موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

دراسة: الإمارات تعزز تحالفها مع الهند عرفانا باضطهادها المسلمين

654

تناولت دراسة بحثية العلاقات الإماراتية الهندية في ظل ما تشهده من تطور متصاعد ومسارات محتملة بفعل سياسية أبوظبي في تعزيز تحالفها مع نيودلهي عرفانا باضطهادها المسلمين.

وأشارت الدراسة التي أصدرها المركز الخليجي للتفكير، إلى ما تشهده العلاقات الإماراتية – الهندية في الآونة الأخيرة تصاعداً في ملفات عدة بالرغم من بعض المعوقات التي تواجهها.

فقد سعت الدولتان لتطوير التبادل التجاري بينهما فوقعتا اتفاقية للتجارة والاستثمار تسهم في خفض الرسوم الجمركية على سلع الدولتين، وزيادة حجم التجارة السنوية بينهما.

وتهدف الاتفاقية، التي تم توقيعها (18 فبراير الماضي)، إلى تطوير العلاقات وزيادة التبادل التجاري بين الدولتين.

لطالما حافظت الإمارات والهند على علاقات ثنائية سليمة نسبيًا، ولكن يبدو أن التعاون بينهما قد شهد نموًا في الفترة الأخيرة.

فقد دفع مناخ التقشف المالي الناجم عن انخفاض أسعار النفط دول الخليج العربية إلى إنشاء شراكات عالمية وتعزيزها، وبناء تحالفات جديدة وخاصة مع القوى الصاعدة مثل الهند.

وشهدت العلاقات الاقتصادية بين الإمارات والهند تطوراً خلال السنوات الماضية؛ حيث قفز التبادل التجاري بين البلدين من 180 مليون دولار في 1971 إلى أكثر من 60 مليار دولار حالياً.

وتُعد الإمارات ثالث أكبر شريك تجاري للهند للعام الثامن على التوالي في 2020-2021، في حين زاد حجم التجارة الثنائية غير النفطية من 185 مليون دولار في 1985 إلى أكثر من 43 مليار دولار في 2020-2021.

وقفز الاستثمار الأجنبي المباشر من الإمارات إلى الهند أيضاً من 339 مليون دولار في 2020 إلى 4.2 مليارات دولار في 2021.

وتتميز الهند فضلاً عن الدول الأخرى بوجود أكبر مجتمع للمغتربين في الإمارات (حوالي 28 بالمائة من السكان).

ولم تكتف الدولتان بتطوير العلاقات الاقتصادية وفقط بل بدأتا في تدشين تحالف جيوسياسي فدشنتا مؤخراً تحالف (I2U2)  مع حليفهما المشترك إسرائيل برعاية أمريكية

ويأتي هذا التطور في العلاقات في ظل انتهاج حكومة مودي اليمينة المتطرفة سياسة تصاعدية ضد مسلمي الهند وكذلك مسلمي منطقتي جامو وكشمير المتنازعتين عليهما بين الهند وباكستان.

الدوافع والأهداف الإماراتية

تهدف الإمارات من تطوير علاقاتها مع الهند لتحقيق عدة أهداف منها: –

– طموحات إقليمية

لا تُخفي الإمارات رغبتها في أن تصبح قوة إقليمية ذات ثقل سياسي واقتصادي ولا شك أن النهضة الاقتصادية الكبيرة التي شهدتها، والمشاريع التنموية التي أنجزتها، وتركيزها على تنويع الاقتصاد واستخدام أحدث التقنيات في مختلف المجالات كان لها دور كبير في تعزيز ثقلها الإقليمي.

وتدرك الإمارات أنه قد يكون هناك سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط وشيك، ولكن بالإضافة إلى ذلك سيكون هناك سباق تسلح تقليدي ستعمل المزيد من الدول على بناء ترسانة عسكرية، بما في ذلك أنظمة الدفاع الجوي، لحماية نفسها من التهديدات الإيرانية.

لذا تسعى الإمارات لتوثيق علاقاتها مع بعض الدول النووية مثل الهند لتنويع مصادر أسلحتها من جهة وبناء تحالفات قوية من جهة أخرى.

– الهيمنة والمنافسة الإقليمية

تسعى الإمارات إلى تقديم نفسها كقوة إقليمية ومركز للتجارة العالمي على حساب السعودية وقطر، لذلك فهي تخوض سباقا مع الدولتين لتكون الوجهة الأكثر جاذبية للعالم.

واتخذت الدولتان العديد من القرارات الاقتصادية في إطار المنافسة بينهما في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية بدءاً بقيود سعودية على الشركات الأجنبية التي لا تملك مقرا لها على أراضي المملكة، وليس انتهاء بالتنازع في السيطرة على الموانئ كما في السودان وغيرها.

وعلى مدار العامين الماضيين، كانت هناك منافسة شديدة على المواهب بين أبوظبي والرياض، حيث قدَّمت الأخيرة سوقاً أكبر لجذب الشركات الأجنبية بالإمارات.

وقال المدير العام لمكتب أبوظبي للاستثمار، طارق بن هندي، إنَّ بلاده وعاصمتها ليست في خطر فقدان “ميزتها التنافسية”.

فتتنوع مجالات المنافسة من أجل الهيمنة الإماراتية على اقتصاد المنطقة مبدئياً كمدخل للهيمنة السياسية فتسعى الامارات خلال المرحلة الحالية لمزيد من الاستثمارات الخارجية في دول المنطقة وغيرها والتي سينعكس بدورها على التأثير والهيمنة السياسية.

– أهداف اقتصادية (التنويع الاقتصادي)

شهد الاقتصاد العالمي خلال العقود الأخيرة تحولات عميقة، جعلت التنويع الاقتصادي مطلب وضرورة لعديد الدول سيما أحادية الاقتصاد منها، ويكمن الهدف من وراء اتباع سياسة التنويع الاقتصادي للدول أحادية الاقتصاد عموما وللدول البترولية على وجه التحديد في: بناء اقتصاد مستدام للأجيال الحالية والمستقبلية بعيدا عن البترول، والتنمية الاقتصادية المتوازنة للبلد.

ومن بين الدول التي نجحت “نسبياً” في تحقيق تنويع لاقتصاداتها وإنجاز تحولات اقتصادية مهمة نجد الامارات حيث استطاعت تنمية صناعات ذات الصلة بالنفط ومشتقاته مثل الصناعات البتروكيماوية والأسمدة والمعادن وبعض الصناعات التحويلية الأخرى.

كما أحرزت تقدماً في تنمية قطاعات خدمية مثل القطاع المالي والسياحي، ساهمت في تجاوز التحديات المختلفة التي يمر بها الاقتصاد الاماراتي ومنها تداعيات وتقلبات لانخفاض الواضح في سعر النفط.

ويُعد توقيع الإمارات ما يقرب من 134 اتفاقية لتشجيع الاستثمارات مع شركائها التجاريين، بوابة أساسية في تنويع الاستثمارات في الدولة.

واحتلت الامارات المرتبة الأولى على مستوى منطقة غرب آسيا مستحوذة على ما نسبته 54.4% من إجمالي التدفقات الواردة إلى هذه المنطقة البالغة 36.5 مليار دولار.

وجاءت الإمارات في المرتبة الأولى أيضاً على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مستحوذة على نحو 40.2%، من إجمالي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الواردة إلى هذه المنطقة.

الدوافع والأهداف الهندية

وفقاً لبعض التقارير فالإمارات لديها أكبر جالية هندية حيث يقدر عددهم وفقا لإحصاءات وزارة الخارجية الهندية، بنحو 3 ملايين ونصف مليون هندي.

بينما يوجد مليونان ونصف مليون هندي في السعودية، لتصبح الإمارات هي صاحبة أكبر جالية هندية في الخليج.

ويتردد بين أبناء الجالية الهندية في الخليج أن دبي هي خامس أكبر مدينة هندية.

تسعى نيودلهي إلى تعزيز تعاونها الأمني والعسكري مع دولة الإمارات بهدف مواجهة الإرهاب، والتصدي للقرصنة البحرية، وتأمين إمدادات الطاقة (تستورد الهند ثلثي احتياجاتها من النفط، فيما تنتج 30% فقط محلياً)، وضمان سلامة خطوط الاتصالات البحرية.

وضمان استيعاب دولة الإمارات لعمالة هندية كبيرة وهو ما يساعد في عملية النمو الاقتصادي للهند من خلال تحويلاتهم المالية.

إذ تبلغ تحويلات العمالة الهندية في الإمارات سنوياً نحو 15 مليار دولار، بما يمثل 25% مما يقوم بتحويله جميع الهنود في العالم والبالغ 60 مليار دولار.

كما يشكل هذا الرقم نصف ما تقوم الجالية الهندية في الخليج بتحويله للهند، وذلك وفقاً للبيانات الصادرة عن السفارة الهندية في دولة الإمارات.

– تطور العلاقات بين الدولتين

تعددت مسار التعاون بين الدولتين ويمكن إجمالها في عدة مجالات أهمها:-

– العلاقات الاقتصادية

شهدت العلاقات الاقتصادية بين الإمارات والهند تطوراً ملحوظاً خلال السنوات الماضية؛ حيث قفز التبادل التجاري بين البلدين من 180 مليون دولار في 1971 إلى أكثر من 60 مليار دولار حالياً.

وتُعد الإمارات ثالث أكبر شريك تجاري للهند للعام الثامن على التوالي في 2020-2021، في حين زاد حجم التجارة الثنائية غير النفطية من 185 مليون دولار في 1985 إلى أكثر من 43 مليار دولار في 2020-2021.

وقفز الاستثمار الأجنبي المباشر من الإمارات إلى الهند أيضاً من 339 مليون دولار في 2020 إلى 4.2 مليارات دولار في 2021.

وتقدمت الإمارات إلى أحد أكبر 5 شركاء تجاريين بالنسبة إلى الهند، وكانت قد احتلت المرتبة الأولى في بعض السنوات؛ كما تقدمت الهند إلى ترتيب متقدِّم بين الشركاء التجاريين بالنسبة إلى الإمارات.

وتعد الإمارات ثالث أهم مصدر لواردات الهند، وتستحوذ وحدها على 40% من إجمالي تجارتها مع العالم العربي، كما يتم إعادة تصدير نحو 13% من صادرات الهند عبر دولة الإمارات إلى مجلس التعاون الخليجي.

وشهدت السنوات الأخيرة نمواً في تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر بين البلدين، ففي يونيو 2020، استثمرت “مبادلة” 1.2 مليار دولار في شركة الاتصالات الهندية “جيو بلاتفورم”، وفي 2019 ضخت شركات إماراتية استثمارات بقيمة 7 مليارات دولار لإنشاء ممر غذائي بين الإمارات والهند.

ووفق “اتحاد الصناعات الهندية” تبلغ الاستثمارات الهندية في الإمارات 55 مليار دولار، ويصل عدد الشركات الهندية العاملة فيها، وفق بعض التقديرات، إلى 45 ألف شركة.

كما يعمل في الإمارات نحو 3 ملايين ونصف مليون هندي مليون هندي، من إجمالي 5 ملايين عامل هندي في دول “مجلس التعاون لدول الخليج العربية”، كما يتراوح حجم تحويلات العمالة الهندية في الإمارات ما بين 12 مليار دولار و15 ملياراً سنوياً.

وتغطي الاستثمارات المتبادلة بين البلدين العديد من القطاعات الحيوية، من أبرزها قطاع الطاقة والطاقة المتجددة والخدمات اللوجستية والنقل الجوي والأمن الغذائي وقطاع الطاقة والطاقة المتجددة والخدمات اللوجستية والنقل الجوي والأمن الغذائي.

وفي 20 أبريل 2022 استحوذ جهاز أبو ظبي للاستثمار على 10% من أسهم أكبر شركة لتمويل الإسكان بالهند (إتش.دي.إف. سي)، مقابل 1.84 مليار روبية (24.09 مليون دولار).

وتوقع وزير الاقتصاد الإماراتي عبدالله بن طوق المري أن اتفاقية التجارة الحرة بين الهند والإمارات ستدفع التجارة غير النفطية إلى 100 مليار دولار في خمس سنوات.

وفي 1 يوليو 2022 قالت موانئ دبي العالمية إن صندوق الاستثمار الوطني والبنية التحتية الهندي وافق على استثمار حوالي 300 مليون دولار في شركة هندوستان بورتس برايفت ليمتد التابعة لموانئ دبي العالمية مقابل حصة تبلغ 22.5٪ في الكيان.

توقع التقرير الصادر عن المجلس الهندي للأعمال والمهنيين وشركة كي بي إم جي حول التبادل التجاري والاستثماري بين دولة الإمارات والهند، أن يصل التبادل التجاري بين الإمارات والهند إلى ما يقارب 100 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030.

ليحقق بذلك نمواً كبيراً في حجم التجارة التي سجلت 180 مليون دولار أمريكي في السبعينيات و6 مليارات دولار أمريكي في العام 2019.

اتفاقية التجارة الحرة

دخلت اتفاقية التجارة الحرة بين الإمارات والهند حيز التنفيذ في الأول من مايو 2022 وتهدف الاتفاقية، التي تم توقيعها (الجمعة 18 فبراير 2022)، وحضر مراسيم توقيعها رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان، خلال قمة افتراضية بين الزعيمين، إلى زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 100 مليار دولار في غضون خمس سنوات.

وتلغي الاتفاقية، وفق وزير الدولة الإماراتي للتجارة الخارجية، ثاني الزيودي في سلسلة تغريدات على حسابه في موقع “تويتر”  80% من الرسوم الجمركية على البضائع الإماراتية والهندية، على أن تُلغَى جميع الرسوم والتعريفات في غضون عشر سنوات.

وتؤكد وزارة الاقتصاد الإماراتية أنه بحلول عام 2030 ستضيف الاتفاقية 9 مليارات دولار، أي 1.7% للناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وأن الصادرات ستزيد بمقدار 7.6 مليارات دولار، أي 1.5%، فيما سترتفع الواردات بمقدار 14.8 مليار دولار، أي 3.8%.

–  تعاون أمني متصاعد:

تعاونت الإمارات والهند من أجل مجابهة أنشطة الجماعات الإرهابية المهدِّدة، كما تعاونت الدولتان لحفظ الأمن في منطقة البحر الأحمر ومضيق هرمز.

كما أنهما عضوتان في “رابطة حافة المحيط الهندي”، كذلك حرصت الدولتان على توطيد روابطهما العسكرية والدفاعية منذ عام 2016.

فقد تبادلت القيادات العسكرية الزيارات، كما شارك ممثلو أسلحة الجيش لدى الدولتين في معارض الأسلحة التي أقامتها كل من الإمارات والهند، بالإضافة إلى تبادُل الأفكار والخطط الاستراتيجية، والمشاركة في التدريبات العسكرية المشتركة، التي كان آخرها في قاعدة الظفرة بالإمارات، والتي حملت اسم مناورات “علم الصحراء”.

وأيضًا التعاون في مجال الصناعات الدفاعية، وأنشطة استكشاف الفضاء بين مراكز الأبحاث والشركات والأجهزة السيادية المعنية بهذه الأنشطة، على سبيل المثال، فتح العمل المشترك بين الجيشين آفاقاً جديدة عندما كانت طائرات رافال النفاثة الجديدة التي اشترتها الهند في طريقها من فرنسا، قامت القوات الجوية الإماراتية بتزويدها بالوقود في الجو. كما كررتها مرة أخرى في يونيو 2022.

وفي إطار التعاون الأمني، رجحت صحيفة The Print الهندية تواطؤ مودي في اختطاف الأميرة الشيخة لطيفة ابنة حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في الآونة الأخيرة، وفي 31 يناير 2022، أنهت مجلة فوربس الشرق الأوسط ومقرها دبي توظيف راشيل شيترا، الصحفية المولودة في الهند، بعد يومين من نشر معهد رويترز في جامعة أكسفورد بحثها حول جرائم الكراهية في الهند ويُظهر تقريرها تصاعدًا عامًا بعد عام في أعمال القتل الجماعي والعنف ضد المسلمين والأقليات الأخرى منذ وصول ناريندرا مودي إلى السلطة في عام 2014.

إن النفوذ الاقتصادي لدول الخليج على باكستان يجعلها جذابة ومفيدة بشكل خاص للهند، حيث استخدمته الإمارات لاحتواء إسلام أباد وحتى التوسط بين الهند وباكستان للحد من التوترات السياسية.

في فبراير 2021، نجحت الإمارات في تيسير اتفاقية مشتركة بين الهند وباكستان لدعم اتفاق وقف إطلاق النار لعام 2003 عبر خط السيطرة – وهو نجاح دبلوماسي غير مسبوق لأبو ظبي يهدف إلى توطيد العلاقات مع الهند.

ومن الدبلوماسية إلى الشؤون العسكرية، استطاعت نيودلهي وأبو ظبي ترسيخ تحالف عميق واستراتيجي بينهما – حتى أن الإمارات دعت الهند إلى اجتماع وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي في أبو ظبي لأول مرة عام 2019.

وفي نفس العام، منحت الإمارات مودي أيضًا “وسام زايد”، وهو أعلى وسام مدني في دولة الإمارات، على الرغم من الاحتجاج الدولي على حملة حكومته في كشمير.

– تعاون في مجال الطاقة والتكنولوجيا

يمتد التعاون بين البلدين ليشمل مجالات الأمن غير التقليدية، مثل الأمن الغذائي، والتعليم العالي، والصحة، وقطاع السياحة والضيافة، وبناء القدرات البشرية والتكنولوجية.

ونظرًا إلى التغير المناخي، الذي فرض نفسه على أجندة العمل الدولية، فإن الدولتين تسعيان إلى التعاون في هذا المجال الحيوي ويمتد تعاونهما ليشمل قطاع الطاقة المتجددة، هذا بالإضافة إلى قطاع الطاقة فالإمارات تعد واحدة من أكبر مصدري النفط الخام للهند.

وفي نوفمبر2018 وقعت شركة بترول أبوظبي الوطنية “أدنوك” وشركة الاحتياطيات البترولية الاستراتيجية الهندية مذكرة تفاهم للاحتفاظ باحتياطي بترولي استراتيجي في الهند وأعرب الجانب الهندي عن رغبة الشركات الهندية في إقامة مشاريع مشتركة مع شركاء إماراتيين.

ومؤخراَ طلبت الحكومة الهندية من المعهد الدولي للتكنولوجيا – دلهي استكشاف إمكانية إنشاء حرم جامعي في الإمارات العربية المتحدة.

كما تم توقيع مذكرة تفاهم بين المنظمة الهندية لأبحاث الفضاء «ISRO» ووكالة الإمارات للفضاء حول استكشاف واستخدام الفضاء الخارجي للأغراض السلمية، ومن خلال إنشاء مجموعة عمل مشتركة، لعبت دوراً في تعزيز التعاون الفضائي بين الإمارات والهند.

– تحالف I2U2 وتعميق التعاون الاستراتيجي

في أكتوبر 2021، وافق وزراء خارجية الهند وإسرائيل والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة على تشكيل كتلة غير رسمية جديدة لتوسيع التعاون التجاري والسياسي في الشرق الأوسط وآسيا، وذلك بعد عام من توقيع الإمارات والبحرين على اتفاقيات إبراهيم، وفي يوليو 2022، عقد قادة مجموعة I2U2 الجديدة (الهند وإسرائيل والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة) ، قمتهم الافتتاحية عبر الإنترنت.

بعد القمة، أُصدر بيانًا مشتركًا قال فيه: “يهدف هذا التجمع الفريد إلى تسخير حيوية مجتمعاتنا وروح ريادة الأعمال للتصدي لبعض أكبر التحديات التي تواجه العالم.

مع التركيز بشكل خاص على الاستثمارات المشتركة والمبادرات الجديدة، في المياه والطاقة والنقل والفضاء والصحة والأمن الغذائي والتزمت دولة الإمارات العربية المتحدة باستثمار ملياري دولار لتطوير سلسلة من المجمعات الغذائية المتكاملة في ولايتي غوجارات وماديا براديش الهندية.

وتعمل الإمارات وإسرائيل والهند على إنشاء ممر غذائي بين الهند والشرق الأوسط، وتعتمد الأهمية الجيوسياسية والاقتصادية لهذ المشروع على الأدوار الحيوية للدول الثلاث، وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة أصبحت مشاركًا من خلال تنسيق I2U2، إلا أن القوة الاستراتيجية لممر الغذاء بين الهند والشرق الأوسط تنبع من حقيقة أنها تطورت عضوياً بين البلدان الآسيوية الثلاثة نفسها .

إن حجم وقوة وتأثير دول التحالف الهندي الإبراهيمي –الهند وإسرائيل والإمارات – يمنحها القدرة على تغيير الجغرافيا السياسية والجيواقتصادية في المنطقة، ومع انتهاج تركيا سياسة أكثر انحيازاً تجاه القضايا الإسلامية وبناء علاقات قوية مع باكستان في مقابل فتور علاقتها مع الهند، واتساع البون بين باكستان والإمارات.

وعلى الرغم من أن القوى الثلاث مازالت لم تتبنَّ التجمع ككتلة جيوسياسية رسمية، فإن الحوار الاستراتيجي الهندي الإبراهيمي هو احتمال قائم للغاية.

ففي حين أن الجغرافيا السياسية قد تكون السبب الرئيسي لمثل هذا الاتفاق العابر للإقليم والذي يعد غير مسبوق، فلا ينبغي الاستهانة بجانب الجغرافيا الاقتصادية أيضًا.

إن صعود الكتلة الهندية الإبراهيمية يعزز تدريجياً إنشاء نظام غرب آسيا “إقامة توازن القوى ضد القوى المستقلة الديناميكية في المنطقة، إيران وتركيا، مع ربط هذه الكتلة الناشئة بالاستراتيجية الأمريكية الجديدة لمنطقة المحيطين الهندي والهادي وتقديم السند الأمريكي لتلك المنظومة الآسيوية.

– ظلال الدين تُخيم على العلاقات

يُعد موقف الحكومة الهندية وتعاملها مع المسلمين من أهم الظلال التي تُخيم على علاقات الدولتين وبالطبع لاتصل إلى ما يمكن أن نُطلق عليها تحديات أو عقبات في ظل تجاوز الإمارات واقع المسلمين في بناء استراتجيتها وعلاقتها مع الدول المختلفة.

منذ وصول رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي وحزبه القومي الهندوسي بهاراتيا جاناتا إلى السلطة في عام 2014 ، شهدت الهند ارتفاعًا ملحوظًا في خطاب الكراهية والعنف الموجه ضد الأقلية المسلمة.، وذلك يمثل أهم التحديات في مسار العلاقات بين الدولتين.

فعلى سبيل المثال خلفت أعمال الشغب في غوجارات عام 2002 أكثر من 2000 قتيل مسلم، وهي مذبحة أكسبت مودي لقب “جزار غوجارات”.

وكان آخر خطابات الكراهية ما نشره المتحدث باسم الحزب نافين جيندال على حسابه الرسمي على “تويتر” تساءل فيها عن سبب زواج النبي محمد من السيدة عائشة وهي لم تبلغ حينها عشر سنوات، قد أثارت أزمة واسعة وتسببت في غضب إسلامي وعربي.

وكان موقف الامارات متخاذلاً إلى درجة كبيرة ففي حين دفعت تلك التصريحات الكويت وقطر لاستدعاء سفراء الهند، فقد أعربت الإمارات استنكارها لتلك التصريحات ورفضها الإساءة للنبي محمد،.وأصدرت وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية، بيانا أكدت فيه رفض الإمارات لأي ممارسات وتصرفات تنافي القيم والمبادئ الأخلاقية والإنسانية.

وبالرغم من تصاعد وتيرة أعمال العنف والاعتداءات التي تشنّها السلطات الهندية باستمرار ضد مسلمي كشمير، أعلنت الحكومة الهندية توقيعها اتفاقية استثمار ضخمة لبناء البنية التحتية مع الإمارات مما أثار غضب واستنكار مؤسسات حقوقية.

فقد أعلنت حكومة ناريندرا مودي الهندية توقيعها اتفاقية مع إمارة دبي لتطوير الاستثمار في البنية التحتية في إقليم كشمير المتنازَع عليه، كأول استثمار أجنبي يشمل إقليم كشمير، منذ تقسيم الإقليم عام 2019 إلى منطقتين تحكمهما مباشرة نيودلهي.

بدافع البراجماتية، اختارت الامارات التزام الصمت في الغالب بينما دفعت حكومة مودي الإجراءات التي تمس حقوق الأقلية المسلمة، بما في ذلك سلسلة من القوانين المثيرة للجدل التي حددت لأول مرة الجنسية الهندية على أساس الدين، مما يهدد لتجريد العديد من المسلمين الهنود من جنسيتهم. لكن تنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا في الهند تحت حكم حزب بهاراتيا جاناتا بدأ يثير قلق دول الخليج أكثر فأكثر.

– مسار العلاقات بين الدولتين ومستقبلها

المسار الأول: تعاون اقتصادي وأمني

من المتوقع (وهو المسار المرجح) أن تنجح الدولتان في تحقيق المزيد من التعاون الاقتصادي في ظل توقيع اتفاقية التجارة الحرة وحاجة الدولتان إلى تجاوز تأثير تذبذب أسعار النفط وتأثير جائحة “كورونا” ويرجح هذا السيناريو عدة نقاط أهما:

مسار التهدئة الإقليمي الذي تنتهجه الإمارات مؤخراَ وبعدها عن الصراعات الإقليمية والتدخلات الصلبة.

سعى الإمارات لتنويع اقتصادها عبر المزيد من الاستثمار في الدول المختلفة

قوة العلاقات بين الشيخ محمد بن زايد ورئيس الوزراء الهندي مودي

حاجة الإمارات لإيجاد موطئ قدم في غرب آسيا والتقارب مع قوة نووية وتكنولوجية صاعدة مثل الهند

حرص الإمارات على تطوير علاقتها مع إسرائيل وإظهارها كنموذج في المنطقة تحفيزاً للدول الأخرى.

الإمارات “لها أولوياتها الخاصة ومخططاتها الإقليمية التي ربما تفوق الانضمام إلى معسكر أو آخر ووفقًا لها فإنها تسعى لتمكين هيمنتها الإقليمية عبر المزيد من الانتشار والتأثير الاقتصادي.

المسار الثاني: تحجيم التعاون

يتوقع هذا المسار أن تتردد الإمارات في تطوير علاقاتها الاقتصادية والأمنية مع الهند في ظل الموقف المتطرف للحكومة الهندية تجاه المسلمين ويرجح هذا السيناريو: –

تشويه صورة الإمارات الداخلية والخارجية كداعية للسلام الدولي، ومحلياً مازالت دول الخليج تتضامن بقوة مع القضايا الإسلامية

قد تتضرر الإمارات نتيجة العلاقات الهندية الإيرانية، نظرا إلى كون إيران تُعد تهديدًا إقليميًّا بارزًا

قد يزيد حجم التعاون والاستثمار الاماراتي في منطقتي جامو وكشمير المتنازع عليها بين الهند وباكستان إلى تأزيم العلاقات مع باكستان وبعض الدول المتعاطفة معها مثل تركيا ودول الخليج.

الخاتمة

تشهد العلاقات الإماراتية- الهندية تطوراً متصاعداً متجاوزة في ذلك الخلافات العقائدية، ففي ظل تهميش الإمارات للبعُد الديني والإسلامي ومصالح المسلمين في استراتيجيتها في الفترة الأخيرة، لذا من المتوقع أن تسير العلاقات إلى مزيد من التعاون وخاصة في ظل وجود حليف مشترك  داعم لهذه العلاقة وهو إسرائيل

وبدأت نيودلهي وأبو ظبي في التوافق أكثر بشأن الشؤون الجيوسياسية بما يتجاوز الركائز الثلاث التقليدية لعلاقتهما: النِفط والتحويلات والمغتربين.

وضمت الإمارات الهند إلى معسكرها مع اقتراب باكستان من تركيا. يتمحور توافق الاستراتيجية الجديد بين نيودلهي وأبو ظبي حول مكافحة التطرف الإسلامي، والدفاع عن سيادة الدولة، وصد التأثير المتزايد للتوجه الإسلامي الذي تقوده تركيا.

ترجّح عديد من الآراء أن الإمارات تسعى بوضوح لتمتين العلاقة الثنائية التي تربطها مع نيودلهي والتي تقوم أساساً على مصالح جيوسياسية واقتصادية مشتركة، من جانبها، تسعى نيودلهي على الصعيد ذاته لإضفاء الشرعية على تحركاتها في إقليم كشمير، وبالتالي اكتساب الدعم والتأييد الدولي، عبر الاتفاقية الجديدة الموقعة مع إمارة دبي، وبناء علاقات اقتصادية وجيوسياسية قوية مع الإمارات.