كشفت مصادر دبلوماسية متطابقة أن دولة الإمارات تبتز السودان للتنازل في ملف سد النهضة ضمن انحياز أبوظبي الصريح لصالح إثيوبيا وهو ما يثير غضبا مصريا.
وذكرت المصادر أن الزيارة التي قام بها رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان في 10 مارس/آذار الحالي لدولة الإمارات، شهدت تطوراً بالغ السوء بالنسبة للقاهرة.
وأوضحت المصادر أن “المسؤولين في أبوظبي يصرون على فرض رؤيتهم لحل الأزمة، والتي لا تتوافق مع الرؤى المصرية لضمان السيطرة الكاملة على أمننا المائي وعدم ترك مصير الأجيال المقبلة معلقاً بأيدي آخرين، وقد اتضح التوجه الإماراتي إلى حد كبير من خلال الاتصالات مع الطرف السوداني”.
ولا تزال مفاوضات سد النهضة الإثيوبي تراوح مكانها، من دون التوصل إلى اتفاق قانوني وملزم للأطراف الثلاثة؛ مصر والسودان وإثيوبيا.
في المقابل تواصل أديس أبابا العمليات الإنشائية في موقع السد، تمهيداً للملء الثالث المقرر في يوليو/تموز المقبل، في ظل تصاعد القلق المصري من تفويت الفرص المتعلقة بالتوصل لحل من شأنه مراعاة المخاوف المتعلقة بالأمن المائي.
وبحسب المصادر فإنه “خلال زيارة البرهان الأخيرة للإمارات، تم التطرق لملف سد النهضة، في ضوء الوساطة التي تسعى أبوظبي للعبها، وفي ظل ما تمتلكه من نفوذ لدى أطراف الأزمة، وما يربطها بعلاقات قوية برئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد”.
وكشفت أن “مصر والسودان كانتا بصدد الإعلان عن خطوات مشتركة تم التوصل إليها أخيراً متعلقة بالأزمة، لتحريك الملف وإخراجه من حالة الجمود والسكون التي يمر بها، في ظل تجاهل إثيوبيا للمطالبات المتكررة ببدء جولة جديدة من المفاوضات”.
وأشارت المصادر إلى أن المسؤولين في الإمارات “أقنعوا البرهان بدعم الوساطة الإماراتية في الأزمة، والقبول بالتصور الذي طرحته أبوظبي، والمتعلق بتقديم امتيازات اقتصادية، ومجموعة من المشروعات المشتركة بين الدول الثلاث، بتمويل إماراتي، بحيث يتم ربط مصير الدول الثلاث بهذه المشروعات، ويجعل من الصعب على أديس أبابا اتخاذ قرار وقف تمرير المياه لدولتي المصب”.
وكشفت المصادر أن المسؤولين الإماراتيين الذين التقاهم البرهان في أبوظبي “أكدوا له خلال الزيارة أن إثيوبيا لن تقبل بالطرح المصري الخاص باتفاق قانوني ملزم متعلق بعمليتي الملء والتشغيل”.
كما أكد هؤلاء المسؤولون للبرهان أن هذا الاتفاق الذي تسعى له القاهرة “بات غير مجد في أحد جوانبه، وهو الجانب المتعلق بعملية الملء التي باتت أمراً واقعاً وأوشكت أيضاً على الانتهاء، في حين أن الجانب الآخر المتعلق بالتشغيل، لن تقبل به الحكومة الإثيوبية باعتبار أنه يمثل تدخلاً مباشراً في شأن خاص بها”.
وأوضحت المصادر أنه خلال المشاورات مع البرهان في الإمارات، “عرضت أبوظبي على رئيس مجلس السيادة السوداني، زيادة قيمة الاستثمارات التي ستمولها ضمن طرحها لحل الأزمة، لتصل إلى 20 مليار دولار موزعة على الدول الثلاث”.
وقالت المصادر إن “أخطر ما في التطور الأخير، هو إبداء البرهان قبولاً وقناعة بالتصور الإماراتي تحت ضغط الوضع الاقتصادي الصعب الذي يواجهه السودان”.
وأشارت إلى أن “المسؤولين الإماراتيين أوصلوا رسائل ضمنية للبرهان بأنه لن يكون في مقدورهم تقديم مساعدات اقتصادية للخرطوم في أزمته الراهنة في محاولة للضغط عليه.
وهو ما يعني أنه حال عدم توفير مجلس السيادة والحكومة الحالية الاحتياجات الملحة للسودانيين، فلن يكون أمامهم سوى القبول بالرؤية الإماراتية التي تتضمن أيضاً بنوداً متعلقة بحسم الخلاف السوداني الإثيوبي المتعلقة بالمناطق الحدودية المتنازع عليها.
وتجمع الشواهد والحقائق على تفضيل الإمارات دعم إثيوبيا على حساب مصر في أزمة سد النهضة وهو ما يثير خلافا متصاعدا بين أبوظبي والقاهرة.
ويؤكد مراقبون أن الإمارات تتصرف وفق منظورها الخاص لمستقبل المنطقة الذي تريد أن تلعب فيه دورا أكبر من دور أي بلد آخر.
وتنطلق استراتيجية الإمارات من مظلة الاستثمارات والعلاقات وبدعم قوي من إسرائيل على حساب مصر بالتحديد.
وتربط الإمارات علاقات قوية جدا مع إثيوبيا، ولها استثمارات هناك بمليارات الدولارات، ويعنيها في المقام الأول مد وبسط هيمنتها على مضائق المنطقة في جنوب البحر الأحمر والقرن الأفريقي، وبالتالي التحكم في مياه أعالي نهر النيل.
