موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

جاسم الشامسي ضحية جديدة لقمع الإمارات العابر للحدود

718

في واقعة جديدة تثير مخاوف حقوقية واسعة من تصاعد ظاهرة “القمع العابر للحدود” الذي تمارسه السلطات الإماراتية ضد معارضيها في الخارج، أقدمت الأجهزة الأمنية السورية على اعتقال الناشط الإماراتي المعروف جاسم الشامسي في العاصمة دمشق، واقتادته إلى جهة مجهولة، وسط مخاوف حقيقية من تسليمه إلى أبوظبي حيث يواجه أحكامًا قاسية بالسجن المؤبد.

وأكدت مصادر حقوقية متطابقة ل”إمارات ليكس”، أن الشامسي اعتُقل ظهر الخميس أثناء وجوده في دمشق، دون صدور أمر قضائي أو توجيه تهمة رسمية، مشيرة إلى أن السلطات السورية لم تكشف عن مكان احتجازه حتى اللحظة.

وتقول المصادر إن الحادثة أثارت قلقًا متزايدًا من احتمال أن تكون الخطوة تمهيدًا لتسليمه إلى الإمارات، في انتهاك واضح للقانون الدولي ومبدأ عدم الإعادة القسرية للاجئين والمعارضين السياسيين.

وكان الشامسي قد غادر تركيا مؤخرًا بعد عشر سنوات من الإقامة فيها، متوجهًا إلى سوريا برفقة زوجته السورية وخمسة من أبنائه. ووفق مقربين منه، فقد سمحت له السلطات السورية بالبقاء في البلاد شريطة عدم ممارسة أي نشاط سياسي أو إعلامي، وهو ما التزم به حتى لحظة اعتقاله المفاجئ.

ويُعد جاسم الشامسي من أبرز الشخصيات المعارضة في الإمارات، حيث وُجهت إليه اتهامات في قضيتي “الإمارات 94″ و”العدالة والكرامة” السياسيتين، وصدر بحقه حكمان غيابيّان بالسجن خمسة عشر عامًا ثم المؤبد، على خلفية مواقفه المعارضة لسياسات الحكومة ومطالبته بالإصلاحات السياسية واحترام حقوق الإنسان.

وأعرب مركز مناصرة معتقلي الإمارات عن “قلقه الشديد” إزاء اعتقال الشامسي، محذرًا من “تكرار سيناريوهات الاختطاف والتسليم القسري التي تورطت فيها أبوظبي بالتعاون مع دول أخرى في السنوات الماضية”.

واعتبر المركز أن “الاعتقال التعسفي للشامسي يندرج ضمن نمط ممنهج من ملاحقة النشطاء والمعارضين الإماراتيين في الخارج، وإعادتهم قسرًا إلى الدولة التي تمارس ضدهم أقسى أشكال القمع”.

وأكد المركز أن الشامسي “كان من أوائل المدافعين عن كرامة الشعوب العربية وحقوقها، ووقف علنًا إلى جانب الشعب السوري في نضاله من أجل الحرية والعدالة، ما أكسبه احترامًا واسعًا في أوساط الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان في المنطقة”. وأضاف أن ما يحدث “يعكس خطورة تمدد النفوذ الأمني الإماراتي في المنطقة، ومحاولة ملاحقة الأصوات المعارضة حتى خارج الحدود”.

من جانبه، أصدر مركز الإمارات لحقوق الإنسان بيانًا مماثلًا دعا فيه إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جاسم الشامسي، محملًا الحكومة السورية “كامل المسؤولية عن سلامته وأي أذى قد يتعرض له”، ومطالبًا المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية بـ”التحرك العاجل لوقف أي تنسيق أمني بين دمشق وأبوظبي من شأنه تعريض حياة الشامسي للخطر”.

ويخشى مراقبون أن تتعرض عائلة الشامسي، التي ترافقه في دمشق، لضغوط أمنية أو مضايقات، خاصة في ظل انقطاع الاتصالات عنه منذ لحظة اعتقاله، وعدم معرفة مكان احتجازه أو الجهة المسؤولة عن توقيفه.

ويرى ناشطون حقوقيون أن حادثة اعتقال الشامسي ليست معزولة، بل تأتي في سياق سلسلة من الحالات المماثلة خلال السنوات الأخيرة، حيث سُلم معارضون إماراتيون من دول مثل إندونيسيا والأردن ولبنان إلى أبوظبي، في عمليات وُصفت بأنها “اختطاف منسق”، جرى خلالها تجاهل القوانين المحلية والاتفاقيات الدولية التي تحظر تسليم المطلوبين في قضايا ذات طابع سياسي.

ويؤكد خبراء في القانون الدولي أن تسليم الشامسي المحتمل للإمارات سيمثل انتهاكًا صارخًا لمبدأ عدم الإعادة القسرية المنصوص عليه في اتفاقية مناهضة التعذيب، خاصة أن الإمارات متهمة منذ سنوات بارتكاب انتهاكات جسيمة بحق المعتقلين السياسيين، تشمل التعذيب وسوء المعاملة والعزل الانفرادي الطويل، وحرمان المحتجزين من الاتصال بعائلاتهم أو بمحاميهم.

كما يشير مراقبون إلى أن توقيت الحادثة يتزامن مع تحسن نسبي في العلاقات بين دمشق وأبوظبي خلال العامين الأخيرين، ما يثير مخاوف من استغلال الإمارات لنفوذها المالي والسياسي للضغط على السلطات السورية من أجل تسليم معارضيها المقيمين على أراضيها.

وقال أحد أصدقاء الشامسي المقربين في حديث خاص لمركز حقوقي: “نخشى أن يتكرر معه ما حدث لآخرين اختفوا بعد تسليمهم للإمارات، حيث لا يُعرف عن مصيرهم شيء حتى اليوم. جاسم لم يكن يشكل أي تهديد أمني، بل كان أبًا لأسرة تبحث عن الأمان بعد سنوات طويلة من المنفى”.

وطالب عدد من النشطاء الإماراتيين والعرب بإطلاق حملة تضامن دولية للضغط على السلطات السورية لعدم تسليم الشامسي، وناشدوا الأمم المتحدة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان التدخل العاجل لحمايته وضمان سلامته.

وفي ظل الصمت الرسمي السوري والإماراتي، تتصاعد المطالب بإجراء تحقيق مستقل في ملابسات الاعتقال، وتحديد الجهة التي أمرت به، وسط دعوات متزايدة لوقف ما وصفته المنظمات الحقوقية بـ”تصدير القمع الإماراتي خارج الحدود”، والذي حوّل حياة المعارضين والمنفيين الإماراتيين إلى مطاردة دائمة، حتى في البلدان التي لجؤوا إليها طلبًا للأمان.

وبينما لا تزال عائلة الشامسي تنتظر أي خبر عن مصيره، تتزايد المخاوف من أن يكون في طريقه إلى الزنازين السرية في أبوظبي، ليصبح ضحية جديدة تضاف إلى قائمة طويلة من المعارضين الإماراتيين الذين دفعوا ثمن آرائهم، في مشهد يعكس الوجه المظلم لتوسع القمع الإماراتي العابر للحدود، الذي لم يعد يقتصر على الداخل، بل بات يطارد خصومه في كل مكان.