عادت الاتهامات لدولة الإمارات بالسعي إلى تعطيل المسار الديمقراطي إلى واجهة الأحداث في تونس في ظل الدور التخريبي المستمر لأبو ظبي للتأثير سلبا على البلد الذي انطلقت منه شرارة ثورات الربيع العربي.
فقد صرح رئيس كتلة “النهضة” بالبرلمان التونسي نور الدين البحيري بأن الإمارات وأطرافا إقليميا تدعم بقايا من النظام السابق، لمهاجمة الحركة والتجربة الديمقراطية بالبلاد.
وقال البحيري إن “أطرافاً إقليمية ودولية تدعم بعض بقايا النظام السابق (نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي)، من أجل مهاجمة واستهداف النهضة، والتجربة الديمقراطية التونسية”.
ولم يحدّد البحيري هذه الأطراف تفصيلاً، إلا أنه أشار إلى الدور الذي يلعبه في هذا الصدد كلّ من المسؤول الأمني الإماراتي ضاحي خلفان، ومحمد دحلان مستشار ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد.
وأعرب عن أمله في أن “يكون موقف الحكومة الإماراتية من تونس متمايزاً عن موقف خلفان، الذي لا يخفي عداوته للثورة والشعب والديمقراطية بتونس”.
ودعا الإمارات إلى “توضيح موقفها، والتبرؤ من موقف خلفان، وإن كان موقف الأخير رسمياً، فيتحمّل مسؤوليته كذلك”.
وأوضح أن “الحزب الدستوري الحرّ (ليبرالي/ 17 نائباً من أصل 217) من بقايا النظام السابق، وهو في تصادم مع الكلّ، وليس مع حركة النهضة (54 نائباً) فقط، بل هو في صدام مع الجميع داخل البرلمان وخارجه”.
وتابع أن “هذه المجموعة (الدستوري الحرّ) في تصادم مع الثورة، والدستور، وكل مؤسسات الدولة، ورفضت لقاء رئيس الجمهورية المنتخب قيس سعيّد، وهي في تصادم مع الإسلاميين واليساريين، وأيضاً مع الدستوريين الموجودين في أحزاب أخرى”.
وشدّد البحيري على أن “هذه المجموعة لا تؤمن بكلّ ما حصل من تحوّل في تونس بعد 2011، وما زال عقلها، وماضيها، وحاضرها مرتبطاً بلحظة فرار بن علي من تونس، وتتوهّم أن الأخير ما زال حيّاً ويمكن أن يعود ويحكم تونس”.
وأشار إلى أن “الأمر وصل بهذه المجموعة البرلمانية إلى رفض تلاوة سورة الفاتحة على أرواح شهداء الثورة، خلال جلسة عامة”.
وسبق أن اتهم القيادي السابق في حزب النهضة وأول رئيس حكومة بعد الانتخابات التي عقبت ثورة 2011، حمادي الجبالي، دولة الإمارات بـ”تخريب ديمقراطية تونس”، ملمحا إلى “تورطها” في اغتيال الزعيم المعارض شكري بلعيد.
وقال الجبالي إن “دولة الإمارات عملت على ضرب حزب النهضة وإحباط الثورة التونسية”، مؤكدا أنها “استهدفت تونس لأن تونس وحدها ظلت صامدة وانتصرت للحرية والديمقراطية”، على حد قوله.
ولفت القيادي السابق في حزب النهضة إلى أن “الإمارات ترصد أموالا مهولة من أجل تخريب الديمقراطية التونسية وضرب الثورة”، قائلا “ابحثوا عن الدور الإماراتي في تخريب سورية واليمن وليبيا.. وهي تستهدف تونس التي بقيت وحدها سدا منيعا”.
وأكد رئيس الحكومة الأسبق في حديثه “تورط أياد خارجية في اغتيال” زعيم حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد والقيادي بالجبهة الشعبية المعارضة شكري بلعيد في العام 2013، قائلا “ابحثوا عن دور الإمارات”.
ولمح في سياق حديثه إلى ما أثبتته تقارير المخابرات الأميركية من تورط دولة الإمارات في “تمويل الارهاب في عدة مناطق نزاع”، معقبا عن تساؤل الصحافي من مغبة اتهامه المتواصل لـ”دول شقيقة” على غرار الإمارات والسعودية، بأنهما “ليستا بريئتين” على حد قوله، وشدد في الصدد “أترك للقضاء التونسي إثبات ذلك”.
ولفت الجبالي إلى أن “الإمارات تقف ضد الحرية والتغيير والثورة في كل مكان، وهي تناقض كل هذه القيم والمبادئ وتعمل على إفشالها”.
ويشترك الجبالي، الذي أشرف على أول حكومة منبثقة عن الانتخابات بعد الثورة، مع موقف الرئيس السابق المنصف المرزوقي، الذي اتهم مرارا الامارات بالوقوف وراء قوى الثورة المضادة في تونس، وتغذية الفتنة الداخلية بهدف إحباط الانتقال الديمقراطي والتصدي للحراك الثوري.
ولم يتوان المرزوقي في أكثر من مناسبة عن دعوة حكام الإمارات إلى “الكفّ عن التدخل في الشأن الداخلي التونسي بعد أن فشلوا في أكثر من مناسبة في الالتفاف على الثورة، من خلال المخططات الاستخباراتية ودعم بقايا حزب التجمع المحلول، وبقايا نظام الاستبداد”، على حد تعبيره.
وسبق أن تم الكشف عن خلية انقلاب مولتها الإمارات في تونس فضلا عن كشف المدون التونسي صاحب موقع “الصدى” راشد الخياري محاولة أبو ظبي استدراجه واغتياله في تونس، على خلفية كشفه تفاصيل في قضية اغتيال مهندس الطيران التونسي محمد الزواري.
وقال الخياري إنه تمت محاولة لاستدراجه بهدف تصفيته، قام بها من وصفهم بعناصر استخبارات في فندق بتونس العاصمة لمناقشة عرض لبعث قناة تلفزيونية أفريقية، قبل أن ينتبه للخطة.
واتهم المدون التونسي الإمارات بمحاولة استمالته أولا بتقديم إغراءات مادية مقابل تغيير الخط التحريري للموقع الذي يشرف عليه، بحيث لا يتعرض للإمارات أو السعودية، وخصوصا ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
كما كانت كشفت “شبكة المدونين الأحرار التونسية” أن السلطات في تونس رحلت رجل أعمال مصريا يدعى “محمد السماحي” بعد ثبوت تورطه في نشاط مخابراتي في تونس لصالح دولة الإمارات.
وقالت الشبكة، في بيان لها على صفحتها في فيسبوك نقلا عن مصادر أمنية، إن ترحيل السماحي جاء بإذن من وكيل الجمهورية بعد التحقيق معه في تهم عديدة، منها ممارسة أنشطة غير مشروعة.
كما أكد رئيس الشبكة الصحبي العمري، استنادا إلى المصادر نفسها، أن السماحي كان يدير خلية تجسس مكونة من سياسيين، ورجال أعمال تونسيين تعمل لصالح أجهزة مخابرات مصرية وسعودية وإماراتية.
وأضاف أن خلية التجسس عملت على الإطاحة بحكومة يوسف الشاهد.