موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

الإمارات: تاريخ أسود من القمع العابر للحدود تكريسا لنهج القمع

1٬136

لم يكن إعلان سلطات الإمارات اعتقال الكاتب والشاعر المصري “عبدالرحمن يوسف القرضاوي” بعد تسلمه بشكل قسري من لبنان سوى حلقة أخرى في مسلسل يقوم على تاريخ أسود من القمع العابر للحدود لأبوظبي تكريسا لنهج القمع.

وتصر الإمارات على الدعاية السيئة بأن لها يد طولى في الدول العربية لملاحقة من تراه معارضا لها، واستخدامه لإخافة الإماراتيين.

إذ بعد يوم من إعلان اعتقال القرضاوي، أعلنت السلطات الإماراتية عن إضافة 19 شخصاً وكياناً في قوائم الإرهاب، معظمهم من الناشطين الحقوقيين والمعارضين الإماراتيين الموجودين خارج البلاد.

ولأن جهاز أمن الدولة (المخابرات) لا يستطيع الوصول إلى المعارضين والمنتقدين بطرق قانونية فإنه يوسع عملياته السوداء بطرق غير قانونية، وبات يمتلك سجلا حافلا وأسودا على هذا الصعيد.

عبدالرحمن بن صبيح: في ديسمبر 2015 اختطفت أبوظبي الداعية عبدالرحمن بن صبيح، وهو مسؤول سابق ورجل إغاثة. تمت العملية في جنح الظلام بدفع رشاوى لأجهزة الأمن في الدولة الآسيوية ونقله إلى أبوظبي.

جرى اختطاف بن صبيح ونقله من العاصمة الإندونيسية جاكرتا بينما يسعى للحصول على صفة لاجئ سياسي، بعدما أصدرت محكمة أمن الدولة عليه حكماً بالسجن 15 عاماً في قضية وصفتها منظمات حقوق الإنسان بالجائرة وذات الدوافع السياسية ضمن القضية التي عُرفت إعلامياً بـ”الإمارات94″.

لم تعلق السلطات رسمياً على اختطافه، وأكدت منظمات حقوقية تعرضه للتعذيب بعد نقله لأبوظبي، وقد تم إعادة محاكمته وحُكم عليه بالسجن 10 سنوات. ثم خرج لاحقاً من السجن وفق صفقة مع جهاز أمن الدولة لنفي اختطافه بعد تأثر صورة الإمارات الخارجية.

خلف الرميثي: في مايو 2023 اختطفت أبوظبي الدكتور الإماراتي خلف الرميثي، الذي يحمل الجنسية التركية، خلال زيارته إلى الأردن بهدف العلاج.

وقد اختفى الرميثي بعد إحالته للمحكمة للنظر في مذكرة التوقيف الإماراتية، بعد أيام جرى التحقق أنه نقل بعملية سوداء لجهاز أمن الدولة إلى أبوظبي.

وعلى الرغم من دخول الرميثي الأراضي الأردنية بجواز السفر التركي إلا أن السلطات الأردنية أوقفته، وسلمته لأبوظبي في انتهاك للقوانين والاتفاقات الإقليمية والدولية.

وفي عام 2013، كان الرميثي من بين 61 شخصا أدينوا في المحاكمة. وحكم عليه بالسجن لمدة 15 عاما، لكنه لم يكن في الإمارات عندما تم الإعلان عن الحكم، فقد فر إلى تركيا وقيل إنه صدم لأنه حوصر في القضية.

وسبق أن شغل الرميثي منصب الوكيل المساعد في دائرة الأشغال العامة في أبوظبي ثم عمل في بلاط صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي آنذاك، حيث كان مسؤولاً عن المرضى الإماراتيين الذين يسعون للعلاج الطبي في الخارج.

وفي يوليو 2024 جرى الحكم ببراءته من الاتهامات ضمن قضية الإمارات 84.

عبدالرحمن القرضاوي: الأمر ذاته في ما يتعلق بتسليم القرضاوي، حيث قررت حكومة تصريف الأعمال اللبنانية تسليمه لأبوظبي عقب نحو 10 أيام من إيقافه في طريق عودته من سوريا إلى لبنان عبر معبر المصنع الحدودي بجواز سفره التركي.

وسرّعت بيروت تسليمه قبل إعلان رئيس جمهورية جديد للبلاد، وهو ما حدث بالفعل، بتسليمه قبل يوم واحد من إعلان الرئيس “جوزيف عون” على الرغم من وجود مذكرة توقيف مصرية (بلده الأصلي) إلا أن المسؤولين في لبنان فضلوا تسليمه لأبوظبي.

وأدانت 24 منظمة حقوقية مصرية وعربية ودولية وأحزاب وأشخاص احتجاز السلطات اللبنانية للقرضاوي مطالبين بالإفراج الفوري عنه، واعتبروا، في عريضة، هذا الإجراء “مثالًا صارخًا على ممارسات القمع العابرة للحدود، التي تُستخدم بشكل منهجي لإسكات الأصوات المعارضة والمدافعين عن حقوق الإنسان خارج حدود بلدانهم”.

وأضافت العريضة أن احتجاز القرضاوي “يمثل استغلالًا غير مشروع للاتفاقيات الأمنية الدولية لتصفية الحسابات السياسية مع المعارضين، ويُظهر توجهًا خطيرًا نحو توظيف التعاون الأمني الدولي كأداة لقمع الحريات الأساسية، وتقييد حق الأفراد في التعبير عن آرائهم”.

محاولة فاشلة:في عام 2018، جرى توقيف الدكتور محمد محسوب، وهو وزير مصري سابق في حكومة محمد مرسي، في إيطاليا، بناءً على مذكرة من منظمة الشرطة الجنائية الدولية “الانتربول”، لكن جرى الإفراج عنه لاحقاً بسبب جنسيته الأخرى الإيطالية.

بالتزامن مع قضية “عبدالرحمن القرضاوي” كشف “محسوب” أن الإمارات كانت وراء توقيفه.

وقال محسوب: اليوم، لا تتوقف القيادة الحالية للإمارات الشقيقة على تبني سياسة غير حكيمة في مواجهة ثورات الربيع العربي، التي لو فكروا بعقل وحكمة لأدركوا أنها ستكون طوق نجاة للمنطقة مما يعصف بها.

وبالمحصلة لا تكتفي أبوظبي بمطاردة الناشطين الحقوقيين والمعارضين الإماراتيين، بل إن توسيع نطاق الملاحقة بعمليات سوداء غير قانونية ليشمل العرب والمنتقدين الأجانب يسيء للإمارات.

واعتقال القرضاوي يضاف إلى تاريخ مستمر منذ عقد ونصف من السياسات الخاطئة التي تحتاج إلى مراجعة سريعة، فعداء شعوب المنطقة يزيد عزلة الدولة وسط محيطها العربي والإسلامي، والاعتماد على الطرق غير الشريعة يُسقط صورة الإمارات لعقود قادمة.

وسبق أن أدرجت منظمة حقوقية دولية الإمارات في صدارة قائمة حكومات الدول التي تمارس جرائم “القمع العابر للحدود” عبر استهداف مواطنيها المعارضين ونشطاء الرأي في الخارج.

وقالت “هيومن رايتس ووتش” إن الحكومات حول العالم تتخطى حدودها وتنتهك الحقوق الإنسانية لمواطنيها الحاليين أو السابقين لإسكات المعارضة أو ردعها. هذه الانتهاكات تمنع الأفراد من إيجاد الأمان لأنفسهم وأُسرهم.

وأكدت المنظمة أن على الحكومات والمؤسسات الدولية اتخاذ خطوات ملموسة لمواجهة ما يُعرف عادة بـ “القمع العابر للحدود” دون المس بحقوق الإنسان بشكل غير مقصود.