موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: دبي.. إمارة القمع وسحق الحريات للوافدين إليها

516

حكم على كهربائي اسكتلندي يدعى چيمي هارون، زار دبي كسائح منذ فترة، بالسجن لمدة ثلاثة أشهر بسبب لمسه رجلًا في حانة.

وحكم على قائد فريق كرة القدم البريطاني المحترف، ديفيد هيغ، بالسجن لمدة سبعة أشهر لنشر تغريدة، يقول إنه “لا يمكن أن يكون قد نشرها”، حيث أنه كان في السجن من دون هاتف.

كما تم احتجاز سكوت ريتشاردز، أسترالي مقيم في دبي يعمل في مجال المساعدات الإنسانية، لمحاولة جمع الأموال لشراء بطانيات للأطفال الأفغان الذين يتجمدون من البرد، لأنه لم يكُن يعمل مع جمعية خيرية مُعترف بها.

وتلك كلها قصص حقيقية صادمة من واقع الحال في دبي، التي يروج حاكموها أنها واحة للحريات والترحاب بالأجانب بما يناقض كليا واقع الإمارة.

وتصور دبي نفسها على أنها تُرحب بالأجانب، وهي من أكثر الوجهات السياحية زيارة في العالم، حيث تحتل المركز الرابع، ويبلغ عدد المقيمين الأجانب بها 12 ضعف عدد المواطنين.

لكن النظام القانوني في الإمارة غالبًا ما يُودع الأجانب في السجن “لارتكاب جرائم” لا تعتبرها الدول المتقدمة كذلك.

وتشمل الأمثلة الحديثة التي ذكرها المحامون، الإمساك بالأيدي في الأماكن العامة، الثناء عبر فيسبوك على جمعية خيرية معارضة لصيد الثعالب، شرب الخمور دون ترخيص، وتقاسم غرفة فندقية مع شخص من الجنس الآخر (دون زواج).

في الغالب، لا تتشدد سلطات دبي كثيرًا عندما يتعلق الأمر بالأجانب، لكنهم قد يفعلون أحيانًا. الفنادق لا تطلب من الأزواج إبراز عقود زواجهم.

وتمتلك دبي حياة ليلية صاخبة، فيها العديد من الحانات والنوادي الليلية، حيث تبحث عاملات الجنس من أوروبا الشرقية عن العملاء. ومع ذلك، فإن السكن المشترك مع غير الزوج يُعتبر جريمة، والمثلية تخضع لعقوبة الإعدام (وإن كان من النادر أن تُطبق)، ويمكن معاقبة البغاء بالجلد بل وبأكثر من ذلك.

حتى ضحايا جرائم العنف يمكن أن يُتهموا بجرائم الأخلاق: فالمثليون الذين يبلغون عن اعتداءات يُسجَنون مع المُغتدين عليهم، والنساء اللواتي يبلغن عن تعرضهن للاغتصاب يمكن سجنهن بسبب الزنا، إذا لم يكُن لديهن أربعة شهود من الذكور لدعم قصتهن.

وتقول المحامية البريطانية، رادها ستيرلنغ، إنها مثلت مئات الغربيين الذين سُجِنوا في دبي بسبب السلوك الذي يُسمَح به عادةً هناك. تقول ستيرلنغ، التي تُدير مجموعة تدعى Detained in Dubai، مقرها في بريطانيا: “تذهب إلى هناك ويبدو وكأن كل ذلك قانوني، الجميع يفعلون ذلك، فيعتقد المرء أنه أمر عادي لا بأس به. لكنك إذا أسأت إلى شخص ما ستُوقَّع عليك العقوبة”.

وقد أثارت حالتان أخريان، عالجتهما السيدة ستيرلنغ، غضبًا واسعًا في بريطانيا، حيث يعيش عدد من المواطنين البريطانيين في دبي، أكثر من أي جنسية غربية أُخرى.

فقد أُلقِي القبض على هارون (27 عامًا)، وهو كهربائي اسكتلندي يزور دبي، وحُكِم عليه بالسجن لمدة ثلاثة أشهر بسبب خدش الآداب العامة لادعاء أنه لمس مؤخرة رجل في حانةٍ مزدحمة حين كان يمر بجواره.

ويواجه رجل بريطاني من ليستر، اسمه جميل أحمد مقدم (23 عامًا)، محاكمة لقيامه بإشارة بذيئة لسائق في دبي، وكان مقدم، وهو استشاري في مجال الحاسوب، يستقل سيارة أجرة، لذلك استغرق الأمر وقتًا طويلًا من الشرطة لتعقبه. ولكن بعد ستة أشهر، اُعتقل في أيلول /سبتمبر  في المطار لدى عودته إلى دبي. وهو الآن قد خرج بكفالة، بدون جواز سفره، في انتظار المحاكمة.

وقال إنه قد يواجه ستة أشهر فى السجن؛ إذا ما أُدين بالإشارة بتلك الإشارة البذيئة. وقال مقدم إنه كثيرًا ما يزور دبي مع زوجته وأنه يحب المدينة، ولا سيما لتنوع الأطعمة الحلال بها، ولكنه لا يعتزم العودة. وقال: “لن آتي إلى هنا قط مرةً أخرى، ولن تطأ قدمي هذا المكان ثانيةً، بعدما لاقيت من معاملة”.

قال القاضي رئيس المحكمة المدنية لدبي، أحمد سيف، في مقابلةٍ أجرتها معه صحيفة (The National) التي تصدر  في أبوظبي: إن “الثقافة الغربية تختلف عن الثقافة العربية”.

وأضاف: “في البُلدان الغربية، الإشارة بالإصبع الأوسط، أو سباب شخص آخر أمر مرفوض، إلا أنه لا يُعاقب عليه بالقانون. أما ثقافة الذين يعيشون في الإمارات العربية المتحدة مختلفة تمامًا. ففي نهاية المطاف، نحن مسلمون، ولا يجوز اقتراف مثل هذه الأفعال غير المقبولة”.

معظم القضايا التي يتورط فيها الأجانب تتعلق بالجرائم الأخلاقية. فعلى سبيل المثال، من غير القانوني أن تتناول المشروبات الكحولية دون الحصول على ترخيص، ولا يستطيع الشخص الأجنبي استخراج هذا الترخيص إلا إذا كان مُقيمًا.

لذا، فإن أي سائح يتناول المشروبات الكحولية يقوم بفعلٍ مخالف للقانون، حتى وإن تناول هذا المشروب في إحدى الحانات المرخصة. كما لا يستطيع أي رجل وامرأة أن يتشاركا غرفة واحدة، ما لم يكونا متزوجين، حتى وإن كان البيت مملوكًا لهم.

وعندما اصطحب إملين كولفرويل، الجنوب إفريقي، صاحب الـ29 عامًا، خطيبته الأوكرانية، إرينا نوهال إلى الطبيب في دبي عندما شعرت بألمٍ في المعدة، وكان تشخيص الطبيب لحالتها أنها حامل، تم التعامل مع الواقعة من خلال مكالمة هاتفية إلى الشرطة. اُحتجز الإثنين في السجن عندما لم يقدما وثيقة الزواج.

يُقِر بعض الإماراتيين أن القوانين المتبعة في بلادهم لا تُواكب التغييرات التي تعرفها المجتمعات. صرح عصام التميمي، أحد المحامين العاملين في دبي عبر رسالة إلكترونية قائلًا: “من غير المنطقي أن نطلب من بلدٍ ما أن تُحذر كل زائر يطأ بقدميه أرضها من مجموعة كاملة من القواعد والقوانين المعمول بها في البلاد”.

وأضاف: “.. الإمارات شأنها في ذلك شأن دول أخرى في العالم، تحتاج لمزيد من التغيير”. ولم يستجب أيًّا من مسؤولي حكومة دبي لطلب التعقيب على هذه المقالة.

يشتكي الكثيرون من التضييق الذي يُمارسه النظام القضائي الإماراتي على الأجانب، كما اتهمت منظمتا العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش سلطات البلاد بالاحتجاز التعسفي، وإساءة معاملة المساجين.

فقد قال هيغ، المدير العام السابق لنادي ليدز يونايتد لكرة القدم، وشريك ستيرلينغ في شركة قانونية، أنه سُجن لمدة 22 شهرًا، وتعرض للتعذيب مرارًا وتكرارًا، لإجباره التوقيع على بعض الاعترافات، وعلى الرغم من ذلك، لم يستطع أن يحصل على نسخة من التهم التي كان من المفترض أن يعترف بها.

كان هيغ قد دخل في نزاع تجاري مع بنك دبي، عبر شركة (چي إف إتش كابيتال)، والتي تمتلك حصةً في الفريق. وقال إنه قد تعرض للخداع حتى يأتي إلى دبي من أجل التوصل لحل هذا الخلاف، إلا أنه أُودِع السجن بمجرد وصوله بتهمة خيانة الأمانة، واستمر قيد الحبس عدة أشهُر دون السماح له بالالتقاء بمُحامٍ.

خلال فترة احتجازه بالسجن، اتهم بنشر رسالة مُهينة على موقع تويتر، على الرغم من تأكيده عدم امتلاكه لهاتف أو حتى اتصال بالإنترنت. وبناءً على هذا الاتهام، مُددت فترة عقوبته سبعة أشهر أخرى. بُرِئ في نهاية المطاف من تهمة تويتر، ولكن بعد أن قضى سبعة أشهر، بالإضافة إلى خمسة عشر شهرًا قضاها كمدة عقوبة عن الاتهام الأصلي.

يقول هيغ متحدثًا عن دبي: “90% من المقيمين فيها يخرقون القانون طوال الوقت، ولا يتخذ أي شخص خطوةً ضدهم، ثم يتهمون ويعتقلون الشخص الخطأ”.

وخلال السنوات القليلة الماضية، بدأت الإمارات استهداف وسائل التواصل الاجتماعي، وجعلت انتقاد البلاد أو المواطنين الإماراتيين أو الشركات الإماراتية على موقعي تويتر  وفيسبوك، جريمة لا تُغتفر.

فقد اُستغل القانون بشكلٍ أساسي في النيل من المنتقدين المحليين، لكنه طال أيضًا ريان بات، وهو ميكانيكي طائرات مروحية من فلوريدا، والذي تعرض للسجن بعد أن أطلق لنفسه العنان في انتقاده لشركة (Global Aerospace Logistics) الإماراتية التي يعمل لديها، على حسابه في موقع فيسبوك، بعد خلاف حول إجازة مرضية.

ويُعاني المقيمون والسائحون الأجانب من نفس تلك المشاكل في جميع أنحاء الإمارات، كان مقر الشركة التي يعمل بها بات في أبوظبي، إلا أن هذه المشاكل تزداد انتشارًا في دبي بسبب ارتفاع أعداد الأجانب الذين يعيشون فيها ويزورونها.

الجرائم الأخرى التي يُدرك قلة من الأجانب أنها قد تُودِي بهم إلى السجن، تتضمن تقديم فحوصات غير صحيحة، حتى وإن كان عن طريق الخطأ، وعدم سداد مديونية بطاقة الائتمان في الوقت المُحدَّد، والتقاط صُورة لشخصٍ ما دون موافقته، ومُلامسة شخص آخر.

فقد كان الاتهام المُوجَّه لهارون، أنه لمس أحد الرجال بشكلٍ فيه حميمية في مكانٍ عام، في مقهى روك بوتوم، وهو نادٍ يتردد عليه المثليين من الرجال. بينما أكد هارون، أنه كان يدفع الرجل لتفادي الزحام فحسب، وكان يضع يده على فخذه كي لا ينسكب الشراب عليه.

حُكِم على هارون بالسجن لمدة ثلاثة أشهر، على الرغم من ذلك، أُجبِر على مغادرة البلاد بعدما ألغى حاكم دبي محمد بن راشد آل مكتوم الحكم الصادر ضده. فكثيرًا ما ساعدت الدعاية الكثيفة في حل مثل هذه القضايا، حتى وإن بدت من الناحية القانونية مستحيلة.

تقول ستيرلينغ: إن “حكومة الإمارات ما هي إلا كيان ضخم للعلاقات العامة”، وأضافت: “إذا شعروا بأن قضية ما قد تضر بهم، تتواصل الحكومة مع الشرطة، وتُسقِط التهم على الفور”.