موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

العقلية الأمنية تسيطر على جامعات الإمارات وتسحق الحريات الأكاديمية

197

تسيطر العقلية الأمنية على جامعات دولة الإمارات ما يؤدي إلى سحق الحريات الأكاديمية وهو ما برز مؤخرا في إنهاء عمل أكاديمية على خلفية آرائها العلنية.

وقد أدى هوس دولة الإمارات بحماية النظام من التهديدات المحتملة إلى انتهاجها سياسة تضييق الخناق على معارضيها داخل البلاد وخارجها، وعلى الحرية الأكاديمية بالجامعات الإماراتية.

وقررت جامعة الإمارات أكبر جامعات الدولة إنهاء خدمات أستاذ الإعلام والاتصال الجماهيري “عائشة النعيمي”، بشكل مفاجئ، بعد خدمتها في الجامعة لمدة 30 عاما.

وجاء القرار بتدخل من جهات أمنية بعد أن غردت النعيمي عبر حسابها بـ”تويتر”، مبدية ملاحظات حول سياسة القبول وبرنامج التحول في الجامعة.

ويعكس هذا القرار سيطرة العقلية الأمنية على إدارات الجامعات، حيث تعتبر جامعة الإمارات الجامعة الأم في الدولة، وتعليم المواطنين واجب على هذه الجامعة وليس الأجانب باعتبارها جامعة وطنية. كما أن العاملين في الجامعة يجب أن يكونوا من المواطنين وليس من الأجانب على الأقل هذا تعرفه معظم الجامعات الوطنية والإمارات مليئة بالكوادر المواطنين القادرين على إدارة كل جامعات البلاد وليس جامعة الإمارات وحدها.

وكانت النعيمي انتقدت أواخر ديسمبر/كانون الأول الماضي، قرار مجلس جامعة الإمارات تعيين مدير أجنبي لها وعدم الاعتماد على الأكاديميين المحليين.

وطالبت حينها، عبر حسابها بـ”تويتر”، الأكاديميين الإماراتيين بعدم الصمت على الأمر، قائلة: “في رأي إذا ظل الأكاديمي الإماراتي في صمته فلا يلوم بعد ذلك إلا ذاته، هل يمكن وبعد وجود هذا الكم النوعي الكبير من الكفاءات الأكاديمية المواطنة القبول بفكرة استقطاب مدير أجنبي لإدارة جامعة الإمارات. ثمة مواضيع لابد من الوقوف أمامها بجدية”.

كما انتقدت رفع جامعة الإمارات الحدّ الأدنى لنسبة قبول الطلبة المواطنين فيها، إلى 80%، لدفع مؤشرها التنافسي على السلم العالمي، وأيضاً اشترطت حصول الطلبة على 1100 درجة في اختبار اللغة الإنجليزية للقبول المبدئي، أو 1250 درجة للمباشر، ما يجعل قبول المواطنين صعباً للغاية.

وتحدثت بقوة عبر “تويتر” منتقدة القرارات “إذا أصرّت إدارة الجامعة على تنفيذ سياسة القبول فهي بذلك تصرّ على النظر إلى الطلبة المواطنين كمجرد أرقام لا تمثل مصدر دخل لها”.

وأضافت: “نحن في دولة خير ونعمة وهذه السياسة يجب أن تتغير لأن شبابنا أغلى وأهم من حسبة المال”.

وقد روج النظام الإماراتي لسنوات سعيه إلى توطين الوظائف في الدولة وتقليص معدلات البطالة المتنامية وتقليل الاعتماد على الأجانب خصوصا في الوظائف الحيوية لكن كل ذلك ظل مجرد شعارات زائفة.

في الأسابيع الأخيرة ظهرت جامعة الإمارات أكبر جامعات الدولة سياسات واضحة عن سعي السلطات إلى إقصاء وتهميش الإماراتيين من حقهم في “التعليم الحكومي” المجاني، وحق “الأكاديميين المواطنين” من حقهم في إدارة الجامعة.

وهذا أمرٌ ليس بغريب فخلال السنوات الماضية يجري المضي قُدماً باتجاه تحويل المؤسسات الحكومية إلى إدارات يقودها أجانب، مع أن الإماراتيين أكثر فِهماً واستيعاباً وقدرات من غيرهم.

لذلك فإن الوظيفة العامة أصبحت في حالة سيئة للغاية، والسلطات تستمر في برامجها على تعليم جيد وتأهيل بعض الإماراتيين، وليس لكل المواطنين الحق فيها أو التنافس عليها. وإضافة إلى التعليم في جامعة الإمارات، بدأت في عام 2019 برنامج “خبراء الإمارات” لتدريب بعض الشباب وتأهيلهم لقيادة الدولة في المرحلة القادمة، ما يعني استمرار عائلات معينة في توارث الوظيفة العامة بما في ذلك الوزارات، وحرمان بقية الإمارات منها.

وسواء كنت مواطناً خبيراً في عملك أو موظفاً عادياً إذا لم تملك جهة أعلى تدعمك في الوظيفة الحكومية، فلن تكون لمقترحاتك التأثير اللازم حتى وإن كانت جيدة. كما لن تحصل على ترقيّة في عملك دون هذا الدعم وقد تتعرض للفصل التعسفي دون معرفة الأسباب وحرمانك من حق الدفاع.

وحسب تقرير للمجلس الوطني الاتحادي (البرلمان) نشر في ديسمبر/كانون الأول 2017 فإن هناك “غياب المفاهيم الشاملة للأمن الوظيفي، بسبب عدم الإقرار بحق الموظف في الدفاع عن نفسه أو منع حالات الفصل التعسفي”.

ويمكن متابعة عديد من القصص المنشورة في شبكات التواصل الاجتماعي خلال السنوات الماضية، تشير إلى أنه عندما يكون المدير الكفؤ “ليس مطاوعاً” يتم “تهميشه” وفي أحيان كثيرة “تطفيشه” من الوظيفة ليحل بديل عنه المدير المطاوع.

ليس ذلك فقط بل إن الوظيفة العامة تخضع للموافقة الأمنية، التي يحصل عليها الموظف من جهاز أمن الدولة، ومنذ الكشف عن وثيقة “الموافقة الأمنية” عام 2009 أصبحت الكفاءات الوطنية خارج سُلم الوظيفة العامة أو الترقيات، وتم إحالة بعضهم للتقاعد المبكر، وآخرون تم وضعهم في السجون لمطالبتهم بالإصلاحات السياسية ومجلس وطني كامل الصلاحيات أو وجهوا انتقادات للسلطات من أجل تصحيح مسارها.

إن أصوات الأكاديميين في جامعة الإمارات، التي تطالب بحقهم في الوظيفة العامة، وحق المواطنين في تعليم أبنائهم بخفض معدلات قبول الطلبة، حقٌ وضرورة يوجبها الدستور والقانون، ومن الضروري تشجيعها، وتشجيع كل صوت يحاول قول الحق، في ظل مناخات القمع والتهميش، والعمل على مضاعفة البطالة في أوساط الإماراتيين.

ويروج النظام الحاكم في دولة الإمارات لدعايات إطلاق استراتيجية جديدة للتوطين في الدولة بغرض مواجهة الغضب الداخلي من تصاعد معدلات البطالة والتغطية على الانهيار على الانهيار الاقتصادي الشامل في الدولة.

وتتورط الإمارات بحروب وتدخلات عسكرية إجرامية سعيا وراء كسب النفوذ المشبوه للنظام الحاكم فيها وتنفق في سبيل ذلك مليارات الدولارات وهو ما ينعكس سلبا على اقتصاد الدولة الذي يتراجع بشكل غير مسبوق منذ سنوات طويلة.

وللتغطية على هذا الواقع أعلن وزير الموارد البشرية والتوطين الإماراتي “ناصر بن ثاني الهاملي”، بدء تنفيذ قرارات التوطين، بداية من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وبموجب تلك القرارات، سيتم إلزام الشركات الحكومية وشبه الحكومية في الإمارات برفع نسب التوطين في مهن الخدمات المساندة 10% سنويا، بالتوازي مع اقتصار التعيين في الوظائف الإدارية الحكومية على المواطنين، بحسب الوكالة الرسمية “وام”.

ويروج النظام الإماراتي أن قرارات التوطين الجديدة ستساهم في توفير نحو 20 ألف وظيفة خلال السنوات الثلاث المقبلة في القطاعات المستهدفة بحلول 2022.

يأتي ذلك فيما يواجه النظام انتقادات واسعة من الإماراتيين بشأن الفضل في توظيف المواطنين وأن معارض “التوظيف” التي يروج لها وهمية بدون أي جدوى.

كما تتزايد الانتقادات التي يوجهها مدونون شباب إماراتيون، للسلطات مع زيادة توظيف الأجانب في القطاع الحكومي والخاص، مع أن شباب الدولة بإمكانهم شغل تلك الوظائف بقدرات كبيرة وتنافسية مع الأجانب في وقت ارتفعت معدلات البطالة في الإمارات لفئة الشباب لنحو 24%.

ونادراً ما تظهر الانتقادات في الإمارات بسبب الرقابة الأمنية المشددة والمتفشية في شبكات التواصل الاجتماعي، لكن كثيرون كسروا الصمت بسبب فشلهم في الحصول على وظائف أو أنهم يشعرون أن “شباب الإمارات” بلا وظائف في بلدهم ويعانون البطالة.