تثبت تواريخ وحقائق عمق انحراف البوصلة الإماراتية في ظل نظام يحكم من أبوظبي ينتهج عار التطبيع والتحالف مع إسرائيل على حساب القضية الفلسطينية ومعاداة المقاومة الفلسطينية.
ففي عام 2013 سحبت الإمارات سفيرها من تونس بعد مطالبة الرئيس التونسي آنذاك بالإفراج عن الرئيس المصري محمد مرسي بعد الانقلاب عليه من الجيش المصري بدعم كامل من أبوظبي.
وفي عام 2015 سحبت الإمارات سفيرها من السويد بعد انتقاد وزيرة الخارجية السويدية لملف حقوق الإنسان في السعودية والمطالبة بالإفراج عن معتقلي الرأي في دول الخليج.
أما في عام 2021 فقد سحبت الإمارات سفيرها من لبنان بعد انتقاد وزير الإعلام اللبناني في حينه جورج قرداحي للحرب في اليمن والتي تعد الإمارات من أبرز الأطراف المشاركة فيها.
لكن وفي عامي 2032 و2024 وعلى الرغم من مجازر الإبادة التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين، واستشهاد أكثر من ٦٠ ألفاً ومجاعة وتهجير بحق مليوني فلسطيني، ما زالت الإمارات حتى الآن تحافظ على علاقتها مع إسرائيل وبتقي على سفيرها في تل أبيب.
يظهر التاريخ كذلك أنه في يوليو 2020، ترأس الرئيس الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان وفدًا رفيعا من نظامه إلى النمسا التي أعلنت بعد شهرين فقط من ذلك شن حملة واسعة ضد المسلمين على أراضيها بتهمة دعم المقاومة الفلسطينية وحركة حماس.
وفي سبتمبر 2021، قاد محمد بن زايد وفدًا إلى بريطانيا وأعلن استثمار الإمارات ب ١٠ مليار، لتعلن لندن بعد ذلك بشهرين فقط عن تصنيف حركة حماس كمنظمة إرهابية.
وفي سبتمبر 2024، ترأس محمد بن زايد وفدًا إلى الولايات المتحدة الأمريكية التي أعلنت بعد شهر من ذلك إدراج الشيخ حميد الأحمر على قائمة الإرهاب بسبب موقفه الداعمة للمقاومة الفلسطينية وحركة حماس.
ومؤخرا كشفت مصادر دبلوماسية لأول مرة عن مضمون مؤامرة الإمارات التي جرى إعدادها بالشراكة مع إسرائيل لفرض ما يسمى خطة اليوم التالي للحرب الإسرائيلية على غزة والتي تقوم في جوهرها على تفريغ القطاع من المقاومة.
وذكرت المصادر أن خطة أبوظبي تستهدف نشر متعاقدين عسكريين (مرتزقة) في غزة، ومنح الاحتلال الإسرائيلي سلطة عليا لإدارة ومراقبة القطاع، مع تهميش حركة حماس وفصائل المقاومة على المدى الطويل.
وبحسب المصادر فإن السلطة الفلسطينية رفضت بشكل رسمي خطة الإمارات بالشراكة مع إسرائيل وأبلغت موقفها هذا إلى الإدارة الأمريكية.
ووضعت الخطة الإماراتية شروطا مسبقة ترى فيها القيادة الفلسطينية استكمالا لدور الإمارات الذي يتدخل في الشؤون الفلسطينية الداخلية، ويسوّق أمام العالم أن السلطة “تعاني من استشراء الفساد وتفتقد المصداقية”.
ومن أبرز هذه الشروط “أن تخضع السلطة الفلسطينية لإصلاحات، وتظهر الشفافية والمساءلة، لاستعادة المصداقية والثقة بين الشعب الفلسطيني والشركاء الدوليين، وسيتم الاعتراف بها باعتبارها الهيئة الإدارية الشرعية الوحيدة في غزّة، وستشمل هذه العملية تعيين رئيس وزراء جديد وإنشاء لجنة غزّة من خلال مرسوم رئاسي”.
وتتضمن الخطة الإماراتية وجود قوات أمنية عربية و”مرتزقة” (متعاقدون عسكريون) ولا يوجد دور فلسطيني مباشر في الأمن في البداية.
وفيما يلي النص الكامل لخطة أبوظبي لليوم التالي للحرب على غزة:
الأهداف والأولويات:
الاستجابة للأزمة الإنسانية من خلال تنسيق وتقديم المساعدات الإنسانية وإعادة بناء غزة.
إنشاء القانون والنظام.
وضع الأساس للحكم.
تمهيد الطريق لإعادة توحيد غزة والضفة الغربية في ظل السلطة الفلسطينية الفردية والشرعية.
الشروط المسبقة:
أولاً: أن تخضع السلطة الفلسطينية لإصلاحات وتظهر الشفافية والمساءلة لاستعادة المصداقية والثقة بين الشعب الفلسطيني والشركاء الدوليين. كما سيتم الاعتراف بها باعتبارها الهيئة الإدارية الشرعية الوحيدة في غزة، ستشمل هذه العملية تعيين رئيس وزراء جديد وإنشاء لجنة غزة من خلال مرسوم رئاسي.
ثانياً: أن تتمكن الحكومة الإسرائيلية من تقديم تنازلات، فإن الخطة مشروطة بالتقدم نحو حل الدولتين.
مكونات الخطة:
أولاً: انتشار البعثة الدولية المؤقتة، بناء على طلب رسمي من السلطة الفلسطينية، ونشر بعثة دولية مؤقتة لتحل محل الوجود العسكري الإسرائيلي في غزة.
ثانياً: ستشرف البعثة الدولية المؤقتة على تحقيق الاستقرار وإنفاذ القانون في غزة.
ثالثاً: قد تضم القوات أفرادا من الدول العربية، بما في ذلك متعاقدون عسكريون.
رابعاً: لا يوجد دور فلسطيني مباشر في الأمن في البداية.
اللجنة التوجيهية الدولية المؤقتة للبعثة:
تتألف من دولة الإمارات والولايات المتحدة والجهات الفاعلة الإقليمية الأخرى.
ستقوم اللجنة التوجيهية بالإشراف على تنفيذ الخطة، وضمان التقدم، وتنسيق التمويل الدولي.
ستقوم هذه الهيئة بمراقبة إصلاحات السلطة الفلسطينية وجهود إعادة الإعمار وتطورات الأمن.
لجنة غزة:
تتكون من فلسطينيين يتم فحصهم من قبل اللجنة التوجيهية وإسرائيل.
ستكون اللجنة مسؤولة عن الإدارة اليومية لغزة، وإعادة تأهيل الاقتصاد والخدمات الاجتماعية ومؤسسات الدولة، وسيبنى تدريجيا وجود السلطة الفلسطينية في غزة.
سيشمل الموظفون والأفراد موظفين مدنيين سابقين في السلطة الفلسطينية، بالإضافة إلى موظفي الخدمة المدنية السابقين الذين يعملون تحت حماس، شريطة أن يتم فحصهم من قبل أعضاء اللجنة التوجيهية وإسرائيل.
الامتثال للاتفاقيات القائمة:
لا تسعى الخطة إلى التوصل إلى اتفاق جديد مع إسرائيل، ولكنها ستضمن الامتثال للترتيبات الأمنية الحالية والترتيبات الاقتصادية (على سبيل المثال بروتوكول باريس)، إلخ.
سيتم إدارة المخاوف الأمنية الإسرائيلية دون الحاجة إلى إعادة التفاوض.
إعادة إعمار غزة:
ستتحمل السلطة الفلسطينية مسؤولية إعادة بناء غزة، مدعومة بدعم مالي من السعودية والإمارات والجهات المانحة الدولية الأخرى.
ستركز الجهود على إعادة بناء البنية التحتية واستعادة الخدمات وإعادة إنشاء مؤسسات السلطة الفلسطينية.
المصالحة الفلسطينية: بدء الحوار بين فتح وحماس لتحقيق توافق في الآراء يضمن قبول حماس للجنة والبعثة الدولية.
الجدول الزمني للخطوات الأولية:
أولاً: إصدار مرسوم رئاسي لتشكيل حكومة جديدة للسلطة الفلسطينية وإنشاء لجنة غزة.
ثانياً: تعيين رئيس وزراء جديد، مثل سلام فياض، للإشراف على كل من الضفة الغربية وغزة، وإنشاء لجنة غزة والإشراف عليها، ستقود الحكومة الجديدة إصلاحات إعادة التأهيل والسلطة الفلسطينية في غزة.
ثالثاً: تشكيل حكومة تكنوقراطية تهدف إلى إصلاح السلطة الفلسطينية.
رابعاً: طلب السلطة الفلسطينية لبعثة دولية مؤقتة.
خامساً: إصلاح السلطة الفلسطينية لبدء إعادة إعمار غزة، بدعم مالي من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والجهات المانحة الدولية الأخرى، مع التركيز على البنية التحتية والخدمات الأساسية واستعادة وجود السلطة الفلسطينية في غزة.
سادساً: ستعمل السلطة الفلسطينية التي تم إصلاحها، من خلال إصلاحات الحكم والأمن، على استعادة المصداقية والسلطة السياسية في غزة، وتهميش نفوذ حماس على المدى الطويل.