موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

يطال أكبر بنك في دبي.. تسريح واسع للموظفين في الإمارات وسط انهيار اقتصادي

142

تشهد دولة الإمارات عمليات تسريح واسعة للموظفين في ظل التفاقم القياسي للأزمة الاقتصادية التي تنذر بالانهيار التام وهو ما برز في أكبر بنك في إمارة دبي بفعل تأثيرات أزمة فيروس كورونا المستجد وفشل سياسات النظام.

ونقلت وكالة رويترز العالمية للأنباء عن ثلاثة مصادر أن بنك الإمارات دبي الوطني الذي يعد أكبر بنك في دبي، بدأ خفض مئات الوظائف هذا الأسبوع بعد أن أدى تأثير أزمة فيروس كورونا إلى التعجيل بعمليات تسريح مزمعة.

ورغم أن الحجم الكامل لخطة خفض الوظائف لم يتضح حتى الآن، فقد قدر أحد المصادر أن بنك الإمارات دبي الوطني سينهي خدمات حوالي 10% من موظفيه، أي ما يعادل حوالي ٨٠٠ شخص.

وأضافت المصادر أن غالبية من سيشملهم الخفض يعملون في الإمارات. وقال بنك الإمارات دبي الوطني في بيان إن التطورات الأخيرة كان لها تأثير كبير على الاقتصاد وقطاع الخدمات المالية والبنك.

وأضاف “هذا يعني التخلي عن بعض زملائنا لأننا نقدر الحجم المناسب لتلبية احتياجاتنا التجارية المستقبلية المتوقعة، وخصوصا في ضوء التوقعات الاقتصادية التي تشير إلى أوقات صعبة مقبلة”.

وتابع البنك “ما زلنا متفائلين بأنه مع انفتاح الاقتصاد الإماراتي سيكون لدى بنك الإمارات دبي الوطني الهيكل الصحيح لمواصلة دعم العملاء ومساعدة الشركات على النمو والازدهار”.

وقال مصدر آخر إن خفض الوظائف سيشمل على الأرجح موظفين من ذراع الخدمات المصرفية الخاصة وأجزاء أخرى من بنك الإمارات دبي الوطني.

وأفاد أحد المصادر “لقد كان (خفض الوظائف) بالفعل في الخطة لعام 2020، وخصوصا مع رقمنة البنك، لكن تأثير فيروس كورونا عجّل بذلك”.

وأعلن بنك الإمارات دبي الوطني انخفاض أرباحه في الربع الأول من العام الحالي بواقع 24%.

وغيرت وكالة التصنيف الائتماني موديز توقعاتها المستقبلية لـ٨ بنوك في الإمارات، بينها بنك الإمارات دبي الوطني، إلى سلبية هذا الشهر، عازية ذلك إلى “بيئة تشغيل صعبة في الإمارات بسبب تفشي فيروس كورونا وانخفاض أسعار النفط والتحديات الاقتصادية الموجودة من قبل”، وقالت أيضا إن مخصصات انخفاض القيمة ارتفعت تحسبا لتراجع جودة الائتمان.

يأتي ذلك فيما قالت وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية قبل يومين إن ربحية بنوك الإمارات ستتضرر هذا العام تحت ضغط جائحة كرونا، وأوضحت أن الآفاق الائتمانية لبنوك الإمارات من المرجح أن تضعف في 2020 نتيجة أزمة كورونا وتراجع أسعار النفط.

وحتى قبل أزمة كورونا سرّحت البنوك الإماراتية 930 موظفا وأغلقت 49 فرعا محليا في الربع الثالث من عام 2019، على خلفية الاندماجات في القطاع وتدابير خفض التكاليف.

أخطار محدقة

كثرت في الآونة الأخيرة التقارير التي تشير إلى أخطار محدقة بعمليات تشغيل القطاع المصرفي في دولة الإمارات مع تنامي التحديات التي تعترض بيئة عمله.

وفي أحدث المؤشرات السلبية لأزمة بنوك الإمارات، قالت وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية إن ربحية بنوك الإمارات ستتضرر هذا العام تحت ضغط جائحة كرونا.

وذكرت الوكالة العالمية في تقرير تحت عنوان  “نتائج بنوك الإمارات 2019: جودة الأصول تحت الضغط”، أن الآفاق الائتمانية لبنوك الإمارات من المرجح أن تضعف في 2020 نتيجة أزمة كورونا وتراجع أسعار النفط.

وأضافت أن ربحية البنوك في الإمارات ستتضرر من انخفاض أسعار الفائدة وتراجع الدخل من الرسوم والأنشطة خارج الإقراض.

وبخصوص 2019، قالت الوكالة إن متوسط هامش صافي الفائدة انخفض بسبب ارتفاع تكاليف التمويل والمنافسة القوية على الإقراض.

وفيما يتعلق بالأصول، أفادت فيتش أن جودة الأصول ظلت تحت الضغط عام 2019، خاصة في قطاعي المقاولات والعقارات، وفي تجارة التجزئة والجملة والضيافة، وخاصة مراكز التسوق والفنادق، كما كان نمو القروض المحلية ضعيفا، في حين بقيت أسعار العقارات ضعيفة أيضا.

وذكرت الوكالة أن ودائع بنوك الإمارات شكلت نحو 80% من تمويلاتها في 2019، حيث بلغ متوسط الإقراض إلى الودائع 93.5%.

والجمعة الماضي، قالت وكالة موديز للتصنيف الائتماني إنها عدلت نظرتها المستقبلية لـ8 بنوك في الإمارات من مستقرة إلى سلبية، في ظل تفشي فيروس كورونا المستجد.

والبنوك هي: الإمارات دبي الوطني، وبنك أبو ظبي التجاري، وبنك دبي الإسلامي، وبنك المشرق، وإتش إس بي سي الشرق الأوسط، ومصرف أبو ظبي الإسلامي، وبنك رأس الخيمة الوطني، وبنك الفجيرة الوطني.

وأكدت الوكالة أن تعديل النظرة المستقبلية يعكس “الضعف المحتمل الملموس في الوضع الائتماني المنفرد (للبنوك)، في ظل بيئة تشغيلية زاخرة بالتحديات في الإمارات بسبب تفشي فيروس كورونا وانخفاض أسعار النفط والتحديات الاقتصادية القائمة الموجودة مسبقا”.

ويواجه اقتصاد الإمارات أزمة سيولة نتيجة تراجع أسعار النفط، والتي وصلت في أبريل/نيسان إلى أدنى مستوى لها في 20 عاما عند 16 دولارا للبرميل.

ورغم تحسن الأسعار بعد اتفاق أوبك بلس على تخفيضات غير مسبوقة في الإنتاج، فإن السعر الحالي الذي يحوم حول 42 دولارا للبرميل ما زال بعيدا عن سعر 70 دولارا الذي تحتاجه الإمارات للوصول إلى نقطة التوازن في ميزانيتها.

فساد مالي

أصبحت الكثير من البنوك في دولة الإمارات خلال الاشهر الأخيرة ساحة مفتوحة يغترف منها ناهبي الأموال ما يشاءون في ظل تفشي الفساد في الدولة وتواطؤ كبار المسئولين في النظام الحاكم.

وعلى مدى سنوات روج النظام الإماراتي أن الدولة تطبق أحدث ما وصل إليه العالم في تقنية الخدمات والنظم المصرفية، مثل ملاحقة الجرائم المالية والاقتصادية التي تحاول اختراق البنوك، ومنها عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب، الأحدث في أساليب الائتمان المصرفي ومنح القروض وحماية أموال المودعين، الأحدث في مجال المخصصات والحوكمة والحد من الديون المتعثرة والمشكوك في تحصيلها.

لكن يوماً بعد يوم تتكشف حقائق وأرقام مذهلة عن مليارات الدولارات التي نُهبَت من بنوك الإمارات، وخاصة تلك العاملة في دبي.

ومن وقت إلى آخر، تكشف الوقائع والتحقيقات الجارية عن سطو رجال أعمال أجانب وأصحاب شركات وصناديق استثمار كبرى، تعمل على أراضي الإمارات وخارجها، على مليارات الدولارات من أموال هذه البنوك التي تعود ملكية معظمها إلى الدولة، وهو ما يضع عشرات من علامات الاستفهام حول الأساليب الرقابية التي تطبقها بنوك الإمارات لحماية أموالها، التي هي في الأصل أموال مودعين.

كما يضع علامات استفهام حول الأساليب المطبقة لمواجهة عمليات غسل الأموال التي يرتكبها رجال أعمال عبر هذه البنوك، ومدى تأثير عمليات النهب المتواصلة تلك في أموال المودعين.

والأخطر السؤال عن كيفية صناعة القرار داخل القطاع المصرفي، وخاصة في ما يتعلق بعمليات منح القروض الضخمة التي تتجاوز المليار دولار، وهل المنح يكون حسب دراسات جدوى اقتصادية وقواعد ائتمانية سليمة، أم حسب قرارات فردية وعلاقات شخصية؟

أحدث مثال على عمليات النهب تلك، ما كشفه المصنفون القانونيون المشرفون على عملية إعسار مجموعة “أبراج كابيتال” قبل يومين من أن عارف نقفي، مؤسس المجموعة والرئيس التنفيذي لها، استولى على نحو 385 مليون دولار (1.41 مليار درهم) من أموال البنوك الإماراتية، وهو مبلغ أكبر بكثير مما ادعاه المدّعون الأميركيون في وقت سابق.

علماً بأن “أبراج”، التي كانت تصنفها وسائل إعلام إماراتية على أنها أكبر صندوق للاستثمار المباشر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تقدمت بطلب تصفية في شهر يونيو/ حزيران 2018 عقب انهيارها والكشف عن عمليات فساد ضخمة فيها، وسيترتب عن التصفية ضياع مئات الملايين من الدولارات على البنوك الإماراتية، حيث إن أصول المجموعة المنهارة لا تكفي لتغطية الالتزامات والديون المستحقة عليها.

وفي شهر إبريل/ نيسان الماضي، استيقظ الجميع على فضيحة مدوية، حيث كُشف عن عملية نصب ضخمة على البنوك الإماراتية قادها الملياردير الهندي، بي آر شيتي، مؤسس مجموعة إن.إم.سي NMC للرعاية الصحية، حيث حصل على قروض تقدر بنحو 6.5 مليارات دولار من بنوك إماراتية وإقليمية وعالمية تجاوز عددها 27 بنكاً وفرّ بها إلى بلده الهند، ومن بين هذه البنوك دبي الإسلامي وأبوظبي التجاري.

ولم تمضِ سوى أسابيع على أزمة تلك الديون الضخمة التي تم السطو عليها، حتى ظهرت أزمة أخرى مع شركة تدعى فينيكس كوموديتيز Phoenix Commodities لتجارة السلع مملوكة لرجل أعمال هندي أيضا ومدينة لبنوك الإمارات بنحو 400 مليون دولار.

حكايات البنوك الإماراتية مع الهاربين بأموالها والمتعثرين لا تنتهي، ويبدو أن الأزمة المالية العنيفة التي تمرّ بها دول الخليج بسبب تهاوي أسعار النفط وتداعيات كورونا الخطيرة ستدفع مزيداً من رجال الأعمال والشركات الأجنبية نحو الهروب، وهو ما ينعكس مباشرةً على القطاع المصرفي الإماراتي المموّل الأول لهؤلاء.

ديون هائلة

في منتصف الشعر الماضي أعلنت عدد من البنوك الإماراتية انكشافها على ديون شركة فينيكس كوموديتيز التي دخلت مرحلة التصفية، وذلك بعد أزمة مماثلة واجهتها البنوك في الإمارات بسبب فضيحة شركة “إن إم سي” للرعاية الصحية المهددة بالإفلاس.

وأعلن بنك أبو ظبي الأول -أكبر بنوك الإمارات- انكشافه بمبلغ 73.2 مليون دولار على فينيكس كوموديتيز لتجارة السلع الزراعية وكيانات متصلة بها.

ونمت شركة “فينيكس” التي تأسست قبل 20 عاما إلى شركة تدر ثلاثة مليارات دولار إيرادات في 2019 وتتاجر في الحبوب والفحم والمعادن ومنتجات أخرى لكنها انهارت حين تسبب فيروس “كورونا” في اضطراب الأسواق المالية.

ويعد هذا أكبر انكشاف يعلنه بنك إماراتي على الإطلاق على المجموعة التي دخلت مرحلة تصفية، بعد تراكم خسائر تداول محتملة تجاوزت 400 مليون دولار، وفقا لوثيقة أعدها المسؤولون عن التصفية وأطلعت عليها وكالة “رويترز” للأنباء.

وقال البنك في إفصاح للبورصة إن انكشافه يشمل 7.7 ملايين دولار على فينيكس كوموديتيز ضمن قرض مشترك مع بنوك أخرى، كما يشمل 55.3 مليون دولار على هيئة قروض ثنائية ومشتركة للكيانات المرتبطة.

وينكشف بنك أبو ظبي الأول على “إس إم جي دي إم سي سي” بقيمة 10.2 ملايين دولار.

وقال البنك في إفصاحه “تم تأمين القروض المشتركة عبر مجموعة من آليات الضمان تتضمن تعهدات الحسابات المصرفية، وتحويل إيرادات لصالح البنك، وضمانات مؤسسية. كما تم تأمين القروض الثنائية الخاصة بالشركات التابعة للمجموعة بضمانات مؤسسية بعضها مضمون بهوامش نقدية”.

كما أعلن بنك الإمارات دبي الوطني -أكبر بنوك دبي- الثلاثاء انكشافه بقيمة 23.66 مليون دولار على فينيكس كوموديتيز التي لديها مكاتب في دبي وسنغافورة.

وسبق ذلك إعلان بنك المشرق أن لديه انكشافا بقيمة تفوق 43 مليون درهم (11.7 مليون دولار).

وبحسب وسائل إعلام إماراتية، أعلن 14 بنكا وشركة مالية تعرضها للانكشاف على الشركة التي تتخذ من مركز دبي للسلع المتعددة مركزا لها.

وقالت مصادر مطلعة لرويترز إن ستاندرد تشارترد هو أحد البنوك التي قدمت تمويلا لمجموعة فينيكس. وقد امتنع البنك عن التعليق على حجم انكشافه.

وكان ستاندرد تشارترد أحد البنوك التي ساعدت فينيكس في جمع قرض قيمته 205 ملايين دولار في أواخر 2017، وكان بنك أبو ظبي الأول من البنوك المشاركة في الصفقة.

وكشفت معلومات نقلتها “رويترز” أن شركة فينيكس لديها تسهيلات من بنوك إماراتية وبنوك أخرى بأكثر من مليار دولار.

وتأتي هذه الأزمة لتزيد الضغوط على القطاع المصرفي الذي لا يزال تحت طائلة تأثير فضيحة انهيار شركة “إن إم سي” للرعاية الصحية.

وعاش القطاع المصرفي الإماراتي -ولا يزال- حالة ارتباك حقيقية، على خلفية انكشاف عدة بنوك محلية على شركة إدارة المستشفيات الإماراتية المتعثرة “إن إم سي هيلث” وشركاتها التابعة.

ويعود هذا القلق إلى منح هذه البنوك قروضا ضخمة للشركة التي تقترب من إعلان إفلاسها.

ويصل إجمالي حصيلة القروض التي منحتها هذه البنوك مجتمعة للشركة المتعثرة إلى نحو ثلاثة مليارات دولار، حصة المصارف الإماراتية منها أكثر من مليارين.

ويعتقد خبراء أن مثل هذه الأزمات ستزيد الضغوط على البنوك الإماراتية، في ظل شح السيولة بسبب الإغلاقات التي شهدتها الأنشطة الاقتصادية، على خلفية انتشار فيروس “كورونا”.

وشهد القطاع المصرفي الإماراتي حالة من الجدل، بعد استيلاء رجل الأعمال الهندي “آر بي شيتي”، مالك ومؤسس مجموعة “إن إم سى هيلث” على 6.6 مليارات دولار، والعودة لبلاده منذ نحو شهرين، من زاوية تعامل الدولة وتسهيلات البنوك معه، ومقارنة ذلك مع ما يجري مع المواطنين ممن تعطلت مصالحهم بسبب تداعيات انتشار الجائحة.

وقالت منظمة الشفافية الدولية: إن دولة الإمارات العربية المتحدة تعد جزءا من منظومة عالمية لغسل الأموال، مؤكدة أن تقرير مجموعة العمل المالي الأخير بشأن غسل الأموال وتمويل الإرهاب في الإمارات يؤكد ارتباطها بفضائح فساد كبرى عابرة للحدود.

وأضافت المنظمة الدولية أن ما أسماه “النهج الفوضوي” المتبع في تسجيل الشركات بالإمارات يصعّب على السلطات الحاكمة معرفة من يقف وراء الشركات الوهمية فيها.

كما أن قطاع العقارات في الإمارات يسمح لأشخاص بالاستفادة من نظام الملكية المعقّد لشراء العقارات وإخفاء هوياتهم ومصادر أموالهم.

وختمت المنظمة الدولية بأن السلطات في الإمارات لا تتعاون مع الشركاء الدوليين، مما يجعلها مركز جذب وملاذا آمنا للمجرمين.