كشف تحقيق عبري نشرته قناة “كان” الرسمية الإسرائيلية كيف خدعت إسرائيل الإمارات ومارست الابتزاز ضدها بشأن مساعي أبوظبي لضمان التسليح العسكري.
وبحسب القناة فقد توصلت إسرائيل والولايات المتحدة ودول خليجية على رأسها الإمارات إلى وثيقة تؤسس لتدشين حلف استراتيجي مشترك قبل ثلاثة سنوات من التوقيع على اتفاقات التطبيع، وتحديدا في الفترة الفاصلة بين عامي 2017 و2018.
ونقلت القناة عن الجنرال الإسرائيلي رام ليفني الذي شارك في المداولات التي قادت للتوصل إلى الوثيقة إن مستويات سياسية ووزارات الخارجية في الدول المعنية شاركت أيضا في المداولات التي قادت إلى الوثيقة، والتي ظلت في الإطار الفكري ولم تطبق عمليا.
وأوضحت القناة أن إسرائيل في الواقع معنية بحلف على مزاجها، فهي لن تستثمر مقدراتها لصالح دول أخرى، بل معنية باستنفاذ الطاقة الكامنة في التعاون الأمني والاستراتيجي الثنائي المباشر مع الدول العربية أو من خلال التعاون المشترك مع هذه الدول تحت مظلة قيادة المنطقة الوسطى في الجيش الأمريكي.
والمفارقة أن إسرائيل أثناء التفاوض على هذه الوثيقة كان تضغط على إدارة الرئيس الأمريكي السابق ترامب لمنع تزويد الإمارات بأسلحة متطورة وطائرات إف 35، ورفضت بعد التطبيع تزويد الإمارات بمنظومات الدفاع الجوي “القبة الحديدية” و”العصا السحرية” لتأمين عمقها من هجمات إيران والحوثيين.
ورغم هرولتها لإشهار التطبيع وإبرامها عشرات الاتفاقيات في كافة المجالات، فإن الإمارات تعرضت إلى طعن غدر من حليفتها إسرائيل في وقت حاجة أبوظبي الماسة.
إذ كشفت صحف عبرية أن إسرائيل رفضت بيع الإمارات منظومات للدفاع الجوي بناء على طلب عاجل قدمته أبوظبي عقب هجمات جماعة أنصار الله “الحوثي“.
وذكرت صحيفتي “يسرائيل هيوم” و”معاريف” العبريتين أن الرفض الإسرائيلي يتعلق بطلب الإمارات شراء منظومات دفاع جوي.
وكتب المحلّل العسكري “ألون بن دافيد”، في “معاريف”، أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية عبّرت عن عدم رغبتها بشكل بارز لاحتمال بيع تكنولوجيا متطوّرة لشركائها الجدد (في إشارة إلى الدوّل الموقّعة على اتفاقيّات التطبيع: المغرب والإمارات والبحرين والسودان)، خصوصًا منظومات دفاع جوّي “تحتاجها هذه الدول بشدّة”.
وأرجع “يوآف ليمور” المراسل العسكري لصحيفة “يسرائيل هيوم”، الرفض إلى الخشية من تسريب معلومات تكنولوجية وعسكرية إلى أطراف أخرى.
وذكر “بن دافيد”، أن “الموساد، الذي عبّد الطريق للاتفاقيّات، توسّل أمام الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بالتوقف عن النظر إلى هذه الدول كعرب.. هذا شيء آخر”.
وتراجعت وزارة الأمن الإسرائيلية، عن قرارها عدم بيع الإمارات في عدد من المجالات، مثل السايبر الهجومي “لكنّها في مجال الدفاع الجوي استمرّت في رفضها”، وفق “بن دافيد”.
وتوّجهت الإمارات بعد الرفض الإسرائيلي لشراء منظومة دفاع جوي من كوريا الجنوبية، مبنيّة على تكنولوجيا روسية.
“وهكذا فوّتت إسرائيل فرصة بيع منظوماتيها (الحديديّة) و(مقلاع داود) ونصبها أمام أهداف إيرانية تضرب الإمارات”، حسب “بن دافيد”.
وقدّر المحلل العسري الإسرائيلي، قيمة الصفقة الإماراتية لو أنها حدثت بـ3.5 مليارات دولار، “كان بإمكانها أن تقلّل من تكلفة هذه المنظومات لنا، وتزويد الصناعات العسكرية الإسرائيلية بكثير من فرص العمل”.
ومع توجّه الإمارات والسعودية لشراء منظومات دفاع جوي جديدة، إثر الحرب في اليمن ونقص مخزونها، دعا “بن دافيد” إسرائيل إلى الاقتراح على هذه الدول بتزويد سريع لمنظومات دفاع واعتراض ورادارات.
“بالإضافة إلى العوائد الاقتصادية الكبيرة جدًا، وتأثير ذلك على تعزيز العلاقات مع الشركاء الجديد، فنصب رادارات إسرائيلية متطورة في الخليج، قرب إيران، ستتيح لإسرائيل إنذارًا مسبّقًا أكثر لعمليات قصف من إيران”، حسب “بن دافيد”.
ونقل عن قائد الدفاع الجوي الإسرائيلي السابق والمتحدث الحالي باسم الجيش الإسرائيلي “ران كوخاف”، دعوته للانتقال من “دفاع شخصي إلى دفاع إقليمي”.
في المرحلة الأولى، وفق الصحيفة، “قدرة دفاعيّة وطنية أمام كلّ التهديدات الجوية، بدمج قدرات ليزر متطورة”، ولاحقًا “قدرة دفاعية إقليمية مشتركة مع دول أخرى”.
ورغم غياب الولايات المتحدة من المنطقة، إلا أن هذه الإمكانية متاحة الآن.
جدير بالذكر أن الإمارات وقعت اتفاقات لتطبيع العلاقات مع إسرائيل بوساطة أمريكية، في البيت الأبيض عام 2020.
ومنذ ذلك التاريخ وقعت أبوظبي وتل أبيب، العديد من الاتفاقيات في مختلف المجالات، وتلتهما البحرين والمغرب والسودان في توقيع اتفاقيات تطبيع.