تتجه دولة الإمارات إلى إبرام صفقة جديدة للحصول على عتاد عسكري من فرنسا بقيمة مالية قد تصل إلى 850 مليون دولار.
وتحاول الإمارات إغراء شركة دفاعات فرنسية لإبرام الصفقة المذكورة في ظل الضغوط الدولية والحقوقية على الحكومة الفرنسية بوقف بيع الأسلحة إلى أبوظبي على خلفية ما ترتكبه من جرائم حرب بحق المدنيين في اليمن.
وقبل يومين استقبل محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في أبوظبي هيرفي جولو رئيس مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي لمجموعة “نافال” الفرنسية المتخصصة في مجال صناعات الدفاع البحري.
ولم تشر وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية في معرض نشرها خبر اللقاء إلى الصفقة المحتملة بين السلطات والمجموعة الفرنسية. لكنها قالت إن “ابن زايد وهيرفي جولو بحثا– خلال اللقاء – إمكانات التعاون وفرصه بين مجموعة “نافال” ونظيراتها من الشركات المتخصصة والمؤسسات المعنية في دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال الصناعات الدفاعية البحرية المتطورة وأنظمتها، وتبادل الجانبان وجهات النظر بشأن عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك”.
وفي يوليو/ تموز 2019 خرجت تسريبات عن توقيع الإمارات لعقد مع المجموعة الفرنسية بقيمة 850 مليون دولار بعد أن تكتمت الإمارات 17 شهراً من المفاوضات بشأن صفقة السُفن الفرنسية.
ولم تعلن الإمارات عن الصفقة أو مجموعة نافال الفرنسية، بل كشفته نشرة “Intelligence Online” الفرنسية وتأكد منه بشكل مستقل موقع ديفينيس نيوز الأمريكي.
وكانت المفاوضات بدأت بعد زيارة قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الإمارات العربية المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني 2017.
وأجرت وكالة أنباء الإمارات الرسمية مقابلة مع هيرفي جولو في فبراير/شباط2019 خلال مؤتمر الدفاع ايدكس2019 في أبو ظبي، ونقلت عنه قوله إنه “منذ الإعلان عن المشاورات في عام 2017، كنا نناقش مع السلطات الإماراتية مراعاة متطلباتهم المحددة وتزويدهم بأفضل إجابة لاحتياجاتهم التشغيلية”.
وفي حزيران/يونيو الماضي كشفت وسائل إعلام فرنسية أن الحكومة الفرنسية باعت فرقاطتين إلى أبو ظبي بقيمة 750 مليون يورو.
وأفادت صحيفة “لو باريزيان” بأن فرنسا باعت فرقاطتين اثنتين من طراز “قوويند” إلى الإمارات.
وأشارت الصحيفة إلى أن بيع الفرقاطتين جاء على خلفية توقيع اتفاق سري بين الإمارات ومجموعة “نافال غروب” الفرنسية (مجموعة صناعية فرنسية متخصصة في مجال الدفاع البحري) في أبو ظبي يوم 25 آذار/مارس الماضي.
وفي وقت سابق كشفت الإذاعة الفرنسية -استناداً إلى وثيقة سرية مؤرخة بـ 25 أيلول/سبتمبر 2018 من إدارة الاستخبارات العسكرية التابعة لوزارة الدفاع-أن الحكومة الفرنسية باعت أسلحة للسعودية والإمارات، وأن تلك الأسلحة استخدمت ضد الحوثيين في اليمن.
وجاء إتمام الصفقة بشكل سري بسبب خشية الحكومة الفرنسية من الغضب الشعبي وتحركات المنظمات الحقوقية الفرنسية والأوروبية ضدها في ظل المطالب الواسعة لباريس بوقف بيع الأسلحة إلى الإمارات وحليفتها السعودية.
وسبق أن فسرت أوساط غربية دعم باريس لهجوم حليف الإماراتي في ليبيا خليفة حفتر على طرابلس منذ أبريل الماضي بسبب صفقات السلاح التي تشتريها أبوظبي من فرنسا.
وتحركت منظمات حقوقية تنشط في فرنسا بشكل متكرر بما في ذلك رفع دعاوي في القضاء الفرنس من أجل الضغط على باريس لوقف بيع الأسلحة إلى الإمارات.
وقد تحول الإنفاق العسكري والسعي وراء المزيد من التسليح إلى هوس يسيطر على النظام الإماراتي ضمن ما يشنه من حروب وتدخلات خارجية.
ويخطط النظام الإماراتي لإنفاق مبلغ 17 مليار دولار أمريكي على التسليح العسكري هذا العام وذلك ارتفاعا من 14.4 مليار دولار في عام 2014 عندما كشفت الحكومة عن حجم الإنفاق آخر مرة. ولا تنفق الإمارات حاليا سوى جزء بسيط على المستوى المحلي.
وأبرزت الوكالة أن خطط الإمارات لتعزيز صناعاتها العسكرية والتسليح سيضعها تحت مجهر جديد للفحص والتمحيص.
وقال مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون السياسية والعسكرية آر. كلارك كوبر، إن واشنطن ترغب في أن تضع الإمارات العربية المتحدة رقابة أكبر أثناء تطويرها لصناعتها العسكرية.
وبحسب الوكالة “تشق الإمارات طريقها لتطوير معدات عسكرية مزودة بتكنولوجيا عالية لتمنحها سيطرة على القدرات الدفاعية الحساسة وتقلل اعتمادها على الواردات”.
وتم تجميع شركات الدفاع الحكومية تحت مظلة شركة (إيدج)، وهي مجموعة قيمتها خمسة مليارات دولار تقود تطوير الأسلحة المتقدمة للجيش.
يأتي ذلك فيما تمر الدولة بأزمة اقتصادية تلوح في الأفق، نتيجة انخفاض قيمة العقارات في دبي، وتراجع بيئة الأعمال في الدولة خلال الخمس السنوات الأخيرة.
ومنذ سنوات أصبحت الإمارات في قلب مشاكل اقتصادية مع انهيار أسعار المشتقات النفطية ومع كل الحلول التي تبذل إلا أن العجز في الموازنة الاتحادية والحكومات المحلية مستمرة ما يثير أسباباً مُلحة حول أسباب هذا العجز وتفاقم الدين العام على الإمارات، والتسبب في التهديد بانتكاسة الاقتصاد الإماراتي الذي يستمر في محاولة تعافيه من انتكاسة 2008.