موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

سقوط طائرة إماراتية محمّلة بمرتزقة كولومبيين يكشف رأس جبل الجليد

جيش الظل لبن زايد

1٬782

في حادثة مثيرة أفرزت تداعيات سياسية وأمنية واسعة، سقطت مؤخراً طائرة إماراتية كانت تحمل مئات المرتزقة الكولومبيين في منطقة استراتيجية.

وكشف الحادث عن جانب مظلم من السياسات العسكرية والأمنية التي يتبعها الرئيس الإماراتي محمد بن زايد، وأدى إلى تسليط الضوء على أحد أسرار القوة الأمنية التي يعتمد عليها في المنطقة: جيش الظل الذي بناه منذ أكثر من عقد.

الجنود المجهولون: تجنيد المرتزقة الكولومبيين

بدأت قصة هذا الجيش السري منذ عام 2010، عندما شرع بن زايد في بناء قوة قتالية مدفوعة بأجور ضخمة، ولكنها بعيدة عن الأضواء، تحت إشراف العسكري الأمريكي المعروف إريك برنس، مؤسس شركة بلاك ووتر.

وقد كانت الخطوة الأولى هي تجنيد مئات المرتزقة الكولومبيين، الذين تدربوا في معسكرات خاصة داخل الإمارات.

ولإحكام ولاء هذه القوة العسكرية، تم استبعاد أي مسلم، حيث كان الهدف أن يتجنب بن زايد الاعتماد على أشخاص يمكن أن يُخشى ولاؤهم لعائلاتهم أو لأبناء عمومته داخل الإمارات.

تم تقديم هؤلاء المرتزقة في البداية على أنهم حراس شخصيون مكلفون بحماية أمن النظام الإماراتي، ولكن سرعان ما تحولت مهامهم إلى عمليات عسكرية تتضمن معارك في اليمن والسودان وليبيا، مما كشف عن التحول الجذري في طبيعة هذا الجيش.

من الحماية إلى القتال: الدور المتزايد للمرتزقة

بدأت الإمارات في استخدام هؤلاء المرتزقة في مهام قتالية خارج حدودها. فبعد أن تم تدريبهم وتزويدهم بالأسلحة المتطورة، أُرسلوا إلى اليمن حيث خاضوا معارك عنيفة ضد قوات الحوثيين.

ثم انتقلوا إلى السودان وليبيا، حيث ساهموا في تأجيج الصراعات الدموية هناك.

في السودان، بدأت الطائرات الإماراتية في نقل المرتزقة الكولومبيين إلى بنغازي، ومنها إلى دارفور عبر البر.

ومع بداية عام 2023، أصبح هذا الجيش يشكل جزءاً أساسياً من الدعم العسكري الذي تقدمه الإمارات لقوات الدعم السريع في السودان، وهي الميليشيات التي تعتبر من أبرز أطراف النزاع في البلاد.

الرواتب والوسطاء: لماذا يختار الكولومبيون الانضمام؟

على الرغم من أن رواتب المرتزقة الكولومبيين تتراوح بين 3,000 و5,000 دولار شهرياً، وهو مبلغ أقل من تلك التي يحصل عليها المرتزقة الغربيون، إلا أن هذا المبلغ يشكل ثروة بالنسبة للعديد من الكولومبيين، الذين يعانون من الفقر والبطالة في بلادهم.

وقد لعبت شركات وساطة مثل Security Global Group Service وSI4A دوراً كبيراً في تسهيل عملية تجنيد هؤلاء الجنود وتهريبهم إلى الإمارات ومن ثم إلى مناطق النزاع.

وعندما تكشفت تفاصيل تورط الكولومبيين في الصراعات في السودان، اعترفت الحكومة الكولومبية رسمياً بهذا الأمر، واعتذرت عن دورها في تصدير هؤلاء المرتزقة إلى مناطق الصراع.

الرئيس الكولومبي، غوستافو بيترو، طالب بتحرك دولي سريع لحظر هذه التجارة المدمرة، مؤكداً أن الحكومة الكولومبية لن تسمح بتكرار هذا النوع من الممارسات في المستقبل.

جيش الظل لبن زايد: الركيزة الأساسية لنظامه الأمني

تعد هذه القوات الأجنبية العمود الفقري لنظام بن زايد الأمني والعسكري، وهو ما يهدد في حال انهياره استقرار مشروعاته العسكرية في المنطقة.

فقد بات من الواضح أن هذا الجيش، الذي بني على الخفاء وبتكلفة ضخمة، هو الأساس الذي يعتمد عليه بن زايد في مختلف الساحات العسكرية. من دون هذا الجيش، يصعب تصور كيف ستستمر الإمارات في استراتيجياتها العسكرية، سواء في اليمن أو ليبيا أو السودان.

وتزداد المخاوف الآن من أن فقدان أو مقتل بعض من هؤلاء المرتزقة قد يؤدي إلى تداعيات أكبر قد تمس شخصياً محمد بن زايد. في الداخل الإماراتي، تتصاعد الأصوات الغاضبة ضد هذا النظام السري الذي يبدو أنه أُسس في الظل، بعيداً عن أي رقابة محلية أو دولية.

خطر الانهيار الداخلي: مشروع بن زايد في مهب الريح

لا تقتصر التهديدات على ساحة المعركة في الخارج فقط، بل إن تصاعد الغضب الداخلي حول استخدام المرتزقة قد يعرض استقرار بن زايد نفسه للخطر.

فمع تداعيات سقوط الطائرة الأخيرة، بدأت بعض الأوساط السياسية والإعلامية الإماراتية في التشكيك في جدوى هذه السياسة العسكرية المكلفة، بينما ينظر البعض إلى الخسائر المتزايدة في الأرواح كإشارة على أن الأمن الداخلي قد يصبح مهدداً في ظل هذا الهيكل العسكري المعتمد على القوة الأجنبية.

إذا استمرت الخسائر في صفوف المرتزقة أو تصاعدت الانتقادات الحكومية، قد يجد بن زايد نفسه في مواجهة أزمة كبرى قد تؤثر على استمراره في الحكم.

كما أن الغضب الشعبي في البلدان التي تتواجد فيها هذه القوات، مثل السودان وليبيا، قد يفاقم التوترات ويزيد من عزلة الإمارات على الساحة الدولية.

لعبة خطيرة على حافة الهاوية

تكشف هذه الفضيحة عن أن الإمارات قد دخلت في لعبة خطيرة، حيث تواصل الاعتماد على المرتزقة لتوسيع نفوذها العسكري في المنطقة، بينما يظل النظام مستمراً في تحريك خيوط اللعبة خلف الكواليس.

لكن سقوط الطائرة الإماراتية المحمّلة بالمرتزقة هو تذكير بأن الأمن الذي يبنيه بن زايد قد يكون هشاً، ويعتمد على جيوش خفية، يمكن أن تنقلب الأمور في أي لحظة. إن استمرارية هذا المشروع قد تشهد تحولات غير متوقعة، قد تؤدي في النهاية إلى انهيار استراتيجيته العسكرية والسياسية في المنطقة.