موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

الإخفاء القسري: جريمة مستمرة يمارسها النظام الإماراتي بحق معارضيه

1٬382

يمثل نهج الإخفاء القسري جريمة مستمرة يمارسها النظام الإماراتي بحق معارضيه وناشطي الرأي بغرض الانتقام منهم وعزلهم عن العالم الخارجي.

ويصادف اليوم 30 آب/أغسطس اليوم الدولي لضحايا الإخفاء القسري حيث تبرز دولة الإمارات على قائمة الدول الأشد ممارسة لهذا النوع العقابي المحظور دوليا.

ومنذ 2011 حتى اليوم، وثقت العديد من المراكز الحقوقية والمنظمات الدولة مئات الحالات من الاختفاء القسري التي رفضت فيها سلطات أبوظبي التعاون بشأنها أو الرد على الاستفسارات المتعلقة بها، كما أخفقت في معاقبة مرتكبي هذه الجرائم.

وبهذا الصدد جدد مركز الإمارات لحقوق الإنسان مطالبته للسلطات الإماراتية بضرورة التحقيق في جميع وقائع الاختفاء القسري التي تم توثيقها بحق معتقلي الرأي في سجون أبوظبي.

وقال المركز الحقوقي “في 30 أغسطس من كل عام يحيي العالم اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري، لتسليط الضوء على مصير الأفراد المسجونين قسرًا في أماكن مجهولة وظروف سيئة”.

وأضاف “في هذا اليوم، نجدد مطالبتنا للسلطات الإماراتية بضرورة التحقيق في جميع وقائع الاختفاء القسري التي تم توثيقها بحق معتقلي الرأي”.

وفي حين ترفض أبوظبي الالتزام بالاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، فإن قوانينها مثل “قانون جهاز أمن الدولة” تسمح باعتقال الأشخاص دون مذكرات قضائية ومنعهم من الاتصال بالعالم الخارجي لمدة تصل إلى 90 يوماً تحت ذريعة اعتبارات التحقيق.

من جهته أبرز مركز مناصرة معتقلي الإمارات أن الإخفاء القسري يعد من الظواهر المألوفة في الإمارات بفعل القمع الحكومي الشديد وحظر الحريات العامة.

وذكر المركز في مقطع فيديو نشره على موقعه الالكتروني، أن الاختفاء القسري من أكثر انتهاكات حقوق الإنسان خطورة وقد أصبح من الظواهر المألوفة في الإمارات خلال العقد الأخير.

وأوضح أنه تتم ممارسته بشكل واسع النطاق ومنهجي من قبل السلطات الإماراتية في القضايا المتعلقة بأمن الدولة أو ضد المعارضين السياسيين.

ووفقا للتعريف الذي تعتمده الأمم المتحدة، فإن الاختفاء القسري يحدث عند: “القبض على الأشخاص واحتجازهم أو اختطافهم رغما عنهم أو حرمانهم من حريتهم على أي نحو آخر على أيدي موظفين من مختلف فروع الحكومة أو مستوياتها أو على أيدي مجموعة منظمة، أو أفراد عاديين يعملون باسم الحكومة أو بدعم منها، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، أو برضاها أو بقبولها، ثم رفض الكشف عن مصير الأشخاص المعنيين أو عن أماكن وجودهم أو رفض الاعتراف بحرمانهم من حريتهم، مما يجرد هؤلاء الأشخاص من حماية القانون”.

الاختفاء القسري، هو من أكثر انتهاكات حقوق الإنسان خطورة، وقد أصبح مشكلة عالمية في الآونة الأخيرة، إذ لم يعد حكراً على منطقة بعينها من العالم، فبعدما كانت هذه الظاهرة في وقت مضى نتاج دكتاتوريات عسكرية أو حروب أهلية فقد أصبح كأسلوب استراتيجي من الحكومات المستبدة كوسيلة للضغط السياسي على الخصوم وبث الرعب داخل المجتمع.

وذكر المركز أن الاختفاء القسري أصبح من الظواهر المألوفة في الإمارات خلال العقد الأخير، وقد أصبح يمارَس بشكل واسع النطاق ومنهجي من قبل السلطات في القضايا المتعلقة بأمن الدولة أو ضد المعارضين السياسيين.

وقال إن هذا السلوك قد تم تقنينه في قانون أمن الدولة الإماراتي، إذ يمنح القانون لرئيس الجهاز الحق في أن يأمر باحتجاز المشتبه بهم لمدة تصل إلى 60 يومًا، ويمكن تجديدها لمدة 30 يومًا أخرى، قبل مثولهم أمام النيابة العامة، وهذا يعني أن جهاز أمن الدولة يستطيع إخفاء أي شخص لمدة تصل إلى 90 يوماً، دون إبلاغ السلطات القضائية أو ذويه.

وقد وثق “مركز مناصرة معتقلي الإمارات” في عام 2012 أكثر من 63 حالة اختفاء قسري، أي أن هناك حالة اختفاء قسري كانت تحصل كل 5 أيام، علماً أن هذا الرقم يتعلق فقط بالحالات التي وثقها المركز، لكن الرقم الحقيقي أعلى من ذلك كثيراً.

إذ تشير تقديرات المركز بناء على الحالات التي اطلع عليها بين 2012 وحتى 2015 أن هناك حالة اختفاء قسري واحدة على الأقل تحصل يومياً في الإمارات على يد جهاز أمن الدولة، ففي تلك الفترة اعتقل الجهاز العشرات من حاملي الجنسية المصرية والليبية والفلسطينية والأردنية واللبنانية.

لكن المركز لم يستطع توثيقها جميعاً، لأن هناك كثيراً من الحالات التي ظهرت في سنوات لاحقة أو لم يتم الإبلاغ عنها.

أطول حالة اختفاء قسري وثقها المركز، كانت حالة المواطن الإماراتي جمال الحمادي، الذي اختفى عندما كان عائداً إلى منزله في 20 أبريل 2013، ومازال مختفياً حتى اليوم ومصيره مجهول، أي أنه مختفٍ منذ أكثر من 9 أعوام، وهو رقم قياسي.

أما فيما يتعلق بحالات الاختفاء التي وثقها المركز في عام 2012، فإنها كانت تتراوح بين 6 أشهر إلى عام كامل تقريباً، حيث كان يتم إخفاء المعتقل في سجن سري منذ لحظة اعتقاله حتى تبدأ محاكمته، وقد تعرض جميع المعتقلين في قضية الإمارات 94 للإخفاء القسري.

على سبيل المثال تعرض الدكتور محمد الركن إلى إخفاء قسري لمدة 8 أشهر منذ لحظة اعتقاله في 17 يوليو 2012 وحتى موعد إحالته للمحاكمة في 4 مارس 2013.

بينما تعرض معتقل الرأي أحمد غيث إلى إخفاء قسري وصل إلى عام كامل تقريباً، إذ ظل مختفياً قسرياً منذ اعتقاله في 26 مارس 2012 حتى موعد المحاكمة في 4 مارس 2013، حيث ظهر لأول مرة في المحكمة، وهو غير قادر على الوقوف بشكل مستقيم نتيجة شدة التعذيب.

وأكد المركز أن هذا النوع من الاختفاء القسري، والذي تتم ممارسته بشكل واسع ومنهجي، يعتبر وفقاً للقوانين الدولية جريمة ضد الإنسانية، إذ ينص كل من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على أن “الاختفاء القسري” هو جريمة ضد الإنسانية عندما يُرتكب ضمن هجوم واسع النطاق أو منهجي على أي مجموعة من السكان المدنيين.

وهو ما يعني أن هذا النوع من الانتهاكات لا يخضع لقانون التقادم، ويحق لأُسَر الضحايا طلب التعويض، والمطالبة بمعرفة الحقيقة في ما يتصل باختفاء أحبائهم، ومحاسبة المسؤولين عن ارتكاب مثل هذه الجريمة الفظيعة.

وهذه الحقائق التي عرضها المركز أعلاه، تؤكد أن الإخفاء القسري في الإمارات يتم ارتكابه بشكل منهجي يرقى إلى اعتباره جريمة ضد الإنسانية.