موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تواصل هبوط أسعار أسهم العقارات في بورصة دبي مع تفاقم أزمتها الاقتصادية

165

ارتفعت بورصة دبي في ختام مداولات الأسبوع الماضي محققة مكاسب للجلسة الثالثة على التوالي، لكن هذا الارتفاع جاء بسبب الإقبال على شراء الأسهم العقارية التي هبطت قيمتها في عمليات تصيّد للصفقات الرابحة.

والتقييمات المنخفضة لأسهم الشركات العقارية تشجع بعض المستثمرين على العودة لشراء الأسهم.

وكان حجم التداول في الإمارة مع نهاية الأسبوع هو الأعلى من نوعه منذ أوائل سبتمبر/ أيلول.

وعادة ما يشتري تجار الأسهم والوسطاء الأسهم الضعيفة والاحتفاظ بها، أمل تحقيق أرباح في المستقبل.

يذكر أن مصرف الإمارات المركزي أفاد في تقرير، في الأسبوع الأول من الشهر الجاري، أن أسعار العقارات السكنية في دبي هوت 7.4% عنها قبل عام في الربع الثالث من 2018، في حين تراجعت 2.5% مقارنة بالربع الثاني من العام.

وتتراجع الأسعار تراجعاً شبه مطّرد من شهر إلى آخر، منذ بداية 2017 بسبب تدهور ميزان العرض والطلب.

وازداد مؤشر سوق دبي واحداً في المئة في تعاملات اليوم الخميس، مع صعود سهم إعمار للتطوير 7.6%، كما ارتفع سهما الاتحاد العقارية ودبي للاستثمار 7.4% و2.3% على الترتيب، بعدما تم تداولهما عند أدنى مستوياتهما في سنوات خلال بعض الجلسات خلال الأسبوع.

وعلى صعيد الأسهم الخليجية، عدا بورصة البحرين التي هبط فيها مؤشر الأسهم في إغلاق الأسبوع، فإن جميع مؤشرات البورصات الخليجية أغلقت مرتفعة، ولكن بنسب ضئيلة.

والأزمات التي توالت على دبي في طريقها لتطفئ أنوار الإمارة التي لطالما اعتُبرت الوجهة المفضلة للمستثمرين والتجار ورجال الأعمال بالمنطقة.

من سوق العقارات إلى قطاع المال والاستثمار، مرورا بالتجارة والسياحة ووصولا إلى الطيران وقطاعات أخرى، مؤشرات سلبية باتت تطوق عنق دبي التي تحتضن أطول مبنى بالعالم “برج خليفة” وأحد أشهر المناطق الحرة “جبل علي”.

ويعتقد محللون أن الأداء السلبي لاقتصاد دبي بشكل خاص والإمارات بشكل عام يرجع إلى أسباب اقتصادية تتعلق بالأساس باختلال توازن سوق العقارات، وانعكاسات ذلك على قطاعات عديدة، وأسباب سياسية في ظل حصار قطر ودخول أبو ظبي في نزاعات أفقدت الأجانب ثقتهم بها.

كساد عقاري

يعد القطاع العقاري -إلى جانب قطاعات خدمية أخرى- قاطرة الاقتصاد في دبي حيث يسهم بنحو 20% من الناتج المحلي للإمارة، كما تشير إلى ذلك تقارير صحفية محلية. لكن هذا القطاع يوشك أن ينهار ليعيد إلى الأذهان أزمة شبيهة اقتلعت جذور الأبراج الشاهقة في دبي قبل نحو عشرة أعوام.

وتشير بيانات لمصرف الإمارات المركزي إلى أن أسعار العقارات السكنية في دبي تراجعت بالربع الثالث من العام الحالي بنحو 7.4% مقارنة بالفترة ذاتها من العام المنصرم، لينضاف ذلك إلى انخفاض آخر بنحو 6% شوهد خلال الربع الثاني من هذا العام بسبب اختلال ميزان العرض والطلب.

وفي أغسطس/آب الماضي توقع وليد الزعابي رئيس مجلس إدارة مجموعة تايغر أن يستمر هبوط القطاع العقاري في الإمارات ككل لثلاثة أعوام إضافية، وقال إن الإيجارات انخفضت بنحو الثلث منذ العام 2016، كما تنقل بلومبيرغ.

أما موقع “مباشر إنفو” فأشار إلى أن أسعار بيع الشقق في دبي تراجعت بـ 11% خلال الربع الثاني من العام الحالي فقط.

وعلى صعيد شركات القطاع تراجعت أرباح إعمار العقارية -أكبر مطور عقاري مدرج في دبي- بـ 29% خلال الربع الثالث من العام الحالي بسبب تباطؤ السوق.

كما أعلنت دامك العقارية -أكبر مطور عقاري بالقطاع الخاص- عن تراجع صافي أرباحها بنسبة 68% خلال الفترة ذاتها، معلنة توقفها عن شراء الأراضي.

أزمة عميقة

هذا التراجع في أداء أكبر شركتي تطوير عقاري في دبي يعكس عمق الأزمة التي يشهدها القطاع الذي ترتكز عليه الإمارة إلى جانب السياحة لإنجاح رؤيتها في جذب المستثمرين، بحسب المدير التنفيذي لشركة يوتوبيا للعقارات محمد فرغلي.

يقول فرغلي إن القطاع العقاري في دبي تأثر سلبا باختلال توازن السوق بسبب تفوق المعروض على الطلب، وهو وضع أثر على معدلات النمو، كما أن القطاع كان ضحية لأزمة الحصار المفروض على قطر.

وأضاف أن دبي كانت أكبر الخاسرين من الأزمة الخليجية الحالية، فبعدما سوقت لنفسها لأكثر من عقدين كوجهة حرة للتملك والاستثمار وإقامة الأعمال، جاء الحصار ليضرب هذه الصورة في مقتل ويبعث برسائل سلبية للمستثمرين الأجانب، بعدما منعت الإمارة القطريين من التصرف في أملاكهم.

“لقد أصبح الأجانب قلقين على مستقبل استثماراتهم، وبعضهم بالفعل رحل بأمواله عن دبي إلى مناطق أخرى خشية أن يتكرر سيناريو حصار قطر مع بلدانهم، خاصة أولئك المنحدرين من إيران وروسيا ودول شرق آسيا” يتابع فرغلي.

المتحدث ذاته أكد أيضا أن عددا من المستثمرين الإيرانيين تخارجوا من سوق دبي، في ظل العقوبات المفروضة على بلادهم.

وقال إن القطاع العقاري بدبي يشهد تراجعا في مستويات الثقة، واعتبر أن ما يشهده هذا القطاع ليس حركة تصحيحية للأسعار كما يظن البعض بل هو نزول حاد.

نزف مالي

تعيش بورصة دبي -مرآة الاقتصاد- واحدة من أحلك فتراتها، فمؤشرها هوى إلى أدنى المستويات في أكثر من خمس سنوات خلال جلسات التداول القليلة السابقة متأثرا بنزف في أسهم العقارات بشكل خاص بالإضافة إلى قطاع البنوك.

وتشير بيانات بلومبيرغ إلى أن بورصة دبي حققت أسوأ أداء بين البورصات العالمية خلال العام الحالي.

كما أن الحصيلة الإجمالية لنتائج الشركات المدرجة بسوق دبي المالي بنهاية الربع الثالث 2018 أظهرت تراجعا في أرباح هذه الشركات بنسبة 12 % قياسا للفترة المماثلة من العام السابق، متأثرة بهبوط أرباح قطاع “العقارات والإنشاءات” على وجه التحديد، وفق موقع أرقام الإخباري.

ويقول فرغلي إن الأزمة في دبي ترتبط بحلقات كثيرة يؤثر بعضها على بعض، والقطاع المالي جزء من هذه السلسلة.

ويضيف أن دبي تعتمد على القطاعات الخدمية لدعم اقتصادها، لكن هذه القطاعات ترتهن إلى شهية المستثمرين التي تأثرت كثيرا جراء الاضطراب السياسية بالمنطقة.

موقف فرغلي لم يكن بعيدا عما صرح به المدير العام لشركة نماء للاستشارات المالية طه عبد الغني الذي أكد أن حصار قطر ودخول الإمارات في نزاعات كثيرة أثر على جاذبية البلاد للمستثمرين والسياح على حد سواء.

ويقول أيضا “حصار قطر جاء بنتائج عكسية على الإمارات، حيث باتت الاستثمارات تهرب منها، كما أن القطاع العقاري الذي يشكل قاطرة الاقتصاد يعيش على وقع أزمة كبيرة وأخذ معه القطاعين السياحي والتجاري”.

ويضيف أن حالة الخوف باتت تسيطر على المستثمرين بسبب الأحداث السياسية، مما انعكس سلبا على بورصتي دبي وأبو ظبي.

ويؤكد عبد الغني أنه “في ظل حالات الخوف وعدم الاستقرار فإن أول قطاع يتأثر هو سوق الأسهم”.

وتوقع أن تستمر أسواق الأسهم الإماراتية في تسجيل أداء غير مرض مع استمرار تدخل الإمارات في العديد من النزاعات.

ويخضع قطاع المصارف في دبي بشكل خاص والإمارات بشكل عام لضغوط بسبب ضعف السيولة وتراجع أداء نشاط العديد من القطاعات.

ومن انعكاسات ذلك إعلان مصرف الإمارات المركزي الاثنين الماضي أنه طلب من البنوك التحقق من الجدارة الائتمانية لعملائها قبل إصدار دفاتر الشيكات، تحت وطأة ارتفاع الشيكات المرتجعة التي بلغت قيمتها نحو سبعة مليارات دولار في الخمسة أشهر الأول من العام الحالي فقط.

وهذا الإجراء قال عنه المحلل المالي نضال الخولي  إنه كان ضروريا على ما يبدو في مواجهة حالة الركود الاقتصادي التي تشهدها دبي، خاصة مع تراجع قطاعات العقارات والتشييد والسياحة.

ركود سياحي وخسائر طيران

السياحة، قطاع حيوي آخر يعيش انحسارا حادا في دبي، فقد أظهرت بيانات رسمية توقف نمو عدد الزوار الأجانب للإمارة في الشهور التسعة الأولى من العام الجاري. ويضخ قطاع السياحة نحو 30 مليار دولار في اقتصاد دبي وفقا لأرقام العام 2017.

فحكومة دبي -التي أنفقت مليارات الدولارات لبناء مراكز جذب سياحية مثل برج خليفة- سجلت دخول 11.6 مليون زائر حتى نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، وهو رقم مماثل لنظيره المسجل خلال الفترة ذاتها من العام المنصرم، كما تنقل وكالة رويترز التي قالت إن القطاع يشهد” تباطؤا حادا”.

كما أن حركة الركاب بمطار دبي الدولي شهدت هي الأخرى تباطؤا هذا العام بعد 15 عاما من تسجيل زيادات.

أما شركة طيران الإمارات فسجلت تراجعا مخيبا للآمال بتعبير وكالة بلومبيرغ، بعدما هوت أرباحها للنصف الأول من العام الحالي إلى أدنى مستوى في عشر سنوات.

وتواجه الشركة حسب مسؤوليها تحديات مرتبطة بـ “الضغط المتواصل على العائد والأوضاع الاقتصادية والسياسية المضطربة في المنطقة” في حين توقعوا نصف عام آخر صعبا.

ويعتقد المحلل المالي طه عبد الغني أن “دخول الإمارات في نزاعات بعدد من الدول غيَر من نظرة المستثمر والسائح للإمارات ودبي من دولة مسالمة وواحة للأمان والاستثمار إلى دولة مضطربة”.

خسارة الوظائف العليا

وأمام ارتفاع تكاليف المعيشة وممارسة الأعمال التجارية بدأ عدد من المغتربين يعودون إلى بلدانهم، تؤكد بلومبيرغ.

فقد سجلت إمارة دبي أكبر خسارة في الوظائف هذا العام -لاسيما المناصب ذات الأجور العالية- منذ الأزمة المالية العالمية قبل عقد من الزمن، على خلفية اشتداد المنافسة من جانب قطر والسعودية والعقوبات على إيران، كما تقول صحيفة وول ستريت جورنال.

الصحيفة نفسها أشارت قبل أسبوعين إلى أن الإمارات فقدت عشرين ألف وظيفة من فئة “الياقات البيضاء” في قطاع الخدمات والاتصالات معظمهم في دبي، وهو ما يهدد الإمارة التي كثيرا ما وصفت بكونها مكانا ملائما للمصرفيين ورجال الأعمال وأصحاب الوظائف العليا.

إخفاق تجاري

تقول وكالة بلومبيرغ إن المراكز التجارية والمطاعم باتت أقل اكتظاظا مما كانت عليه في السابق، وعزت ذلك إلى ارتفاع تكاليف المعيشة وممارسة الأعمال.

كما أن العقوبات الأميركية ضد إيران -تؤكد بلومبيرغ- قوضت دور دبي كمركز تجاري، كون هذه العقوبات ألزمتها بوقف التجارة مع طهران.

أما الأزمة الخليجية المتمثلة بحصار قطر فقد ألقت بظلالها على دبي، حيث مثلت “مفاجأة غير سارة للشركات التي تتخذ من دبي مقرا والتي وجدت نفسها غير قادرة على شحن البضائع مباشر إلى الدوحة ” تضيف بلومبيرغ في تقرير آخر.

وتشير بيانات نقلتها وكالة رويترز إلى حدوث انخفاض في أحجام شحن الحاويات لشركة موانئ دبي العالمية في الإمارة 6.7% في الربع الثالث من العام، وسط توقعات بتحديات لأداء ميناء جبل علي الرئيسي بالإمارة في الأجل القريب في ظل المخاطر الجيوسياسية والتغيرات الأخيرة التي طالت السياسات التجارية عبر العالم.

وفي المحصلة، لم تعد دبي -كما وصفت نفسها- “المدينة العالمية” لجمعها بين مختلف الثقافات واحتضانها للمستثمرين والسياح في كنف حياة أكثر انفتاح واستقرارا، وذلك بعدما انخفض منسوب الثقة بها، كما يقول فرغلي.