موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: شواهد على تضاعف محنة العمال الأجانب في الإمارات

348

حقوق الإنسان الإمارات- ضاعف أزمة فيروس كورونا المستجد محنة العمال الأجانب في دولة الإمارات بين تعرضهم لعمليات فصل تعسفي واسعة النطاق وظروف إقامة تعسفية فضلا عن إجراءات فحص غير ملائمة.

وتعتمد الإمارات بشكل كبير على العمال الأجانب في كل قطاع رئيسي تقريباً للمساعدة في تنمية اقتصاداتها – ومع ذلك فقد تقاعست تماماً عن توفير الحماية للعمال الأجانب، ومعاملتهم بالكرامة والاحترام اللذين يستحقونهما.

وكشف فيروس كورونا أكثر فأكثر عن وضعهم الهش للغاية، حيث تم الإبلاغ عن العديد من حالات إصابة بالفيروس بين مجتمعات العمال الأجانب في ظل ظروف الإقامة الصعبة.

وأبرز تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية أن عمالا أجانب في الإمارات أصبحوا يموتون بفيروس كورونا من دون من يلقي عليهم نظرة الوداع.

إذ بقيت جثة المواطن الهندي الذي توفّي في دبي جراء إصابته بفيروس كورونا داخل سيارة الإسعاف مقابل غرفة حرق الجثث في انتظار وصول صديق أو زميل يلقي عليه نظرة وداع، لكن بعد ساعة تقريبا لم يظهر أحد.

وبصمت مطبق، بدأ أربعة رجال ارتدوا ملابس الحماية من الفيروس مهمّتهم، فحملوا الجثة التي لفّت بغطاء أبيض إلى غرفة المحرقة حيث تحوّلت في غضون ساعتين ونصف إلى مجرد رماد في علبة فضية.

ويعمل ملايين المغتربين في الإمارات وقد شكلوا على مدى عقود طويلة العمود الفقري للقوة العاملة في مستشفيات ومصارف ومصانع وورش البناء.

وأمضى العديد منهم سنوات طويلة وهم يكدّون في عملهم لإرسال المال لذويهم، حالمين بالعودة يوماً إلى موطنهم لبدء عملهم الخاص أو حتى بناء منزل. لكن حتى وهم جثة هامدة، فإن نقلهم إلى أوطانهم في زمن فيروس كورونا المعدي أمر شبه مستحيل.

ويقول ايشوار كومار، المسؤول في مركز حرق الجثث في موقع صحراوي بعيد عن المناطق السكنية في جنوب دبي، “العالم كله تغيّر. لم يعد يأتي أحد، ولا أحد يلمس شيئا، ولا أحد يقول وداعا”.

وكثير من ضحايا الفيروس في الإمارات هم من العمّال المغتربين الباحثين عن لقمة عيشهم بعيدا عن بلدانهم وبينها الهند، وباكستان، وبنغلادش، والفيليبين والنبيال.

وقبل ساعات من حرق جثة المواطن الهندي الذي كان في الخمسين من عمره ويهو شريك تجاري في شركة سياحية في دبي، واجهت جثة اختصاصية تجميل فيليبينية المصير ذاته في الموقع نفسه.

وحملت شهادتا وفاتهما عبارة مشتركة هي “التهاب رئوي جرّاء فيروس كورونا” كسبب للوفاة.

وعادة تُسلّم العلبة الفضية التي تُشترى من سلسلة متاجر محلية كبرى ويوضع فيها الرماد، إلى قريب أو شخص مسؤول عن مصالح الضحايا إذا تواجد في بلد الوفاة، أو تُرسل إلى السفارة.

ويقول سوريش غالاني، مسؤول آخر في موقع حرق الجثث الذي يضمّ معبدا هندوسيا، إنّ الضحايا “عمّال ومعظمهم لا أقرباء لهم هنا. يأتي أحيانا زملاء لهم” يعملون لصالح الشركة ذاتها لأخذ العلبة.

في هذه الأثناء، تجري الإمارات عمليات فحص من فيروس كورونا للعمال الأجانب وسط ظروف تعسفية غير ملائمة.

ويمتد طابور عبر الطريق أمام قسم الطوارئ بأحد مستشفيات أبوظبي حيث ينتظر مئات معظمهم من العمال المهاجرين محدودي الدخل، كل منهم على مسافة مترين من الآخر، لإجراء فحوص الفيروس.

والاختبار مجاني في الإمارات بالنسبة لمن ظهرت عليه أعراض معينة أو كان صاحب سفريات متكررة أو خالط حالة تأكد إصابتها بفيروس كورونا. وبخلاف ذلك، تبلغ تكلفة الفحص حوالي 370 درهما (100 دولار).

وأمام المستشفى في أبوظبي، حيث تتجاوز الحرارة 35 درجة مئوية، يعاني العمال الأجانب الأمرين من أجل الفحوصات اللازمة.

وقال أطباء إن الارتفاع الحاد في عدد الإصابات اليومية الجديدة هذا الشهر مرتبط بانتشار العدوى داخل مناطق مكتظة تعيش بها العمالة محدودة الدخل.

وقبل أيام بعثت منظمة العفو الدولية وائتلاف من المنظمات غير الحكومية والنقابات العمالية مؤخراً برسائل إلى الإمارات تثير فيها بواعث قلقها؛ وتقدم توصيات تهدف إلى حماية حقوق العمال الأجانب أثناء تفشي فيروس كورونا.

ويضم الائتلاف هيومان رايتس ووتش، Migrant-Rights.org، ومركز موارد الأعمال وحقوق الإنسان.

وذكرت المنظمات الدولية أنه مع تأثير وباء فيروس كورونا الآن على مجتمع العمال الأجانب في الإمارات فإنهم يجدون أنفسهم أشد عرضة للخطر، ويتعرضون لمخاطر صحية جسيمة.

وقالت إن أنظمة العمل التي تعمل في الإمارات إلى جانب الظروف المعيشية المزرية، وندرة الحماية القانونية، وغياب المعلومات، وتقييد الوصول إلى إجراءات الرعاية الصحية الوقائية والعلاج – تجعل من الصعب للغاية على العمال الأجانب حماية أنفسهم خلال تفشي مثل هذا الوباء.

وعلى خلاف غالبية دول العالم التي لجأت لدعم العمال ومنحهم إجازة مدفوعة الراتب، أصدرت الإمارات قرارات تعسفية تنتهك أبسط حقوق العمال والموظفين في أزمة الفيروس المتفشي عالميا.

ويواجه الملايين من العمال الأجانب في الإمارات مخاطر عالية فيما يتعلق بحقوقهم مع إعلان أبوظبي إغلاقات شاملة وعدم دفع المشغلين للرواتب أو النظر في إمكانية صرف موظفين.

ونددت منظمة دولية مختصة بالدفاع عن حقوق العمال المهاجرين بقرارات الإمارات التي تخول للشركات انتهاك حقوق العمال والموظفين وتجاهل المطالب الدولية بضرورة دعم ذوي الدخل المحدود بما في ذلك صرف رواتبهم كاملة ومنحهم إجازة مدفوعة الأجر على إثر أزمة فيروس كورونا المستجد.

وانتقدت منظمة Migrant-Rights.org التي تتخذ من دول مجلس التعاون الخليجي مقرا لها، بشدة قرارات وزارة الموارد البشرية والتوطين في دولة الإمارات الذي يخول للشركات المتأثرة بفيروس كورونا “إعادة تنظيم هيكل العمل” من خلال عدة خطوات.

وتشمل الخطوات المذكور: تطبيق نظام العمل عن بعد، ومنح إجازة مدفوعة، ومنح الإجازة بدون أجر، وتخفيض الأجور مؤقتاً، وتخفيض الأجور بشكل دائم.

وذكرت المنظمة الدولية أن هذه الإجراءات تنطبق فقط على الموظفين من “غير المواطنين” – وهو تمييز يجعل العمال المهاجرين (من جميع فئات الدخل) مستغلين تمامًا.

ونبهت إلى أن ما يقرب من 89% من سكان الإمارات البالغ عددهم 9.7 مليون نسمة هم من غير المواطنين.

ولفتت إلى أنه في حين ينص القرار على أن هذه الإجراءات يجب أن تتم “بالاتفاق” مع الموظف غير المواطن، فإن الموظفين الأفراد لديهم وكالة قليلة أو معدومة في إطار نظام الكفالة.

وذكرت أن الافتراض بأن الموظف لديه القدرة على التفاوض على الشروط هو محل خلاف بسبب علاقة القوة المشوهة بحيث قد تؤدي هذه التدابير إلى تغيير من جانب واحد في الالتزام التعاقدي.

علاوة على ذلك ، على الرغم من أن هذه الإجراءات الخمسة المذكورة أعلاه يجب اتخاذها تدريجيًا ، فلا يوجد أي ذكر لجدول زمني أو المدة التي يجب فيها محاولة كل إجراء قبل الانتقال إلى الخطوة التالية بحسب المنظمة الدولية.

وقالت إنه يمكن للشركات أيضًا تسجيل هؤلاء الموظفين في “فائض” في نظام سوق العمل الافتراضي، ومع ذلك، يجب على صاحب العمل تحمل المسؤولية عن السكن والاستحقاقات الأخرى، باستثناء الأجور، التي ستدفعها الشركة الجديدة التي تستخدم خدمة العامل (المادة 3).

وأضافت “لا تسري هذه الإجراءات على الشركات المسجلة في المناطق الحرة بالإمارات، حيث أرجأ مجلس منطقة دبي الحرة دفع الإيجار لمدة ستة أشهر واسترداد مبالغ التأمين والودائع الأمنية، والسماح بحرية حركة العمالة بين الشركات في المنطقة”.

كما انتقدت المنظمة الدولية عدم إصدار حكومة الإمارات أي تعليمات بشأن حماية أجور العمال، مبرزة في الوقت ذاته أنه على الرغم إقرار العمل من المنزل وحظر التجول، يستمر قطاع البناء دون انقطاع في الإمارات.

وحذرت منظمة Migrant-Rights.org من عدم شفافية الإمارات في إعلان حجم الإصابات الحقيقي بفيروس كورونا خاصة في ظل الاعداد الكبيرة من الإصابات المسجلة في صفوف العمال من الهند لدى عودتهم إلى بلادهم.