موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

الإمارات وتجارة التضليل.. شبكة “خبراء” لتصدير الكراهية وغسل السرديات في الغرب

322

كشف تحقيق تحليلي عن شبكة إماراتية منظمة من المؤثرين والمنصات الإعلامية تعمل بتنسيق محكم لترويج سرديات سياسية تخدم أجندة أبوظبي، وتستهدف خصومها الأيديولوجيين، وفي مقدمتهم جماعة الإخوان المسلمين، عبر بوابة الغرب.

وقال التحقيق الذي أعدّه الأكاديمي البريطاني المتخصص في تحليل الإعلام والتضليل الرقمي، مارك جونز أوين، إن الشبكة الإماراتية ظهرت دفعة واحدة تقريبًا بين نهاية 2024 وبداية 2025.

وبحسب التحقيق فإنه خلال أسابيع قليلة، نشطت حسابات جديدة على منصة X لأشخاص إماراتيين يقدّمون أنفسهم كمحللين وخبراء في السياسة الدولية والأمن والبيئة. المفارقة أن اختلاف التخصصات لم يُنتج أي تنوّع حقيقي في الأفكار؛ الخطاب واحد، اللغة واحدة، والأعداء أنفسهم.

أسماء مثل روضة الطنيجي، مريم المزروعي، عبيد الزعابي، عبدالقادر المنهالي، ميرا زايد، وماجد السعيدي، بدت كأنها خرجت من القالب ذاته. فيديوهاتهم مصوّرة في استوديوهات متشابهة، بخلفيات وإضاءة وإعدادات تقنية متطابقة، ما يثير تساؤلات جدية حول الجهة التي تقف خلف الإنتاج، وحجم التنسيق المركزي الذي يدير هذا “النشاط الفردي” المزعوم.

الإخوان المسلمون… العدو الجاهز لكل قصة

المحور الأساسي في خطاب هذه الشبكة هو شيطنة جماعة الإخوان المسلمين، وتحويلها إلى شماعة تُعلّق عليها كل أزمات العالم: الإرهاب، الهجرة، عدم الاستقرار، وحتى الجرائم الفردية في أوروبا وأستراليا.

يشير جونز أوين إلى أن بعض أفراد الشبكة ربطوا بين هجمات أمنية وقعت في الغرب وبين الجماعة، رغم غياب أي دليل أو إشارة في التحقيقات الرسمية.

الأخطر أن هذا الخطاب لا يُسوَّق فقط كتحليل سياسي، بل يُقدَّم كحقيقة شبه علمية، ما يجعله أقرب إلى التحريض المنهجي منه إلى الرأي.

وفي ملف الهجرة، يتقاطع خطاب الشبكة بشكل فاضح مع أطروحات اليمين الأوروبي المتطرف، حيث يُصوَّر المهاجر المسلم كتهديد ديمغرافي وثقافي وأمني، في انسجام كامل مع أجندات عنصرية لا تمتّ بصلة لأي نقاش إماراتي داخلي حقيقي.

مواقع “إخبارية” بلا صحافة

لا تقف المنظومة عند حدود وسائل التواصل. التحقيق يرصد شبكة من المواقع التي تتخفى بلباس الصحافة والتحليل، مثل: The Washington Eye، Daily Euro Times، Brieflex، AfricaLix، وInfoFlix.

وتشترك هذه المواقع، وفق التحقيق في سمات مريبة: تسجيل متقارب زمنيًا، غياب أي شفافية حول فرقها التحريرية، محتوى مُعاد تدويره أو مولّد بالذكاء الاصطناعي، وتقارير بلا مصادر أو تحقق مهني.

والدور الأساسي لتلك المواقع كما يصفه جونز أوين، هو “غسل السرديات”: تحويل الدعاية السياسية إلى مادة تبدو صحفية، ثم إعادة ضخّها في الفضاء الرقمي كمصادر “مستقلة”.

أمجد طه… العقدة المركزية

في قلب هذه الشبكة، يبرز اسم أمجد طه بوصفه حلقة الوصل الأساسية. التحليل الشبكي للعلاقات الرقمية يظهره كنقطة تقاطع بين الحسابات والمنصات المختلفة، مع حضور لافت لشركته الإعلامية Crestnux Media في عدد من المشاريع المرتبطة بهذه المنظومة.

ولا يقتصر دور أمجد طه على التعليق والتحليل، بل يمتد إلى التنسيق، والترويج، وربما إدارة حملات تضخيم مدفوعة، إضافة إلى الظهور المنظم في فعاليات دولية في لندن وواشنطن ونيويورك.

ويرصد التحقيق تقاطعًا واضحًا مع منصات يمينية أوروبية متشددة، أبرزها Visegrad24، المعروفة بعدائها الصريح للهجرة والإسلام. إطلاق نسخة موجهة للشرق الأوسط، وظهور شخصيات من الشبكة الإماراتية في محتواها، يكشف عن تعاون إعلامي عابر للحدود، يخدم أجندات مشتركة تحت عناوين الأمن ومحاربة “الإسلام السياسي”.

ومن أخطر ما يكشفه التحقيق، لجوء بعض أفراد الشبكة إلى نشر كتب خلال فترة قصيرة عبر دار نشر واحدة، دون مراجع علمية حقيقية.

وترجح المؤشرات التقنية، بحسب جونز أوين، اعتمادًا كثيفًا على أدوات الذكاء الاصطناعي، ليس لإنتاج معرفة، بل لصناعة صورة “الباحث” و”الخبير” لخداع الإعلام الغربي ومراكز الفكر.

والخلاصة التي يصل إليها الأكاديمي البريطاني واضحة وصادمة: ما يجري ليس نشاطًا عفويًا لمؤثرين شباب، بل منظومة إعلامية متكاملة، تعتمد على الظهور المتزامن، والسرديات الموحدة، والمواقع المشبوهة، والتضخيم المدفوع، والتحالف مع اليمين المتطرف، واستخدام الذكاء الاصطناعي، والحضور المنظم في الفعاليات الدولية. إنها نسخة حديثة من دبلوماسية الظل الإماراتية، حيث تُشترى المصداقية كما يُشترى الإعلان، ويُعاد تعريف التضليل على أنه “تحليل”.