موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

إذلال إماراتي على يد الحليف الإسرائيلي: قضية سفير تكشف تواطؤ أبوظبي

1٬789

كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية عن أن تل أبيب تجاهلت رسالة رسمية حازمة من أعلى قادة دولة الإمارات تطالب بإقالة سفير إسرائيل لدى أبوظبي، يوسي شيلي، بسبب سلوكه “الفظّ وغير اللائق”.

ورغم تدخل كل من رئيس الدولة محمد بن زايد، ووزير خارجيته عبدالله، ومستشار أمنه طحنون، لم تجد المناشدة الإماراتية أي تجاوب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ما اعتُبر إذلالاً دبلوماسياً غير مسبوق لأبوظبي.

إذلال علني من الحليف الذي لا يحترم الأعراف

منذ إعلان التطبيع بين الإمارات وإسرائيل في عام 2020، سعت أبوظبي لإظهار نفسها كوسيط استقرار إقليمي، ورافعة اقتصادية لـ”السلام الإبراهيمي”، إلا أن الموقف الحالي يضعها في زاوية الانكسار العلني.

فحين يرفض نتنياهو طلبات مكررة من رأس الدولة الإماراتية بشأن سلوك دبلوماسي يُمثل إسرائيل، ويصر على الإبقاء عليه رغم سلوكيات وصفت بأنها “تخدش الشرف الإماراتي”، فإن الأمر يتجاوز الفتور الدبلوماسي ليعكس استعلاءاً إسرائيلياً مدفوعاً بعلاقات غير متكافئة.

لم يكن المطلب الإماراتي بإقالة شيلي شخصياً أو عابراً. بل جاء بعد سلسلة خروقات تتعلق بالتحرش الجنسي، والتجاوزات البروتوكولية، وانتهاك الأعراف المحلية في أماكن عامة.

بل وصل الأمر، بحسب وسائل إعلام عبرية، إلى أن شيلي أصبح ممنوعاً من حضور الاجتماعات الرسمية، وتُجنّب الوزارات الإماراتية استقباله أو التنسيق معه.

حين تصمت أبوظبي أمام الإهانة

ردة الفعل الرسمية الإماراتية جاءت محدودة حتى اللحظة، رغم أن السلوك الإسرائيلي يُعتبر إهانة مباشرة للسيادة. الامتناع عن اتخاذ قرار واضح بطرد السفير رغم هذا الكم من الانتهاكات، يعكس حالة من العجز أو الرغبة في تجنب التصعيد حفاظاً على تحالفٍ بات يخدم طرفاً واحداً.

مقارنة بسيطة تظهر مدى التناقض: الإمارات، التي تقودها نخبة تُعرف بالصرامة في ضبط البروتوكولات، تُظهر صبراً مريباً تجاه شخصية تسببت في “الإحراج الوطني”، ليس فقط بسبب سلوكه العام، بل أيضاً لتورطه السابق في اتهامات بالتحرش حين كان سفيراً في البرازيل، وملاحقات سياسية محلية داخل إسرائيل.

نتنياهو وحماية المقرّبين: شيلي فوق القانون

من الواضح أن تمسك نتنياهو بشيلي لا علاقة له بالمصالح الثنائية، بل بحسابات شخصية ضيقة.

شيلي هو من الدائرة المقربة من نتنياهو وزوجته سارة، وقد استخدم مراراً سلطاته لأغراض حزبية وشخصية، ما جعله ورقة لا يُفرّط فيها رئيس الوزراء، حتى لو جاء ذلك على حساب علاقات إسرائيل الخارجية.

بل إن تصريحات وزارة الخارجية الإسرائيلية الأخيرة تؤكد أن لا نية للتجاوب مع مطالب الإمارات. فشيلي، الذي لا ينتمي أصلاً للسلك الدبلوماسي الرسمي، يُعامل بصفته “مبعوثاً خاصاً من نتنياهو”، مما يُسقط حتى الحرج الدبلوماسي المعتاد.

وقد بات السفير مصدر تهديد أمني، وعبئاً سياسياً، ورغم ذلك، تُصر تل أبيب على فرضه كأمر واقع.

هل ستبتلع الإمارات الإهانة؟

ما تواجهه الإمارات اليوم ليس خلافاً دبلوماسياً عادياً، بل اختبار لمدى استقلالية قرارها السياسي بعد خمس سنوات من التطبيع. فهل ستقبل بأن تُداس سيادتها من قِبل سفير صهيوني يُقال إنه “يتحرش، يصرخ، يُهين موظفي الأمن، ويخرق الأعراف”، فقط لأنه مقرب من نتنياهو؟

إذا مضت الإمارات في علاقتها مع إسرائيل دون رد على هذا التجاهل، فإنها ترسل إشارة إلى الداخل والخارج بأن اتفاقيات “السلام” لم تجلب إلا التبعية والصمت عن الإذلال. وإذا طُرد شيلي اليوم، فليس ذلك استجابة لمطالب إماراتية، بل قرار اضطراري من حكومة الاحتلال بعد أن باتت فضائحه علنية ولا يمكن دفنها.

وفي مفارقة كاشفة، تشير الصحف العبرية إلى أن محمد بن زايد استقبل بهدوء كلا من يائير لابيد ونفتالي بينيت في لقاءات رسمية، بينما لم يُدعَ نتنياهو إلى أبوظبي رغم مرور سنوات على توقيع اتفاق التطبيع. الرسالة واضحة: “نُفرّق بين إسرائيل ونتنياهو”، ولكنها رسالة ضعيفة ما لم تُترجم إلى أفعال حازمة.

تكنولوجيا الدفاع.. والمقايضة القبيحة

بعض المعلقين الإسرائيليين أشاروا إلى أن أبوظبي فضّلت أن يكون السفير الإسرائيلي القادم شخصية أمنية رفيعة مثل آفي ديختر، ما يعكس الرغبة الإماراتية في تعزيز الشراكات الدفاعية بعيداً عن فضائح الدبلوماسيين الفاسدين.

لكن هذا يفتح سؤالاً أخطر: هل باتت العلاقة الأمنية أهم من الكرامة الدبلوماسية والسيادة الوطنية؟

إذا قبلت الإمارات باستبدال شيلي فقط مقابل مزيد من التعاون العسكري أو التكنولوجي، فإن ذلك يعني أن شرف الدولة بات قابلاً للمقايضة.

من المعيب أن تكون دولة مثل الإمارات – التي تفاخر بالإدارة والاحترافية – عاجزة عن طرد دبلوماسي أجنبي رغم كل هذا السجل الفاضح، فقط لأنه تابع لحكومة الاحتلال. هذه الحادثة، بما تحمله من خزي دبلوماسي، يجب أن تُسجّل كدرس في إذلال الشركاء حين تكون العلاقات غير متكافئة.

لقد أهانت إسرائيل مضيفها الخليجي، وفضحت هشاشة ما سُمّي بـ”سلام الشجعان”. وأي صمت إماراتي إضافي لن يُفهم إلا كقبول بالإذلال العلني باسم التطبيع.