موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

عام على الإخفاء القسري لعبد الرحمن يوسف القرضاوي بعد ترحيله سرًا إلى الإمارات

237

مضى عام كامل على اعتقال الشاعر والمفكر المصري عبد الرحمن يوسف القرضاوي، في قضية أثارت إدانات حقوقية واسعة، واعتُبرت مثالًا صارخًا على الإخفاء القسري والانتهاك المنهجي للقانون الدولي، بدءًا من لبنان، وصولًا إلى احتجازه السري في دولة الإمارات دون أي مسار قانوني معلن.

وبحسب إفادات حقوقية، بدأت القضية في 28 ديسمبر/كانون الأول 2024، عندما أوقفت السلطات اللبنانية القرضاوي في بيروت بناءً على طلب رسمي تقدمت به الإمارات.

وبعد أسابيع من الاحتجاز، جرى ترحيله قسرًا وبشكل سري إلى أبوظبي في يناير/كانون الثاني 2025، رغم تحذيرات قانونية واضحة من أن تسليمه يعرّضه لخطر التعذيب وسوء المعاملة.

ويُعد هذا الترحيل، وفق خبراء قانونيين، انتهاكًا مباشرًا لاتفاقية مناهضة التعذيب، التي تحظر بشكل مطلق تسليم أي شخص إلى دولة توجد فيها أسباب حقيقية للاعتقاد بأنه قد يتعرض للتعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

وتؤكد منظمات حقوق الإنسان أن لبنان خالف التزاماته الدولية بتنفيذ طلب الترحيل دون ضمانات قانونية أو رقابة قضائية مستقلة.

ومنذ وصوله إلى الإمارات، يُحتجز عبد الرحمن يوسف القرضاوي في عزلة تامة عن العالم الخارجي.

وخلال عام كامل، لم تعلن السلطات الإماراتية توجيه أي تهمة رسمية بحقه، ولم يُعرض على أي جهة قضائية، كما لم يُسمح له بالتواصل مع أسرته أو محاميه، أو حتى معرفة مكان احتجازه وظروفه الصحية.

وتشير هذه الوقائع، بحسب القانون الدولي لحقوق الإنسان، إلى حالة إخفاء قسري مكتملة الأركان، وهي جريمة تُصنف ضمن أخطر الانتهاكات، نظرًا لما تنطوي عليه من حرمان مزدوج من الحرية ومن الحماية القانونية، وتعريض الضحية لخطر التعذيب والانتهاكات الجسيمة دون أي مساءلة.

وأدانت منظمات حقوقية دولية هذا الاحتجاز بشكل صريح. فقد أكدت منظمة هيومن رايتس ووتش أن احتجاز القرضاوي دون تهمة أو محاكمة، ومنعه من التواصل مع العالم الخارجي، يشكل اعتقالًا تعسفيًا وانتهاكًا صارخًا للمعايير الدولية.

كما طالبت المنظمة بالكشف الفوري عن مكان احتجازه، وضمان سلامته، والإفراج عنه ما لم تُوجَّه له تهم معترف بها قانونًا.

وفي السياق ذاته، أصدرت 42 منظمة حقوقية دولية بيانًا مشتركًا دانت فيه ما وصفته بـ«الاختطاف العابر للحدود» لعبد الرحمن يوسف القرضاوي، معتبرة أن ما جرى يمثل سابقة خطيرة في ملاحقة المعارضين والمثقفين خارج حدود دولهم، باستخدام أدوات قانونية وأمنية لتصفية الحسابات السياسية.

وأكدت هذه المنظمات أن استمرار احتجازه في ظروف سرية، دون إجراءات قضائية، يرقى إلى جريمة اختفاء قسري مستمرة، تتحمل الإمارات مسؤوليتها القانونية الكاملة عنها، كما تتحمل لبنان جزءًا من المسؤولية بسبب تنفيذها عملية الترحيل القسري رغم المخاطر الواضحة.

وكان خبراء مستقلون تابعون للأمم المتحدة قد حذروا، في بيانات رسمية، من تسليم القرضاوي إلى الإمارات، مشيرين إلى سجل الدولة في قضايا التعذيب وسوء المعاملة بحق معتقلين سياسيين وأصحاب رأي. وأكدوا أن أي ترحيل في هذه الظروف يمثل خرقًا لمبدأ عدم الإعادة القسرية، وهو أحد الأعمدة الأساسية في منظومة حقوق الإنسان الدولية.

ويرى حقوقيون أن قضية القرضاوي لا يمكن فصلها عن سياق أوسع من القمع السياسي في الإمارات، حيث تُستخدم قوانين فضفاضة تتعلق بـ«الأمن القومي» و«مكافحة الإرهاب» لإسكات المعارضين والكتّاب والمثقفين، داخل الدولة وخارجها. ويؤكدون أن ملاحقته واحتجازه يعكسان سياسة انتقام سياسي تستهدف الأصوات الناقدة، حتى لو كانت خارج حدود الإمارات.

ويحذر مراقبون من أن الصمت الدولي إزاء استمرار احتجازه يشجع على تكرار مثل هذه الممارسات، ويقوض منظومة الحماية الدولية للمعارضين السياسيين واللاجئين. كما يشددون على أن الإخفاء القسري ليس جريمة فردية فحسب، بل رسالة ردع موجهة لكل من يجرؤ على التعبير عن رأي مخالف.

وبعد عام كامل على اعتقاله، لا تزال عائلة عبد الرحمن يوسف القرضاوي تجهل مصيره وظروف احتجازه، في ظل غياب أي معلومات رسمية أو ضمانات قانونية.

ومع استمرار هذا الوضع، تتجدد الدعوات الحقوقية للإفراج الفوري عنه، أو تقديمه لمحاكمة علنية عادلة وفق المعايير الدولية، ومحاسبة المسؤولين عن اعتقاله وترحيله غير القانوني.