تظهر الإمارات حاملة لعلامة “السعادة” في التقارير التي تشير إلى الشرق الأوسط، نتيجة الدخل المرتفع وعدم وجود اضطرابات وهذا من فضل الله ورحمته على الدولة، لكن هل هناك “سعادة” بالمفهوم الوصفي والمجرد؟!
إذ أن العقد الماضي كان صعباً على مواطني الإمارات والوافدين إليها بفعل الممارسات القمعية من جهاز أمن الدولة الذي صادر الحقوق ودفع تغوله في المؤسسات وتسلطه على المواطنين والمقيمين إلى التساؤل هل حقاً هذه السياسة تعني السعادة.
السعادة ليست وزارة وليست مشروطة ولا تملك معهداً لتعليمها وليست لوحات تعبيريه، ووجوه مبتسمه تحمل في قسمات الوجه اليأس والارتياب والخوف، هذا المناخ ليس إماراتياً ولا يعبر عن الإمارات ولا تاريخها.
يعرف الإماراتيون أن وزارتي “السعادة والتسامح” هي أغطية لما يحدث من انتهاكات وتعذيب ومصادرة لحقوقهم، ومحاولة لإغواء الخارج أنها واحة من السعادة والتسامح كعلامة تجارية جيدة تبرزهم كواجهة دولية، وتساعد في نفاذ سياساتهم.
يتزين جهاز الأمن بالسعادة والتسامح والأمن القومي، وفي حقيقته صورة بشعة من الانتهاكات ومصادرة حقوق الإماراتيين الرئيسية.
يشبه جهاز أمن الدولة “أم الدويس” وهي واحدة من الخراريف الأسطورية، وفي مختصر قصتها أنها امرأة جميلة كالقمر في تمامه، طويلة القامة، تتزين بشكل جذاب وتلبس الذهب والألماس لتغوي الرجال حتى يلحقوها ويؤمنون بها. وعندما تنزوي بهم تكشف عن وجهها القبيح وصورتها الشيطانية فتلاحقهم وتقتلهم.
وفي دلالة على حدة انتهاكات الحريات العامة، علق الأكاديمي الإماراتي، عبد الخالق عبد الله، على سلسلة تغريدات نشرها المحامي الإماراتي حول تراجع سقف حرية التعبير في الإمارات.
وقال عبد الله الذي تصفه وسائل إعلام بأنه المستشار السابق لولي عهد أبوظبي محمد بن زايد عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”: “سقف حرية التعبير تراجع في الإمارات قياسا بما كان عليه”، لافتا إلى أن التراجع شمل دول المنطقة.
وأضاف: “حرية التعبير لا تخضع لقانون مكتوب بل لقوانين غير مكتوبة”، مؤكدا أن الخوف من قول كلمة الحق حقيقي، وأن هناك من دفع الثمن غاليا.
وأردف: “أعداء حرية التعبير، أفرادا ومسؤولين، زاد عددهم، وقانون الجريمة الإلكترونية لا يرحم”.
وجاء تعليق مستشار ابن زايد، ردا على سلسلة تغريدات نشرها محامي إماراتي عبر حسابه على “تويتر”، قال فيها إن “سقف حرية التعبير في الإمارات، أعلى بكثير من السقف المتخيل في الأذهان. فالسقف المتخيل منخفض إلى درجة أن بعضهم يفكر في صواب أو عدم صواب كتابة تعليق حول برميل تدحرج بقوة الهواء إلى الشارع وتأخرت البلدية في رفعه”.
وأوضح أن “القوانين ذات العبارات الفضفاضة التي تتداول بين الأشخاص فيما يتعلق بالتعبير وإبداء الرأي والنقد، ترعب غير المختص بالقانون، وتصوّر له أن كل كلمة يقولها من الممكن أن توقعه في الشبك الواسع المتخيل للنص القانوني. القانون يصيد بالسنارة وليس بالشبك”.
والاسبوع الماضي نشرت وزارة الخارجية الأمريكية تقريرها السنوي حول واقع حقوق الإنسان، حيث يبرز أن الدستور الإماراتي ينص على الحق في حرية التعبير والصحافة. ومع ذلك، يحظر القانون انتقاد المسؤولين والكلام الذي قد يخلق أو يشجع الاضطرابات الاجتماعية؛ لذلك فالحكومة تقيد حرية التعبير والصحافة.
وتشير الخارجية الأمريكيَّة -وهي بالمناسبة حليف أساسي لدولة الإمارات، إلى أن السلطات شنت حملة على حرية التعبير منذ عام 2011م وفرضت السلطات قيودًا شديدة على النقد العام للحكومة والوزراء الأفراد.
وينبه التقرير إلى استمرار سلطات الإمارات في إلقاء القبض على الأشخاص أو فرض قيود أخرى على حرية التعبير فيما يتعلق بالأنشطة السياسية الإسلامية ودعمها، وتلك الأنشطة تدعو فقط إلى إجراء إصلاحات ديمقراطية.
وفي نوفمبر / تشرين الثاني، قضت المحكمة العليا بأن كل من الإهانات اللفظية والكتابية عبر الإنترنت هي جريمة يمكن مقاضاتها.
وفي يناير / كانون الثاني2018، أقرت المحكمة العليا الاتحادية حكمًا بالسجن لمدة 10 سنوات وغرامة قدرها 500،000 درهم (136،000 دولار) على مواطن أدين بتهمة إهانة وسخرية أحد قادة البلاد.
في حالات أخرى، قدمت السلطات الأفراد للمحاكمة لنشرهم مواد على منصات التواصل الاجتماعي. تم اعتبار المادة انتهاكًا للخصوصية أو إهانة شخصية للمعارف أو الزملاء أو أصحاب العمل أو الأديان.