موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق أمريكي يفضح انتهاكات الاتجار بالبشر في الإمارات

443

فضح تحقيق أمريكي تورط دولة الإمارات في انتهاكات وممارسات الاتجار بالبشر عبر ما تفرضه من تعسف بحقوق العمال الأجانب ومواصلتها فرض نظام الكفالة سيء السمعة.

ودحض التحقيق الذي نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” التصريحات الحكومية المتتالية في الإمارات حول مساعي إنهاء ممارسات الاتجار بالبشر داخل أراضي الدولة، ضمن مساعي الترويج لصورة إيجابية حولها كبلد للتسامح.

وجاء تحقيق الصحيفة الأمريكية تعزيزا لسلسة تقارير حقوقية دولية تم الكشف فيها عن انتهاكات واسعة يتعرض لها العمال الوافدون في الإمارات في ظل استمرار ما تصفه التقارير بنظام الكفالة القمعي، والذي يعد السبب الرئيسي لظروف العمل المستغلة.

وأشارت الصحيفة إلى أن حرم جامعة نيويورك في أبوظبي يظهر كمبنى مميز مع أشجار النخيل والمرافق الحديثة، ما يعكس رغبة دولة الإمارات في تقديم نفسها كرائدة في مجال التعليم، ومع ذلك، فإنه يمثل أيضًا رمزًا دامغًا لعدم المساواة في الإمارات، والعبودية الحديثة، وإساءة معاملة العمال الذين دفعوا التقدم الاقتصادي للبلاد والذين كثيراً ما يتم تجاهلهم.

ومنذ بدء إنشاء الحرم الجامعي في عام 2009، تم إغراء المهاجرين من أفريقيا وجنوب آسيا بوظائف واعدة في مشروع البناء، ومع ذلك فقد انتهى بهم الأمر في ظروف عمل لا إنسانية.

كشف تحقيق “نيويورك تايمز” عن التجربة المؤلمة لهؤلاء العمال المهاجرين، بما في ذلك الإقامة في معسكرات معزولة وبائسة، وتحمل أيام عمل لمدة 11 ساعة، مع قيود الوصول على الهاتف الخليوي، ودفع أجور قليلة، أو مواجهة سرقة الأجور حتى، وقد فاقم الأمر تكاليف المعيشة التي لا يمكن تحملها وديون رسوم التوظيف.

تعرض العديد من هؤلاء العمال للتهديد بالعقوبات المالية القاسية أو حتى تعرضوا لها بالفعل جزاء على محاولة ترك وظائفهم، تنتهك عقود حوالي ثلث العمال قوانين العمل في جامعة نيويورك.

ووفقًا لتقرير صادر عن “التحالف من أجل العمل العادل”، لم تدفع جامعة نيويورك الأجور غير المدفوعة، كما أنها لم تطبق قيودًا أقوى على العمل القسري.

وينظر الغرباء أحيانًا إلى الإمارات باعتبارها واحة من ناطحات السحاب ومراكز التسوق الفاخرة وأماكن الإقامة السياحية الفارهة ومركزًا للفرص الاقتصادية، لكن الإمارات اعتمدت بشدة على العمالة الخارجية لتطوير مدنها.

تعتمد دولة الإمارات على عدد من المغتربين يبلغ حوالي 90% (كنسبة مئوية من إجمالي السكان)، غالباً ما يحصل الأشخاص القادمون من البلدان الأكثر ثراءً على المزيد من الوظائف والأجور المربحة، في حين تُترك الوظائف الأكثر وضاعة لأولئك القادمين من البلدان المتخلفة في أفريقيا وآسيا.

يبذل العمال من الهند وباكستان ونيبال وسريلانكا – من بين دول أخرى – جهودًا مكلفة للعمل في الإمارات، وغالبًا ما يدفعون آلاف الدولارات فقط للوصول إلى البلاد، ومع ذلك، ينتهي الحال بالكثير منهم في معسكرات العمل سيئة التجهيز ثم يخضعون لرغبات أصحاب العمل.

غالبًا ما تقتصر الإعلانات الحصرية الخاصة بالوظائف ذات الأجور المنخفضة، مثل أعمال السوبر ماركت أو رعاية الأطفال أو كبار السن أو غير ذلك من الأعمال المنزلية وأعمال النظافة والصيانة، على أصحاب جنسيات معينة، ما يدل على أن الاستغلال العرقي مسموح به لأصحاب العمل.

تحدثت “روثنا بيغوم”، وهي باحثة أولى في “هيومن رايتس ووتش”، إلى موقع “إنسايد أرابيا”، عن أن عقود العمل غالباً ما تكون غامضة وتحتوي على معلومات كاذبة حول شروط التوظيف للموظفين، هذا يسهل إغراء العمال للعمل في وظائف بادعاءات كاذبة، وبمجرد خضوعهم لعقد، لا يمكنهم المغادرة، وإلا واجهوا الملاحقة أو الترحيل.

أحد الأشياء التي تدعم التسامح مع الاتجار بالأشخاص؛ نظام الكفالة القمعي، الذي يربط الموظف قانونًا بصاحب العمل، يجب على أرباب العمل كفالة العمال الأجانب لأغراض الحصول على تأشيرة، وغالبًا ما يشتمل ذلك على مصادرة جوازات السفر، وفرض قيود على قدرة الموظف على ترك صاحب العمل، وأحيانًا حجز الأجور، ما يمنح أصحاب العمل السيطرة المطلقة على عمالهم.

أدى نظام الكفالة هذا إلى العمل القسري في الإمارات، ويمكن القول إنه شكل من أشكال الرق الحديثة.

غالبًا ما يستخدم أرباب العمل هذا العقد الملزم لإجبار العمال على اتخاذ إجراءات منتهكة، بما في ذلك تلك التي تنتهك حقوقهم أو عقودهم، إذا رفض العمال المطالب غير القانونية المطلوبة منهم، يمكن لصاحب العمل اتهامهم بارتكاب جرائم غامضة أو خرق للعقد، قد يؤدي ترك صاحب العمل إما إلى الترحيل أو دفع غرامات تصل إلى 100 ألف درهم (27.225 دولارًا أمريكيًا) أو عقوبة السجن لمدة 6 أشهر.

لذلك يبقى العديد من الضحايا مع أرباب عملهم، إما بسبب الخوف من عواقب المغادرة أو بسبب الاستماتة لتوفير دخل لعائلاتهم في الوطن.

وقالت “بيغوم” إن محاولات الإمارات لمكافحة الاتجار بالبشر لم تستهدف الاتجار بالعمال، ما سمح لهذه العقود الخبيثة بالازدهار، بدلاً من ذلك، كانت السلطات أكثر تركيزًا على الاتجار بالجنس.

وعلى الرغم من أن الدعارة محظورة في الإمارات، حيث إن المحاكم الشرعية قادرة على فرض الجلد كعقاب، لكن الدعارة القسرية لا تزال تشكل مشكلة واسعة الانتشار في الإمارات، ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى الكفالة.

تُغرى الشابات الضعيفات في الإمارات بعروض وظائف محترمة، ثم يُجبرن على العمل الجنسي المستغل، ويوجد عدد لا يحصى من بيوت الدعارة في جميع أنحاء الإمارات، مليئة بالشابات اللائي سبق لهن الحصول على مثل هذه الوعود الزائفة، ويقدر أنه في دبي وحدها – وهي مركز سياحي مهم – هناك عدة عشرات الآلاف من البغايا.

إذا كانت السلطات الإماراتية تتخذ إجراءات صارمة ضد بيوت الدعارة، فغالبًا ما تكون النساء ضحايا الاتجار بالبشر هن اللواتي يُحاكمن، وليس المتاجرين بهنّ، كما تقول “بيغوم”، لقد وصفت حالة امرأة انتقلت إلى الإمارات كعاملة منزلية، وقيل لها إنها إذا أرادت البقاء هناك، فعليها ممارسة العمل في الجنس.

واجهت المرأة معضلة خطيرة: البقاء في بيئة عمل مسيئة أو ينتهي بها المطاف في الشارع ومواجهة عقوبة محتملة من الحكومة لكونها أصبحت “غير موثقة”.

وقالت “بيغوم”: “لو تم القبض عليها؛ فسوف تُحتجز أو تُرحّل، يواجه عدد لا يحصى من النساء ظروفًا مماثلة، لا تستطيع كثير منهن الوصول إلى سفارات بلادهن أو لا يؤخذن على محمل الجد من قبلهم.

بما أن الكثيرات يسعيْن إلى مغادرة البلاد، أو عدم البقاء لفترة طويلة من الزمن، فإن قضاياهن لا تعالج، وهذا يعني أن أصحاب العمل الاستغلاليين يتمتعون بحرية الاعتداء على العاملات المهاجرات هكذا.

افتتحت اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر في الإمارات مراكزًا للرعاية، لكن لم يتم استقبال سوى عدد صغير من ضحايا الاتجار بالجنس، ومن الواضح أن العديد من النساء يتجنبها بسبب مخاطر الملاحقة القضائية.

ووسط تزايد المعرفة بالانتهاكات التي يتعرض لها العمال الأجانب؛ تزعم السلطات الإماراتية أنها تأخذ هذا الوباء على محمل الجد، في مايو/أيار، أعلن وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، “أنور قرقاش” أنه قد تم اعتقال 77 مهربًا للبشر في عام 2018.

وقال “قرقاش”، الذي يرأس أيضاً اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، التي أنشئت لحل هذه المشكلة: “إن الإمارات ملتزمة التزامًا كاملًا بتعزيز وحماية حقوق الإنسان ومواصلة مكافحة جريمة الاتجار بالبشر”.

اتخذت الإمارات أيضًا بعض الخطوات الواضحة لتقليل تأثير الكفالة، حيث أقرت القانون الاتحادي رقم 10 لعام 2017 لتقليل ساعات العمل وتوفير الإجازات مدفوعة الأجر، إلى جانب ترسيخ حق العمال في الاحتفاظ بالمستندات الشخصية مثل جوازات السفر، ومع ذلك، لم يكن التطبيق صارمًا، ولا يزال النظام قائمًا إلى حد كبير، ما يعني أنه لم تحدث تحسينات كبيرة في الاتجار بالعمالة.

بينما كانت هناك جهود واضحة لاستهداف الأعراض السطحية للاتجار بالبشر، قالت “بيغوم” إن السلطات الإماراتية في نهاية المطاف لا تركز على أسبابها، وإن إنهاء نظام الكفالة يعد خطوة أساسية.

وأضافت: “إن الادعاء بأن الإمارات تكافح الاتجار بالبشر هي مجرد محاولة لنقل صورة إيجابية عن الإمارات إلى العالم؛ بأنها أصبحت أكثر تقدمية”.

اقترحت “بيغوم” أيضًا أن تقنين الدعارة في دولة الإمارات، إجراء أساسي لضمان توفير إمكانية طلب إجراء قانوني لضحايا الاتجار بالجنس فيما يتعلق بالانتهاكات المرتكبة ضدهن دون مواجهة عواقب على الاستغلال الجنسي الذي فرض عليهن.

وخلال شهر تشرين أول/أكتوبر الماضي كشف تحقيق تلفزيوني مروع عن تنامي ظاهرة الاتجار بالبشر والجنس والبغاء القسري في الشرق الأوسط، خاصة في دولة الإمارات، التي يعتبرها كثيرون من أكثر الدول تقدماً.

ويؤكد التحقيق الذي بثته قناة “Vouli”اليونانية، ، أن الإمارات تشهد عديداً من انتهاكات حقوق الإنسان، خاصةً الاتجار بالمرأة التي تبحث عن وظائف في قطاع الخدمات.

ويوضح أن عديداً من الجهات تستغل النساء العاملات في صالات التدليك بالإمارات جنسياً.

ويشير إلى أنه كثيراً ما تُتهم الإمارات بالترويج للاتجار والإيذاء الجنسي لما يسمى بالمغتربين منذ عام 2006، حيث سُجِّل عدد من الإدانات الجنسية.

والاتجار بالبشر عملية استغلال الإنسان بالتهديد أو الابتزاز، واستغلال ظروف الشخص المستهدَف؛ بقصد التربح من ورائه أو ممارسة البغاء أو العمل الإجباري أو نقل الأعضاء، وتصنفها مؤسسات الأمم المتحدة وهيئاتها ضمن جرائم انتهاكات حقوق الإنسان.