَّت الهند نتائجه، ودرست ردّ فعل المسلمين المخجل، فبدأت التخطيط لهذه الخطوة.
ولكن على الأغلب فإن الهند لم يصل الأمر بها إلى أن تطمح لتلقي الدعم، بل والتكريم عشية خطوتها تلك، وهو ما جرى حين قلَّدت دولة الإمارات رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في 24 أغسطس/ آب الماضي، الوسام الأرفع لديها (وسام زايد)، ثم تبعتها البحرين في اليوم التالي، حين قلَّد ملكها مودي “وسام البحرين من الدرجة الأولى”، على الرغم من أن ناشطين بحرينيين وعرباً وصفوه بأنه “مضطهد المسلمين”.
وحين لم تستنكر جامعة الدول العربية أو منظمة التعاون الإسلامي هذا الاحتفاء بمودي، لا بد أن الرجل رأى في هذه الوقائع مجتمعةً تشجيعاً للاستمرار في مسعاه لضم الإقليم.
في هذا الصراع، بقيت باكستان وحيدةً تقارع الهند، وتدفع باتجاه تبنّي المنظمات الدولية موقفاً يدين قرار ضم الإقليم. ولم تلقَ الدعم في جهودها، حتى ممن أرسلت جنودها مراراً للدفاع عنهم وتدريب قواتهم؛ العربية السعودية، التي فعلت عكس ما يؤمل من دولة تعد نفسها المدافع الأول عن الإسلام، إذ أبرمت الرياض ونيودلهي صفقةً تتعلق بالنفط بقيمة 15 مليار دولار، أياما بعد إصدار السلطات الهندية قرار إلغاء الحكم الذاتي للإقليم، أي في 12 أغسطس/ آب الماضي.