موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

البطالة في الإمارات: رقم صادم للباحثين عن العمل في الشارقة

1٬457

كشفت إحصائيات رسمية عن رقم صادم لعدد الباحثين عن العمل في إمارة الشارقة في ظل أزمة البطالة المتفاقمة في الإمارات ومعاناة مواطني الدولة من التمييز والتهميش في التعيينات.

وصرح رئيس المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة، علي ميحد السويدي، بأن المجلس أجرى أخيراً دراسة حول ملف التوظيف في الإمارة، أظهرت أن عدد الباحثين عن عمل في الشارقة يبلغ نحو 17 ألف مواطن، منهم 3000 فقط من الذكور.

وذكر السويدي أن سلطات الشارقة حددت عدداً من الآليات التي تعطي الأولوية بشأن التوظيف، أولها توظيف شخص واحد على الأقل من أسرة بها أربعة أفراد يبحثون عن عمل لخلق نوع من الدخل لهذه الأسرة، وكذلك إعطاء أولوية للشباب في التوظيف للاستقرار والزواج وتنشئة أسرة.

وأضاف أن هناك عدداً ممن يعانون مشكلات اجتماعية حقيقية كـ”الغارمات والمدينين” للبنوك، وهم ممن يتم وضعهم ضمن أولويات التوظيف أيضاً.

وأكد أن كل طلبات التوظيف التي تصل إلى المجلس يتم جمعها في ملف وإرسالها للموارد البشرية للاستعلام عن موقف أصحابها، لاسيما أن بعضهم يشكو تأخر الرد على طلب تعيينه بالسنوات، حيث نستعلم عن موقف أصحابها ومدى إمكانية تعيينهم.

وأبرز تحقيق صحفي أن دولة الإمارات تشهد تفشي البطالة بين مواطنيها، إلى جانب التهميش والتمييز في التعيينات، والتي عجزت معه معارض التوظيف الحكومية منها والخاصة، على حل معضلة تشغيل الإماراتيين والإماراتيات على حد سواء.

يأتي ذلك في وقت تم تصنيف الإمارات الأول إقليمياً في قائمة أفضل الدول للعمل والعيش، والسادس عالمياً كأفضل دول العالم التي يُفضلها الوافدون الأجانب للعمل، ومن أكثر الدول الجاذبة للمستثمرين والشركات العالمية.

وقال موقع (الامارات 71) المعارض إنه على الرغم من قلة المعطيات الرسمية لأعداد أو نسب البطالة، بالإضافة إلى تفاوت الأرقام الصادرة من جهات الاختصاص، إلا أن دراسة خليجية أظهرت وجود نسبة كبيرة من البطالة في الإمارات.

ففي دراسة أعدتها الدائرة الإعلامية والبحوث والدراسات في مكتب الهيئة الاستشارية في الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي، حول العمالة الوافدة ومخاطرها على دول مجلس التعاون الخليجي، ونشرتها الصحف الإماراتية الرسمية، أشارت فيه إلى أن نسبة البطالة بين مواطني الإمارات تصل إلى نحو 14%.

في المقابل، نشرت الهيئة الاتحادية للتنافسية والإحصاء (حكومية)، تقريرا حول القوى العاملة في الدولة، ذكرت فيه أن معدل البطالة بين المواطنين بلغ 2.2% فقط.

وأشارت الدراسة الحكومية ذاتها، إلى أن 52.9% من المتعطلين عن العمل في الدولة، حاصلون على تعليم عالٍ، ويحملون شهادات بكالوريوس وماجستير ودكتوراه أو ما يعادلها، إضافة إلى دبلوم عالٍ بعد الجامعة.

البطالة تؤرق الرأي العام

يأتي ذلك في ظل عجز الحكومة عن ابتكار الحلول الجذرية لوقف استشراء البطالة، رغم محاولاتها إيجاد فرص جديدة من خلال سن قوانين لتشجيع تعيين المواطنين في القطاع الخاص، والاكثار من إقامة معارض التوظيف.

لكن الدعوات الحكومية المتكررة الموجهة إلى “المواهب الأجنبية” والتي تحثهم على اتخاذ الإمارات مسقط رأسٍ لهم؛ دفعت بالإماراتيين إلى التساؤل عن مدى جدية الحكومة في إيجاد الحلول.

وكذلك نظرتها إليهم بأنهم غير مؤهلين بما يكفي لملء تلك الوظائف المُقتصرة على الأجانب، والتي حتى لا يتم الإعلان عنها رسمياً لإبعادهم عنها.

استياء شعبي كبير

ومع ارتفاع الأصوات المنادية بإيجاد الحلول، وتصاعد الاستياء الشعبي، أعلنت الحكومة عن استحداث وزارة الموارد البشرية والتوطين على المستوى الاتحادي والمحلي.

كما أعلنت عن العديد من المبادرات، أبرزها: برنامج الإمارات لتطوير الكوادر الوطنية والذي أعلن عنه في عام 2005، تبعه برنامج توطين والذي أعلن عنه 2007.

وبعد عشر سنوات أعلنت الدولة عن برنامج التوطين النوعي وذلك في العام 2017، حتى إطلاق برنامج تنافسية الكوادر الإمارتية “نافس” في العام 2021.

إلا أن ذلك لم يجد نفعا، حتى استفحلت القضية وبدأت تؤرق الرأي العام، والتي تزامنت مع ارتفاع معدل التضخم واستحداث المزيد من الضرائب، وزيادة اهتمام الدولة بجذب العمالة الأجنبية الماهرة.

معطيات تحت المجهر

تُبين الأرقام التي نشرها المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء في عام 2020، في مسحه للقوى العاملة، توزيعاً مبنياً على الفئة العمرية والتحصيل العلمي، أن أعلى نسبة في المتعطلين عن العمل لدى حملة درجة البكالوريوس أو ما يعادلها، كما يبين الجدول اللاحق أن البطالة تؤثر بشكل أكبر على الإناث.

ووفقًا لقوانين دولة الإمارات المعمول بها حاليًا، والتي تُعنى بتأشيرات الدخول والإقامة في الدولة، منها أن كفالة الوالدين للوافدين الذكور تسقط تلقائيًا بعد بلوغهم سن الـ 18.

وبناءً عليه يصبح لدى تلك الفئة العمرية من المقيمين الذكور خياران فقط لتمديد الإقامة: فإما الالتحاق بجامعة محلية، أو الانضمام إلى سوق العمل.

ونظراً لكون إقاماتهم تعتمد على قدرتهم على تأمين كفالة عمل، فمن المرجح أن تكون نسبة المتعطلين للذكور من حملة الشهادات الجامعية في الجدول التالي تمثل في أغلبيتها المواطنين الإماراتيين، مع انحراف نسبي بسيط بالنسبة للإناث نظراً لأن كفالتهن تستمر حتى بعد بلوغهن سن الثامنة عشرة، وبالتالي يتم إدراجهن ضمن كافة الإحصائيات.

إضافةً إلى ذلك، تم اعتماد تصريح عمل جديد يسمح للباحثين عن العمل في الدولة على غرار الدول الأخرى المستقطبة للمواهب.

وذلك ضمن عدد من القوانين الجديدة الخاصة بالتأشيرات، والتي تم إصدارها في أبريل المنصرم، وستسمح تأشيرة البحث عن عمل لمن تخرجوا من أفضل 500 جامعة حسب التصنيفات العالمية بالإقامة في الإمارات لمدة تصل إلى ستة أشهر كي يتسنى لهم البحث عن وظيفة في الدولة.

إلا أنه وفي بلد يشكل فيه المواطنون أقلية متضائلة، عبّر الإماراتيون عن قلقهم إزاء هذه السياسة ولأسباب واضحة، لا سيما أن أغلب الجامعات الاتحادية التي يلتحق بها الإماراتيون لا تصنف ضمن أفضل 500 جامعة عالمية.

وهو الأمر الذي سيضع مهاراتهم تحت الاختبار مقابل أولئك الباحثين عن عمل ممن تدربوا وصُقلت مهاراتهم في مؤسسات تعليمية ذات جودة أعلى.

المصارف.. طوق النجاة

رغم تنوّع الكفاءات الإماراتية، إلا أن الحكومة رأت في قطاع المصارف طوق نجاة، وذلك من خلال اعتماد مجلس إدارة “مصرف الإمارات المركزي”، خطة لتوطين خمسة آلاف وظيفة جديدة بنهاية 2026 بالقطاع المصرفي والتأمين ضمن برنامج توطين الوظائف القيادية والرئيسية في القطاعين.

ويُعد القطاع المصرفي أكبر القطاعات التي يمكن أن تستوعب المواطنين في الدولة، حيث أظهرت الأرقام الصادرة عن “اتحاد مصارف الإمارات” في أكتوبر 2021 أنه يضم أكثر من 10 آلاف مواطن بما يعادل 30% من إجمالي العاملين في القطاع.

إلا أن واقع الحال يشير إلى أنه وخلال الـ 16 سنة الماضية، لم تتجاوز نسبة التوطين 1.5%، في وقت تراجعت فيه نسبة التوطين في الإدارات العليا لقطاع المصارف إلى الثلثين، رغم أن المصارف الوطنية تشكل ما نسبته 37% من المصارف في البلاد (22 مصرف وطني، مقابل 37 أجنبي).

وفي محاولة لدفع القطاع الخاص لتوظيف المواطنين، أقر مجلس الوزراء، توطين ما نسبته 5% في شركات التأمين، و2% في الشركات التجارية والصناعية.

إلا أن ذلك لم يغير من واقع حال أعداد العاطلين عن العمل، رغم إصدار الحكومة كذلك قرارات تحفيزية، وأخرى تحمل في طياتها تهديدات مُبطنة في حال لم تقم المؤسسات التجارية بتنفيذ التوطين؛ لتبقى القوانين حبيسة الأدراج.

إنجازات على الورق

وتحت إلحاح المواطنين بشأن إنجازات الحكومة بشأن التعيينات؛ فقد أعلن برنامج “كوادر” في سبتمبر 2021، أنه وفرّ خلال 16 عاماً من انطلاقته، 14 ألف فرصة عمل للمواطنين، من أصل أكثر من مليون وظيفة تُطرح على مستوى الدولة.

كما ينطبق ذلك على برنامج “نافس” الذي رُصد له بموازنة ضخمة ومحفزات كبيرة للقطاع الخاص من أجل توظيف المواطنين.

إذ من المفترض أن يقوم بتوفير 15 ألف وظيفة للمواطنين سنويا، ولا يبدو أن إنجازاً حدث في العام الأول عدا عن إعلانه أن الشركات تعهدت بتوفير 25 ألف وظيفة، مع انطلاقة البرنامج.

ويبدو أن المتنفس الوحيد للمواطنين للتعبير عن إحباطهم أو إيصال صوتهم، لجوؤهم إلى شبكات التواصل الاجتماعي، حيث ظهرت العديد من التسجيلات التي تشتكي من البطالة ومن سوء الحال.

ومن أبرز ما تم طرحه:

أولاً: معارض التوظيف، التي اعتبرها المواطنون ذات مَهّمة “شكلية”، حيث يتم التسجيل فيها، لكن دون جدوى حقيقية، كما كان لافتا ومثيرا لاستغراب المواطنين، أن من يعملون على أخذ بياناتهم ومقابلاتهم هم من غير الإماراتيين.

ثانيا: فوات العمر في انتظار وظيفة، دون أن تحرك الحكومة ساكنا لموضوع السن وتبعاته الاجتماعية.

ثالثا: البطالة المُقنعة، من خلال توظيف عدد من الأيادي العاملة المواطنة للعمل داخل المؤسسات بوظائف معينة، مع إمكانية الاستغناء عنهم والقيام بهذه الوظائف بعدد قليل، حيث يحصل هؤلاء الأفراد على رواتب دون تحقيقهم أي فوائد أو منفعة اقتصادية للمؤسسة الّتي يعملون داخلها، ويشكل هؤلاء الأفراد فائضاً عن حاجة المؤسسة.

رابعا: التوظيف بتخصصات بعيدا عن المؤهلات، وتراجع تأهيل الكادر الوطني وصقل مهاراته وتنمية وتطوير قدراته ومعارفه.

البيئة الطاردة للعمل

يُجمع اقتصاديون إماراتيون أن هنالك 10 نقاط تُسبب البطالة، وتدفع المواطنين دفعا إلى انتظار التوظيف الحكومي، منها:

“تقليص الصلاحيات، حجب المهام، عدم التحفيز المادي والمعنوي، تجميد الترقيات، ضغط العمل المتواصل، وعدم صقل المهارات، والابتعاد عن تنمية وتطوير القدرات، واستسهال تشغيل الوافدين، والنظر إلى خبرة الوافد دون النظر لأهمية تشغيل المواطن”.

وهي أمور محبطة تسبب الضغط على الموظف المواطن الكفؤ، وتدفعه إلى تقديم استقالته وإحلال الموظف الأجنبي محله.

ومع ازدياد عدد الخريجين الإماراتيين سنوياً، تفشل السلطات في إيجاد وظائف كريمة تتناسب وغلاء المعيشة، وفي كل مرة تدفع الحكومة بالمسؤولين عن التوطين ليكونوا كبش فداء بدلاً من تحمل مسؤولياتها عن تقاعسها في حل أزمة البطالة في الدولة.

لتصبح البطالة من القضايا التي تحظى بإجماع الإماراتيين، ومعها تتصاعد المطالبة بإجراءات حازمة وقوية برقابة شعبية كاملة الصلاحيات تحاسب المسؤولين، وتخرج القوانين إلى التنفيذ الفعلي.

إذ أنه بدون وجود ذلك فإن البطالة ستتوسع وتزيد لتصل لمستويات قياسية تبتلع المواطنين الخريجين، ولا تجد لهم مستقبلاً في بلادهم، مثلما يبتلع خلل التركيبة السكانية مستقبل الدولة.