يصعد النظام الإماراتي خطواته لتقويض كل أركان الدولة في اليمن عبر تهميش وتقليل سلطات الحكومة الشرعية، وتأسيس ونشر ميليشيات مسلحة خارج سيطرة الحكومة، إضافة إلى منع التئام مجلس النواب اليمني.
وفي إبريل/نيسان الماضي، تكللت جهود حثيثة امتدت لسنوات بالتئام البرلمان اليمني في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية للمرة الأولى، ولطالما كان نفوذ الإمارات وحلفائها بحسب ما يقول برلمانيون، العقبة الأولى في طريق هذا الالتئام.
ومجدداً يعود الحديث حول الأزمة على الرغم من إعلان أبوظبي عن تقليص وجودها العسكري وبالتالي، من المفترض تقليص تدخلاتها التي تقوض مؤسسات الشرعية اليمنية.
مع العلم أن جلسات إبريل الماضي في سيئون شرقي البلاد، كانت محدودة ورمزية، وجرى خلالها اختيار رئاسة جديدة لمجلس النواب، بدلاً من تلك المقيمة في مناطق سيطرة الحوثيين فيما يشبه الإقامة الجبرية. كما لا يزال مجلس النواب في مناطق سيطرة الجماعة، ينعقد بنصاب غير قانوني بفعل حضور نصف عدد الأعضاء فقط.
ومنذ اللحظات الأولى للحرب (2015)، بدأت معركة الشرعية في انتزاع البرلمان من الحوثيين، وقامت بعمليات استقطاب حتى اكتمل النصاب القانوني للانعقاد، إلا أن الإمارات وحلفاءها النافذين في عدن (العاصمة المؤقتة)، منعوا انعقاد المجلس مراراً وتكراراً، قبل أن ينعقد في سيئون ويتم رفع الجلسات على أن تستأنف بعد عيد الفطر (مطلع شهر يونيو/حزيران الماضي)، إلا أنه لم يحصل.
وتشير أحدث المعلومات والتسريبات من البرلمانيين اليمنيين إلى أن الإمارات استخدمت مجدداً “الفيتو” بمنع انعقاد البرلمان، وفي سبيل حل الأزمة، اضطر رئيس مجلس النواب اليمني، سلطان البركاني للقيام بزيارة إلى أبوظبي، وحمل معه رسائل تطمئن الإماراتيين وصورة قديمة تجمعه بمؤسس الإمارات الشيخ زايد بن سلطان، لكن يبدو أن الصورة والرسائل التي حملها لم تكن كافية لإقناع أبنائه بالسماح بانعقاد البرلمان في عدن.
هذا الأمر يثير التساؤلات مجدداً حول ما وراء الحرص الإماراتي على تقويض مؤسسات الشرعية اليمنية، وهي الدولة العضو الثاني في تحالف يقول إنه جاء لدعم “الشرعية”.
الشرعية اليمنية تتأثر يوماً بعد يوم بترهل أداء مسؤوليها وبقاء الغالبية منهم بمن فيهم الرئيس عبدربه منصور هادي، خارج البلاد، وليس خافياً على أحد، أن الإمارات هي من يملك القرار الأمني الأول في عدن، وهذا ما أكده حرفياً رئيس الوزراء السابق أحمد عبيد بن دغر، وبالتالي فإنها مسؤولة بصورة مباشرة عن مآلات الوضع الكارثية وسينعقد البرلمان اليوم أو غداً، لكن الفارق في أن مزيداً من التهور الإماراتي يعني المزيد من الانكشاف في اليمن، وكلها فاتورة مؤجلة.
وكانت كشفت مصادر يمنية وإماراتية موثوقة عن منع النظام الإماراتي انعقاد مجلس النواب اليمني في العاصمة المؤقتة عدن ضمن مؤامرات ابو ظبيا لمستمرة لتقويض السلطة الشرعية في البلاد.
وذكرت المصادر أن ولي عهد أبو ظبي الحاكم الفعلي للإمارات محمد بن زايد رفض طلبا تقدم به رئيس مجلس النواب اليمني سلطان البركاني بخصوص انعقاد البرلمان في عدن.
وأوضحت المصادر أن البريكي زار الإمارات خصيصا لتقديم هذا الطلب إلى بن زايد الأسبوع الماضي لكن ولي عهد أبو ظبي أبلغه بالرفض القاطع.
وتحدثت مصادر برلمانية يمنية، أن الترتيبات جارية لعقد مجلس النواب بمدينة المكلا الساحلية في حضرموت جنوب شرقي اليمن، الشهر المقبل.
وسينعقد المجلس تحت حماية قوات يمنية وسعودية، وذلك مع مواصلة الإمارات رفض انعقاده في عدن منذ سنوات.
وبحسب المصادر، فإن هيئة رئاسة مجلس النواب (المكونة من رئيس وثلاثة نواب)، سيعقدون جلسة افتتاحية لهم في عدن، قبل أن يتجهوا إلى المكلا، التي سيكون قد وصلها أعضاء البرلمان لعقد دورة استثنائية.
وأفادت بأن الزيارة التي قام بها البركاني المنتخب مؤخرا لرئاسة البرلمان، فشلت في إقناع الإماراتيين بعقد مجلس النواب في عدن، كما حدث مسبقا، الأمر الذي دفع الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى التوجيه لعقد جلسات للمرة الأولى منذ الانقلاب، في مدينة سيئون بحضرموت، في 13 أبريل الماضي، وتحت حماية سعودية.
وتتحكم قوات وميليشيات الإمارات في المشهد العسكري في جنوب اليمن، منذ تحرير عدن من جماعة الحوثي في يوليو 2015.
وتدعم أبوظبي المجلس الانتقالي الجنوبي الداعي إلى الانفصال، وتعمل على تمويل وتسليح مليشيات وأحزمة أمنية خارج إطار السلطات الشرعية، وفق مراقبين.
ويقول مراقبون، أن تصرفات أبوظبي تجاه السلطة الشرعية ومؤسساتها في اليمن، يناقض إعلانها الأخير بالانسحاب من اليمن وفتح المجال أمام دعوات السلام.
كما يناقض الموقف تصريحات ولي عهد أبوظبي خلال زيارة رئيس النواب اليمني مطلع الأسبوع إلى العاصمة، والتي قال خلالها إن الإمارات تدعم وتساند عودة مؤسسات الدولة في اليمن.
واشتكت الحكومة الشرعية في اليمن على مدار سنوات حرب التحالف السعودي الإماراتي على البلاد من خطوات لأبوظبي تدفع بتفويض السلطة الشرعية بما في ذلك منه الرئيس اليمني من العودة إلى عدن.
إعاقة تشكيل حكومة وحدة..
في هذه الاثناء كشفت مصادر يمنية أن الإمارات أعاقت تشكيل حكومة وحدة وطنية في المناطق المحررة من الانقلابين الحوثيين في اليمن، كما رفضت دمج الميليشيا التابعة لها في اليمن بقوات الجيش والأمن التابعة لحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي.
وأوضحت المصادر لصحيفة “القدس العربي” الصادرة في لندن أن “الإمارات رفضت عرضاً من الحكومة اليمنية، بمنح حقيبة وزارية في التشكيل الحكومي الوشيك للمجلس الانتقالي، ذي التوجه الانفصالي المدعوم مادياً وعسكرياً من أبوظبي، مقابل دمج الميليشيا الإماراتية في اليمن بقوات الجيش والأمن الحكومية، ما تسبب في تأخير إعلان التشكيل أو التعديل الحكومي، الذي كان مقرراً نهاية الأسبوع المنصرم”.
وأوضحت المصادر أن “الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أنهى نهاية الأسبوع المنصرم مشاورات مع مختلف الأحزاب والمكونات السياسية الداعمة للحكومة الشرعية اليمنية، من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية مصغرة، تضم في عضويتها وزراء من الكفاءات الوطنية، من مختلف الأحزاب والاتجاهات السياسية، بغرض تفعيل الدور الحكومي في الأزمة الراهنة في البلاد التي تشهد حرباً طاحنة منذ مطلع 2015”.
وأكدت أن “الصراع اليمني – الإماراتي، والخلاف السعودي ـ الإماراتي أسفر عن تأخير إعلان التشكيل الحكومي أو حتى إجراء تعديل حكومي محدود، يشمل بعض الوزارات السيادية التي تشهد فراغاً منذ عدة أشهر، حيث تصر أبوظبي على تعيين وزراء من الموالين لها، كما تصر السعودية على تعيين وزراء آخرين من الموالين لها”.
في حين ترى الحكومة اليمنية أن مصلحتها تكمن في تعيين وزراء من ذوي الكفاءة العلمية والعملية ومن ذوي الخبرة ولديهم القدرة على تحريك المياه الراكدة في العديد من الوزارات التي تجمدت أنشطتها بسبب الحرب الراهنة في اليمن وسوء الإدارة الحكومية وتعدد الولاءات المحلية والخارجية.
وكانت العديد من المصادر السياسية تحدثت عن احتمالية تعيين نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية أحمد الميسري، رئيساً لمجلس الوزراء، خلفاً لرئيس الوزراء الحالي معين عبد الملك، الذي أظهر سلبية كبيرة في إدارة الشؤون الحكومية، وكانت حكومته أضعف حكومة يمنية في تاريخ الحكومات اليمنية المتعاقبة التي لم تحقق نجاحاً لا على الصعيد السياسي ولا على الصعيد التنموي.
وأشارت إلى أن السعودية استدعت الميسري الى الرياض، وعاد منها الأحد، بغرض التشاور معه بشأن التشكيل الحكومي.
وحاولت أبوظبي استمالة الميسري إليها مراراً، غير أنه رفض العروض والضغوط الإماراتية، وفجّر مفاجأة من العيار الثقيل الأسبوع الماضي بالكشف عن نتائج التحقيقيات في مسلسل الاغتيالات المتعاقبة في محافظة عدن، والتي كشفت عن تورط أدوات الإمارات في عدن بالوقوف وراءها، وهو ما أحرج أبوظبي ودفعها إلى التخلي عن بعض رموزها في محافظة عدن وتحميلهم المسؤولية عن ذلك.