موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

الكشف عن شبكة نقل جوية سرية تستخدمها الإمارات لتأجيج حرب السودان

805

كشف تحقيق استقصائي عن فضيحة جديدة في قلب القرن الإفريقي، بتورط مباشر لدولة الإمارات في إدارة شبكة تهريب أسلحة ومعدات عسكرية إلى ميليشيات الدعم السريع المتهمة بارتكاب جرائم إبادة جماعية في إقليم دارفور السوداني عبر شبكة نقل جوية سرية.

وأظهر التحقيق الذي أجرته منصة «دارك بوكس»، وبشهادة رسمية من وزير الدفاع الصومالي أحمد فقي، أن شبكة النقل تنطلق من مطار بوصاصو في إقليم بونتلاند شمال شرقي الصومال، وهو مطار تديره فعليًا شركات إماراتية بعقود غامضة لا تخضع لرقابة الحكومة الصومالية.

وبحسب التحقيق تنقل هذه الرحلات معدات عسكرية وذخائر، إضافة إلى مرتزقة من كولومبيا وجنوب إفريقيا، إلى قواعد الدعم السريع في غرب السودان، بعد المرور عبر تشاد والنيجر لتضليل أنظمة التتبع وتغيير سجلات الطائرات.

“غسيل جوي” برعاية أبوظبي

يصف خبراء أمنيون هذه العمليات بأنها شكل من أشكال “الغسيل الجوي”، حيث تُستخدم طائرات مدنية أو مسجلة تجاريًا في رحلات شحن عسكرية غير معلنة.

وبحسب بيانات الرحلات التي حصل عليها التحقيق، فإن بعض الطائرات المملوكة لشركات إماراتية خاصة أعادت تسجيلها في دول إفريقية لتجنب الملاحقة القانونية أو إدراجها في قوائم العقوبات.

وقال مصدر أمني صومالي – رفض الكشف عن هويته – إن “الإمارات تستخدم مطار بوصاصو كمنصة متقدمة لإعادة تموين قوات الدعم السريع، وتنقل من هناك شحنات أسلحة صغيرة وطائرات مسيرة، إضافة إلى مدربين ومرتزقة أجانب”.

وأشار المصدر إلى أن السلطات المحلية في بونتلاند تتلقى تمويلًا مباشرًا من أبوظبي مقابل تسهيل هذه الأنشطة، في ظل غياب رقابة مركزية من مقديشو.

تورط سياسي وأمني مزدوج

تأتي هذه الفضيحة في وقت يشهد فيه السودان تصعيدًا دمويًا غير مسبوق، حيث تواصل قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) تنفيذ هجمات على المدنيين في دارفور ومدن أخرى، ما دفع الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان إلى التحذير من جرائم تطهير عرقي محتملة.

ورغم أن الإمارات تزعم الحياد في الصراع السوداني، إلا أن الأدلة الجديدة تُظهر دعمًا عسكريًا ولوجستيًا ممنهجًا لميليشيا الدعم السريع.

وقد أكد وزير الدفاع الصومالي أحمد فقي، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام محلية، أن الحكومة الصومالية تتابع “بقلق بالغ” الأنشطة الإماراتية في بوصاصو، وأنها “لم تُمنح أي تفويض رسمي لإدارة المطار أو استخدامه في عمليات ذات طابع عسكري”.

غضب صومالي وتنديد شعبي

أثار الكشف عن هذه الشبكة غضبًا واسعًا في الأوساط الصومالية، حيث ندد سياسيون وعلماء دين ومنظمات مدنية بما وصفوه بـ”بيع السيادة الوطنية للإمارات”، وتحويل الأراضي الصومالية إلى ممر لجرائم حرب في السودان.

وقال النائب الصومالي عبد الله محمد حسين إن “ما يجري في بوصاصو خيانة وطنية، ويجب أن تخضع الحكومة المحلية للتحقيق والمساءلة أمام البرلمان”. بينما اعتبر الشيخ عبد الرحمن بشير، أحد علماء مقديشو البارزين، أن “السكوت عن هذه الجرائم يجعلنا شركاء في دماء الأبرياء في دارفور”.

وفي تظاهرات شهدتها العاصمة مقديشو ومدن في الجنوب، رفع ناشطون لافتات تندد بالتغلغل الإماراتي في الموانئ والمطارات الصومالية، مطالبين بإنهاء العقود “الاستعمارية” التي تمنح أبوظبي السيطرة على المنشآت الحيوية في البلاد.

وتسيطر شركات إماراتية مثل موانئ دبي العالمية وشركة البستان للاستثمارات على عدد من الموانئ والمطارات الصومالية، أبرزها بوصاصو وبربرة، بعقود تمتد لعقود طويلة وُقعت مع حكومات محلية من دون تفويض من الحكومة المركزية.

وتُستخدم هذه المرافق، بحسب تقارير استخباراتية، لأغراض تتجاوز الأنشطة التجارية، تشمل دعم مجموعات مسلحة ونقل معدات عسكرية إلى مناطق النزاع في القرن الإفريقي والسودان واليمن.

ويرى مراقبون أن الإمارات تحولت إلى لاعب عدواني في الإقليم، مستغلة هشاشة الدول الإفريقية، لتوسيع نفوذها عبر “شركات خاصة” تقوم بمهام استخباراتية وعسكرية.

وقال المحلل السياسي الصومالي عبد القادر شيخ محمود إن “ما يجري في بوصاصو هو وجه آخر من سياسة الإمارات في ليبيا واليمن والسودان: إدارة حروب بالوكالة وتمويل ميليشيات خارج القانون”.

خطر إقليمي متزايد

يحذر خبراء من أن استمرار استخدام الأراضي الصومالية كمنصات لوجستية للعمليات العسكرية الإماراتية قد يؤدي إلى تفجر الأوضاع في المنطقة، ويقوض مساعي الاتحاد الإفريقي لإحلال السلام في السودان والقرن الإفريقي.

ويرى المحلل السوداني عمر عبد الرحمن أن “فضيحة بوصاصو تمثل دليلاً دامغًا على أن الإمارات لا تبحث عن الاستقرار في السودان، بل عن ضمان نفوذها في موانئ البحر الأحمر، حتى ولو كان ذلك على حساب دماء المدنيين”.

ويُتوقع أن تثير القضية ضغوطًا دولية على الحكومة الصومالية، وسط دعوات لفتح تحقيق مشترك بين الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي حول استخدام الأراضي الصومالية في نقل الأسلحة إلى أطراف الصراع السوداني.